في شأن التعليم السوداني في عهد الإخوان

في شأن التعليم السوداني في عهد الإخوان:
لمحة من فصل “محنة التعليم”، من كتابي “إرهاصات الوعي ونكساته”:
وتبرز الأيدلوجيا بوضوح في مواضع عدة، فالجندي يُوصف بأنه “المجاهد الصنديد” و”المقاتل العنيد” الذي يطرب لصوت الدبابة والمدفع و”يفرح” بالموت.
هذا التوجيه الأيدلوجي، مع ما تعنيه كلمة “مجاهد” و”مجاهدين” في ظل “الإنقاذ” ونزوحها في حقل الدلالات اللغوية إلى مفردةٍ سياسية – أيدلوجية محددة ينفي عن المنهج أيّة عفوية. فالمنهج هنا لا يختلف كثيراً عن البرنامج التلفزيوني المؤدلج “في ساحات الفداء” الذي كرّس على مدى عقد ونصف نزعات التطرف ورفض الآخر من زاوية أيدلوجية.
وجرى تكريس 6 أناشيد من بين 11 نشيدا في كتاب” الينبوع في اللغة العربية” الذي يدرسه تلاميذ الصف السادس لموضوعي الحماسة والجهاد (39)
و”تأتي الأمثلة والتدريبات ضمن سياق أيدلوجي في الغالب، حتّى وإن كان موضوع الدرس علمياً، ومن الأمثلة على ذلك: ردّدت أصوات الجماهير التكبير والتهليل ابتهاجاً بالإستقلال، ص 20، لن تُهزم الأمة ما أحيت سنّة الجهاد، ص 41، عامر حفظ القرآن وأجاد تلاوته وتفهّم معانيه وعمل بما فيه، ص 61 ، “عينان لا تمسهما النار قط: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله”، ص 67 ، كانت غاية المجاهدين الشهادة أو النصر، ص 122” (40).
تكثيف الحض على الجهاد هنا دون سائر الموضوعات الإسلامية كالتسامح والعدل والشفافية أمرٌ مقصود لغاياتٍ سياسية بحتة ضمن أيدلوجيا الجبهة الإسلامية القومية في حربها على الجنوبيين، تلك الحرب التي اتخذت طابع القداسة الدينية، وكان لزاماً أن تتم تهيئة مئات الآلاف من الأطفال والشبان ليكونوا وقوداً في محرقتها الكبرى، لذا لم يكن مستغرباً أن يروح ضحاياها نحو مليونين من السودانيين ذهبوا إليها طواعيةً أو كراهةً !
والمنهج يُسفر عن وجهه الأيدلوجي المندغم تماماً في عمل آلة إعلامية ضخمة راحت تشتغل على الصعيد العام لترسيخ مباديء بعينها من خلال مفردات وأغنيات وأشعار وتعبيرات مختلفة في فضاءات مختلفة عرف السودانيون تماماً مدى أدلجتها طوال عقد ونصف. فمن أمثلة الدعوة للجهاد أيضاً أبيات من الشعر ترد ضمن التدريبات تقول:
الله غايتنا وهل من غاية … أسمى وأغلى من رضا الرحمن
وزعيم دعوتنا الرسول وما لنا غير الرسول محمدٍ من ثان
دستورنا القرآن وهو منزّل … والعدل كل العدل في القرآن
وسبيل دعوتنا الجهاد وإنه … إن ضاع ضاعت حرمة الأوطان (41)
و”يتناول كتاب التربية الإسلامية “الفقه والتوحيد” المقرر على الصف موضوعات تتعلق بالعبادات وأخرى بالمعاملات، غير أن أكثر ما فيه إثارة للقلق إنه يحض الأفراد على مراقبة سلوك الآخرين وتولي مسئولية تقويمهم” (42).
وهنا لابد أن نتوقف قليلاً لنشير إلى كيفية عمل العقل الذي يقف وراء مفهوم “شرطة المجتمع” أو “شرطة النظام العام” التي لا تكتفي بمراقبة الناس في الشارع، وإنما تتسور وتطرق عليهم أبواب بيوتهم الموصدة ! والمقصود هنا في المنهج أن تتم تهيئة الطلاب لأداء هذا الدور “الرسالي” في التجسس على الناس وكشف عوراتهم، من خلال شرطة النظام العام، أو حتى من خلال جهاز الأمن “السياسي” ! إنها منظومةٌ متكاملة تعمل باتساق من أجل السيطرة على العقول !
[CENTER][/CENTER]

تعليق واحد

  1. العصابه العندنا الحاكمانا ليها 25 سنه دي لا اخوان لا حاجه ديل شيطان رجيم و اسواء من الاخوان بمراحل بعيده و كلنا عارفين انو المنظر للعصابه دي الترابي و الزول دا انشق عن الاخوان من سنين طويله

  2. التعليم هو ميدان المعركة الرئيسي مع النظام لانه ميدان المعركة مع الشمولية كفكر وطريقة في الخياه ومن هنا اهمية تركيز المثقفين مثل مؤلف هذا الكتاب عليه. شكرا للاستاذ خالد عويس
    هذه مهمة نحاول المساهمة فيها بقدر مانستطيع كما يتضح من التعرف ادناه
    إعلام الدموستناره جهد تثقيفي يقوم علي العلاقة الوثيقة بين الديموقراطية والاستنارة كشرط جوهري لتأسيس الديموقراطية في تكوين المجتمع أفراداً وجماعات، وعلي دور المجتمع المدني والتعليم في هذا الصدد. اعلام الدموستنارة لايتبني بالضرورة كافة الاراء في المواد التي يوزعها. كما يرجي الانتباه الي انه يستخدم عنوانين الكترونين اخرين هما
    [email protected]
    [email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..