الحركات التحررية في افريقيا و ادمان الفشل

الحركات التحررية في افريقيا و ادمان الفشل 1-3

ويبقى الأمــــــــل

بقلم / ديفيد خميس شول دينق

لقد اصبحت قضية الفشل لدي اجيال الحركات التحررية في افريقيا احد القضايا الجوهرية و خاصة الدول النامية التي تعاني من مشكلات التخلف الاجتماعي و الاقتصادي المزمنة ،و برغم من خروج المستعمر من القارة السمراء الا ان الاثار التي خلفها ما زالت تطفو علي الواقع السياسي في كثير من دول القارة ، و مازالت مشكلات ما بعد الاستقلال اشد ضرواة و ابعد اثرا مما كانت سائدا ابان الحقبة الاستعمارية لذا دعوني احاول ان اتطرق و اتناول الحديث و نظرة سريعة الي فشل الاجيال الاولي للحركات التحررية في افريقيا و المشكلات المعقدة التي عانت بها و الحروبات التي تندلع من هنا و هناك ما هي الا نتائج لفشل و فقدان للبوصلة السياسية ما بعد الثورات التحررية لان كم من الارواح زهقت و كم من الاسر شردت و اموال نهبت و انفقت بسبب الفشل و الصراع في السلطة عبر تكتلات غير ايدلوجية ووفقا لمؤتمر برلين 1884 – 1885 الذي حول افريقيا من قارة مستقلة بنسبة 92% خلال عشرين عاما منذ انعقاده من قارة مستقلة الي كيانات مستعمرة بنفس النسبة كما يعتبر مصالح الدول الغربية بصفة عامة في الموارد الافريقيا سبب الاساسي و واحد من المشكلات المعقدة و المتشابكة لان المستعمر تركت كيانات سياسية حديثة في افريقيا تبعا لاعتباراته و مصالحه و بالتالي عانت معظم شعوب القارة من التقسيمات العشوائية التي خلقه الغرب بغرض اضعاف الشعوب الافريقيا مما ترتب عليها ايضا نقص التجانس القومي و غيبت ايدلوجيا وطنية في نفوس الشعوب الافريقيا متبلورة تساعد علي تحقيق التماسك الطبيعي بين المجموعات و الدول الافريقيا بصورة عامة كما اصبحت من النادر ان تنطلق اي حركة تحررية وطنية في افريقيا و حقق اهدافها او تصل الي السلطة من دون ان تكون قد خاضت في نفق التناقضات و الصرعات الداخلي من اجل السلطة و ربما الانقسامات ،كما وان العديد من الحركات التحررية التي انقسمت حلت تناقضاتها عبرابعاد زمرة علي يد زمر واخرى جسديا مثلا الصراع التي دارت بين الجبهة الشعبية لتحرير اريتيريا بينها و بين جبهة تحرير اريتيريا و بعد سنوات عديدة من القتال الذي ادي الي تشريد و تهجير عدد من المواطنين مما ادي الي وقوع العديد من المواطنين الابرياء ضحايا لصراع التكتلات اللايدلوجيا لقد شهدت جنوب السودان ايضا الصراعات السياسية بنفس المنهجية اللا ايدلوجيا الصراع و التي ادت الي زعزعة الاوضاع السياسية و الاجتماعية عامة و الاقتصادية خاصة و من ثم شجعت اللجوء هربا من ويلات الحرب و ضغوطها لقد تجسدت ايضا في جنوب السودان ذروة الابعاد الماساؤية لماشكل الفشل لدي الجيل الاول للحركة التحررية الوطنية في تحقيق تطلعات شعبها الذي عاني من ضغوطات الحرب لاكثر من نصف قرنا حيث امتزجت ايضا مع الظروف الطبيعية القاسية اهما الجفاف و المجاع و المتغيرات السياسية و الاقتصادية مما عدت لترسيم ملامح شديدة التعقيد لتلك المشكلات في جنوب السودان بحيث تجعلها واحد من الاكثر التحديات التي تواجها الدولة في الوقت الراهن و لقد ارتبطت فشل جيل الحركة الوطنية الاول ارتباطا وثيقا بحركات التحررية الافريقيا و السعي لتحقيق الاستقلال الا ان اسباب الفشل بعد الاستقلال لمعظم الحركات الافريقيا التحررية غدت مرتبطة بمشكلات الحدود و الاضرابات السياسية الداخلية و الحروبات الاهلية و المجاعة بصورة عامة

الحركات التحررية في افريقيا و ادمان الفشل 2- 3

اولا : الصراع السياسي في جنوب السودان

نتيجة للاسباب السابقة فان جنوب السودان تعتبر مسرحا لكافة الماسي الانسانية من الفقر و المجاعات وقلاقل سياسية من اجل السلطة و محاولات ترجمتها علي اساس عرقي و ازاء ذلك الوضع المعقد و المتسم بالخطورة تصاعدت ملامح فشل جيل الحركة الوطنية الاولي في جنوب السودان بعد اقل من ثلاثة سنوات من الاستقلال ومن هنا اصبحت قضية الفشل لاجيال الحركات التحررية في افريقيا منهجا قديم تستهدف بناء و تنمية الانسان المتشرد و تقديم الخدمات الاجتماعية لهم و التي تقوم علي اسس تدور حول اشباع الحاجات الانسانية كذلك التفاعل بين القيادات التحررية و خصائص المجتمع الحديث و قابلية الانسان لتعليم و التدريب و تتسم مشكلة فشل الحركة الوطنية في جنوب بمجموعات من السمات التي تميزها عن مثيلاتها من مشكلات الدول الافريقيا الاخري لان اي ازمة لا تتولد من فراغ و انما تحدث نتيجة لعوامل متعددة تتراكم فوق بعضها البعض حتي تصل الي مرحلة الانفجار و ازمة الحركة الوطنية الجنوبية تبدو كالقدر المشؤم الذي يصعب الفكاك منه و لذا فانها تتطلب قدرات سياسية و فكرية تتلائم مع مصالح الشعب الجنوبي لقد تعددت اسباب هذه الازمة و اختلف المحللون السياسيون حول اسباب التي ادت الي نشوبها و بداءت البعض تحلل العوامل ACCORDING TO MY UNCLE و مما جعل الكثير يتفلسفون كمحاولة لترجمه الواقع الوطني وفقا لزوايا تضمن مصالحهم كما اعطي انطباعا علي اننا امام ازمة معقدة الجوانب و متشعبة الاطراف لان الازمة السياسية في الجنوب تكمن حول تغبيش الوعي لمجموعات الثقافية من قبل اصحاب النفوس الطامعة لسطلة كوسائل لوصول الي مقاليد السلطة لان المشكلة ليس في كيفية توزيع السلطة بين المجموعات الثقافية و انما الساسة الموقرون الذين يستخدمون مجموعاتهم الثقافية كطرق لدخول السلطة و بالتالي المشكلة تعكس ضعف التماسك في المجتمعات الجنوبية في مابينها

ثانيا : الثقافة السياسية و مستقبل الديمقراطية في جنوب

في هذه النقطة احاول ان اتطرق الي علاقة الثقافة السياسية بالديمقراطية عموما ثم طبيعة الثقافة السياسية في جنوب السودان من حيث ملاءمتها و من عدمة للدميقراطية و اخيرا دلالات تجربة الحركة الشعبية لتحرير السوادن و الاحزاب السياسية الاخري للمارسة الديمقراطية في جنوب السودان ، يفترض الفلاسفة و المنظرون الديمقراطين ان استقرار النظم الديمقراطية يتطلب سيادة بعض القيم و المعتقدات المواتية و من بين هذه القيم الثقة المتبادلة بين الاطراف الفاعالة في النظم السياسي ، و يرتبط الثقة المتبادلة سيادة روح التسامح و الاستعداد لقبول الحلول الوسطي فالتسامح يعني الاستعداد لقبول الاخر وان لا يسع اي منظومة او حزب فرض ارائه و خطابه السياسي بالاكراه ولكي يصل الشعبي الجنوبي الي مرحلة كيانات قومية يجب علي الشعب الجنوبي الوصول الي مرحلة تجاوز الانتماءت البسيطة وصولا الي القومية و الاعتراف بكيانات الاخرى و تجاوز التبعيات العرقية لنقل هذه الكينات الي شعوب متنوعة و متقبلة لبعضها في اطار دولة واحدة و يعتبر التعددية العرقية او وجود المجموعات الثقافية سمة من السمات الدول الافريقيا و غيرها من بلدان العالم الثالث و هي علامة ان دلت علي شئ فانما تدل علي انعدام التبلور القومي الواحد لتلك الدول

ثالثا : الصراع الداخلي للحركة الشعبية

قبل ان اتطرق الي اسباب الازمة من كافة الجوانب نجد انه من الضروري القاء الضوء علي الاوضاع السياسية لكوادر الحركة الشعبية او جيل الحركة الوطنية الاولي في كلا الجانبين قبل نشوب هذه الازمة و ذلك لتاصيل جزور هذا الصراع الذي لم يكن وليد لصدفة او جاءت نتيجة حادثة بعينها ، لقد تعرض الحركة الشعبية منذ تاسيسها عام 1983 الي عدة فصول ساخنة من الصراعات و الانقسامات علي اساس السلطوي اولها صراع انيانا 2 عندما رفض كل من قيادات الانيانا 2 الانضمام لثورة 16 مايو مما ترتب لقيام صراع بين القيادات الجنوبية فيما بينهم من داخل الثورة و الذي راحت ضحيتها القيادات الذين قاوموا ثورة 16 مايو من خلال الثلاثة سنوات الاوائل من عمر الثورة حتي 1986 و بعد ثمانية سنوات من الثورة برزت ملامح الصراع حول القيادة تظهر رويدا رويدا مما ادى لانشقاق الدكاترة تحت مسمي فصائل الناصرفي عام1991 معلنين انشائهم لجبهة حديثة و كذلك بعد اقل من خمسة سنوات بعد توقيع علي الاتفاقية السلام الشامل اي عام 2009 انشطرت مجموعة من داخل الحركة الشعبية ايضا من ضمن تلك المجموعات التي انشقت في الحركة عام 1991 ليتم اعلان منظومة حديثة بنفس الاسم و نفس الخطاب السياسي بلاضافة لاسم التغير الديمقراطي وكلها كانت اعاصير امكنت من حسمها و الحدة من خطورتها الا و ان الازمة الحقيقة في الحركة الشعبية تكمن اساسا في الصراع حول السلطة منذ ميلادها و ليست في المجموعات الثقافية كما يزعم العديد من المحللين السياسين لان الازمة في جنوب السودان ليس بين المجموعات الثقافية بل في اصحاب النفوس الطامعة حول السلطة و هم الذين يقومون بإستخدام منهجية تغبيش الوعي لمواطنين البسطاء في محاولات يائسة للوصول الي السلطة باسم المجموعات العرقية كطريقة او سبيل هذا شكل سريع لرسم صورة الصراع اللا سلمي في الحركة الشعبية قبل اندلاع الازمة الاخيرة فيما بين كوادر الحزب الواحد و التي يتضح عدم وضوح الرؤيا السياسية و عدم اكتمال التجربة الديمقراطية الاول بشكلها المعروف و بداءت ظهور الاحزاب السياسية لكنها عاجزة عن تحقيق ذاتها في ظل سيادة الحزب الحاكم و الفشل في تحديد المنهجية القومية التي ينبغي ان يكون منهجا في الوطن الوليدة .

الحركات التحررية في افريقيا و ادمان الفشل 3-3

. ولذا شهد جنوب السودان منذ منتصف شهر ديسمبر العام الماضي حركة واسعة من التحول في الأوضاع السياسية برمتها وفي شقه الديمقراطي التي مرت عليها الدول الغربية في عهودها الأولى، وليس واقع دولتنا السياسي الهش هذا هي الأولى التي تحاول فيها الدول الافريقية تجربة الديمقراطية الغربية حيث سبق أن ورث هذه الدول عند إستقلالها نظما ديمقراطية وقامت الدول الاستعمارية بإنشائها و هي تستعد لرحيلها عن القارة و لكن هذه التجارب الاولى في الديمقراطية واجهت صعوبات كثيرة في الممارسة الفعلية أدت إلى إنهيار بعضها وقيام ديكاتاتوريات عسكرية مكانها بينما أبتعد البعض منها عن الأنماط المؤسسية المألوفة للديمقراطية ، كما حدث مثلاً لنظم الحزب الواحد التي إنتشرت في كثير من الدول الأفريقية و لكن ها نحن نحاول من جديد الأخذ بمسار الدول الأفريقية التي نالت إستقلالها منذ أكثر من نصف قرن ، فهل ستكون المحاولة هذه المرة أفضل حالا مما سبقها من الدول ؟؟؟ وتعتمد الأجابة على هذا التساؤل علي إستقراء ما يمكن الخروج به من نتائج و دلالات أهمها التجارب الديمقراطية في القارة السمراء وهي التجربة النيجيرية خلال الجمهورية الاولى ( 1960 ? 1966 ) و الجمهورية الثانية (1979- 1983 ) و يستند الربط ما بين التجربة النيجيرية ومستقبل الديمقراطية في جنوب السودان إلى عدة أسس منها التشابه بوجه عام في الظروف الثقافية والأقتصادية بين نيجيريا و جنوب السودان ، وقد تكون الظروف المحلية التى تتمثل في الضعف الأجتماعي أو تفكك النسيج الأجتماعي والمؤثر على الديمقراطية في جنوب السودان كما كانت في نيجيريا و التي تتمثل في التعددية الثقافية والأجتماعية من

رابعا : التجربة السينغالية الاولي

لقد شهدت سنغال منذ استقلالها عام 1960 العديد من التحديات ساخنة اولها انفصام عري الاتحاد مع مالي في اغسطس عام 1960 عندما اجتمع المجلس الوطني السنغالي في جلسة طارئة ليعلن انفصال سنغال عن مالي و في نهاية سبتمبر 1960 اعلن السنغال دستوره المستقل ثانيا الصراع الذي دارت بين الريئس ليوبولد سنجور و رئيس وزرائه محمد وخيا في عام 1962 اي بعد عامين من الاستقلال و الاضرابات التي شهدتها سنغال في اعوام 1963 و 1968 و 1969لاو العديد من التحديات التي واجهت جيل الحركة الوطنية الاولي في سنغال مما ادت الي فشلهم لقيادة التجربة الاولي ما بعد الاستقلال لان الازمة في سنغال تكمن في الصراع في الرئاسة او السلطة كغيرها من الدول الافريقيا الاخرى حيث تعد هذه الدول منذ استقلالها امتدادا طبيعيا و تنظيميا و عقائديا لدولة التي اسسها الاستعمار الفرنسي لانها قامت علي اكتاف فئة من المثقفين بالثقافة الفرنسية و الذين كونوا الايدلوجيا الدولة السنجورية علي اساس المزج بين النزعة الاصلاحية الاجتماعية الاوربية المنهل و العلمانية المستمدة من الفقه الدستور الفرنسي

خامسا : ضرورة تسوية الصراع في جنوب السودان

ان حل مشكلة الصراع اللا سلمي بين الاصحاب الطامعة في السلطة اصبح مطلبا ضروريا لان بؤرة الصراع في جنوب السودان تلك الجزء المنكوب من العالم الثالث قد هددت الشعب الجنوبي بالفناء و لذا فان التفكير في الحلول لهذه الازمة صارت قضية حياة او موت خاصة و ان لب النزاع و الصراع و باعث هذا الخلاف هو مشروع السلطة او الرئاسة و الذي ارتبط عضويا بصراع النفوس و تعبئية المجموعات الثقافية بقضية الاصلاحات و التنمية التي ينبغي و لكن كيف تكون هناك تنمية و الصراعات الدموية تمتد من هنا و هناك في كل عقد من الزمان و يقضي علي الاخضر و اليابسة و كما وضع الشعب الجنوبي في منعرجات و متاهات صعبة و في اجواء من عدم الاستقرار و الشك و الخوف ولقد اصبحت الخسائر التي كبدها الصراعات في جنوب السودان باعثا علي ضرورة التحرك لاعادة الثقة لشعب جنوب السودان لان لقد خسر الوطن شعبا و دولتا خسائر باهظة اي ان الخسائر تعكس ما تقتضيه استراتيجية رشيدة لتنمية في اطار هذه الظروف الصعبة كما خسرت جنوب السودان اعدا كبيرة من من المواطنين يصعب تقديرها و تختلف التقارير و البيانات حولها بصورة قاطع .

و ان هذه الخسائر كفيلة بان يراجع جيل الحركة الوطنية الاولي المتمثلة في الحركة الشعبية لتحرير السودان بصورة عامة بكافة مجموعاته حساباتها و ان يفكر قيادات الحركة الوطنية الاولي بشكل جادي لحل الازمة خاصة و ان المستجدات التي ظهرت اخيرا في شكل المبادرة لحسم الخلاف الداخلي لفصائل الحزب الواحد او الحركة الشعبية في تنزانيا في منطقة اروشا و التي تهدف الي دمج المجموعات المتنازع علي السلطة منذ ميلاد الحركة الشعبية و يعتبر خطوة المبادرة لدمج الحزب من جديد خطوة لامتصاص بؤر التوتر بين القيادات او اطراف النزاعة كما ان التسوية لابد و ان نتجنب قضايا النزاعات العرقية لان مثل هذه المنازعات و التي تحدث كثيرا في القارة السمراء تمثل بؤر التصادم و المواجهات العسكرية و لا سبيل لحلها الا بتطبع و استئصال بزور الخلاف الخلاف من اعماقها و يجب ان تضع في الحسبان مثل هذه الامور الخلافية لانها ليست سهلة لانها تحتاج ايضا الي احداث تغيرات كيفية اجتماعيا سياسيا و ايدلوجيا بين اطراف الصراع لان الشعوب في افريقيا تتسم بعدم الوعي السياسي و الفصل في الامور الوطنية التي ينبغي ان يكون بعيدة عن الواقع العرقي و الخطابات التي لا تتسم بواقع قومي .#
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..