بؤس وحزن المرأة في مناطق الحروب ( 2- 2 )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحرب القبلية تبدوا شرارتها اشد اثر لملامستها لبيئة المرأة وتقع دون دراسة للآثار النفسية والاقتصادية والعسكرية وما ينتج من تدمير للبيئة والإنسان وخاصة الأضرار السيئة التي تخلفها تلك الحروب وأولها حصد الرجال وترمل النساء وتعرضها لقسوة معسكرات اللجوء والنزوح وتركهن لمواجهة الظروف الاقتصادية القاهرة التي ليس باستطاعتهن مقاومتها . لقلة التعليم مع إنعدام فرص العمل المجزي لتغطية التكاليف المعيشية الباهظة ومن هنا تدخل المرأة في دوامة التفكير مما يقودها للحزن والبؤس واليأس الذي لا يفارقها ولا تستطيع مقاومته . ولولا هذه الحرب اللعينة لما أصبحت عرضة لضعاف النفوس .
وبعيداً عن المسائل السياسية البحتة ، أحاول بقدر الإمكان البحث عن وضع المرأة في مناطق الحروب وما تعانيه اليوم من ظروف اقتصادية قاهرة وفقد العائل وبالأخص المسئول الأول عن الأسرة ، هذا من جانب ومن جانب أخر ،فأن المسئولين في كافة مناطق السودان وخاصة الشريط الغربي لولايات السودان التي تكتر فيها معاناة المرأة التي وجدت نفسها أمام مسئوليات تاريخية جسام وبالتالي المرأة أصبحت عظيمة لتحملها لمثل هذه المسئوليات من خلال تربيتها لأطفالها رغم قسوة الظروف التي تعيشها من إساءة المجتمع . وإذا تمعنا في كل مراحل وظروف الحروب نجد انه لا يخلوا بيت من البيوت في كافة المناطق من فقدان عائل ومسئول عن الأسرة وهذه هي مصيبة المرأة التي أصبحت رهينة لسياسيات الأنظمة ومعارضيها 0
هناك أسباب أخرى بعضها تتعلق بسياسيات الأنظمة حيال الأسر التي فقدت الابن والأب والأخ الذي تقع عليه مسئولية الأسرة . وبعضها يتعلق بتقاليد بعض المجتمعات وتعامل الأعمام مع المرأة الأرملة ، وخاصة توظيف استحقاقات للأطفال الأيتام وما يترتب عليه من صراع عنيف بين المرأة وأعمام الأطفال وفي من يحق له تربية الأطفال القصر العم أم الأم والحقيقة الهدف هو ليس تربية الأطفال وإنما الهدف مادي أكثر من أن يكون حرص على الأطفال . وانطلاقاً من هذا الوضع البائس وجدت المرأة نفسها أمام مسئوليات كبيرة تتمثل في تربية الأبناء وتعليمهم وعلاجهم وهي ليس بمقدورها التخلي عن الكد والبحث مما يضعها عرضة لضعاف النفوس أو للإساءة دون التقييم الموضوعي للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي جعلت المرأة تتحمل الضغوط الاجتماعية والأسرية في سبيل أطفالها . كذلك إذا وضعنا مقارنة بين وضع المرأة في السابق والوضع الحالي بالتأكيد يتضح الفرق الكبير بين الوضعين ، وهذه من الأسباب الموضوعية التي جعلت المرأة تطرق باب السوق على مرئي ومسمع الحكام سواء كانوا ولاة أو وزراء أو برلمانيين أو غيرهم من المسئولين في المحليات بصورة محزنة ، فكل هؤلاء المعتمدين لم يكلف أحد نفسه لدراسة هذه الظاهرة بناءاً على مسئوليته الأخلاقية والاجتماعية التي تقتضي المعرفة الدقيقة لأوضاع أبناء الشهداء أو الفقراء هذه هي المأساة الحقيقة .
فبؤس وحزن المرأة والمسئوليات الجسام التي وقعت على كاهلها انعكست بصورة سيئة على الظروف الحياتية والمعشية ووضعت المرأة أمام خيارين احلاهما مر وهي أما أن تبحث عن الرزق الحلال في السوق أو في أي مجال أو وضعها غنيمة لنزوات ضعاف النفوس وخاصة الشباب الذين لا يتعاملوا مع المرأة باعتبارها الأم والأخت والبنت والزوجة واعتبارية الظروف القاهرة التي أجبرتها لدخول السوق وهي مكرهة ، بل ويستخدم معها أساليب الشوارع التي تجرد المرأة من إنسانيتها .
إما أن تظل في البيت وتنظر لأطفالها يموتون من الجوع والمرض والتخلف والجهل الاجتماعي حفاظا على كرامتها أو أن تخضع لأساليب السوق . وكل ذلك نتيجة لإهمال النظم للشرائح الاجتماعية التي تعرضت مناطقها للحروب ، والأدهى والأمر من ذلك تعرض المرأة للعنف الجسدي واللفظي من مليشيات النظام ومن المجتمع الذي لا يرحم وكل هذا الأذى تحملته المرأة في سبيل تربية أطفالها لذلك انعكس ذلك البؤس على وضعها النفسي والمعنوي مما جعلها تستسلم لهذه الظروف الكئيبة مع استمرار الحرب التي لا زالت تحصد أكبادها ، حيث أن المرأة أصبحت تعاني أشد المعاناة من أثار الحرب سواء كانت إقليمية أو دولية أو حروب داخلية وخاصة المرارة التي تعيشها المرأة نتيجة لفقدان أبنها أو زوجها أو أبيها أو أخيها ، فضلا عن النزوح من ولاية إلى ولاية بحثاً عن ظروف أفضل واءمن إلا أن كثير من المسئولين استغلوا هذا الوضع للمزايدة السياسية عبر وسائل الإعلام بأن الحركات المسلحة هي السبب الأساسي في معاناة المرأة . دون الاعتراف بالواقع الاقتصادي الذي تفرضه الدولة على الشرائح وخاصة شريحة المرأة إذاً هذا الواقع لا يقل أثرا عن الحرب العسكرية ، حيث أن الاقتصاد هو عصب الحياة ، فاستخدام الحرب بأساليب وحشية لتحطيم المجتمعات لا يقل أهمية عن الحرب العسكرية .وأهم الشرائح التي تعاني من هذه الحروب هي المرأة والطفل . وقد يتعرضان للعنف المباشر باعتبارها السند الحقيقي في كافة الانتصارات على الأعداء إذا كانت الحرب مع دولة أخرى تحت مفاهيم الطابور الخامس . والمسئولين يستغلوا هذه الأوضاع ليزيدوا من بؤس وحزن المرأة ، في مناطق الحروب . وهذا يتجلى لنا في تصريحات مسئولين عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية للتغطية على الأوضاع الحقيقية التي تعيشها المرأة ، بأن الدولة موفرة كل شيء مع استتباب الأمن ، وهنالك بعض المغالطات في التصريحات فمنهم من يقول هذه حرب نفسية أراد الغرب استغلالها للإساءة للنظام ومنهم من يقول الحركات المسلحة هي المسئول بالدرجة الأولى من الأوضاع المأساوية لأزمات المرأة أو ما يعيشه المجتمع وبالأخص المرأة . بينما الحقيقة المطمورة في جدران وأضابير المكاتب الحكومية توحي معاناة المرأة من خلال متابعاتها لحقوقها المسلوبة سواء كان من أفراد القوات المسلحة أو المليشيات وبالتالي لن تجد أذن صاغية تستجب لها أو تجد من يشاطرها ذلك الحزن والبؤس .
حسين الحاج بكار

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاخ حسين الحاج بكار
    لقدتطرقت الي موضوع في غايه الاهميه ويكاد يكون منسي في زحمه السياسه. ان من اكبر التركات الاليمه التي ستتركها الانقاذ بعد فنائها هي مساله المراه والطفل اكبر ضحايا الانقاذ علي الاطلاق. ولحل مثل هذه القضيه نحتاج الي جهد وزمن طويل مالم يبدا النقاش حولها وبصوره علميه لنكون جاهزيين للحل بعد سقوط الاوباش… المعارضه اصبح برنامجها الاساسي اسقاط النظام وتعمل ما بوسعها ولكنها حائره كيف تسقط النظام… ونست تماما مايهم الشعب من البرامج الاقتصاديه وبرامج مقنعه للشعب في مجالات الصحه والتعليم والرعايه الاجتماعيه وغيرها…….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..