اتناء تواجدي بمركز شرطه امروابه لاحظت احد اصحاب الهمم .. ( فاقد للسمع والكلام ) يحاول باشارات مستميته توحي من خلال تعابيرها والصرخات التي تتخللها بان الرجل وهو يتحدث الي احد افراد التحري داخل القسم بان ظلما مريرا وراء هذا الرجل .. كنت اتابع مشهد الرجل والمتحري يتساءل : (بقول في شنو الزول دا ؟!) .. ثم يشير الي الرجل امشي امشي ما فاهم ليك اي حاجه ..
خرج الرجل الذي تفترض كل تعابير احتجاجه مرارات الظلم التي لم يستطع المتحري ان يفهم مدلولاتها .. قصد مجموعه من الضباط كانوا يجلسون خارج مكتب التحري علي ظل شجره يتخذونها فيما يبدو كاستراحه تتخلل اليوم العملي .. خاطبهم باشاراته المغتضبه .. يبدوا انهم لم يفهموا عنه شيئا .. اتجهت الي الرجل .. محاولا مواساته والتخفيف عنه بعد ان ظل يرفع شكواه الي السماء باصبعه وهو يشير الي السماء ان تنصفه بعد ان يئس ولم يجد انصافا من عداله الارض ..
لست مختصا في لغه الصم والبكم .. ولكنني حاولت معه ويبدو ان محاولتي قد افلحت قليلا .. هو يعرف ان يكتب اسمه .. كتب علي الارض ان اسمه (علي حولي ).. وان لديه طلب مكتوب يوضح قضيته وان طلبه اكتمل اجراءه عند النيابه وهو عند التحري .. ولما كان هنالك تنقلات روتينيه طالت قسم التحري ام روابه كما علمت .. يبدوا ان الاشخاص الجدد لم يتعرفوا عليه وكانت النتيجه هي انقطاع اثر بلاغه ..
لست هنا لالوم افراد الشرطه في القسم بقدر ما اسوق اللوم واتوجه بالنداء الي الجهات العليا التي تعجز عن توفير حق اصيل لشريحه واسعه من ذوي الاعاقه واصحاب الهمم من امثال هذا الرجل الذي بلا ادني شك مثالا لالاف الحالات التي لم تجد حقها في الانصاف ..
لماذا لم تقم مؤسسه الشرطه بالاستعانه بموظف مترجم يتواجد في كل قسم لخدمه مثل هذه الشرائح المهضومه .. او حتي تقوم بتجنيد بعضهم وتوفير فرص عمل لهم بالشرطه للمساعده في هكذا واجبات .. وهو حق اصيل تكفله القوانين والمواثيق الدوليه لاصحاب الاعاقه ..
انه نداء الي وزاره الداخليه ومناشده الي مجلس الوزراء ان تهتموا بالامر وتسهلوا انجاز العداله لهذه الشريحه الهامه التي يروح ضحيتها مئات المظاليم من امثال (علي حولي) الذي حاول ان يتشبث بي وانا احاول مواساه ماساته ..
خرج علي حولي تاركا قضيته تبتلعها ادراج مكاتب التحري بام روابه ولربما تنقل الي الارشيف وتنضم الي الاف القضايا الصامته لتنتظر دورها في لجنه حرق الارشيف وتكون مظلمه تم نثرها رمادا كقضيه منسيه لم يكترث لها احد ..
انصفوا من في الارض .. ينصفكم من في السماء ..
الزبير إبراهيم الكبور
