الميتافيزيقا أرض معركة: الهجرة الى الله ضحك الكيزان على السودان.

لحد ما نجح الإسلاميون في السودان في سد الأفق أمام الأنوار. وأستطاعوا جر وطن بأكمله الى فكرة الأصالة وترسيخ نصوص ترسخ للهوية العربية الإسلامية. ففي الزج والتعبية تفوقوا على تاريخ الكنيسة في تصلبه ومقاومته من أجل إستمرار عصور الظلام. تفوقوا على تاريخ الكنيسة لأنهم يمتلكون أدوات العصر الحديث في تحريف الكثير من المفاهيم. فالكنيسة لم تمتلك أدوات العصر الحديث في ذلك الزمان. فمثلا يتحدثون عن إمكانية مزاوجة خطاب الإسلام السياسي المنغلق مع الفكر اللبرالي في الوقت الذي كانت فيه اللبرالية رد فعل الأنسانيين ضد تصلب الفكر الكنسي. التحريف لكثير من المفاهيم قد تحدث عنها رضوان السيد. وعن تمرقهم في وحل الأصالة قد تحدث محمد أركون في كتابه الفكر الأصولي وإستحالة التأصيل. ففي غياب الفكر كما يقول محمد أركون أن المركزية الإسلامية تمثل تحدي للعلوم الإجتماعية ولكن العلوم الإجتماعية نفسها إذا طبقت تطبيق ملائم تمثل تحدي للأديان. فحسب تجربة الشعوب الحية تمثل العلوم الإجتماعية تحدي للأديان في ظل مجتمع قد أصبحت الفلسفة الأنثروبولوجية تمثل العمود الفقري في تركيبه الثقافي. لذلك كانت الفلسفة الأنثروبولوجية لإيمانويل كانت توضح معنى أن الميتافيزيقا أرض معركة. وبعدها يصبح الدين مقبول في حدود العقل.
في الميتافيزيقا كأرض معركة فكرة فصل الدين عن الدولة وهذا لا يعني الإلحاد كما يظن تجار الدين. فهناك مقولة خالدة لجون لوك في رسالة في التسامح يوضح فيها أنه يمقت الإلحاد كما يمقت عدم فصل الدين عن الدولة. في رسالة في التسامح يصبح الدين والدور الواضح في إحترام الآخر والإيمان الكامل بميثاق حقوق الإنسان. ففكرة الإسلاميات التطبيقية لمحمد أركون تتطابق في مقاصدها مع الفلسفة الأنثروبولوجية. مع الإنسانيين يصبح الإنسان هو المركز فلا ينبغي إهدار الفكر في الأعظم اللا متناهي كما يقول نكولا دي كوسا المولود عام 1401الذي يمثل فكره خاتمه لأفكار القرون الوسطى وبداية العصر الحديث بيننا وبين نكولا دي كوسا ستة قرون و مازال فكره يتفوق على فكر المهوس نافع علي نافع وهجرته الى الله. أظن قد وضح لكم ضحك الكيزان على السودان.
مع نكولا دي كوسا الطاقة المنتجة للروح تنتج عالمها الخاص بها. ففرادة الإنسان تخلق التصالح ما بين الإنسان والميتافيزيقا اللا نهائية. نفس فكرة الطاقة الروحية التي تحدث عنها نكولا دي كوسا قد تحدث عنها الموسوعي ديدرو في نماذج الروح. فعند نكولا دي كوسا أن الإنسان مجبول على المعرفة. ففصل نكولا دي كوسا الأنثروبولوجيا الفلسفية عن الأنثروبولوجيا الدينية.
بعد ميلاد نكولا دي كوسا بقرن كان قيام دولة الفونج الإسلامية وقد أدخلت السودان في الأنثروبولوجيا الدينية الى اليوم. لذلك ذكرت في بداية المقال أن الإسلاميين قد نجحوا كعنكبوت حاقد في سد أنوار الشمس بخيوط بيته الواهن في السودان فقط. ولم يستطيع عنكبوت الإسلاميين سد أنوار الشمس في كل من مصر وتونس. نكولا دي كوسا ركز على الفعل الإنساني وهنا يتطابق فكره مع منطق ابن خلدون. ونجد تطابق أفكاره مع محي الدين ابن عربي في فكرة التلازم والقسور وفكرة الفيض الإلاهي.
نافع علي نافع عدمي عدو الإشراق والوضوح كشأن كل حاملي فكر الخطاب الديني المنغلق. يريد نافع في هجرته الى الله المزعومة أن يجر الناس الى الخواء. مع الإنسانيين يستطيع الإنسان أن يستعيد الثقة في نفسه ويخلق عالمه الخاص به. عالم سعيد متناسق مع الطبيعة الإنسانية وخالي من حروب الإسلاميين وأعراس الشهداء. عالم مؤمن بوحدة الإنسانية.
من قبل ستة قرون تنباء نكولا دي كوسا بوحدة الأديان وفكرة الفاتيكان2. في زمان نكولا دي كوسا كانت الكنيسة الكاثوليكية تري المسلميين كبرابرة و وثنيين. ولكن روح نكولا دي كوسا قد تجاوزت تحجر رجال الدين في ذلك الزمان ودعت الى وحدة الأديان كما دعى المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي الذي يرى أن وحدة الأديان ممكنة في وقت يرى فية الإسلاميين حتى مسألة حوار الأديان فيها تعدي على الأسلام الذي يملك الحقيقة كاملة.
قد أصبح إسلامي السودان كالزايدة الدودية وتخزين السموم على الشعب السوداني قطع هذه الزايدة الدودية قبل أن تنفجر وتنشر سمومها في الجسم كله.
قد نجح الإسلاميون وشغلوا الشعب السوداني بمسألة الهوية وأختاره أخطر المناطق إشتعال مسألة المشاعر الدينية واستمروا في تأجيج نيرانها. ولكن سيكونوا أول المحترقيين بنيرانها يوم يوقن الشعب بثقته في نفسه وفي الإنسان.
فلا يمكن أن تكون الهجرة الى الله عبر وحل الأصولية وإستحاله التأصيل ولا يمكن أن تقوم بها نفوس قد هجرتها اللطافة وسكنتها كثافة ككثافة نافع علي نافع.
أروبا قد وقعت تحت حكم الكنيسة لألف عام ولكن بفضل الإنسانيين قد إستطاعت أن تهدي خطواتها. إسبينوزا في رسالة في اللاهوت والسياسة قد قدم نموذج رائع في نقد الأصوليات والتعصب. وكالفن قد واجه تراث متراكم في مسألة الرباء ثراث قد تراكم عبر ثلاثة ألف سنة في الأدب اليهودي والمسيحي. ولكن بجهده قد أصبح الأب الشرعي لفكرة سعر الفائدة.
الفكر الديني ذو علاقة طردية بالفقر على جميع الأصعدة. ففي أيام سيطرت الفكر المدرسي أو الكنسي عبر القرون الوسطى كان الفقر على الصعيد الإقتصادي والسياسي والإجتماعي. فقد سيطرت على المجتمع في أيام الفكر المدرسي أي الكنسي فكرة الخلاص وقد دفعت الأفراد بالإيمان بفكرة صكوك الغفران.
اليوم المجتمع السوداني تسيطر عليه فكرة الخلاص المتمثلة في أعراس الشهداء والدعوات الفارغة كدعوة نافع علي نافع وفكرة الهجرة الى الله. إنها دعوة تمثل أفكار مسيحية ما قبل الإصلاح أيام كانت تسيطر فكرة الخلاص على مجتمعات القرون الوسطى. والسودان اليوم في ظل حكم الأسلاميين قد وصل الى مستوى معيشة يذكر البشرية أيام القرون الوسطى. فلا يمكن الخروج من هوس الأسلاميين إلا بفكر الإنسانيين ومفارقة التلفيق والتوفيق مابين أفكار القرون الوسطى وأفكار الحداثة و ما بعدها في جهود إسلامي السودان التي يروج لها بتخطيط محكم ولا تجد أي نقد جاد من قبل من ينبغي أن يتصدوا لذلك الخمج.
بل نجد أن الإخوانيات والمجاملات الفارغة قد جعلت كثير من غير الإسلاميين يغضون الطرف عن هوس الإسلاميين وترويج أفكارهم. بل قد صاروا لهم عون في صمتهم وعدم القيام بالنقد الذي يمكنه إستعادة مسار الفكر في السودان.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..