بروف غندور والثورة المضادة لماذا ؟

د.عبدالقادر الرفاعي

هل كان ينبغي أن يصيب الدمار السودان من جنوبه وأن ينهار كل البناء الذي شيده شعبنا بكفاحه و دمائه ليتبين احتمالات اسقاط النظام بثورة تنتظرها ثورة مضادة؟ هل كان لابد أن تسيل بعد ربع قرن الدماء و تتبعثر الجثث علي ثري بلادنا لكي نعرف ان ?العين لا تقاوم المخرز? او ان الأزمة في السودان لا تحل الا عن طريق حوار يطرحه المؤتمر الوطني؟ هل كان أي عاقل سوداني يتوقع أن ينجح انقلاب عسكري بقبضة المدافع المضادة في مواجهة شعب اسقط دكتاتوريتين في اكتوبر و ابريل؟ و ان يواصل الحكم حتي لو استمر ذلك ربع قرن من الزمان هو عمر حكمكم؟ الحقيقة ان ما حدث بانقلاب الانقاذ كان بالكلمة الواضحة فضيحة تضاف الي فضائح كثيرة تضاف الي أزمات الحكم التي بدأت منذ الاستقلال ولم يشأ لها الضياع السوداني ان تنتهي الي الآن؟ فالواقع الجديد الذي انتهت اليه الأوضاع ليس جديدا من حيث الدماء التي سالت أنهراً في جنوبنا ليفتح لها الشهيد الدكتور علي فضل ملتقي النيلين مجري جديدا في الخرطوم يوازي نهر النيل المسالم. ومع ذلك تواصل نهر الدم و بقيت الشعارات و الاذاعات وحدها هي السلاح الذي نتصدي به للمزيد من تدفق أنهار الجوع و الفقر و الموت لهذا, تصريحكم هنا عن الثورة المضادة ليس دقيقا و لو انه مستمد من القاموس الماركسي اللينيني رغم ان ما في القاموس الماركسي أعمق و انضج بكثير. إن تصريحكم يذكرني بحوار برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة حينما رد سيد الخطيب علي مقولة الهدوء الذي يسبق العاصفة بالقول ان العاصفة التي تقصد سوف تواجهها أعاصير..و علي نفس البرنامج بقناة الجزيرة حين وجه المحاور لاحد القادة التاريخيين للحركة الاسلامية في السودان (وهو رجل رصين) بأن معارك دامية تنتظر الانقاذ جاء رد القائد الاسلامي: هم طبعا عندهم اللي حيعملوه. كان ذلك و الانقاذ عمرها تسع سنوات و اترك للقارئ أن يستنتج ما يشاء. أما لماذا يتكرر الانذار من جانب بروف غندور بعد ربع قرن فإن المعني واضح ان الذي ينتظر بلادنا الموت الزؤام. قد يستمر الظلم لعشرات السنين, بل مئات السنين و قد يكون النظام جثة هامدة و لا يجد من يزيحه عن الطريق بركلة قدم. ولكن هل ينطبق هذا علي شعب السودان.
الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..