أخبار السودان

عام من عمر الانتقالية.. الوضع الاقتصادي في ذات السوء القديم

معاناة معيشية ودوران في حلقة مفرغة.. الوضع ما زال على ما هو عليه، من يرفع سعر الدولار ولماذا تؤذي الحكومة اقتصاد السودان؟ كل هذه الأسئلة تجدون إجاباتها في (المنتدى الثالث)
سبتمبر 7, 20200

الخرطوم: نازك شمام :
من يرفع سعر الدولار؟ يبدو السؤال مشرعا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تشهد تدهور قيمة الجنيه السوداني بصورة راتبة تكاد تصل إلى مدار الساعة ولأن اﻹجابة على السؤال تبدو حرجة والكل يرمي بالاتهام على الطرف الآخر كان لابد من جهة تلتقط السؤال وتحاول الإجابة عليه ليس هذا السؤال فقط بل يمتد الحال إلى الواقع الاقتصادي المأزوم والذي تظهر تجلياته واسعه في الأوضاع المعيشية، فالكل أضحى يعاني من الوضع وفي البال لا تزال فرضية أن ثورة ديسمبر المجيدة ما قامت إﻻ من أجل الاقتصاد ومن أجل معاش الناس ولكن مابال الحكومة الانتقالية تتخبط للوصول إلى الطريق الصحيح؟.
قبل نحو عام وأيام قليلة أقامت الغرفة القومية للمستوردين منتداها الاقتصادي الثاني وكان بعنوان (تدهور قيمة الجنيه السوداني الحقيقة الغائبة) حيث كشفت ورقة المنتدى الكثير من الدهاليز واخترقت جهات كانت حينها مبنية على حواجز الحصانات لتكون فوق الشبهات فظلت الورقة حديث الأوسط الاقتصادية لفترة طويلة.

حسنا.. بعد عام تجد الغرفة القومية للمستوردين نفسها في ذات الحلقة، اختلفت الحكومات ولكن ظل الوضع على ما هو عليه.. ذات الظروف الاقتصادية السيئة والمعاناة المعيشية وكأنما الاقتصاد السوداني يدور حول حلقات مفرغة لا يستطيع الخروج منها فالتقطت الغرفة القومية للمستوردين قفاز المبادرة للمرة الثالثة وأقامت منتداها أمس اﻷول السبت حول الوضع الاقتصادي المأزوم الأسباب والحلول.
لاكثر من ثلاث ساعات حاول مقدم الورقة الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين، الصادق جلال الدين ورهط من الخبراء الاقتصاديين الإجابة عن سؤال من يعمل على خفض قيمة الجنيه السوداني؟ ومن يتسبب بالمضاربات ومن يؤذي الاقتصاد السوداني بهذه الشاكلة؟.
يرى جلال أن الحكومة الانتقالية تقوم بإعادة إنتاج النظام الاقتصادي للنظام البائد. وقال إنه و”بعد مرور عام على أداء الحكومة الانتقالية للقسم وصل الاقتصاد الى مرحلة كارثية ومأزومة أدخلت المواطن في ضائقة معيشية غير مبررة وغير منطقية” مؤكدا على ان الأهداف الاقتصادية التي تنادي بها الدولة منذ العام 2012 وحتى العام الجاري والتي تضم زيادة الإنتاج والإنتاجية وتحسين سعر الصرف وتنمية الصادرات وترشيد الاستيراد لا يمكن تنفيذها وإنزلها الى ارض الواقع الا عبر محددات معينة أعلنها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في العام 2013، ونوه جلال في ورقته ﻷنه دون وجود هذه المحددات فإن محصلة هذه الأهداف ستكون سرابا وأشار الى ان الحكومة الانتقالية تسير في ذات الطريق الذي سارت فيه الحكومة السابقة وهو تحديد الأهداف الاقتصادية دون ايجاد المطلوبات وقال ان ذلك ادخل الدولة في إنفاق مبالغ تصل إلى 20 مليار دولار إذا استثمرتها الدولة لكان يمكن أن تحقق فوائد أكبر بدلا عن إنفاقها في برامج معاش الناس والإعفاءات.

وأوضح جلال أن العجز المزمن في الموازنة العامة جعل الدولة تلجأ الى الاستدانة من الجهاز المصرفي عبر طباعة النقود مما أوجد كتلة كبيرة من الكتلة النقدية تطارد سلعا قليلة مما يساهم في رفع معدلات التضخم وخلق المزيد من التدهور في قيمة الجنيه السوداني وإعادة إنتاج عجز الموازنة والدوران في حلقة مفرغة.
وأشار الى وجود عدد من الحلقات المفرغة في الاقتصاد السوداني التي تكون نتيجتها زيادة عجز الموازنة بسبب المضاربات ومزيدا من التدهور في قيمة الجنيه وزيادة أسعار السلع والخدمات.
وقطع جلال بأن أي تحريك في في سعر الصرف الرسمي يؤدي إلى زيادة السعر الموازي بذات النسبة مستشهدا بما حدث في العام 2018 عندما أقرت الحكومة السابقة تحريك السعر الرسمي من 6.9 جنيه الى 18 جنيها مع قرار رفع الدعم كليا عن القمح ورفع السعر التأشيري إلى 29.5 جنيه الأمر الذي أدى الى زيادة السعر الموازي وعودة دعم القمح مرة أخرى عقب عشرين يوما من رفعه.

وأكد جلال ان تحريك السعر الرسمي جعل السعر الموازي يتصاعد الى 90 جنيها ليسجل الجنيه السوداني هبوطا بنسبة 275 % خلال عام لا سيما بعد إنشاء مايعرف بآلية صناع السوق التي رفعت السعر التاشيري الى 47 جنيها.

واوضح انه بعد الثورة انخفضت أسعار الدولار وتساوت قيمة السعر الرسمي مع السعر الموازي لافتا الى مناداة الغرفة حينها بخفض السعر الرسمي الى 3 جنيهات إلا ان التخفيض كان من 47 الى 45 جنيها كاشفا عن ان التخفيض في السعر الموازي كان بنسبة 4 %.
واشار الى كارثية القرار الذي تعتزم الحكومة الانتقالية تطبيقه برفع سعر الصرف وقال: إذا الحكومة رفعته الى 300 فبالسوق سيصبح ب350 جنيها واردف’ من باب الحياء لا يمكن للحكومة اتخاذ قرار كهذا لجهة أن الثورة قامت في الأصل من أجل الاقتصاد، وأكد أن مايحدث يبهزم السودان وهذا الوزر لاوتتحمله وزارة المالية ولا رئيس الوزراء بل حتى المجلس السيادي الذي أجاز هذه الموازنة الكارثية على حد تعبيره.
ونوه جلال إلى وجود تضارب مصالح خاصة في اتحاد اصحاب العمل لافتا الى ان المستوردين لا يتضررون من الدولار الجمركي بل إن زيادة الدولار الجمركي تؤذي الاقتصاد كله كما حدث في العام 2018 موضحا أن رفع الدولار الجمركي يعمل على زيادة السلع والخدمات والتكاليف ويقلل من الطلب ويرفع الإنتاج وينعكس على اقتصاد الظل ويستخدم في التأثير السلبي على الصادرات التي لا تستطيع المنافسة.
وكشف عن ارتفاع أسعار الصرف بنسبة 1220 خلال الفترة من 2012 و2018 موضحا وجود عوامل اقتصادية كثيرة تؤثر على سعر الصرف من بينها المضاربات وعرض النقود والأرباح الاستثمارية والميزان التجاري. واتهم جلال شركات الاتصالات بعدم الشفافية وعدم معرفة أرباحها الاستثمارية التي تستخدم في المضاربات وشراء الأراضي وشدد على أهمية تغيير العملة بعد حديث وزيرة المالية عن التزييف.
واتهم جلال جهات أسماها (دوائر الشر) وهي التي تعمل على صناعة التضخم من خلال التمويل المصرفي المستخدم في أسواق الصادر والمضاربات كما حدث في سوق الذهب مؤخرا وقال ان التمويل المصرفي المحدد ب50 % من الاحتياطي لكل الأغراض يتحول إلى المضاربة في سعر الصادر والوارد.

وأنتقد جلال عدم قيام الحكومة بإصلاح الجهاز المصرفي لافتا الى ضرورة تغيير السياسات وليس الأفراد وقال ان النظام الفاسد يخلق مزيدا من الفاسدين وأشار الى ان التمويل المصرفي قاطرة لتدمير الاقتصاد السوداني وقال ان الأفراد الموجودين في هذا النظام أقوى من الحكومة وحذر من المضي نحو الهاوية والهلاك لافتا الى أن قيمة الجنيه السوداني أمام الدوﻻر يجب ألا تتجاوز ال 50 جنيها.
وحدد جلال مفاتيح الحل في تحسين واستقرار سعر الصرف وضرب وتكسير دوائر الشر وإصلاح السياسات المالية والنقدية وتفعيل الدور الرقابي وردم الهوت في عجز الميزان التجاري عبر ترشيد الاستيراد وتعظيم الصادرات وتقليل الاتفاق العام.
وتوقع جلال خروج المستوردين المعنيين باستيراد السلع المحدده في برنامج سلعتي عقب دخول شركة حكومية السوق وحصولها على الإعفاءات واستيرادها للسلع.
ولفت جلال الانتباه الى التهريب عبر المستندات الذي يتم عبر البريد وتأجير السجلات والحاويات المختلطه والرقم الوطني وكشف عن تقديم رؤية لتنظيم التجارة الخارجية قبل 5 شهور لوزير التجارة وأشار الى ان الحكومة الانتقالية تعمل على أذية الاقتصاد السوداني بسياسات ضعيفة مؤكدا ان سياسات الإصلاح الاقتصادي تتطلب التكاتف والتعاضد وقال ان الإصلاح يحتاج إلى إرادة سياسية قوية.
في المقابل كشف المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء د.آدم حريكة عن “دخول الحكومة كمشتر في سوق الدولار لجهة انها تقوم بدعم السلع الحكومة الآن تدخل في سوق الدولار لأنها تدعم سلعا”.

واعلن عن حلول في الطريق تعلن قريبا من قبل الحكومة في ما يتعلق بالتجارة والتصدير والاستيراد، مشيرا الى تطرقهم خلال اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية للمشاكل التي تواجه الاقتصاد.
وقال: رفع الحكومة السابقة لسعر الصرف في 2005 الى جنيهين ونصف، حوّل الاقتصاد السوداني لاقتصاد “جلابة” أي تجارة بدون إنتاج.
وأرجع الأزمة الاقتصادية التي نعيشها الى الاختلال بين الإنتاج والسياسات المشوهة التي بدأت بسعر الصرف، وأكد أن كثيرا من المشاكل مرتبطة برفع الدعم، وقال ان السياسات المشوهة أدت الى الفساد وضعف الأداء في الضرائب.
ورهن الإصلاح الاقتصادي بضرورة توحيد سعر الصرف وأكد أنه الأصل في تسعير السلع وتوحيد الأسعار وأضاف ان المعالجة محتاجة لمنظومة سياسات متكاملة.
فيما هاجم عضو قوى الحرية والتغيير دكتور إبراهيم الأمين مستشار رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية إدم حريكة باعترافه بشراء الحكومة للدولار من السوق الموازي بغرض الدعم ، بينما تلقي القبض على “السريحة”.
وقطع إبراهيم الامين بأن الحكومة الحالية لا تشبه الثورة السودانية وتابع: “نحن حريصون والشباب لن يسمحوا بالطريقة الماشية بيها البلد دي”، مبينا ان الشعب السوداني يعاني الآن أكثر من قبل الثورة ويضحي على أمل الإصلاح وأن هناك ضوء في نهاية النفق – ما كان يجب أن يعامل معاملة مناسبة – على حد تعبيره – أنه رجع مهددا برجوع الشعب السوداني للشارع وللثورة مرة أخرى.

وقال الأمين إن الفساد الذي تحدث عنه مقدم الورقة أصبح ثقافة وقطع بأن “الفاسدين بالبلد أصبحوا أقوى من الحكومة”
وقال إن الورقة التي أعدتها غرفة المستوردين حول الراهن الاقتصادي المأزوم إنذار مبكر، لافتا الى أن “الورقة تحمل شقين، إما أن مقدمها ادلى بمعلومات مغلوطة وعليه لابد من محاسبته، أو أن يكون واثقا من ما قدمه وعلى الناس أن تعمل بها”.
وقطع الأمين بأن البلاد تمر بمرحلة معقدة. وأقر بعدم وجود محاصيل لمعالجة الفجوة بين الاستيراد والصادرات مبينا في الوقت ذاته ان الحل في الزراعة وتأهيل وتنمية الريف الذي لم يشهد تطورا وظل مظلوما ولم تقدم للقطاع التقليدي الذي هو “شايل” البلد على حد قوله.

وسخر الأمين من “انشغال الحكومة بالدعم أكثر من اللازم ونحن في الربع الأخير من الموازنة” مبينا أن السبب في تصاعد الدولار وعدم استقراره عدم مقدرة الدولة على إيقاف الممارسات الخاطئة.
فيما شدد رئيس اتحاد الغرف التجارية أبو بكر التوم على ضرورة ترشيد الدعم والاستيراد وقال إن الدولار الجمركي لا يمكن معالجته الا من خلال تخفيض النسبة الجمركية، ودعا لضرورة توحيد سعر الصرف للحد من التهريب واكد أن حصيلة الصادر ملك للمصدرين وليس للحكومة مؤكدا أنه في حال وجود تلاعب فهذا بسبب فرق السعر، لجهة أن المتضرر الأول هو المصدر، وقال إن الحل متوفر بيد بنك السودان المركزي بحيث يوجه البنوك التجارية للضغط على المصدرين من حصيلة الصادر واردف: ” حل المشكلة موجود ولكن هل الناس عايزة تحلها أم لا”.

وأقر القيادي بقوى الحرية والتغيير د. مضوي إبراهيم بوجود فساد في القطاع الخاص أكثر من ما هو موجود في المؤتمر الوطني، منتقدا عدم قيام مفوضية الفساد التي وردت في الوثيقة الدستورية واستبدالها بلجنة إزالة التمكين والتفكيك، قاطعا “في حال عدم قيام مفوضية فلن تكون للثورة قيمة لجهة ان اصلاح الخدمة المدنية مربوط بالمفوضية والفساد وعليه لا يصلح الحال ما لم تقم مفوضية لمكافحة الفساد” مشيرا الى ان المفوضية مدنية .
وقال مضوي بأن إصلاح الجهاز المصرفي لا يتم ما لم تعالج المشكلة، مقرا بوجود فساد في الجمارك والضرائب وفي الإعفاءات، مطالبا ضرورة وجود سياسات كلية لجهة أن السياسات الحالية تقوي الفساد.

و اتهم صدقي كبلو عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير المستوردين بنقل سوق النقد الأجنبي وعدم استفادة البلاد من عائدات المغتربين وحرمان البلاد من موارد حقيقية وتوظيف مدخراتهم لاستيراد سلع غير ضرورية بدلا من استيراد سلع ضرورية ومدخلات إنتاج وتساءل عن دور المستوردين في المساهمة في الإنتاج وتوظيف أرباحهم لفائدة البلاد. قائلا: على الرأسمالية الوطنية حل مشاكل البلاد بعمل مؤسسات إنتاجية وقال: أين المستوردون والمصدرون من زيادة الإنتاج، وشدد على إعادة تنظيم الاستيراد لإعادة الجنيه السوداني لقيمته الحقيقية وأشار الى ان حوالي 3 مليارات دولار مهدرة لاستيراد سلع تفاخرية كان يمكن بها استيراد سلع رئيسية تسهم في زيادة الإنتاح ودعا القطاع الخاص للعمل كمنتج وألا تدخل الدولة كمصدر وشدد على ضرورة إعادة تنظيم السجل التجاري حتى لا يدخل كل من هب ودب في الصادر والوارد.
اليوم التالي

تعليق واحد

  1. هنالك بعض الناس يقولون أن الوضع أسوأ من أيام الإنقاذ، و يقولون أن الحكومة الإنتقالية لما جات كان الدولار بي 65 جنيه الآن بقى بي 200، و سؤالي لهؤلاء: لو كانت الإنقاذ قائمة لحد الآن هل كان الدولار سيكون ثابتاً عند 65؟ و الله مع ناس رب رب رب ديل كان الدولار بقى بي 300 جنيه، ما علينا إلا الصبر و البلد دي و الله مستقبلها مشرق .. القليل من الصبر يا ثوار و الالتفاف حول حكومتكم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..