الأبعاد الحقيقية للحرب الدائرة في جنوب كردفان

الأبعاد الحقيقية للحرب الدائرة في جنوب كردفان

الطيب الزين
[email protected]

من هو متواضع الذكاء الذي يصدق أن الهدف من وراء الحرب الدائرة في جنوب كردفان، هو مصلحة الأغلبية من سكان الإقليم.. وتحديداً سكان جنوب كردفان..؟ بعد خروج الجنوب كمستودع أول للثروات من خريطة السودان القديم والذي يهيء نفسه لإقامة مهرجانات طافحة بالفرح في عاصمته جوبا، بل حيثما وجد أبناء الجنوب في العالم في التاسع من الشهر القادم، بلا رجعة الى سودان الظلم والتخلف والطفيلية، برغم العويل والنحيب الذي يصدر من البعض هنا وهناك.. حسرة ولوعة، سببهما تمكن القوى الرجعية من دفع الجنوب نحو الإنفصال، بعد أن نجحت قوى الظلام، في سرقة الديمقراطية وإقصاء القوى السياسية، بأساليب ووسائل لم يعرفها الشعب السوداني من قبل، إلا في عهدها الحالك الذي تدثرت فيه كذباً ونفاقاً بثوب الدين. تعبيراً عن فشلها في إستخدام عقلها الخامل المستريح تحت ظلال الماضي، بدلاً من العمل تحت شموس الحاضر، للاجابة على اسئلة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. لذا لاذت الى منطق خلق الازمات. الذي أسست به، وعليه شرعيتها الزائفة.. شرعية التآمر والإنقلاب. إذ لم تتوانىفي استغلال اخطاء انصار الحركة الشعبية في كل من أبيي وجبال النوبة، وهي تشعر إنها بدأت تفقد كل الكروت التي كانت في يدها بعد أن أصبحت، قاب قوسين أو أدنى، من إنتهاء صلاحيتها، بإقتراب ساعة الإنفصال التي ظنتها يومً ما بعيدة.. يوم كانت تمارس سياسة شيلني وأشليك مع الحركة لإجهاض نضالات القوى الوطنية التي تنضال من إجل استعادة الحرية والديمقراطية وإقامة الحكم العادل المٌوقر لحقوق الانسان. فلشريك الذي كان يعينها خلال سنوات الشراكة بعلاتها، قد حزم حقائبه مفارقاً الديار، غير آسف عليها، ولو كان بمقدوره، لسكب كل مياه النهر، على رماد ذكرياته معها. لذلك شعرت الغطمة الحاكمة أن حبل كذبها على الشعب والمجتمع الدولي، أوشك على الإنقطاع، وإنها باتت مكشوفة الظهر، خلفها عتامير بل جبال من الإخفاقات والإنتهاكات والمآسي، وأمامها بحر من التحديات، السياسية والإقتصادية والأمنية ، هذا على الصعيد الداخلي. أما خارجياً فحدث ولا حرج، فالربيع العربي، فاقم من عزلتها، بتقليصه من عدد الدول كانت تستقبل رئيسها بعد أن الشعب هو صاحب القرار، سيما في الجارة مصر، وقد تواردت الانباء ان هناك إتجاهاً وسط شباب الثورة للإنضمام لمحكمة الجنايات من خلال التوقيع على مواثيقها.. بجانب الضغط المنتظر أن تمارسه الدول الغربية تجاه الطغمة الحاكمة، بعد ضمان إستقلال الجنوب بلا عراقيل، ولعل هذا السبب هو الذي جعل الحركة الشعبية هي الأخرى تمارس سياسة ضبط الأعصاب، في هذه المرحلة لأن هدفها المركزي هو الإستقلال !.

إن الغطمة الحاكمة، تحاول أن تناور في وقت، لم يعد فيه هامشاً أو متسعاً للمناورة، ولن تفلح، إن فعلت، في هذا الوقت الذي تعتبره مناسباً، للغضط على المجتمع الدولي، بخاصة وأميركا والإتحاد الأوروبي، لتقديم تنازلات تستفيد منها في معالجة ملفاتها العالقة، وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية التي تلاحق رئيس النظام وواليه الذي يدير الأزمة في جنوب كردفان بغباء، لا يحسده إلا أمثاله!!

الغباء هذا تحاول أن تسوقه للشعب، لقطاعات من مواطني جنوب كردفان، وأبيي، متظاهرة أمام البعض منهم بغبينة زائفة على الوجوه، موحية لهم، أنها تدافع عن مصالحهم، لكنها في واقع الأمر، تدافع عن مصالحها هي، المتمثلة في إجهاض مشروع ثورة المهمشين في جنوب كردفان، كهدف أول، لأن هذا المشروع هو الذي قنن نسبة 2% من نفط ابيي،على قلتها، لمنطقة ابيي، لذلك تخاف كل الخوف من نجاح هذا المشروع في الاقليم، وربما بالدعم الذي يمكن ان يلقاه من الجنوب. وثانياً إصراراها على عدم التفريط في إقليم كردفان، الذي يعتبر أكبر مستودع للثروات، إذ يحتل المرتبة الاولى بكل جدارة بعد إنفصال الجنوب، وإلا كيف لنا أن نتصور بقاء هذه العصابة في السلطة، من غير وضع يدها على الموارد والثروات التي يزخر بها الاقليم.. من ثروة حيوانية مقدرة بالملايين من أبقار وجمال وأغنام، وغابات، المانجو والبرتقال والجوافه، والصمغ العربي، بجانب السلع الأخرى، منها الفول والسمسم، والكركده، والمعادن التي تمور بها باطن الارض ممثلة في حقول البترول واليورنيوم والغاز.. ؟ كل هذه الخيرات، والناس هناك بؤساء تعساء.. عانوا، ومازالوا يعانون الفقر والعطش .. ألم أقل أنه خمول بل ضمور العقل لدى هذه الطغمة، إلا كيف للنيل أن يبطش بعاصمة البلاد وسكانها، فضياناً وسيولاً يحيل بيوت الملايين منهم حطاماً إثراً بعدعين، والأٌبيض بل كل كردفان المحاددة للعاصمة يبطش بها العطش في كل المواسم..؟ وأخيراً حلت بأهلها الطامة الكبرى، وهي الحرب اللعينة، التي ظنوا إنهم قد تجاوزوها، وتجاوزا ظروفها.. إنها الأنانية وحب الذات .. هاتان العلتان هما سبب الكارثة يعانون.. إن من يبرر هذه الحرب الدائرة في جنوب كردفان، حتماً سيجدد المبررات لاميركا التي غزت العراق تحت لافتة تجريد العراق من إسلحة الدمار الشامل، وتوطين الديمقراطية فيه، وليس بسطاً للسيطرة على نفط المنطقة بإحتلالها للعراق.. أو أن يصدق أن الحرب التي تخوضها في أفغانستان تحت غطاء محاربة الإرهاب، ليس الغرض الخفي منها هو الإقتراب من بحر قزوين.. أو أن يصدق الدعاوى والذرائع التي بموجبها يشن حلف الناتو هذه الايام حرب ظالمة على ليبيا، تحت لافتة حماية المدنيين..! أو ينظر ببراءة لمشاركة دولة قطر بعيداً عن الدوافع الاقتصادية التي تحاول ان تعوض ملياراتها التي استثمرتها في حقول الغاز، بتغييب الغاز الليبي عن الاسواق العالمية، بجانب تسويق نفسها كدولة فاعلة في المحيط الدولي.. أو يرى في الاندفاع الاوروبي ممثلاً في فرنسا وبريطانيا، ولاحقاً ايطاليا، ومؤخراً المانيا، لوجه الله، وليس بحافز الظفر بتوقيع عقود لشركاتها لاحقاً في السوق الليبية، إن أفحلت حربها التي تشنها على العقيد معمر القذافي الذي- بغض النظر، عن رأينا في نظام حكمه، إلا أنه أظهر تماسكاً، ورطابة جأش منقطعة النظير، كما أظهر أنه ليس معزولاً كما درجت اوسائل لاعلام المغرضة تصويره- بزوغ دولة ما يسمى بالثوار .. وإلا إين صحوة الضمير العربي، والغربي ،بل العالمي، هذه مما يجري من إنتهاكات لحقوق الإنسان، في كل من سوريا واليمن ولمدة تجاوزت الثلاثة أشهر، ما زال يردد الشعب في البلدين، يردد شعارات: أرحل، أرحل، وسلمية، سلمية.. لكنهما يواجهان بالاسلحة الثقيلة والدبابات أمام وسمع وسائل الاعلام العربية والغربية، وكإنما من يسقطون من شهداء، مجرد أوراق شجر تتساقط في فصل الخريف..!

الطيب الزين

تعليق واحد

  1. للاسف احنا في السودان النخبة المتعلمة هي البتستغل اهلها المهمشين وتتحدث باسمهم
    وهم بيدفعوا التمن دي حقيقة اي زول يعلمها تماما
    الان المزارع البسيط فر من ارضه واهالي القري نزحوا والتنمية الاصلا مافي اتبخرت
    اصبحنافي السودان لو ما ملكت السلطة علي وعلي اعدائي
    يا ابناء النوبة الحل ياتي منكم كل اهل منطقة في السودان ادري بها اقعدوا مع الحكومة واولادكم المع الحركة واجبروهم علي الحل البنفع الولاية علي الرغم من انه الحركة الكل يعلم انها بتستغل الحلو لتنفيز اجندتها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..