مقالات وآراء سياسية

تاریخ معارك الحریة لن یسجل اسماء الغائبین

زین العابدین صالح عبدالرحمن

أن وحدة الحركة الاتحادیة تعتبر من أصعب الأجندة السیاسیة لعضویة الحركة، رغم أشواقھم لھا ، وكل
أمنیاتھم تنصب في الكیفیة التي تتم بھا وحدة تعزز دور الاتحادیین في العمل السیاسي كما كانت وحدة (الوطني الاتحادي والشعب الدیمقراطي) في نوفمبر 1967م حیث خرج مولودا جدیدا (الحزب الاتحادي
الدیمقراطي) وتقلد القیادة السیاسیة السید إسماعیل الأزھري والرعایة للسید على المیرغني ، وبعد وفاتھ خلفھ السید محمد عثمان المیرغني ، وبعد انقلاب 25 مایو 1969م من قبل (الشیوعیین والقومیین) أید محمد عثمان المیرغني الانقلاب ، وتسلم القیادة السیاسیة الشریف حسین الھندي ، وبعد موت الشریف عام
1982م في الیونان بدأت الفرقة تضرب جسم الاتحادیین ، حیث دخل جزءا مشاركا في مایو ، وبیقت الاغلبیة خارج دائرة المشاركة تقود النضال ضد الحكم الشمولي . وجاءت إبریل 1985م ، وكان الأمل أن توحد الكتلة الاتحادیة ، وترجع الحزب لسابق عھده ، لكن الخلاف كان قد ترسخت قواعده ، وثقافتھ ، وضرب الجمیع
عطر منشم . وھذا الخلاف أدي إلي التشظي في الحركة الاتحادیة ، وأخرجھا كتیار وسط من دائرة الحدث ،
حیث كانت الحركة الاتحادیة لدیھا القدرة على تقدیم المبادرات وطرح الحلول للأزمات . غاب الاتحادیون رغم
ثقل جماھیرھم .
والآن تجيء دعوة المیرغني لوحدة الاتحادیین ؛ حیث نشرت بعض الصحف حدیثا للسید محمد عثمان
المیرغني ، قالت الصحف جاء حدیث المیرغني من خلال تسجیل مصور . أعلن فیھ طرح مبادرة وطنیة لإنھاء الأزمة السیاسیة في البلاد ، كما كشف عن قرب عودتھ للسودان لإعلان الوحدة الاتحادیة” وأضاف قائلا “إن البلاد تمر بمرحلة دقیقة ، تستدعي من الجمیع التوجھ نحو الوفاق الوطني الشامل لتجنیبھا المخاطر
والمھددات ، وإننا نعلن مع بعض القوى السیاسیة من أبناء الشعب السوداني لطرح مبادرة وطنیة تجمع
القواسم المشتركة لكافة أبناء الوطن وندعو القوى السیاسیة والمجتمعیة للقبول بھا” رغم أن وحدة الحركة الاتحادیة مطلوبة ، خاصة في ھذا الظرف التاریخي الذي تمر بھ البلاد ، إلا أن ھناك أسئلة مھمة جدا لابد من
طرحھا : ھل الفدیو بالفعل ھو حدیث المیرغني أم ھو دبلجة؟ ولماذا المیرغني یرسل فیدیو مادام ھو سوف یحضر للبلاد؟ ألیس الأفضل حضور المیرغني الذي غاب عن البلاد تسع سنوات ویطلق رؤیتھ من داخل الخرطوم لوحدة الحركة الاتحادیة ؟ أم ھي المنافسة بین الأخوین والتي جاءت بھذا الفیدیو بھدف الاستقطاب في ساحة سیاسیة ملیئة بالتناقضات والمشاكل والأزمات؟ إذا كان المیرغني لم یعود لقیادة شعب استمر یتظاھر قرابة نصف عام حتى انتصر . ولم یعود المیرغني لقیادة شعب كل یوم تحصد ارواحھ طلاقات العسكر . ھل سوف یقبل العودة فقط لوحدة الاتحادیین . أن التاریخ الذي تسجل فیھ بطولات شباب یدفع ارواحھ مھرا للحریة والدیمقراطیة لن تسجل فیھ اسماء الغائبین .
المؤكد أن الفیدیو ھو عمل مدبلج ولیس حدیثا للمیرغني ، بقرأة الفقرة التي یقول فیھا المیرغني ” حرصاً منا على مواصلة إسھامنا في العمل الوطني نعلن قرب عودتنا لأرض الوطن ، وقد كلفنا السید جعفر المیرغني
نائب رئیس الحزب للعودة إلى السودان لمتابعة الوحدة الاتحادیة” ھذا تناقض في القول ، أن حضور رئیس الحزب لا یتطلب تكلیف أي شخص قبل وصول رئیس الحزب ، باعتبار أن كلمة رئیس الحزب ھي التي لھا
تأثیر قوي ومباشر على جماھیر الحزب ، وخاصة آھل الطریقة الختمیة. الأمر الذي یبرز ھنا دور المنافسة
بین الأخوین (جعفر والحسن) ومن خلال ھذا الصراع المحموم بین الأخوین في ساحة سیاسیة ملیئة بالأجیال الجدیدة رافضة لكل الثقافة السیاسیة التقلیدیة أن تقنعھا مثل ھذه الخطابات ، التي لا ترید أن ترتق للثقافة الدیمقراطیة ، لا تقنع الأجیال الجدیدة ، بل مثل ھذا العمل یقنع فقط الانتھازیین والوصولیین وماسحي
الجوخ ، والذین یتزاحمون وسط ھذا الصراع ویمشون بین الناس بالوسواس الخناس ، ھؤلاء الذین یغیبوا
الحزب وأقعدوه . كما أن الصراع بین الأخوین قد أثبت عدم النضج السیاسي رغم أنھما قد تعلما في
مؤسسات تربویة وتعلیمة في الدول الدیمقراطیة ، ونشأوا وعاشوا فیھا ، إلا أن عقلیة الشیخ والحوار في العمل السیاسي مسیطرة علیھم سیطرة كاملة . ویجب علیھما انتظار قول عضویة الحزب في مؤتمر الحزب ، على أن یكون اختیار أحدھم من خلال مواعین دیمقراطیة ، تقول فیھا الجماھیر رآیھا من خلال الانتخاب داخل
مؤتمر الحزب . فالأبویة السیاسیة لا عادت تصلح في العمل السیاسي ولا مع الاجیال الجدیدة .
وفي الفیدیو ؛ دعا المیرغني رئیس مجلس السیادة والأطراف السیاسیة لحوار ”سوداني – سوداني جامع دون إقصاء لاي جھة أو تمكین لآخر حتى تتحقق قیم ثورة دیسمبر مع التمییز الایجابي للشباب والمرأة”
لماذا لا یحضر المیرغني ویدعو كل الاتحادیین إلي حوار جامع بھدف الوصول لوحدة (الحزب الاتحادي
الدیمقراطي) وأن یتفق الجمیع على قیام المؤتمر العام للحزب . في المرحلة الأولي أن ترسل كل ولایة خمسة عشر عضوا (خمسة شباب وخمسة شیوخ وخمس نساء) لحضور مؤتمر استثنائي تتم فیھ أختیار قیادة للحزب لمدة ثلاث سنوات ، مھمتھا بناء الحزب في الاحیاء والأقالیم بترفیع القیادة من القاعدة للقمة وصناعة لائحة الحزب والمشروع السیاسي والتنظیمي ، ثم تتم الدعوة لمؤتمر عام للحزب ، الذي یختار رئیس
الحزب یرشح فیھ كل من یعتقد ھو الأصلح للمنصب.
أن الحدیث عن عودة المیرغني ، وأن یلعب دورا مھما في العمل السیاسي ، ھي دعوة تفارق الحقیقة ، و یجب على الذین یعتقدون أن مثل ھذه الدعوات سوف تكسبھم شرعیة ، وتسھل لھم عملیة الاستقطاب أن یقرأوا الواقع بعقل مفتوح، ویعلموا أن الأجیال الجدیدة تتعامل مع السیاسة بواقعیة ، ووعي مبني على معلومات
مؤكدة ولیست افتراضیة. ھي ربما تقبل بجعفر والحسن إذا كانا حاضرین سیاسیا ولكن لا تقبل بالغائب عنھم وعن المعارك التي خاضوھا ، وھم یواجھون الرصاص كل یوم بصدور مفتوحة. یأریت آل البربون
یفیقوا من غفوتھم . نسأل الله حسن البصیرة .

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. يا باشا…إذا انت متصور….. هذا الشخص… لديه قدرة على التبرز الطبيعي بدون حفاض… تكون طيب اووووي اوووووي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..