هل ينضم حزب المؤتمر السوداني لإعلان باريس؟

من الواضح أننا مقبلون على تحولات كبيرة، هذا إذا كنا نعول كثيرا على صمود اتفاق باريس، فهو من التحركات النادرة حاليا لتغيير النظام بطريقة سلمية، خاصة وأن الإعلان الذي يضم في الأساس الحركات المسلحة وحزب الأمة ترك الباب مفتوحا لبقية القوى السياسية للانضمام إليه..
وهذه المسألة الأخيرة تجعل الكثيرين بانتظار كلمة ما من حزب المؤتمر السوداني، الذي يوجد قائدة الجسور ابراهيم الشيخ في السجن منذ أكثر من شهرين، والذي تم نقله مؤخرا إلى الخرطوم لمتابعة علاجه لكنهم أعادوه من حيث أتوا به بطريقة سريعة ولا انسانية أثارت الاستنكار..
وكما أشرنا في مطلع المقال إلى خلو الساحة السياسة من فعل سياسي مؤثر للاطاحة بالنظام، فإننا لا يمكن أن نتجاهل الدور المحوري لحزب المؤتمر السوداني والذي بات رقما هاما في الساحة..
لقد كانت هناك اشارة في إعلان باريس إلى ابراهيم الشيخ ضمن المطالبة بالافراج عن جميع المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم هو، وهذه من مقتضيات مثل هذه البيانات وهي احدى الأسس التي يطرحها الموقعون على الإعلان في اطار الافصاح عن الآليات التي تحقق أهدافهم، وبالطبع هناك دعوة أخرى في الإعلان إلى كافة القوى السياسية للانضمام إليه، ومن الطبيعي أن تكون هناك توقعات نابعة من طبيعة هذا الحزب الشديد التفاعل مع كل ما يجري..
وسيكون من المفيد لموقعي اتفاق باريس أن يبرزوا الكثير من الأفعال على أرض الواقع، والأولويات هنا تفرض مواجهة ما بين ايديهم مما حدث لابراهيم الشيخ مؤخرا بشأن علاجه، ومن المؤكد أن تحركا من قبل هذه القوى برفض هذه الممارسات الشنيعة تجاه ابراهيم الشيخ، سيسهم كثيرا في اظهار تكاتف المعارضة المنضوية تحت اعلان باريس مع القوى المحتملة للحاق بالاعلان ، ويكسبها المزيد من الدعم ويشجع الآخرين على الالتحاق بها طالما هي تظهر التضامن وتتفاعل مع ما يجري في الساحة السياسية..
لقد جرت مقارنات كثيرة بين المهدي وابراهيم الشيخ فقد تم اعتقال كليهما بسبب انتقاد قوات الدعم السريع، وبينما خرج المهدي من السجن بعد الاعتذار عن تصريحاته، فقد ظل ابراهيم الشيخ متمسكا بموقفه الرافض لتلك القوات بل أكد امام عدد من المسؤولين المحليين بولاية غرب كردفان أنه لن يغير موقفه حتى لو بقى في السجن مائة عام، غير أن المواقف المتباينه للرجلين مما حدث لن تحول دون أن يشكل إعلان باريس نقطة التقاء لهما، فليست المسألة بين المهدي والشيخ وإنما هي شأن يضم جبهة عريضة تنطوي على تنظيمات مؤثرة في الساحة السودانية..
كما ان بنود الإعلان هي ذات البنود التي كانت طرحتها أحزاب المعارضة في التجمع الوطني كشروط للحوار مع النظام..
ويمكن طرح سؤال العنوان بالصيغة التالية: هل ينضم المؤتمر السوداني لاعلان باريس في الوقت الراهن؟
يتعلق الأمر هنا بالشخصية المحورية لابراهيم الشيخ في حزبه، فهو الأكثر بروزا وقد اكسبه صموده وتمسكه بمواقفه المزيد من الجماهيرية، لكن سيكون مفيدا للحزب الذي دخل العقد الثالث من عمره أن يصدر موقفا ما تجاه إعلان باريس دون انتظار خروج زعيمه من السجن، فمثل هذا الأمر لو تم سيؤكد على مؤسسية الحزب التي تمكنه من تصريف مختلف شؤونه الخاصة والعامة والتحرك السياسي دون أن يتأثر كثيرا بالغياب المؤقت لابراهيم الشيخ، ومن المؤكد أن ذلك يزيد من الشعبية التي اكتسبها الحزب وخصوصا لدى التيار الشبابي الواسع حتى من خارج عضوية الحزب والذين تابعوا بتقدير كبير المواقف الجسورة لابراهيم الشيخ..
ومع ذلك قد يشكل صمت الحزب مؤقفا في حد ذاته، إلا أن الصمت أو حتى الرفض لن يتم تفسيره على أنه اصطفاف إلى جانب الحزب الحاكم، حيث أن مواقف حزب المؤتمر السوداني واضحة في معارضته الشديدة للنظام.. وستجد قوى اعلان باريس أن حزب المؤتمر السوداني قد سبقها إلى التظاهرات إذا قررت هي تفعيل خيار الانتفاضة الذي ورد ضمن إعلان باريس، ولو تطورت الأمور إلى هذه النقطة يكون قد حدث لقاء تلقائي مع تلك القوى وبطريقة لا تحتاج إلى التوقيع على الإعلان..
يلاحظ أيضا أن هناك محاولات من قبل المنتقدين للاعلان من قبل النظام للحؤول دون لقاء مجموعة الاعلان وابراهيم الشيخ، وايحاءات بأن جماعة باريس تعمل وفقا لاجندة خارجية، وأن ابراهيم الشيخ يختلف عنهم، وأنه يعارض من داخل بلاده وأن مسألته بكاملها تعالج في اطار القضاء السوداني.. ويتناسى هؤلاء أن ابراهيم الشيخ الموجود في السجن منذ 8 يونيو الماضي تتعرض قضيته لعوائق من قبل النظام لا تسمح بتقديمه للمحاكمة حتى الآن على الرغم من المصاعب الصحية التي يعاني منها، بينما هو يستعجل اجراءات التقاضي لأنه واثق من سلامة موقفه، ويهدف تطويل الاجراءات إلى ابقائه قيد الحبس لأطول فترة ممكنة بدون مسوغ قانوني سليم.. وقد كشفت ملابسات نقله للخرطوم مؤخرا للعلاج واعادته خلال ساعات إلى سجن الفوله رغم تدهور حالته الصحية، كيف يتم الضغط عليه كي يتراجع عن تصريحاته التي دفعت به إلى السجن..
لن نستبق الأحداث، ولن ندعي أن باستطاعتنا سبر أغوار هذا الحزب إذ أن لديه الكثير مما يشغله بما في ذلك الاعتقال المتطاول لزعيمه، لكن المتوفر من أحداث ووقائع قد يفيد في تبين توجهات حزب المؤتمر السوداني بهذا الشأن، فنحن أزاء تحالف يضم مكونات الجبهة الثورية المعروفة، اضافة إلى موسى هلال مؤخرا والآن الصادق المهدي، ونعرف أن انتقادات ابراهيم الشيخ التي أدخلته السجن انصبت على قوات الدعم ماضيا وحاضرا في نسختهم الجديدة، وليس من المعروف كيف سيجلس موسى هلال وابراهيم الشيخ حول مائدة واحدة مع الآخرين لمناقشة أي شأن من شؤون اعلان باريس، وتبدو الآفاق غامضة بهذا الشأن، لكننا نأخذ في الحسبان أيضا الوقائع الدامية بين جانب من مكونات الجبهة الثورية وتحديدا حركات دارفور مع موسى هلال غير ان كل ذلك التاريخ الدامي لم يمنع جلوس كل تلك الحركات تحت راية الإعلان..
انضمام حزب المؤتمر السوداني لاعلان باريس يعتبر كسبا كبيرا لإعلان باريس ، حيث أن هناك سباقا حقيقيا بين المعارضة والنظام لاستقطاب مختلف القوى بينما حدد النظام مواقيت الانتخابات، ومع ذلك فإن قيام انتخابات المؤتمر الوطني في موعدها لا يعني أن المعارضة ستخضع لهذه الشرعية المزيفة، إلا أن فعلا سياسيا معارضا قويا من خلال إعلان باريس أو غيره يعمل على تجاوز تلك المواقيت لصالح تشكيل حكومة انتقالية تنظم الانتخابات، بعيدا عن هيمنة المؤتمر الوطني، سيسجل لصالح الحل السلمي لمعضلة البلاد..

عبد الرحمن زروق
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. نتمنى ذلك بأنضمام حزب المؤتمر السوداني ستكون الضربة قوية الثانية للحكومة في غضون ايام
    نتمنى ان يعلن الحزب انضمامه لأعلان باريس باسرع وقت

  2. اعلان باريس اكثر نعومة من الفجر الجديد .. في اغتقادي حزب المؤتمر السوداني لن ينضم الي اعلان باريس .. حزب المؤتمر السوداني الان كل الشواهد تؤكد ان فعله اكثر خشونة من هذا الاعلان …. حزب المؤتمر الان في اعتقادي هو بعبع الانقاذ اكثر من الجبهه الثوريه .. اذا اعلن التحاقه او لم يعلن فهذا في اعتقادي لن يغير من موقفه تجاه النظام قيد انملة

  3. اذ تم اخذ تحفظات حزب المؤتمر السوداني في الاعتبار اتوقع ان يدعم حزب المؤتمر السوداني هذه الاتفاقية . وذلك مرده في اعتقادي الشخصي الا ان حزب المؤتمر السوداني لا يقدم علي أي خطوه الا بعد دراستها وتحليلها تحليلاً عميقاً . وهذا سر قوة هذا الحزب الشاب . الشعب السوداني و الديمقراطية اولاً . يجب ان يتحدث الاعلان وبشكل واضح عن اسقاط النظام ومحاسبه مرتكبي الجرائم وليس تغيير النظام .

  4. حزب المئتمر السوداني يعمل ضمن أطار تحالف المعارض، عكس حزب الامة ، لذلك لا أعتقد أن أنضمامه الي أعلان باريس وحيدا سيزيد من رصيده ، بل علي العكس سينقص من قوة التحالف ومكانته والمؤتمر نفسه كعضو أصيل في التحالف . والاخطر انه سيصبح مثل حزب الامة : عايرة وا دو ها سوط كل يوم توقع في حاجة وتاني يوم تنط منها

  5. لقد طالعت كثيرا في قرائتي لصحيفة الراكوبة فوجدتها مثل اي صحيفة داخل السودان لاادري تخشي من رحال الامن لقفلها ام ماذا والسبب انها صحيفة لاتدعوا للنضال الحقيقي بقدر ما تروج وتسوق لكناب بعينهم ليس لهم هم غير قراءت الاحداث يوم بيوم فلماذا تناسيتم المناضل ابراهيم الشيخ الم يكن هذا الشيخ شبيه بمانديلا
    فهو الذي رفض الركوع ولحس الكوع وثبت في كلماته بكل رجولة ووطنية . اين مناصريه داخل السودان واعضاء حزبه لماذا لم يقوموا بمظاهرات ولو علي الكيب ورد في الافراج عنه وبالتحديد لشخصة لماذا لا يسمع الشعب السوداني الفضل عن شخصه وسيرته الذاتية النضالية حتي يقف ما تبقي من الشعب حوله
    لماذا تقتلون كل ذي غيره وطنية وتلتفون حول الذي لدغ من الجحر مرات
    نحن السعب السوداني حقيقة لانعرف معني النضال لقد حارب الدكتور ابراهيم خليل وناضل من اجل قضية رغم احسب انها خاسرة الا انه لم يتزحزح عن مبداءه ولم يجد له نصير بحجة عدم فهم قضيته ووووو..الي الاخر فلماذا لا نناصر ابراهيم الشيخ
    لقد فقد السودانيين بوصلتهم في السياسيين ونامل ان نجدها في ابراهيم الشيخ رغم اختلافي معه فيما يقول الا ان الحقيقة انه رفض وقال لا
    اغلب الذين يكتبون ويعلقون في هذه الصحيفة لهم توجهات سياسية مع اوضد الاسلاميين ولكن ليس همنا الوطن الكبير السودان
    لقد فقدنا بوصلة الرجل الرشيد الذي يعيد العزة لعازة فهل يكون ابراهيم الشيخ واحد من الذين لم يظهروا بعد فلنناصره حتي يخرج ويواصل نضاله ام مازلنا بدواخلنا الافكار القديمة التي ادت الي قتل روح النضال وفي شخص الدكنور ابراهيم خليل
    اذا اردنا ان يقوم السودان علينا ان لا نشخص الناس بمناطقهم بل بافعالهم
    لماذا نخشي كل جديد رغم البوادر الحسنة التي بداء بها يجب علينا انلا نقتل روح النضال داخل قلوب الشباب بالافكار الهدامة والمبطنة بشخصنة الامور وجهويتها
    الي اعضاء الحزب الذ يقوده ابراهيم الشيخ يجب الترويج بقوة لحزبكم وتاخذوا بمبادئه وطرح الافكار االبناءه له حتي يعلم القاصي والداني بوجود شباب همهم الوطن ولاغير ذلك قفوا حول زعيم حزبكم حركوا شباب الجامعات وعرفوهم بمن ابراهيم الشيخ وافكاره البناءه وايديولوجية الحزب حتي يكون الحزب نواة لنضال كل الشعب السوداني
    ودام عزك ياعازة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..