في عهدهم …. تشوهت هوية الوطن

الخارطة الاجتماعية للسودان بتنوع ثقافاتها وتباين هويتها من حيث السحنة واللغة و العادات والتقاليد واختلاف المعتقد الديني هذه الخارطة بكل هذا التمازج والتنوع الفطري الذي حبى الله به الوطن تمثل أية ايمانية تدعو الى ايقاظ الحس الايماني في دواخل الفرد لان مفهوم التباين والاختلاف في وجود المخلوقات صورة فعالة لوجود الايمان في قلوب الخلق قال تعالى ( ومن آياته خلق السموات والارض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ) صدق الله العظيم فاختلاف الالسن والالوان نجده بصورة كبيرة في السودان مما جعل هذا الوطن عبارة عن قارة مصغرة انصهرت فيها كل الاعراق وتمازجت فيها كل السلالات البشرية ورغم هذا التباين والاختلاف العرقي نجد أن أكثر من 900 قبيلة تسكن في مختلف ربوع هذا الوطن كانت تنعم بالطمأنينة والهدوء لأنها اعتمدت على نظرية قبول الاخر القائمة على نبذ كل ما هو قبلي يهدد انتماء الاخر للسودان ورغم التصريح بالهوية الجهوية القبلية لكنها كانت مسميات ظاهرية تساعد على تقوية الاواصر الاجتماعية فلم يشهد السودان صراعات قبلية تهدد فك الارتباط الاجتماعي للقبايل وان كانت هناك صراعات لا ترقى لمستوى الصراعات المهددة للوجود النوعي للافراد كانت تحل تلك الصراعات في اطار قبلي قائم على رضى الطرفين لان ميزان العادلة كان له وجود في المنظومة القبيلة
ولكن المتمعن لهذه الخارطة اليوم يجد انها طمست معالمها وبدأت تتساقط في هاوية الضياع ولعل انفصال الجنوب يمثل واحدة من صور ضياع الوطن والمخيف ان حمى التمرد على قد تنتقل أجلا الى اصقاع اخرى من الوطن الحبيب ، والمسترجع للتاريخ الجغرافي للخارطة السودانية يجد انها استطاعت ان تحافظ على هويتها السودانية موحدة حتى ان الدخلاء والمستعمرين فشلوا في تقسيم الوطن الى دويلات من خلال سياسة ( فرق تسد ) وحتى الاستعمار البريطاني بالرغم انه جعل جنوب الوطن مناطق مقفولة فشل في تنحيته عن خارطة الوطن الوحدوي فنال السودان استقلاله موحدا مع وجود شعارات تنادى بفصل الجنوب وظهرت حركات تمرد في جنوب الوطن من بعض الناشطين الجنوبيين لكنها كانت غير مؤثرة في ابناء الوطن الجنوبيين فكانت الخرطوم والاقاليم الاخرى مرتعا أمنا للاخوة الجنوبيين وتدرجت الاحداث وتطورت ولكن كل الحكومات التي مرت على السودان لم تعمل على تمهيد الطرق لايجاد منفذ لتلك الحركات المقاتلة وحافظت على ملامح الخارطة ومات آلاف السودانيين من أجل وطن موحد لا يقبل التفكك
بعد مجيء الاسلاميين بعباءة عسكرية واستولوا على السلطة بهدف انقاذ البلد التي فشلت الاحزاب في الحفاظ على نهجها الديمقراطي نجدهم ساروا في درب الوحدوية وعزفوا على هذا الوتر لكسب ود الشعب الذي يرى في انفصال الجنوب دمار لكل الوطن وهنا تحدث الاسلاميون بلهجة المفاهيم القتالية الجهادية وكونوا مليشيات حربية وجماعات قتالية خاصة بهم ورموا بها الى ساحة المعارك ومات الآلاف من ابناء الوطن الشباب وسيطر الانقاذيون على ثلثي الجنوب وكاد التمرد يتلاشى وحين ظهرت هذه الدعوات الجهادية انتبه العالم الخارجي لهذا النهج المنادي بقدسية الجهاد ومقاتلة الكفرة والملحدين فكان لابد من وقف هذا القتال بدعم المتمردين وتقوية شوكتهم و الضغط على الاسلاميين الذين اثبتوا ان الحفاظ على مقاليد الحكم اهم من قدسية الجهاد وبدأت الخلافات تدب في تكوينهم المغشوش وانشق عراب الجبهة الاسلامية الدكتور الترابي وبدأت الجكومة في تقديم التنازلات عن مبادئها خاصة بعد ادراج اسم الوطن في لائحة الدول الراعية للارهاب ثم توالت المآسي بتوقيع نيفاشا ثم انفصال الجنوب حتى الى ما وصلنا اليه الان من ازمات ومهددات يقودها من لا هم لهم الا البقاء على هذا الكرسي وتنفيذ المخطط القبيح القائم على تقسيم السودان وفترة حكومة ( النفعيون ) هي من اقسى الفترات التي تمر على وطن بهيئة قارة ، فسياساتهم تقوم على نظرية الاقتتال القلبي في مناطق النزاعات فهم من ازالوا حاكمية ( شيخ القبيلة ) وهم من تحدثوا عن العريقيات والاثنية بصورة مخيفة وهم من ايقذوا العنصرية من خلال الكتاب الاسود وهم وهم …….
في عهدهم تشوهت معالم الوطن وطمست فواصل انتمائه ، وفي عهدهم صرنا منبع سخرية للاخرين وفي عهدهم ترهلت القيم السامية وماتت فينا سنن المروءة ونهج النخوة و….. وووو
ان الوطن اختلت مداراته وفقد بوصلة الوجود المكاني بين دول العالم وصار يسير في درب الزوال البطيء لان القائمين على امره رموا الوطن من نافذة النسيان واصبح همهم ان يكونوا حكاما ولو على دماء البسطاء
نعم اصيبت الخارطة بالوهن والضعف واصبحت اكثر عرضة لطمس هويتها في ظل هذا الحكم الشمولي ولكن لا ننسى ان النظام الان يمر بمرحلة صعبة وهو اكثر ضعفا من الوطن واوشك على السقوط فقط يحتاج منا الى تضامن شعبي عريض بكل فئات المجتمع غدا ستدفن هذه الرؤوس الظالمة تحت مزابل التاريخ وان غدا لناظره قريب
خارطة السودان الجغرافية والسياسية والاجتماعية تحتاج الى خارطة طريق تعيد لها نهجها القديم القائم على مفهوم ( وطن يشيل الكل ) ترى من المسؤول عن ضياع وطن بهذا التنوع والتباين الفطري الذي تجلت فيه آيات الله الحاثة على الايمان به
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..