الدعوة للحوار! علي ماذا يراهن النظام؟

دعونا القوى الوطنية لإستغلال دعوة النظام للحوار ( الهادف لتداول سلمي للسلطة) وتحقيق إختراقات من شأنها أن تسهم في حركة التغيير والتحول الديمقراطي بغرض الإختبار الحقيقي علي أرض الواقع لمدى جدية النظام وعزمه علي المضي قدما في مسالة التحول الديمقراطي،ولنتأكد من أن وثبته لم تكن مجرد مناورة لأطالة عمره إذاً فعلى ماذا يراهن؟ وهل سميضي في الطريق إلي نهايته ام سنرى منه وجها آخرا؟ ولكن ظلت هذه القوى مترددة متوترة مختلفة مشككة في تحركات بعضها البعض لان لكل منهم رؤية مغايرة للأخر ويريد أن يحقق مكاسب ذاتية تجعله في موطن الصدارة ، فقوى المعارضة بأجمعها نادت بضرورة التغيير ولكن تختلفهم دوافعهم، فمنهم من يرى ضرورة إسقاط النظام لأنه يكرس للشمولية الدينية التي من شأنها حجب الحريات وقهر الأخر بل تكفيره ، ومنهم من يرى أنها تجربة عصيبة محسوبة علي الإسلاميين سلبا لانها تقدم الإسلام بصورة مشوهة تتنافي مع مبادئ العدالة الحقة التي ينادي بها الإسلام أصالة في حرية الإعتقاد والتعبير والحركة والتوالي، ومنهم من يرى في سلوك النظام عنصرية تكرس للقبلية والإستعلاء بالجنس علي الاخر، ومنهم من يريد دولة مدنية تمكن الناس من أخذ حقوقهم والقيام بواجباتهم ولتسخّر إمكانيات البلاد ومواردها لخدمة الإنسان السوداني والنهوض بالوطن الخ.
وإذا ما تأملنا في دفتر النظام لوجدناه خاليا من إنجازات تجعله يكتسح الإنتخابات القادمة بسهولة ويسر ،فمسلسلات فشله المتلاحقة أفقدته السند الجماهيري ومعاناة الجماهير الكادحة أفرزت واقعا جديدا أظهر قوة وطنية ثورية السودان في همها اولا واخيرا،إلا أنه يمتلك مصادر القوة والتأثير المال والإعلام وحرية الحركة والتحالفات القبلية، كما أنه يراهن علي ضعف الأحزاب الوطنية وعدم جاهزيتها لخوض هذه المعركة المستحقة في مسيرة التداول السلمي للسلطة، فالاحزاب السودانية ظلت متفرجة علي الأحداث الجسام التي تدور في ساحة الوطن وهي تقدم رجلا وتأخر أخرى نحو التوافق مع النظام أو معارضته لكنها لم تقبل علي فعل قوي يجعلها في قلب الحدث ولم نرى منها مبادرة جديرة بالإهتمام تجعل الجماهير تلتف حولها ، ورغما عن ذلك يمكنها فعل شئ ذو تأثير موجب إذا إستنهضت همم قواعدها وقامت بتعبئة جماهيرها فالرصيد الطائفي مازال له نفوذ في كثير من أنحاء الوطن كما أن الجماهير المتعطشة للحرية ظلت تتحرق شوقا للتغيير وتتطلع في مسيرتها النضالية لقيادة وطنية توحد مجهودها وتتبنى مطالبها في الحرية والحياة الكريمة التي لا تميز بين الناس علي اساس ديني او عرقي او طائفي أو مذهبي بل يكون الناس سواسية علي اساس المواطنة وتسود فيهم دولة العدل والقانون.
إذا إستغلت المعارضة الفرصة وتغلبت علي المعوقات والعراقيل التي يضعها النظام في طريقها مثل إخطاره مسبقاً بلقاءآتها وتجمعاتها (حتي لا يتثني لها ممارسة نشاطها وبالتالي العزوف كليا عن العمل الجماهيرى) فإنه بإستطاعتها محاصرة النظام بقيادة الجماهيروتحالفها مع القوى الثورية التي نشأت بفعل المنعطفات التي مرت بها البلاد وبسبب غياب الأحزاب نفسها عن المعترك السياسي ، وتطاول أمد الحروب في الاطراف ،وصراع الهامش والمركز ،وضعف حكومات الولايات ، وبالتالي يمكنها فرض رؤيتها في التغيير المنشود، لكن إذا ظلت المعارضة تردد في أقوال بدون أفعال وتنتظر أن يأتيها الفرج من قبل الشارع فإنها تحكم علي نفسها بالفناء فالشارع الذي خرج في سبتمبر وقدم أرتالا من الشهداء كان ينتظرها تخرج لقيادته ولكنها اثرت مبدأ السلامة وإلتزمت جانب الفرجة وتركت الساحة الساسية خالية من أي وجود لها مما يجعل النظام يخرج منتصرا بعدما زلزلت تلك الأحداث الأرض من تحت اقدامه وجعلت أصوات الإصلاح بداخله تعلو لدرجة الإنشقاق والقطيعة كما حدث في حالة غازي صلاح الدين ومجموعته التي أسست حزبا سياسيا فيما بعد.
هذه الأحداث التي جرت في سبتمبر كانت موجه من موجات الثورة السودانية التي تخلو من اي مطمع شخصي أو توجه حزبي ولكنها تطمح في التغيير الديمقراطي الذي يكفل لها الحرية ،وبالحرية تنال الخبز،ولئن ظل النظام يماطل في مشروع التحول الديمقراطي وظلت قوى المعارضة السودانية بسلبيتها المعهودة تتأرج بين هذا وذاك من الخيارات فإن الشارع سيخرج في موجات متتالية وستُولد قيادة جديدة يتحقق علي يدها النصر وحينها ستذهب قيادات الأحزاب والنظام الي قبورها بحسرتها تشيعها لعنات الجماهير وسيذكرها التاريخ بكل سوء.
إن الأحداث المتلاحقة التي تم تخزينها في ذاكرة الوطن جعلت الشعب والنظام في حالة فصام نكد يصعب علاجها ،فإذا ما توفرت إرادة صادقة ورؤية موحدة للتغيير تحالفت بموجبها قوى المعارضة الوطنية وتلاحمت مع الجماهير فإن النصر وحسم المعركة سيكون من نصيبها ولن تنفع الحزب الحاكم أمواله ولا من يتمترس خلف الإعلام من رجاله ، أما إن تلكأت المعارضة وظلّت تشكك في بعضها البعض فلتعلم أن النظام سيفسح مزيدا من الحرية التي سيحفل بها أنصاره ومؤيدوه و الإنتهازيون الذين سيزينون صورته ويسوقون بضاعته من ما يمكنه من مصالحة الحركات المسلحة وإجراء إنتخابات2015م وإكتساحها وتجديد الشرعية لنفسه عبرها.
أحمد بطران عبد القادر
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تعمل شنو المعارضة يعني إذا كان الصادق والميرغني والترابي هم الذين يكرسهم النظام لتفتيت أي تقارب وتحالف وطني ضدهـ ؟؟ أن المعارضة السودانية ممثلة في اليسار والقوة المستقلة تصادم بمعارضة النظام والاحزاب اليمينية والانتهازية على السواء ..

  2. يا اخوي الكيزان ديل زي اسرائيل مع الفلسطينيين مفاوضات ومفاوضات ومفاوضات من اجل المفاوضات وهي تعمل الدايرهو الحين تقرينا كل الضفه الغربيه تهودت وجماعة الانقال عارفين حب الترابي والمرغني والصادق للسلطه كل مره يلوحوا ليهم بيها وديلك يجو جارين وحوار في حوار في حوار وهم يعملوا في الدايرنو عشان كده اصلك ماتتوقع من هؤلاء الناس اي خير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..