أخبار السودان

الشباب والفترة الانتقالية: ضعف الأحزاب واحتمال تغول الجيش سياسياً

تقرير: حسن اسحق

حلم الشباب بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير، أن تحقق شعارات الثورة التي رفعت من حرية سلام وعدالة، لكن الضعف السياسي للأحزاب التي شاركت في الفترة الانتقالية، قد أطاح بمضمون تلك الشعارات علي ارض الواقع، لا سلام تحقق ولا عدالة أنجزت، أما الحرية فالحديث عنها بعيد المنال، عندما تؤكد المؤسسة العسكرية انها تقاضي ناشطين يوجهون انتقادات إليها مباشرة،اما مؤشرات الوقت الراهن تفسر ان الجيش يسعى إلى خنق الفترة الانتقالية، تمارس الاعتقال والتحفظ، كما كان يمارسه نظام الرئيس السابق، حيث اعتقلت الاستخبارات العسكرية رئيس حزب دولة القانون والتنمية، محمد علي الجزولي المحسوب على التيار الإسلامي الرافض لسياسة حكومة الفترة الانتقالية، وغيرها من الاعتقالات التي طالت معارضين آخرين، وبعض الاجهزة تعتقل المعارضين، فشل الفترة الانتقالية يفسر أن شعار الحرية، كان مستخدما لفترة مؤقتة، ولتحقيق أهداف مؤقتة لبعض الأحزاب.

الثورة عملية مستمرة

حمدان محمد أحمد عبدالله عضو لجان المقاومة مدينة الجنينة  بولاية غرب دارفور، يقول  ان الشباب هم العمود الفقري للثورة ديسمبر المجيدة، متواجدين في لجان المقاومة، والقيام  بحراسة الثورة نفسها، مؤمنين إن ثورة ديسمبر لم تحقق أهدافها، نسبة لسيطرة  الخونة والمتسلقين من قحت، الذين وقعوا علي التسوية السياسية التي لم تلبي تطلعات واشواق الشباب، لكن ما زالت العزيمة موجودة، وعبر الحراك الثوري والشغل في القواعد سوف تحقق أهداف الثورة، مليونية 30 يونيو لتصحيح مسار الثورة، الهتافات الثورية المعبرة عن الشباب، (ما تدي قفاك للعسكر العسكر ما حيصونك،  بس ادي قفاك للشارع الشارع ما حيخونك ) يا نورا العسكر ما بتفهم، يا نورا العسكر مأجورة) وانا ما راجع ، انا لي مطالب، كلها هتافات جذرية تعبر عن تطلعات الثوري المتزن الذي يحلم بواقع أفضل.

يكشف حمدان أن الشباب في الراهن السياسي الحالي، هم ليسوا مفصولين عن العمل الجماهيري، لكن مع ذلك يعانون من مشاكل حقيقية، البطالة على سبيل المثال، عدد كبير من الشباب احبطوا من الثورة، والممارسات اللاإنسانية والتسوية السياسية التاريخية التي تمت، أحبطت عدد من الشباب، لكن ما زالوا يتمسكون بالروح الثورية العالية، يدركون أن الثورة هي عملية شد وجذب، وعملية مستمرة لا تنتهي حتما سوف تحقق المطالب والأهداف، فقط تحتاج الى النفس الطويل، والعمل القاعدي، لأن الثورة نقابة ولجنة حي.

إشكاليات داخل التحالف العريض

يسرد حمدان ان الاحزاب السياسية او ما اطلق عليه التحالف العريض، قوي الحرية والتغيير، فيه إشكاليات كبيرة جدا، الجميع يستوعب ذلك، منها الصراعات والتخوين واللهث وراء السلطة، المكاسب الحزبية فقط، والشباب يعتقدون أن الأحزاب ليس لها برامج اصلا، وليس لها ممارسات ديمقراطية، وفاشلة على إدارة الدولة، يوضح  اذا كان لها رؤية لادارة الدولة، ما كان اجهضت فعل عظيم ثوري قام به جميع السودانيون، يشرح أن لجان المقاومة أصبحت الجسم الذي يمثل الشارع، لان ليس لها أطماع سياسية، هي جماعة ضغط، ليس القدرة على تغيير، بعيد من الاستغلال، وبعيد من أي توجه، لهذا السبب لها قبول وسط المجتمع، في الواقع،  يضيف ’’عند عودتي من اعتصام مدينة نيرتتي، الهتافات التي كانت تعلو، هتافات معبرة عن لجان المقاومة، وأهداف الثورة المسروقة من العسكر وقوى الحرية والتغيير، لم يجد لافتة في اعتصام نيرتتي لحزب سياسي، هذا يوضح ان الاحزاب السياسية غير مقبولة‘‘.

تنبني المنهج الديمقراطي داخل الأحزاب

يؤكد حمدان  ان الاحزاب السياسية فقدت جماهير الشارع والثقة التي منحها لهم المواطن السوداني،  ينتقد الأحزاب السياسية، لكن البعد عن الأحزاب السياسية ليس الحل، يؤكد أن  الدولة لا تدار بدون أحزاب سياسية، وينصح  الأحزاب السياسية،  أن تتبنى المنهج الديمقراطي داخل مؤسساتها  بشكل  حقيقي، وتعبر عن تطلعات  وأشواق الجماهير والشباب، ان الثورة عملية مستمرة، لا تقبل أنصاف الحلول،  بالنسبة للشباب بشكل خاص، خلال الثلاثين سنة الماضية، كان النظام السابق يمارس التنكيل والقمع،  يشير  بعد الثورة في ممارسات المليشيات، والخونة الموجودين في مجلس السيادة، ويصمتون عن الانتهاكات التي تحدث، الوثيقة الدستورية أعطت العسكر شرعية السيطرة، يختم ان الشباب ما زال لديه الروح الثورية،  والطاقات الجميلة التي تنشد اهداف الحرية التي قامت من أجلها ثورة ديسمبر الحرية والسلام والعدالة، يؤكد إذا اتبع طريق لجان المقاومة والنقابات سوف تحقق أهداف الثورة.

تغول العسكر على السياسة

بينما يوضح دكتور النور حمد ان الاحزاب السياسية تعاني من مشاكل بنيوية، يعود بعضها لضعف المؤسسية وبعدها عن  القواعد الديمقراطية، رؤوسائها يبقون على رئاسة الحزب قرابة قرن أو يزيد، ويقر في ذات الوقت ان الانظمة العسكرية تسلطت على حكم البلاد ثلاث مرات، حكمت 54 عاما، نتيجة طبيعية لضعف الأحزاب. يشير النور ان الاجيال الجديدة من الشباب انجزوا الثورة، يرى أنهم احدثوا نقلة نوعية غير مسبوقة في الواقع السياسي السوداني، في مقاله (حول النغمة الشبابية الرافضة للأحزاب)، أن سلميتهم صمدت امام كل خيارات العنف التي استخدمها النظام السابق.  يضيف أن التغيير السياسي جاء في ديسمبر 2018، من حيث لا يحتسب أحد، بقوة إجماع شعبي، اي’’ اي اعجزت العنف المفرط وهزمته‘‘، يشير النور إلى نقطة مهمة’’ لا أحد لا يستطيع من كامل الطيف السياسي ان يدعي انه كان وراء ذلك التغيير الذي جرى، على هذا النحو المدهش‘‘.

قيادات حزبية غير مؤهلة

يضيف في ذات السياق النور’’قلب الشباب الطاولة على البنية المفاهيمية، التي حكمت عبر ستين سنة الماضية‘‘، هذا الجيل أظهر روحا جديدة، مع طاقة جديدة، واخلاقا جديدة ايضا، وشغفا بالتغيير الجذري، يعتقد النور أن القيادات الحزبية الراهنة غير مؤهلة معرفيا وأخلاقيا، لهذا السبب رفض الشباب الأحزاب، ونقل هؤلاء الشباب لاول مرة منذ استقلال البلاد، الصراع من أرض معركة المعادلة الصفرية، غير المنتجة، بين اليمين واليسار، إلى أرض معركة جديدة، يشرح ذلك، طرفها هذه المرة، القوة الشبابية الجديدة، مع ’’ جملة المفاهيم الرثة التي حكمت  سلوك اليمين واليسار‘‘.

نجاح الديمقراطية مرتبط بالأحزاب السياسية

يقر النور إن نجاح الديمقراطية لا يتحقق بدون الاحزاب السياسية، ويعتقد أن جيل الثورة له السلطة أن يحرس الفترة الانتقالية  إلى نهايتها، وقد اثبتوا ذلك، يحذر اذا لم ينظم الشباب انفسهم، ويتحولوا من ثوار يحرسون الشوارع، إلى قوى حزبية منظمة تعبئ صناديق الاقتراع، تنبأ أن غياب الشباب في العملية السياسية الراهنة، ’’ ان القوى السياسية القديمة التي بدأوا اخراجها عبر الباب، ستعود عبر الشباك، سيكون في يدها صك مستند على الشرعية الدستورية‘.

الجيش يهدد الفترة الانتقالية

بينما يضيف الشاب الآخر، عزالدين علي، الشباب في الفترة الراهنة يدركون حجم المخاطر على المرحلة الانتقالية، الأحزاب السياسية التي جاءت إلى الحكم بعد سقوط نظام البشير، لا تزال تمارس الشقاق السياسي الذي كان يمارس الفترة السابقة، لكن الشباب ليسوا علي قلب رجل واحد، كثيرون لديهم علاقة بالتنظيمات السياسية، وهم أكثر وعيا من الشباب الاخرين، يستخدمون الحيل السياسية في الشارع العام لكسب ود الآخرين، لكن شباب الثورة لهم اهداف واضحة جدا، لخصت في الشعارات التي رفعت في أيام  اعتصام القيادة العامة، حرية -سلام- عدالة.

ينتقد عزالدين بعض الاحزاب التي تريد ان تستغل الشباب لتحقيق مكاسب سياسية فقط، لكن الشباب يدركون خطط الأحزاب، و مساعيها للهيمنة عليهم، يطالب الشباب ان يلعبوا دورهم الوطني الرقابي على حكومة الفترة الانتقالية، والضغط عليها لتنفيذ السلام في كل مناطق النزاعات، من دارفور، جبال النوبة، النيل الازرق، وتحسين الاوضاع المعيشية للسودانيين، وانتقد اولئك الذين يعرقلون مسيرة التحول الديمقراطي في البلاد، يضيف أن دور الشباب في الوقت الحالي، تحقيق أهداف الثورة على أرض الواقع، أخطر تهدد للفترة الانتقالية يأتي من الاجهزة الامنية، أبرزها الجيش الذي يريد اعادة نفسه على المشهد السياسي مرة أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..