عرض المهدي المنتظر ‘أوكامبو’ لحل الورطة السودانية

ما من شك أن نظم ونظام حكم كولنياليو جمهورية شمال السودان وأباطرته من دولة الحجرين السودانية – وفي توهم لاهوتي – ربما بات يحصد نتائج سيئاته ومجمل أفعاله ونواياه خلال الفترة الأخيرة، حيث يعيش في هذه اللحظات من التاريخ محنا وعقدا مضاعفة ومكعبة وفي متواليات عددية، وفي روايات أخرى حتى دعواتهم أصبحت غير مستجابة فقها، سيما بعدما تم هندسة تقسيم السودان إلى شمال وجنوب وأفرزت معها شرعة وطنيين سودانيين. أغلب الظن كانت قراءة خاطئة لمصممي التقسيم ومهندسي لاءاته، حيث إنها إعتقدت أنها بذلك تكون قد قطعت الزائدة الدودية الظاهرة جنوبا ولتفسح المجال إلى المزيد من الهيمنة في ما تبقى من المجال السوداني شمالا، إلا أنه إكتشف مع جراحة التقسيم أو قبله أو بعده، أن ما تبقى من مجال سوداني يعيش حدة عنيفة من التسابق والصراع و التنافس والصراع والإنحطاط السياسي والإقتصادي والإنساني في فرز جماعي لأجل الإستقرار عبر بناء تموقعات متصالحة مع الجغرافيا والتاريخ وماهية هذا المدعو سوداني، وبمراكز نفوذ سودانية جديدة قد تحسم ما في المجال وبه ومن معه، وحتما عند وقوع الفرز الأخير قد يكون له أبعاده الجيوستراتيجية والإستراتيجية والثقافية والحضارية والتاريخية في الأمد المنظور، ومرد ذلك كما هو ثابت قطعا، يعود إلى أنانية ونرجسية مقصد الفعل والتشريح لدى المتعالي المتحكم في الشأن السوداني خصوصا في إمتداداته القريبة والتي وصلت معها الأمور وفق راهنها إلى ورطة سودانية.

الدولة / الحزب في ورطة

بهذا المعنى، الدولة كما هو الحزب الحاكم، كلاهما في ورطة، ورطة سياسية وعسكرية وإجتماعية وسكانية وإقتصادية، فيها الدولة من المفترض أن تعلن شمول إفلاسها السياسي والعسكري والإجتماعي والديني والإقتصادي وكذا عجزها عن اداء أي إلتزامات مادية أو رمزية أو اخلاقية وعلى جميع الصعد، ليتزامن هذا العجز مع سقوط لكل أنواع شرعنات نظام الحكم سواء تلك التي جاءت عبر التدليس أولي الحقيقية أو فن المكابرة أو الدين أو الإنتخابات أو السطو الليلي خلال العقدين الآخرين، وهي فترة حكم ‘إسلامويو المال السوداني’ عبر مؤسسة الدولة التي تدير فن الإستبداد والذبح لفسح المجال للحزب الحاكم لكي يبدع ويبتدع في إكتناز الذهب والفضة عبر الدماء السودانية كما تصوره في ‘جنود الوطن’ و’شهادتي لله’ و’آخر الليل’ و’زفرات حري’… فكان حري أن تسقط معها شرعية الحرب والقتال والموت والواقعة تحت أي سبيل جاءت، لأننا ببساطة أمام إستثناء سوداني غريب، وهو أن الدنيوي السوداني هو المؤتمر الوطني، أما المقدس الديني فهو المؤتمر الوطني بعينه، لذا السودانيين مطالبين بإتخاذ موقف ما بين حقوق الله و’حقوق’ المؤتمر الوطني وما بين دين الله و’دين’ المؤتمر الوطني، وما بين سنن الله ونبيه محمد صلي الله عليه وسلم و’سنن’ المؤتمر الوطني، وعلى ذات النسق يمتد إتخاذ الموقف إلى الوطن ووحدته وسيادته وهويته ليشمل كل مساحيق الشرعنه الجديدة والقديمة، ونعتقد هنا أن ‘الشرك’ و’الردة’ و’الكفر’ واجب شرعا في حالة شعوب مسلمة ومتدينة كالشعوب السودانية، دلفت بمقدساتها في صندق تلاعب كبير تديره مؤسسات أحياء الرياض وأركويت ومنازل أخرى في أحياء الخرطوم الراقية..

المهدي المنتظر الأرجنتيني

ما سبق يدفعنا إلى إعادة إستفهام التغيير السوداني بعدما تآكلت الخردة السياسية المتنفذة في الدولة ورموزها ومؤسساتها، سيما واليوم أكثر من أي وقت مضى نستطيع القول أن الظروف مواتية وآليات التنفيذ وبأنواعها المختلفة جاهزة لبلوغ الهدف.
كما أن القوى السياسية الديمقراطية والمقاومة المسلحة أكملت تحالفاتها وتوزيع أدوارها في نظرية ومدرسة فكرية واحدة، أساسها التغيير وإعادة بناء الدولة تحت أطر دنيوية وليست لاهوتية تطبخها مطابخ العرق والجهة، ومن هنا يمكن بحث دور آخر للمحكمة الجنائية يتجاوز فيه القانوني والجنائي إلى ما هو سياسي، وفي توليفية بين عوامل الداخل والخارج وبتسيس علني للمحكمة للقيام بمهمة مزدوجة الأولى قانونية صرفة والثانية سياسية إنسانية للشعوب القاطنة في المساحة الجغرافية المسماة السودان.
وأولى مهام البحث، تتطلب من القوى السودانية المقاومة والديمقراطية وشعوبها النظر إلى القيمة والهدف بعيدا عن وعي المؤامرة وفكرها والذي هو ساقط في الشأن السوداني، حيث لا مؤامرة تفوق التورط في تقطيع وطن وصناعة حروب هوية في كل أجزائها.
إلى ذلك يتطلب وضع مساعدة المحكمة الجنائية وعبر خلاياها وطرائق عملها السرية موضوع المحكمة الجنائية في الشأن السوداني ضمن الأجندة الوطنية التي تسعى إلى تغيير النظام شأنها شأن الثورات الشعبية، وهذا يتطلب فتح قنوات الإتصال مع المؤسسات الدولية المعنية وتقديم أورق سياسية مواكبة ومحفزة ولها من الدينامكية وسهولة التطبيق وهي أقل تكلفة مادية وعملياتية وتخطيطية وزمنية، فضلا عن كون هذه الآلية الموجودة والغير مستغلة سودانيا تمتاز بمرجعية وشرعية وهو يقع تحت عباءة تنفيذ القانون الدولي وأسسه، مع العلم أن هذه المؤسسات تحكمها أيضا مصالح وإمتيازات كما ثبت في تغيير أنظمة المنطقة.
إذا المؤكد والثابت أن الدولة والحزب في السودان واقعين في ورطة إعرابا وتمييزا كما يتقاسمان – أي الدولة والحزب- الورطة، مع إختلاف درجة الورطة وتأثيرها طبعا، حيث كلاهما يقول مطلوب القبض على وبالقبض عليه يكون قد وقع الخلاص وفيه وبعده قد تتمكن الشعوب السودانية من كنس مخلفات العاهة الإسلاموية التي أصابت الجسد السوداني والتي جاءت ضدا على تطوره الإنساني والطبيعي ولكن بمساعدة مؤسسات العدالة الدولية. أو في إجتهاد آخر أو ‘المهدي المنتظر’ الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو لخلاص السودانيين والذين هم في ورطة تاريخية وفي المقابل هم أيضا أمام عرض هو الآخر تاريخي رأفة بهم.

محجوب حسين
‘ كاتب سوداني
القدس العربي

تعليق واحد

  1. لا ادري ماذا تقصد بدوله الحجرين واظن انك تقصد النيلين , علي الدارفوريين وابناء الغرب الا يخلطوا بين نظم الحكم الظالمه واهلهم من اولاد منطقة البحر

  2. محجوب حسين
    لقد اطنبت في استخدام المرادفات التي تفرغ الموضوع من الفكرة فرأفة بالقارئ اهديه هذا الشعر الجاهلي الذي ينفع ان يكون خاتمة لمقالك المتشعب المتفرق

    هذه رائعة من الشعر الجاهلي !!

    تدفق في البـطـحـاء بعد تبهطلِ ****** وقعقع في البيداء غير مزركل

    وســار بأركان العقيش مقرنصاً ****** وهام بكل القارطات بشنكــلِ‎

    يقول وما بال البـحاط مـقرطماً ****** ويسعى دواماً بين هك وهنكـلِ‎

    إذا أقـبـل البعـراط طاح بهمةٍ ****** وإن أقرط المحطوش ناء بكلكلِ‎

    يكاد على فرط الحطيـف يبقبـق ****** ويضرب ما بين الهماط وكندلِ‎

    فيا أيها البغقوش لسـت بقاعـدٍ ***** ولا أنت في كل البحيص بطنبلِ

    ************

    معاني الكلمات ‎

    تبهطل : أي تكرنف في المشاخط

    المزركل : هو كل بعبيط أصابته فطاطة

    العقيش : هو البقش المزركب

    مقرنطاً : أي كثير التمقمق ليلاً

    البحطاط : اي المتفرنع

    مقرطماً : أي مزنفلاً

    هك : الهك هو البقيص الصغير

    البعراط : هو واحد البعاريط وهو العكوش المضيئة

    أقرط : أي قرطف يده

    المحطوش: هو المتقارش بغير مهباج

    يبقبق : أي يهرتج بشدة

    الهماط : هي عكوط تظهر ليلاً وتختفي نهاراً

    الكندل : هو العنجف المتمارط

    البغوش : هو المعطاط المكنتف

    البحيص : هو وادٍ بكوكب تيفانوس

    الطنبل : هو البعباق المتفرطش ساعة الغروب‎

  3. يرعك سنين ولغتك تجري لا تلوي على عقبة سلاسة وافكارك تتساقط كما المطر ايام الجدب وفقك الله والى الامام

  4. محجوب حسين انت المهدى المنتظر.
    عجبت لثائر يمنح جوهرة تاجه بل تاجه لغيره.
    فتاج وجوهرة تاج الثورة المرتقبة هو استرداد استقلال القضاء.
    ان ما عاشه السودانييون وعرفوه من تجاوز ات نظام الانقاذ لهو اضعاف ما صاغه اوكامبو.

    تصحيح يا جمال
    البحيص : هو واد بشمال المريخ

  5. هكذا لسان حال اهل السودان دروس فى اللغة العربية وفلسفة لا هى باليونانية ولا بالعربية ( والله الزول كان قال كلامه عديل احسن ليه من الكلام الما يودى ولا يجيب ونحن ما نا قصين دروس فى اللغة العربية ) شوفوا لينا الطريق الاسرع البخارجنا من ناس المؤتمر الواطىء ديل خلوها الجعجعة وكتر الكلام .

  6. لماذا تأخر تحرك الشارع ؟
    الشعب ينتظر المعارضة المسلحة
    والمعارضة المسلحة تنتظر الشارع
    والاحزاب تنتظر الاثنين
    وثلاثتهما يصوبون انظارهم صوب امريكا واوكامبوا والناتو
    والحل تعالوا الى كلمة سواء
    1- كلنا على اتفاق اان الانقاذ سرطان يجب استئصاله
    2- ما علينا الا ان نتفق على الوسيلة ( اعدوا ما استطعتم لهم من قوة )
    3- استعمال الوسائل اللاعنفية لاسقاط النظام .. ارضا سلاح .. استغلال كل المنابر لازاحة الخوف .. اللاتعاون .. لا حوار .. المقاطعة الاجتماعية .. فضح الفساد .. تخذيل الؤيدين لهم .. توضيح كذب ادعائهم للدين و خداعهم اصبح معروفا للقاصي والداني
    العداد الجيد لتقليل الخسائر
    0912923816

  7. يا المسمى نفسك واحد يقصد بد ولة الحجرين حجر الطير وحجر العسل الجماعة الحاكمننا ديل

    معظمهم من هناك ما بتعرف السودان ارسل خريطة السودان بعد ما قطعوا كرعية واقول ليك اركب

    ا
    مشى فتش الحجرين علشان تشوف بيوتهم زمان وهسع تصفق وتدى ربك العجب والعجب الحوش

  8. مقال بليغ….. حول افكار ركيكه جدا
    اظهار الشمال باستعلاء مزيف لم يعد وترا ذو نغم
    اتدرى ما المشكلة
    من هو قائم على الاحزاب لايستهوى النخبة المثقفة(شماليين)
    ولالغة الخطاب المسلح ناجحه
    1/الذى ينجح ان يذهب انشغال الخارج عن السودان..ومن ثم لايجد الحكام مايستعطفون به الشعب
    2/ان يذهب المسلحون رافعو رايات الشعبى(خليل) ورافعو رايات(سلفا) ويختفى ياسر عرمان
    لن يجد النظام مايوقد به سراجة وحينها الثورة….نعم الثورة الى لارجعة
    و لا امام ولاترابى ولا ابوعيسى
    سياتى من هم على شكلة الازهرى…المحجوب….وعبود…الذى تنازل
    عن الحكم لمجرد مقتل فرد
    القضاء على الحريق ان تمنع الا كسجين وتجويعه
    اما المعارضة المسلحين الحركة الشعبية اوكامبو فاهم يعملون لصالح
    النظام
    خلوا بين النظام والشعب

  9. نعم، نظام عمر البشير في ورطة سياسية و عسكرية و إجتماعية. سياسيا منعت الحركة الشعبية من ممارسة نشاطها السياسي،كما ذهب د. نافع، مستشار رئيس الجمهورية و هارون الي تعبئة المواطنيين في جنوب كردفان مماستعيد إنتاج ازمة دارفور في جنوب كردفان بكل تدعاياتها القبلية و الأثنية المعروفة. أن نقل القتال بين الحكومة و الجيش الشعبي من قتالآ بين مؤسسات الدولة الأمنية الي قتالآ بين مواطني الولاية على أسس الولاء للنظام و القبيلة و على إنها "فرض عين" ستفتاح ملف المحكمة الجنائية مرتا أخرى وسيكون د. نافع و هارون و نظام الأنقاذ بصفة عامة امام حقيقة ظل النظام ينكرها في حروبها فى كل من جنوب السودان و دارفور و الآن في كردفان و النيل الآزرق.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..