أخبار السودان

رغم رفع العقوبات الأمريكية الخرطوم ــ واشنطن.. (ألغام) في طريق التطبيع

الخرطوم: الطيب محمد خير
أنهى قرار الرئيس ترامب، برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان بشكل كامل ونهائي، عقدين من الجفوة والعلاقة المتأرجحة بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية، لتحتفي الحكومة السودانية مع مواطنيها ببداية حقبة جديدة، تبدو ظاهرياً واعدة باستئناف العلاقات الاقتصادية بين السودان وأمريكا وحلفائها بصورة طبيعية. لكن يبدو من قرينة ابقاء اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، والذي مهَّد الطريق لفرض العقوبات الاقتصادية الصارمة عليه منذ نوفمبر1997م، والصمت عن قانون سلام دارفور، والذي وقَّعه الرئيس بوش الابن ــ أكتوبر 2006م ــ والذي بسببه تم الابقاء على عقوبات عسكرية أخرى، مرتبطة بالحرب بإقليم دارفور. إضافة لقرار محكمة الجنايات الدولية، الذي شمل عدداً من الأشخاص. ويبدو من هذه القرائن؛ أن طريق الوصول لمرحلة التطبيع الكامل بين السودان والولايات المتحدة لا يزال يعتريه الكثير من (الألغام) لبناء علاقات طبيعية وقابلة للتطور.
ألغام في الطريق
تلك الألغام؛ دفعت الخارجية السودانية أن تجهر في بيانها الذي رحَّبت فيه بقرار رفع العقوبات الاقتصادية، الذي يمثِّل الشق التنفيذي بأنه قرار ناقص، ويجب أن يُكمَّل برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، لأن ذلك يمثِّل عقبة كبيرة في طريق التطبيع الكامل، باعتبار أن إدراج اسم السودان في قائمة الارهاب منذ العام 1993م، وقانون سلام دارفور صادران بقانون من الكونغرس الأمريكي، واللذان بُنيت عليهما كل الإجراءات السلبية التي اتخذتها المؤسسات الأميركية، أو دعمتها على الصعيد الدولي ضد السودان. مما يعني أن أسباب القطيعة قائمة بين الدولتين. والقائم بالأعمال الأميركي في السودان ستيفن كوستيس ألمح أن واشنطن لديها أدوات للمعالجة حال حدوث أي تجاوز من قبل الخرطوم التى ترى أن إجراءات رفع العقوبات الاقتصادية لن تكون كافية لتُنهي ما عاناه السودان بسبب الحظر المفروض عليه، إلا باتخاذ إجراءات إيجابية تمكِّن السودان من الاستفادة بالمساعدات الأجنبية، وصادرات ومبيعات الأسلحة، والصادرات ذات الاستخدام المزدوج، وإعفاء الديون التي مُنع منها بسبب هذه القوانين الصادرة من الكونغرس.
أولويات أمريكية
رغم أن القائم بالأعمال الأمريكي استبعد حدوث انتكاسة في العلاقات، إلا أن هذه القوانين لا يمكن إلغاءها بقرار تنفيذي من الرئيس، ويحتاج الغاؤها صدور قانون من الكونغرس، باعتبارها قرارات تشريعية، وليست للسلطة التنفيذية ولاية عليها. وهذا يتطلب جهداً شاقاً رأت الخارجية السودانية في بيانها أنها حققت الكثير من مطلوباته، بينما ترى الإدارة الأمريكية ــ حسب تصريحات القائم بالأعمال الأميركي في السودان، ستيفن كوستيس، عقب صدور القرار ــ أنه ما تزال هناك حاجة لمزيد من تحقيق السلام المستدام، وتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية، فضلاً عن أولويات الإدارة الأميركية الأخرى، بما في ذلك تحسين حقوق الإنسان في السودان، والحريات الدينية، وضمان التزام السودان الكامل بقرارات مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بكوريا الشمالية، والأولويات الأمنية العالمية.
تقويم سلوك
بعض المراقبين يرون أن الاحتفاء الذي صاحب قرار الغاء العقوبات الاقتصادية نهج غير سليم، وهذا ما يؤيده الأمين العام السابق لحزب الأمة دكتور إبراهيم الأمين، لجهة أنها تصوِّر أن كل مشكلات السودان قد انتهت بمجرد صدور القرار. ليضيف إبراهيم في حديثه لـ(الصيحة) أن ابقاء السودان في قائمة الارهاب يتماشى مع سياسة الأمريكان، الذين مصالحهم مقدَّمة على شيء، وهم الآن يطلبون المزيد من السودان، رغم أنه قدَّم الكثير باعتراف وزيرة الخارجية الأسبق كونداليزا رايس، بأن ما قدَّمه السودان لأمريكا بعد سبتمبر، لم تقدِّمه أية دولة أخرى. ويرى دكتور إبراهيم في حديثه أن ابقاء السودان على القائمة يعني أنهم لايزالوا يرفعون العصا لمزيد من تقويم السلوك، وهم يدركون أن السودان يمكن أن يتجاوب معهم، لعدم وجود نديَّة. الى جانب أن ذلك يعني أيضاً عدم توفر الثقة من جانب الأمريكان في الحكومة، رغم إعلانهم أنهم تخلَّوا عن سياسة اسقاطها، ويريدون منها تقويم سلوكها. لذلك فإن هم شعروا في أي وقت أن السودان أخلَّ باتفاقه معهم، يمكن أن يُعاد فرض الحظر عليه، لذلك أبقوا على الأشياء الأساسية التي استندوا عليها في العقوبات الفائتة، وهي التي يترتَّب عليها اعفاء الديون، وتعاملات السودان مع المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة، مثل صندوق النقد الدولي، لذلك تركوها موجودة تحوطاً.
مجموعات ضغط
من جانبه؛ يرى الخبير في القانون الدولي (الجنوبي) بروفيسور ديفيد ديشان أن عملية ابقاء السودان على قائمة الارهاب يأتي من قبيل مجموعات الضغط، التي تحاول المحافظة على مصالحها. وفيما يتعلَّق بعدم الإشارة لقرار المحكمة الجنائية، قال ديشان لـ(الصيحة) إن تجميده متعلِّق بالأمم المتحدة، لجهة أنه صادر من مجلس الأمن التابع لها. وأشار الى أن هذا القرار فقد حيويته بعد أن ثبت عدم كفاية الأدلة عليه، وأن مجموعات الضغط والمنظمات هي التي سعت لاصداره لأغراض مادية لاستقطاب الدعم. خاصة وأن المعارضة في دارفور أصبحت دون أجندة، بعد أن تحوَّلت لمجموعات تحارب بالوكالة في ليبيا وجنوب السودان. ونصح ديشان الحكومة السودانية بالعمل مع الايقاد، والاستمرار في الحوار. ويرى أن سلام دارفور، وقائمة الارهاب أصبحتا كروت ضغط غير ذات فعَّالة.
اشتراطات أمريكية
فيما يرى القيادي بالمؤتمر الشعبي، بارود صندل ــ في حديثه لـ(الصيحة) ــ أن هناك خطأ في تعريف القرار الذي تحدَّث عنه العالم، بأنه رفع جزئي للعقوبات. وهذا يعني أن المعركة لا تزال قائمة ولم تنتهِ بعد، لأن وجود السودان في هذه القائمة، يعني المزيد من تقويم السلوك، لأن القيد على تدفق الأموال الذي يتحدث عنه بكثافة في الشهور القادمة لا يزال هذا القيد موجود. وأشار بارود الى أن الاشتراطات التي وضعها الأمريكان لها ارتباطات داخلية، ممثلة في فتح الحريات، وايقاف الحرب، وايصال الاغاثة، وأية انتكاسة في هذه الملفات ستكون لها انعكاسات سلبية. لذلك على الحكومة العمل على فتح الحريات، وايقاف الحرب، أو على الأقل تثبيت وقف اطلاق النار، تمهيداً لاتفاق سلام شامل. ويختم بارود إن تحقيق هذا من قِبل الحكومة يجعل الطريق ممهداً لخلق علاقات دولية متوازنة.
الصيحة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..