هل نستعين باسرائيل من أجل استعادة حلايب ؟؟؟

أراني أبتدر مقالتي هذه بهذا العنوان الصادم… هل نستعين باسرائيل من أجل استعادة حلايب… لتنبيه و تزكير نفسي و القارئ الكريم بمدي الانكشاف الاستراتيجي الخطير الذي تعاني منه الدولة السودانية في عهد نظام المؤتمر الوطني الحاكم.
هذا الانكشاف الاستراتيجي ناتج بالضرورة من مأزق سياسي كبير هو أيضا نتاج لمأزق فكري عميق تعاني منه النخب المثقفة السودانية في كل الاتجاهات الفكرية حكومة كانت أم معارضة أم مستقلة.
هذا التساؤل صادم بقدر كبير لأن أي جواب موضوعي له سيكون صادم بقدر أكبر من التساؤل المطروح و هو الجواب بنعم.
نعم لن نستطيع استعادة حلايب من قبضة الدولة المصرية العميقة الا بالاستعانة بدولة اسرائيل في ظل المعادلة الاقليمية الحالية بغض النظر عن مشروعية أو مدي صحة تلك الاستعانة.
هذا الأمر المهم يحتم علينا ضرورة ابتدار حوار فكري و سياسي و استراتيجي و حتي أخلاقي قبل أن يكون دينيا بين كل النخب المثقفة السودانية بخصوص علاقتنا و رؤيتنا و تعاطينا في كل المجالات مع دولة اسرائيل المعترف بها من الأمم المتحدة.
كل الدول العربية و الاسلامية الان تعترف بدولة اسرائيل باستثناء السودان و تربط بعض تلك الدول باسرائيل علاقات دوبلماسية و تجارية و أمنية و استخباراتية مشتركة و البعض الاخر تربطه بها علاقات عسكرية و منظومة دفاع مشتركة تحت مظلة حلف الناتو كدولة تركيا التي يحكمها حزب العدالة و التنمية الاسلامي.
و كل تلك الدول مجتمعة تنادي بحل الدولتين للقضية الفلسطينية أي دولة لاسرائيل و دولة للفلسطينيين تعيشان متجاورتين بسلام مع احترام و ضمان حماية المقدسات الاسلامية و هذا هو جوهر المبادرة العربية للسلام مع اسرائيل الذي تتبناه جامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الاسلامي مع اختلاف بسيط حول الحدود علي الأرض و قضايا اللاجئين و غيرها.
اذا لا توجد دولة علي وجه الأرض اسلامية كانت أم غير اسلامية تنادي بازالة دولة اسرائيل من علي وجه الكرة الأرضية كما لا يوجد أيضا مبرر أخلاقي أو ديني لهذا الأمر بغض النظر عن الانتهاكات التي تحدث من هنا و هناك.
عندما اعتلت جماعة الاخوان المسلمين في مصر سدة الحكم ابان الثورة المصرية كان أول رسالة بعثت بها للخارج و للعالم أجمع هو تأكيدها علي احترام اتفاقية السلام اتفاقية كامب ديفيد مع دولة اسرائيل و حرصها علي استمرار العلاقات الدوبلماسية و التجارية معها.
حتي قطاع غزة الذي تصر حركة حماس المسيطرة عليه علي معاداتها لاسرائيل علنا و توقيعها علي اتفاقيات تهدئة معه سرا يستورد كل البضائع و المنتجات من الأسواق الاسرائيلية من بناطلين جينز رجالي و نسائي و مشروبات غازية و روحية و مواد طاقة و لا يجدون أي حرج في ذلك. أم حكومة عباس في الصفة الغربية فحدث ولا حرج.
اذا كان هذا هو الوضع من حولنا كذلك فلا أجد أي مبرر أن نجد نحن الأبعدون حرج في ذلك علي الأقل علي مستوي التبريرات.
الهم الا اذا كانت هناك مصالح اقتصادية لأفراد و جماعات بعينها في العاصمة الخرطوم مصرة علي هذا العداء الاعلامي الغير مبرر و غير عملي و غير حقيقي من أجل تضليل الجماهير و توجيه الموووب في هذا الاتجاه الغوغائي الغير مثمر وطنيا ولا استراتيجيا.
هنالك شركات و عقارات و ممتلكات ليهود سودانيين في وسط الخرطوم تم تأميمها في عهد الرئيس السابق جعفر نميري ولا ادري لمن الت الان أو من ينتفع منها. لكنه اذا حدث أو لم يحدث أي حوار حقيقي مع الجانب الاسرائيلي فسيتم المطالبة بها علي كل الأحوال و من ثم استردادها طال الذمن أم قصر.
لا أجدني كمسلم أحمل أي حرج في التعامل مع اليهود كديانة لانهم من أهل الكتاب و طعامهم حلال و مصاهرتهم حلال و مجاورتهم غير محرمة و تربطنها بهم كمسلمين و كسودانيين علاقات تاريخية طويلة الأمد و هم بدورهم يكنون للسودان و السودانيين محبة خاصة بعيدا عن العلاقات السياسية بين الدول. كما أن هناك يهود ليس لهم علاقة بدولة اسرائيل.
نهر النيل يعتبر مقدس لليهود لأنه حمل سيدنا موسي في الصغر كما أنه يعتبر نهرا من أنهار الجنة في الاسلام و لا أجد أي حرج أن يقدس الاخرين أشيائنا و أن يزوروها طالما التزموا بأدب الضيف و التزمنا نحن بحقوق الضيافة.
كما لا أجد أي حرج أن يعود اليهود السودانيين الي السودان طالما التزموا بالولاء لدولة السودان الوطنية و أن ترد جميع أملاكهم اليهم ليعودوا للمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد و الثقافة في السودان كما كانو دائما.
كما أنني أجد هذه فرصة مواتية لأدعو لعملية حوار مشتركة مزدوجة بين النخب المثقفة السودانية و النخب المثقفة اليهودية و حوار من جانب اخر رسمي بين الدولة السودانية و دولة اسرائيل تبدي فيها كل الأطراف ما تريده من الجانب الاخر بدون قيود أو وسطاء أو محازير أو مذايدات سياسية أو متاجرة دينية أو توجيه للغوغاء و الموووب.
كل ما أريده كمسلم من دولة اسرائيل هو احترام المقدسات الاسلامية في القدس و ضمان حمايتها سواء أكانت القدس عربية أم فلسطينية لا يهمني ذلك كثيرا. فأنا كسوداني مشغول بقضية حلايب و أبيي و دارفور و المنطقتين و الجنوب الذي ضاع أكثر من انشغالي بهوية القدس. كما أنني كمثقف أيضا أريد من اسرائيل احترام حقوق الانسان و عدم المساس بها اطلاقا في ذات الوقت الذي أطالب فيه الحكومة السودانية باحترام حقوق الانسان فهم عندي سواء.
أما الحديث عن الصهيونية العالمية فهو حديث اعلامي أكثر من كونه أخلاقي لأن الصهيونية عندي ليست مرتبطة بدولة اسرائيل فقط فحتي الحركة الاسلامية السودانية و جماعة الاخوان المسلمين في مصر يمكن وصفها بارتباطاتها الصهيونية. بل كل حكومات العالم الان يمكنني الادعاء بأنه تسيطر عليها الحركة الصهيونية العالمية و ما بريطانيا العظمي عنكم ببعيد فهي كانت و لا زالت الراعي لها و نحن نتعامل معها يوميا بدون أي حرج.
اذا عن أي حجة تتحدثون بعد هذه التعرية الفكرية الشاملة الكاملة التي لم تبقي و لم تزر.
كما أنني في نهاية هذا المقال أدعو الحكومة السودانية الي فتح قنصلية أو سفارة في القدس أو تل أبيب يقوم عليها قائم بالأعمال تراعي و ترعي عملية الحوار المشتركة المزدوجة و تراعي متطلبات الجالية السودانية الموجودة في دولة اسرائيل من تجديد جوازات و غيرها من الحقوق و حل المشاكل التي تواجههم ففتح سفارة في بلد ما لا يعني أنك صديق ذلك البلد. كما أن عدد السودانيين هناك كبير جدا جدا.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. عايز ترجع حلايب وشلاتين ، خليك مع أفريقيا في موضوع مياه النيل ، عايز ترجع ارضك خلي وجهك صارم عندما تتحدث مع المصريين ، وابعد كل موظف سوداني له ملف في الاستخبارات المصرية من المحادثات مع المصريين ، ولاتتحدث مع المصريين الا في الخرطوم . انتهي

  2. د؛مقبول تحيه طيبه وبعد
    مقالك اصاب كبد الحقيقة وان جاء متأخرا وسبق ان نادي اثنين من ولاة الشرق بأقامة علاقات دبلماسيه مع اسرائيل ولانري غضاضة في ذلك الا عنجهية ومكابرة عمياء ؛0
    واسرائيل العدو المزعوم لم تقتل منذ عام 48وحتي الان 300الف كما فعل عمرالخاذوق في مسلمي دارفور حملة شعلة القران في السودان فقط لانهم سود لان السودان يجب ان يكون للسود ولهذا ارجو من كل القراء والمعلقين وكتاب الراكوبه التطرق لهذا الموضوع بأسهاب ؛

  3. حلايب مصرية حسب اتفاقية 1899 المحددة للحدود بين مصر والسودان عند خط عرض 22، أما الكيان الصهيونى فهو مع مصر بالذات لم يفلح فى انتزاع شبر واحد من أرضها ولا حتى طابا فكيف تريد منها مساعدتك فى انتزاع حلايب المصرية ؟ وصدقنى هذا الكيان ستكون نهايته أقرب مما تتصور وعلى يد مصر ان شاء الله.

  4. اخي د. مقبول– لماذا تقولها باستحياء فقد قالها قبلك السادات عند ثغرة الدفرسوار في حرب 73- ساتحالف مع الشيطان من اجل مصر وذات الشيطان يمكننا التحالف معه من اجل السودان — ثم انظر الي دولة المدينة الاولي حيث تجد اليهودي جنبا الي جنب مع المسلم — اخي لاتتحرج في المناداة بتطبيع العلاقات مع اسرائيل فهي جائز بكل المقاييس وسبقك عليها الحبيب بورقيبة ثم نداء( هكذا وجدنا الاوائل يفعلون) مقال فيه كبر والكبر هو راس الكفر— لا تستحي فلننادي سويا بتطبيع العلاقات مع اسرائيل فان لم يكن من اجل حلايب فلاجل الاستثمار الصادق في الاراضي السودانية حيث عزف الاخ في الشمال لقرون عن النظر الينا بندية !

  5. الاستعانه باسرائيل لن تكون عسكرية فقط فدولة اسرائيل يمكننا الاستفاده منها في نهضتنا الزراعيه المنشوده لان اسرائيل لها فيض من العلماء والخبراء وتجارب ثره في تعمير الصحاري وتجويد خصوبة التربه لتتنتج المحاصيل بكميات تجاريه وبقليل من الايدي العامله

    مصر استفادت من الخبره الاسرائيليه في مجال الزراعه وتربية الدواجن وللاسف الشديد اصبح السودان دولة مواجهة مع اسرائيل في ومن الانحطاط الانقاذي وهيمنة التنظيم الارهابي الاخواني علي مقاليد السلطه في بلادنا وضاع السودان في معترك لا ناقة لنا فيها ولا جمل واصبحت بلادنا مرتعا خصبا لحماس الغزاويه وحزب الله وحرس الثوري الايراني والجماعات الجهاديه التكفيريه
    لك الله يا بلادي

  6. ياسلام يسلم قلمك ويسلم عقلك اتمنى من ساستنا انمن يفوقو المن غيبوبتهم وفق العلاقات الفقانا سبق وان كتبت ان حل مشاكل السودان تقوم بالبعد عن معاداة اسرائيل راتمنى منالحكومه وبمقدم ه

  7. بدلا من الكلام فقط يجب علي كل من ان يبدأ العمل ونشر فكرة قبول اسرائيل في المجتمع السوداني

    يجب القضاء علي الافكار المسبقة الكارهة للاسرائيلين ويمكن الاستعانة في ذلك بالاف السودانيين الموجودين في اسرائيل

    بالمقابل يجب التركيز والتشديد علي ان مصر هي العدو الاستراتيجي للسودان ولا يجب ربط ذلك بالنظام السوداني الحالي وذلك بتوضيح الاستغلال المصري للسودان منذ عهد الحكومات المتتالية الضعيفة في السودان

    نعم لاسرائيل … الفلسطينيين اعترفوا باسرائيل والسودانيين ماسكين في المقاطعة !

  8. ما تدعو اليه تأخر خمسون عاما …بس نقول لاخوانا في الثورية لموا الدور ،البلد مستهدفة من الذئاب و اسودنا تتعارك حتى يصبح وطنكم جيفة تنهشها الذئاب التي تقدم لكم السم في الدسم رغم ان هناك قلة مخلصة ترى مخاطر ما يحاك ضد هذا الوطن المنكوب بافعال بنيه …اللهم اهدنا فيمن هديت …امين.

  9. وماذا عن الفشقة ؟ أليست أرض سودانية احتلتها أثيوبيا ؟!
    أرجو ان يكون عنوان المقال القادم :
    هل نستعين بالروس لاستعادة الفشقة ؟؟؟

  10. كلام ىدخل العقل -رسولنا الكريم توفى ودرعه مرهون عند يهودى وقضية فلسطين ليست قضيتنا المركزيه قضاينا كثيرة واعيانا حلها وبكل اسف اهتمامنا بمشكلة فلسطين يفوق اهتمامنا بمشاكلنا السودان محتاج لحليف استراتيج وهذا ذمن التحالفات الكبيرة وعن العلاقة مع مصر فهيا الخاسر الاكبر فى مسلكها مع السودان وتخسر كثيرا بهذا التعاطى لاباس من علاقات مباشرة مع اسرائيل من اجل السودان من اجل التنمية والاستقرار اسالو السودانين الذين عاشرو المصريين فى الغربة كيف علاقتهم مع السودانين الاجابة كلها حسد ووشاية ولا مؤاخذة قوادة ومعظم الفلسطنين اشر واضل والله العيشة العايشنها فى اسرائيل نحن فى السودان ما عايشنها – فى الدول العربية رغم كفاءات السودانين فهم لا يعترفون باننا مساويين لهم بل يستغربو لما نتمتع بة كفاءة عموما ارى اننا فى حوجة لعلاقة مباشرة مع اسرائيل اكثر من حوجتنا لعلاقة مصر التعليم صار متاح ومصادرة متوفرة والازهر ما عاد تلك القبلة اتمن ان يكون من ضمن اجندة مجلس الوزراء القادم بحث العلاقة مع اسرائىل وكيف نستفيد منها وبلا مصريين بلا لمة

  11. لمَ لا فالرئيس المعزول مبارك من قبل دعى بأن لامانع عنده للتحالف مع الشيطان من اجل بلده
    والا نقاذ تحالفت مع لعنة الله عليه ابليس من اجل السُلطة فتجد رعاياه طالعين نازلين مع البشير زعيم السودان احدهم حاضر بالأرقام والآخر غائب مع الحيران وآخر بالعين السحرية لتنويم باقى الناس فكما حكم بنى ماسون امريكا يحكمون السودان حطب النار.

  12. يادكتور لا خير في مصر و لاخير في اسرائيل
    افريقيا هم من ليس لديهم مصلحة في عدم استقرار السودان
    والمصريين لاخير فيهم هم مع مصلحتهم فقط حتي ولو كانت عند الشيطان
    لم لم يصعد المصريون هجمتهم الا في هذا التوقيت حتي يلوا زراعنا ونتحالف معهم ضد الاثيوبيين وهولا الذين يرحبون بالتطبيع مع اسرائيل ما الذي سنجنية من اسرائيل فهي لا تعطي بلا مقابل فكروا ما الذي تريده اسرائيل منا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..