المسلسل الإحتضاري لنظام المشروع الحضاري

المسلسل الإحتضاري لنظام المشروع الحضاري

[email][email protected][/email] م. محمد حسن عبدالله

? راكب السلطة كراكب أسد يخيف الناس به ? وهو اشد الناس خوفاً منه .
ابن المقفع (كليلة ودمنة )
ببساطة لم يعد مجال أمام الطبقة الحاكمة في الخرطوم للهروب إلى الأمام ? لقد انسدت كل الطرق ألا طريق الحل الوطني الشامل – خالد التيجاني النور (صحيفة إيلاف)
? في اعتقادي أن هلال حركة الإسلام في السودان سيطول خسوفه ولن يكتمل بدراً إلا باسترداد العافية للحياة السياسية بعودة الحريات والديمقراطية والتدافع السلمي . عثمان جلال الدين
? Wisdom denotes the pursuing of the best ends by the best means
? Frances hutheson
المسلسل الإحتضاري لنظام المشروع الحضاري :-
مشاهد مسلسل إحتضار نظام المشروع حضاري بدأت بمذكرة العشرة في 1999 التي قادت إلى المفاصلة والانقسام في بنية الحركة الإسلامية وأفرزت المؤتمر الوطني والشعبي وإنفراد البشير ومن والاه بالسلطة والتي علق عليها جون قرنق ساخرا” بقوله (أن الثورات تاكل بنيها ولكن أول مرة تأكل ثورة أباها)
لقد أدت تلك المفاصلة إلي أضعاف النظام وإجباره علي الدخول في مفاوضات مع حركة التمرد في الجنوب تمخضت عنها اتفاقية نيفاشا التي أدت إلي انفصال الجنوب و أن تفقد البلاد ثلث مساحتها وربع سكانها لقد كان أن انفصال الجنوب فشل للمشروع الحضاري في استيعاب التنوع بل صرح الرئيس بان انفصال الجنوب يتيح لنا فرصة تطبيق شريعة أسلامية من غير (دغمسة) وكأن الإنقاذ طيلة الفترة الماضية كانت تمارس التدليس والدغمسة علي الشعب السوداني , انفصال الجنوب أدي إلي بروز بؤرة توتر جديدة في جنوب النيل الأزرق وجنوب السودان أو ما يسمي بالجنوب الجديد فكأنما النظام قد استبدل جنوباً بجنوب جديد تشتعل فيه الحروب وحركات التمرد .
فى مقال بعنوان ( الازمة السودانية بين التدويل والتوطين ) يكتب خالد التجانى النور قائلاً (خطيئة المؤتمر الوطنى الكبرى أنه خاض ماراثون التفاوض مع الحركة الشعبية وهو يفتقر إلى مشروع سياسى وطنى ، وقد تخلى حتى عن حلم مشروعه الإسلامى الذى بدأ بطموحات اممية حين إستولى الإسلاميون على السلطة ليتقزم إلى أقل من مشروع بحدود جزء من وطن حيث تحول إلى مجرد صراع حول هوية العاصمة ، كان هم الطبقة الإسلامية الحاكمة الوحيد إنجاز صفقة ، تكفل لها الخلود فى السلطة ، مع الطرف الذى استقر فى حساباته أنه الطرف السياسى الوحيد فى المعادلة السياسية السودانية الذى يشكل خطراً وتحدياً حقيقياً لفرص إستمرار سيطرته على السلطة ،مستضعفاً ومهوناً من شأن سائر القوى السياسية الوطنية الأخرى ولذلك لم يابه بها وعزلها وحرمها من ان تكون شريكة فى تسوية الحرب الأهلية التى شكلت التحدى الوطنى الأبرز طوال حقبة الحكم الوطنى . وكان الهدف واضح وهو الإستئثار بتسوية لا يتكاثر فيها الشركاء وتقل فيها الحظوظ وتكفى للاقتسام مع شريك واحد ذى باس .
لقد وأدت اتفاقية نيفاشا أحلام المشروع الحضاري في إقامة نظام أسلامي يكون مصدر إشعاع حضاري في قلب القارة الأفريقية
أما أزمة دارفور فقد أدت تداعياتها إلي توجيه محكمة الجنائية الدولية اتهامات جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية إلي رأس الدولة وآخرون في حكومته مما قاد إلي تقييد تحركات رأس الدولة في العالم الخارجي
المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية مثالا” صارخا” ودليلا” قاطعا” لخطورة الأزمة داخل الحركة الإسلامية وعمق الصراعات التي تدور بداخله . في مقالة (خسوف القمر) بصحيفة الصحافة يقول عثمان جلال الدين (كان أملنا معقود أن يكون المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية فرصة خصبة للإصلاح والتجديد ووقفة تأمل مع الذات واستلهام عبرة المسير ؟ لكنه جاء مخيباً للآمال , ينطبق عليه حذو النعل بالنعل قول الشاعر (عجوز تمنت ن تكون فتية وقد يبس الجنبان وإحدودب الظهر تروح إلي العطار تبقي شبابها وهل يصلح العطار ما افسد الدهر ) ويستطرد في مقال أخر بعنوان (حركة الإسلام في السودان أين الخطأ ) بأن مخرجات المؤتمر لن تعدو أن تكون محاولة فى ثوب قشيب لإبقاء الجسم ميتاً بغير روح لدغدغة عواطف الإسلاميين بان الحركة موجودة ولكن وظائفها (التبروكة والمسبحة ومص القرض والراتب ) لا مكان لها ? لإثارة العصف الذهني في قضايا الحاكمية وإصلاح شأن الدولة والهدف الآخر هو حشد الكم لتوصيل رسالة لأهل السودان بأننا الغالبية وحشد قيادات التنظيم الدولي لإكساب الصيغة الشرعية بعد أن بقى شراح المنون الذين جعلوا الدين قطبيآ في ظاهر النص والتدين في ظاهر السمة ? فغفلوا عن روح الدين ومغازيه أو أولئك الذين استثمروا الولاء وضيعوا الوفاء أن المؤتمر الثامن ينبئ بأن الحركة الإسلامية دارت عليها دورة الخسوف التاريخي التي تعتري أي حركة إصلاح أوتغيير أنساني .
وكما قيل بعد 23 عاما” من حكمها هل الحركة الإسلامية علي استعداد للاعتراف بالأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها في حق الوطن في وأد للديمقراطية والتمكين لفئة من الشعب والصمت علي الفساد والأزمة الاقتصادية وفصل الجنوب وخلق جنوب جديد يشتعل فيه التمرد وتدور فيه الحروب لقد كسبت السلطة وخسرت الحركة الإسلامية كثيرا علي المستوي الفكري والسياسي والتطبيقي وكما قال عثمان بشير الكباشي في أسباب تراجع الفعالية التنظيمية للحركة الإسلامية أن التدافع والتنافس والتحدي عناصر حاسمة في الفعالية والإبداع والتدافع في ساحات المجتمع ضاع أن يوم ماتت المنافسة في الساحة الفكرية والسياسية بفعل إلغاء الأحزاب والقوي السياسية والفكرية المنافسة أول الأمر وأضعافها ومحاصرتها لاحقآ .
أما المحاولة الإنقلابية الأخيرة فهي فصل من فصول ومشهد من مشاهد مسلسل إحتضار نظام المشروع الحضاري لكنها الأكثر إثارة ومأساوية لمآلات النظام لقد تضاربت الاقوال عن هوية المحاولة وتوصيفها فوزير الإعلام أحمد بلال يقول (تجمعت معلومات لدى الاجهزة الأمنية أن المجموعة تسعى لإحداث فوضى وإغتيال لبعض القيادات وضرب استقرار البلاد بينما يصرح قطبي المهدي مقللا” من حجم المحاولة ويقول ( انها مجرد لقاءات واتصالات ولم يقم منفذوها بعمل حقيقي ) اما نافع علي نافع فيقول بان المحاولة أشترك فيها بعض منسوبي المعارضة مع بعض الإسلاميين إلا أن الصادق المهدي يقول إن ماتصفه الحكومة بالمحاولة التخريبية هو انقلاب حقيقي لم يكتمل ليأتي بعده مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول محمد عطا ليقطع الشك باليقين بأن المحاولة محاولة انقلاب كاملة على نظام الحكم اشترك فيها ضباط من الجيش والأمن وسياسيون وأن المجموعة أعدت بيانها كثورة بديلة . ويستطرد قائلا سيعاملون بالعدل ? والخيانة هي الخيانة بذات الطعم المر والعدالة هي العدالة لا تتجزأ ? أما خطاب النائب الأول في الرميلة فقد وصف من قاموا بالمحاولة الانقلابية بأنهم أبناء النظام قائلاً ( خرجوا من الصف ولا مكان لهم بيننا واتهمهم بخيانة العهد والبيعة وأكد أن معاملتهم ستتم بالقانون والعدل والحسم ) .
في منتدى ابن رشد وفى ندوة بعنوان ( مآلات الحركة الإسلامية ) يقول بروفيسور الطيب زين العابدين ظهور فساد في الدولة واستمرار الروح العسكري في السلطة دفع لظهور هذه المواجهة داخل المؤتمر الثامن كما أن هناك بعض المجاهدين لهم قناعة بأن الإصلاح في الداخل غير ممكن ولكنهم إنتظروا مخرجات المؤتمر الثامن ولما خابت التوقعات حدث من التداعيات ماحدث من محاولة انقلابية على السلطة واستطرد قائلا” ( الحكومة لن تجرؤ على إعدام الضباط الانقلابيين مهما صدر من أحكام قضائية لأن الحكومة في حالة ضعف أولا” ولأن هناك عصبية الجيش التي لا تقبل إعدام رفقاء السلاح أولئك الذين دافعوا عن النظام من قبل وفدوه بالنفس.
واستطرد قائلا” إن النظام قد وصل إلى نفق مسدود وأصبح المستقبل ينتظر حدوث أحد ثلاث سيناريوهات متوقعة :-
1- إصلاح داخلي جذري .
2- إنقلاب داخلي .
3- انتفاضة شعبية .
المحاولة الانقلابية الأخيرة التي اتهم فيها صلاح قوش وآخرون من ابناء النظام تجسيد لمأساة الإنسان الذي يعمل بجد ولا ينال مايريده وهناك المأساة الأكثر مرارة وهي أن يحصل المرء على كل ما يريد ، ثم يكتشف أنه لايريد ماحصل عليه ، إنها قمة المأساة . لقد اكلت الانقاذ اباها وبدات فى اكل بنيها
وأخيرا”
ما الدين إلا العدل يلزم راعياً حكم الكتاب فلا يروغ ويغدر
ما الدين إلا وقفة لمجاهد في وجه سلطان يجور ويفجر
أو قول حق من رشيد ناصح عف عن الدنيا لها يستحقر
يثري الحياة بحجة تصطف لها أعناق أهل البغى مهما استكبروا
فإذا إستحال على اللسان جهاده افضى إلى قلب سليم ينكر
الدمرداش زكي العقالى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..