مقالات وآراء سياسية

لماذا فشلت حواء السودان في إدارة الأزمة الاقتصادية داخل البيت؟

كنان محمد الحسين

لست في معرض الرد على الكباشي الذي يهددنا بمنحنا فرصة أخيرة والا العسكر سيستولى على السلطة ، وهو يدري ان العسكر وشركاتهم من يديرون البلاد يخنقون اهلنا البسطاء بالاقتصاد حتى قضوا عليهم ، لنتركهم جانبا ونسأل حواء السودانية التي فشلت في ادارة الازمة الاقتصادية التي اوقعتها فيها شركات الامن والدفاع والجنيد ، اتذكر انه عندما كنا صغارا كيف كان والدتي تدير البيت وهي المتحكمة فيه وتخرج به إلى بر الأمان ، وأبي مثل غيره من الرجال ليس له دور سوى أنه يقدم له ما استطاع إليه سبيلا من نقود تعادل بضع جنيهات مرتبه الشهري.
الوالدة هي التي تذهب للسوق لتشتري اللحم والخضار وسلع البقالة ، وهي التي تقدم لنا صينية الغداء التي لا احد في البيت يعرف ماهي محتوياتها غيرها ، فهي تقدم لنا ما لذ وطاب من الطعام الذي يشبعنا جميعا ، وان احتجنا إلى زيادة فهي موجودة تقدمها وهي مبتسمة. وتوفر لنا الوجبات الثلاث والشاي والحليب وغسيل الملابس وافطار المدرسة الخ… ولا احد يدري هذه السيدة التي لم تدخل المدرسة تتصرف بهذه المهنية ، والشهر ينتهي بأمان دون عجز في اي جانب من جوانب الحياة بالبيت, فيه التي تستجلب الاغنام لتوفير الحليب وهذه الاغنام تتكاثر بصورة خرافية ولا احد يحس بها ، و مرات كدة تقوم بذبح حمل أو سخل بالبيت ولا احد يدري الا هو يرى صينية الغداء تعج بانواع اللحوم الطيبة ، وأمي تشتري الطماطم في موسمها وتقوم بتجفيفها ثم تخزينها ، وكما تقوم بصنع الصلصة ايضا وتخزنها دون الحاجة إلى ثلاجة او مجمدات بافكار بسيطة تدري بها . وهذه الطماطم المجففة اكتشفت أن الكثير من شعوب العالم تقوم بذلك حيث وقعت عيني على قائمة الطعام في مطعم ايطالي الكثير من الاطباق تصنع من الطماطم المجففة.
واذكر أننا عندما كنا صغارا رحلنا إلى منزلنا ، وكان المنزل بعيد قليلا في ارض بكر عندما يأتي الخريف تنبت الملوخية والرجلة والموليتا والكثير من النباتات المفيدة ، ومنذ بداية الخريف ، تأتي إلى منزلنا الكثير من نساء القرية ، وكل واحدة تحمل معها كيس أو طبق او اي وعاء لتأخذ الخضار الذي يكفي يومها وتخرج وهي مبتسمة دون أن نطلب منها شيئا. وحتى تحت الزير الذي يفلتر الماء يستفاد من هذه المياه في زراعة بعض الخضروات التي يستفاد منها في خفض فاتورة الخضروات ، واتذكر ايضا ان والدتي كانت تزرع الليمون في البيت ، وكانت تعتني بشجرة الليمون ،التي لن تكون ملكا لنا فقط ، بل هي ملك لجميع الاهل والجيران والاصدقاء ولا احد يدفع مقابل الليمون، ولم نشتري ليمون بتعريفة طوال العام.
وحتى لما كنا نسكن في بيت جدي الشيخ عبدالقادر ، فهو مزارع لنفسه قبل لغيره وكان يمتلك غرفة تسمى المخزن ، وهذه الغرفة يحرسها” كديس خلا” ضخم لحماية المحاصيل من خطر الفئران، عندما يحصد الذرة يأتي بما يكفي سكان منزله لمدة عام كامل ، وعندما يحصد القمح كذلك والبصل والعدسية الخ.. وهو لم يدرس اقتصاد ولا يحمل دكتوراه لكنه حاصل على دكتوراه في علوم الحياة.
هذه الايام موسم الطماطم والبصل والقمح والكثير من الحبوب الخضروات التي يمكن تخزينها والاستفادة منها في ايام أخرى تساعد في سدة حاجة البيت عند حدوث الندرة والغلاء.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..