أوباما وزهراته الثلاث

هل يمكن أن تغفر زهرات ثلاث يلقيها أوباما اليوم في “ريو دي لابلاتا” لأسلافه الذين مارسوا الصمت بحرفية وهم يمرون فوق مقابر الأرجنتين الجماعية ذات تاريخ؟ وهل ينسى الأرجنتينيون ثأرهم ممن دعموا الانقلابيين بالأرفاش والمعاول، وجلسوا يتبادلون نخب الدماء الحارة عند منعطفهم التاريخي الأسود؟ وهل يلعق التاريخ شلالات الدماء التي انسالت فوق شوارع البلاد لمجرد زيارة بيضاوية متأخرة إلى ضريح الشهداء؟ أسئلة تلقيها اللحظة في حجر “موريسيو مارسي” – آخر من ألقته صناديق الاقتراع على سدة الحكم في الأرجنتين عام 2015 – دفعة واحدة. وأمام الشاشات، يتحلق الأرجنتينيون ليشهدوا مراسم اعتذار تأخر جدا من بلاد تختار التوقيت الأسوأ حتى في تقديم العزاء.
“كان هناك خلاف داخل الولايات المتحدة حول السياسات التي كان علينا انتهاجها في تلك الحقبة السوداء،” يعترف أوباما، ويعترف أن أمريكا قد تأخرت كثيرا عن “إدانة الانتهاكات التي وقعت عام 1976” والتي مارسها العسكر بعد الإطاحة برئيسة الأرجنتين “إيزابيل بيرون” والاستيلاء على السلطة. هكذا، وبكل بساطة، يغسل الرجل يديه بعد أربعين عاما من الحزن أمام عشرين ألف بلاطة باردة عليها أسماء الشهداء، وعشرة آلاف أخرى تبقى بلا أسماء حتى البعث.
بلباقته معهودة، يقف الزعيم الأسود أمام دماء لم تجف وأجيال لم تنس، ليقول:”لا أطلب منكم نسيان الماضي، ولكنني أؤكد أننا حين نمتلك الشجاعة الكافية لمواجهته، والرغبة الحقيقية في تغييره، عندها سنتمكن من بناء مستقبل أفضل.” لكن كلمات سيد البيت الأبيض لم تنزل على قلوب الأرجنتينيين بردا وسلاما كما كان يرتجي، ولم تغير منعطفات الأخاديد التي حفرتها “الحرب القذرة” على خرائط وجوههم ذات حزن. فقد أساء الحاذق اختيار موعد الزيارة، وإن حمل في يديه زهورا بيضاء يانعة.
بدا الارتباك واضحا على ملامح “مارسي” وهو يسير جنبا إلى جنب مع وريث التاريخ الأسود، وحين تحدث إلى شعبه، حاول أن يتجنب النظر في عيني أوباما، وفي نهاية كلمة مقتضبة تحدث فيها عن ضرورة وقوف الشعب صفا ضد العنف المؤسساتي، شكر مارسي الزعيم الأسود على وجوده في ذكرى يوم أسود، لكنه لم يقدم وثيقة صفح أو صك براءة، ولم يمسك بيديه إبريق التاريخ لرجل جاء من أقاصي الخديعة ليتوضأ بدماء الشهداء.
وبعد أن أنهى مهمة لم يحالفها النجاح، عاد أوباما من بوينس أيرس ليوقع اتفاقيات أرفاش جديدة ستوزع بالتساوي على شعوب منطقة لم تعرف منذ عقود سوى الحروب القذرة. فهل يكتب لأحفادنا في العراق والشام وليبيا وتونس ومصر واليمن أو ما سيتبقى منها أن يشهدوا اعتذارا متأخرا جدا لرئيس أمريكي قادم فوق أضرحة الشهداء؟

عبد الرازق أحمد الشاعر
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. This is all rubbish, one thing you should remember Obama is the president of the united states the world super power not a humble Arab country else you will never dare to write all this about him its clear what you feel about him you are just jealous of his achievements pity you.

  2. This is all rubbish, one thing you should remember Obama is the president of the united states the world super power not a humble Arab country else you will never dare to write all this about him its clear what you feel about him you are just jealous of his achievements pity you.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..