تسليح الحكومة للقبائل لمواجهة المتمردين في السابق “حوّل مسلحي تلك القبائل إلى قنابل موقوتة انفجرت في الآونة الأخيرة”.

عماد عبد الهادي-الخرطوم

يبدو أن مشكلات إقليم دارفور غربي السودان لن تستقر على حال واحدة، رغم ما يبذل من جهد محلي وإقليمي ودولي لإيجاد حلول متكاملة لمشاكل الإقليم. فقد يُشكل انتقال المواجهة بين الحكومة والمتمردين إلى اقتتال بين مكونات الإقليم القبلية، عنصرا جديدا دفع كثيرا من الجهات للتنبيه إلى خطورته.

وفي حين تضاءل القتال بين الجيش السوداني والمتمردين، بدأت المواجهات بين القبائل فيما بينها تتجه نحو الأسوأ، مما أجبر الحكومة السودانية على الاعتراف بالخطر.

لكن مع ذلك يجتهد حكماء وسياسيون لعقد مصالحات قبلية يعتبرها مراقبون وقاية، بينما يستبعد آخرون نجاحها “طالما كان السلاح بكل أنواعه منتشرا في كافة أرجاء الإقليم”.

وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير، قد اعترف الجمعة الماضية بأزمة الصراعات القبلية في السودان، واصفا إياها بأنها من أكبر التحديات التي تشكل “قلقا وشاغلا” للحكومة، في ظل ما أسماها بالمؤامرات التي تحاك ضد الوطن بغرض تفتيته وزرع الفتنة بين مكوناته المختلفة بحسب قوله.

أسباب تافهة
واعتبر أن بعض أسباب الصراعات القبلية في البلاد “تافهة” لا ترقى لإراقة دم شخص واحد، دون الحديث عن ذهاب أرواح العشرات من الشباب والرجال والأطفال والنساء.

وقال البشير في كلمته أمام مجلس شورى، إن التحدي الذي يواجه حكومته هو كيفية إنهاء المشاكل القبلية في مختلف الولايات السودانية.
يأتي ذلك في حين شكا كل من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة عبر عدة رسائل الشهر الماضي، من تزايد الاشتباكات المسلحة والعنف المجتمعي في دارفور، بينما لم تخف حكومة الرئيس البشير قلقها حيال ما يجري في الإقليم الذي تقول إنها “قادرة على بسط هيبتها فيه”.

وتقول تقارير غير رسمية إن آلافا من الأشخاص قتلوا خلال مواجهات قبلية شهدتها بعض ولايات دارفور، رغم عدم وجود إحصائيات رسمية بذلك.

بينما تحمّل المعارضة الحكومة مسؤولية صراع القبائل، بتسييسها للإدارة الأهلية وتقسيمها على أساس قبلي وتجييشها لبعض القبائل لمواجهة المتمردين.

ويرى العضو في مكتب قيادي في المؤتمر الشعبي، آدم الطاهر حمدون، أن تسليح الحكومة للقبائل لمواجهة المتمردين في السابق “حوّل مسلحي تلك القبائل إلى قنابل موقوتة انفجرت في الآونة الأخيرة”.
خطأ الحكومة
وقال للجزيرة نت إن الحكومة “كانت تسعى لتفتيت النسيج الاجتماعي لمواطني دارفور”، مشيرا إلى نجاحها في ذلك، وأضاف أن “القتال امتد ليشمل بطون القبائل، حيث لا يدور فقط بين قبيلة وأخرى”، محذرا من انتقال الصراع إلى ولايات أخرى بسبب الامتدادات القبلية فيها.

من جهتهم يشير متابعون إلى تطور المشكلة، حيث دخلت قبائل جديدة كانت بعيدة عن الصراعات السابقة للمواجهة، مطالبين بمعالجة الأمر “قبل فوات الأوان”، بحسب قولهم.

ويعتقد الناشط السياسي حسن إمام أن التطورات الجديدة “تؤكد تحول الأزمة وتحركها من صراع بين الحكومة والمعارضين المسلحين إلى صراع بين القبائل فيما بينها”.

ويقول للجزيرة نت إن هناك تغييرا في مصالح بعض المكونات القبلية مع ظهور عناصر وجماعات قبلية جديدة لقيادة الصراع في دارفور على وجه التحديد، لافتا إلى تغير في طبيعة المشكلات القبلية “من صراع حول المرعى إلى صراع على الأرض”.

وكما يعتقد إمام بوجود “بعض اللاعبين الذين يبحثون عن مواقف إستراتيجية جديدة للاستفادة منها في أي حوار مقبل بين الحكومة وحملة السلاح”.

من جهته يصف الناشط الحقوقي صالح محمود المشكلة بالمركبة “بسبب ما أفرزته المواجهات العسكرية بين الحكومة والحركات المسلحة بالإقليم”، مشيرا إلى ما أسماها “بالإفرازات الخطرة” التي تدفع بالإقليم إلى مرحلة جديدة غير مأمونة العواقب.

كما أقر محمود بوجود نزاعات قبلية “تغذيها بعض الجهات”، مشيرا إلى انعدام هيبة الدولة في كثير من أطراف الإقليم.
المصدر:الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..