حربهم وحرابتنا

عثمان يس ود السيمت
بعد أن اكتويت مثلي مثل جميع المواطنين والمواطنات في السودان أو في (وطن) الاغتراب (وشتات) الغربة بما نسميه مجازاً (حرباً) اندلعت في 15 أبريل 2023م وتستمر بعرض متواصل حتى اليوم، وبعد أن تابعت الحرب التي دارت لمدة 14 يوماً بين إيران ودولة الكيان الصhيوني أيقنت أن ما نعيشه عندنا ليس حرباً على الإطلاق. فما اتفق كل العالم على تسميته حرباً تدور في الشرق الأوسط بين إيران والكيان الصhيوني وما يدور في كل دول العالم من صراعات (محترمة) لا ينطبق على ما نعاني. بل إن مجمل الصراعات الداخلية بين مكونات المجتمعات تبدو أنها ليست حروباً ولا يجوز أن نطلق عليها حروباً. فلو عدنا قليلاً لتأمل حرب البلقان بين (بعض مكونات يوغسلافيا السابقة) نجدها قد اتبعت نفس أسلوب الحروب (غير المحترمة) فهي تتصف ب:
1. العنف المفرط.
2. الوحشية وعدم الرحمة والإنسانية.
3. التمثيل بالجثث.
4. الجهوية والانتماء الضيق.
5. الفوضى وعدم الالتزام بشرف الجندية وقوانين الحرب.
6. انتفاء العقيدة القتالية
هذه الصفات تكررت في جميع الحروب (الأهلية) الأفريقية ومن أمثلتها ما دار في رواندا وأفريقيا الوسطى والصومال وليبيا وبشكل محدود في جنوب السودان وما دار أيضاً في سوريا. وتبقى غزة تمثل واحدة من أبشع الأمثلة في التاريخ فهي ليست حرباً فقط بل جريمة يصعب تأطيرها ووضعها داخل الأطر المعروفة للنزاعات.
أما ما يدور عندنا في السودان فمن المستحيل أن نطلق عليه حرباً أهلية. فبالإضافة للصفات الستة السابقة نحن أضفنا أسوأ ما يمكن أن يتصف به أي صراع في العالم.
الفوضى : فالعنوان العريض لما يدور في السودان هو الفوضى، بل هي فوضى لا حدود لها، فوضى تضرب كل شيء. نحن مارسنا الفوضى كعقيدة قتالية.
الاغتصاب : ليس كحالات فردية كما يحدث في الصراعات الأخرى، بل كظاهرة (قد ترتقي إلى درجة تبدو كتعبير ضروري عن النصر والغلبة). وهو أبشع ما يمكن وصفه من الانسلاخ عن صفات الإنسانية، بل هي صفة تعف الحيوانات المتوحشة عن الاتصاف بها، فلم يلاحظ أحدٌ أبداً أن الحيوانات المتوحشة حين تنتصر في مواجهتها تعبر عن الغلبة جنسياً.
السرقة : وإن وضعنا لها مصطلحات (تخفيفية) مثل الشفشفة وغيرها. مارس السرقة جميع الأطراف المتحاربة دون استثناء. بل أصبح مشهداً عادياً أن ترى (الدفارات والشاحنات) بأنواعها وهي تنقل ما نهبه (المقاتلون) من أمتعة الناس الذين فروا من بيوتهم نتيجة الخوف على حياتهم.
السبي : في حروب الجاهلية كان النهب عادة يطال الطرف المهزوم وتسبى النساء وتباع مع الرجال كسلعة. وللأسف فقد رأينا هذا يحدث في حالتنا، بل لقد بيعت النساء في أسواق عبر الحدود وداخل السودان..
إساءة معاملة الأسرى: أما الأسرى فقد عوملوا ببشاعة يتمنى فيها الأسير الموت.
التطهير العرقي : قد يبادر أحد بالدفاع (بدافع الوطنية) ليقول إن التطهير العرقي لم يحدث. ويضرب أمثلة برواندا وغزة، لكن حتى في رواندا وما دار بين الهوتو والتوتسي وما دار بين مكونات يوغسلافيا السابقة لم (يقنن) أي لم يسن له قانون مثلما حدث عندنا (قانون الوجوه الغريبة) وكنت دائماً أتساءل (كيف نتعرف على أو نميز بين وجه غريب ووجه غير غريب – مألوف ربما -خاصة في فسيفساء السودان). مثل هذا القانون يبرر القتل بالشبهة، ولا أدري ماذا يحدث لو لجأ ذوي القتيل للقضاء، كيف سيثبت القضاء نفسه أن الوجه غريب أم مألوف. هذه أبشع صور التطهير العرقي (أخذ الناس بالشبهة) أو بالأهواء أو بالتشفي والرغبة في القتل.
تعدد الجهات المتحاربة : تميزت حالتنا بتعدد الجهات المتحاربة حتى أصبحت فوضى عارمة. فما فتئت المليشيات تتكون وتنضم لأحد الأطراف رغبة في المكسب المادي وما فتئ ذلك الطرف بغدق المال حتى أصبح تكوين المليشيا استثمار مضمون الربح، حتى أن رئيس الوزراء المعين كامل إدريس عجز عن تشكيل الحكومة لاصطدامه (بقوانين واتفاقيات) تكرس وتحفظ (حقوق) المليشيات. وهذه ميزة سودانية بحتة كانت نتيجتها أن ميزانية الدولة لم تعد تكفي مرتبات الجيش والمليشيات فلجأ وزير المالية لفرض ضرائب ورسوم ما أنزل الله بها من سلطان.
الكذب : يعتبر الظاهرة الرئيسة في صراعنا، فلم نسمع بطرف (دق سدرو) في شجاعة وقال أنه فعل أو نسب ما حدث له. الكذب : يعتبر الظاهرة الرئيسة في صراعنا، فلم نسمع بطرف (دق سدرو) في شجاعة وقال أنه فعل أو نسب ما حدث من هجوم أو أي فعل من أفعال منكرة شهدناها في هذا الصراع، نسبه بشجاعة له. فدائماً يبقى الفاعل مجهولاً والشينة منكورة. وتبقى النتائج ضبابية، فلا أحد يعرف من المنتصر والمهزوم في المعارك وفي أحسن الأحوال نزيف الحقيقة لنقول (انسحاب تكتيكي). والأسوأ من ذلك يبقى القاتل مجهولاً.
استخدام الأسلحة المحرمة دولياً : مثل الأسلحة الكيميائية وربما أسلحة أخرى لا ندري فقد أصبح الموت في السودان (أشكال وأنواع).
استهداف البنية التحتية: هدم المرافق الصحية ومرافق الكهرباء ومرافق المياه والكباري وبنية الدولة من مصارف ومباني وزارات وغيرها، لكأن الحرب قامت (لتجيب عاليها واطيها).
الاستخدام المفرط للقوة : والجميع يعرفون كيف استخدم الطيران وسط البيوت والأحياء السكنية، ولا نستطيع أن نحصي عدد الذين قتلوا بطلقات ودانات ومقذوفات (طائشة) وهذا الطيش أيضاً ميزة سودانية بامتياز.
في الحروب هناك (بنية تحتية) تحمي المدنيين إلا عندنا فنحن :
لا نملك ملاجئ للمدنيين ضد القصف.
لا يوجد لدينا صافرات إنذار.
لا يوجد لدينا سيارات إسعاف.
لا يوجد لدينا دفاع مدني.
لا يوجد شهود على الحرب : العالم كله يحمي الإعلام أثناء الحرب. في حربنا لا يوجد شهود أحياء.
الجبن : حربنا حرب الجبناء فكل ممارسات المتحاربين تدل على الجبن والأمثلة كثيرة عجت بها الميديا، فقتل وتجنيد الأطفال، وإهانة النساء، وإهدار كرامة الرجال (والشيوخ)، والتشفي العرقي وعدم احترام الآخر كلها وغيرها كثير تدل على جبن مرتكبها.
إشراقات: بعض الإشراقات وقد كنا نتوقع غيرها الكثير :
كفالة المغتربين لأسرهم في صمت وبلا منة (حد الإفلاس والاقتراض من البنوك).
التكايا وشباب التكايا. وهؤلاء شباب يطمئنون الناس على مستقبل السودان وليتهم أوكل إليهم أمر البلد بدل الدلاهات وأصحاب الشعور المصبوغة والجيوب التي لا تشبع من المال العام أو ما تبقى منه.
شباب المتطوعين (رغم ما صادفوه من تصفيات جسدية).
وقوف بعض دول الجوار مثل مصر وتشاد مع النازحين.
استقبال ودعم بعض دول الخليج العربي مثل الإمارات وسلطنة عمان والسعودية وتقديم خدمات جليلة للنازحين.
المخزيات :
إعاقة وصول الإغاثة وسرقتها وبيعها للنازحين واللاجئين والمحتاجين من الذين لم ينزحوا من ديارهم. (مع تواطؤ المواطن مع البائع بشرائها)
استغلال أصحاب النفوس الضعيفة للتسهيلات من دول الخليج مما دفع هذه الدول لوقف بعض التسهيلات مثل استغلال تأشيرة الإقامة الموقتة بالإمارات مع الإقامة بالفنادق والنثريات والعلاج المجاني مما أدى لإيقاف تلك التسهيلات.
استهداف المتطوعين وشباب التكايا من أطراف القتال.
عمليات التصفية من طرفي القتال (بتهمة متعاون) وهذه تعتبر أسوأ مظاهر الصراع السوداني. فمن يتهمونه بالتعاون تتم تصفيته فوراً دون محاكمة. وأصبح المواطن بين حدين (إما متعاون مع الدعم أو متعاون مع الجيش).
فشل المدنيون في تكوين جبهة (واحدة) ضد الحرب.
الحرب أفرزت عاهات ستستمر وربما أعاقت استمرار الدولة السودانية حتى بعد نهاية الحرب إن كتب لها النهاية، وأبرز هذه العاهات التنظيمات الغريبة علينا مثل البراءون وبروز الدعم السريع كواجهة (تمثل) جهوية وقبلية وتكرس واقعاً قد يصعب علاجه، بل أصبح يتطلع لحكم السودان ويدعو للديموقراطية، كيف؟ لا أدري. كما أن الكيزان أصبحوا ينادون ويقاتلون من أجل (حقهم المزعوم) في حكم السودان.
تنامي الحقد والعداء بين مكونات السودان تحت رايات الجهوية والقبلية والمناطقية (بصورة أوسع) فمن يدعو لانفصال الشمال ومن يدعو لانفصال دارفور ومن يدعو لانفصال الشرق ومن يدعو لانفصال الجزيرة..
زيادة وتيرة بعض الصفات الذميمة التي كانت موجودة أصلاً مثل الحسد والرغبة في الثأر واستغلال الحاجة.
مثال من حرب إيران والكيان الصhيوني: أحد الإيرانيين الذين نزحوا من طهران لمدينة مازندران يقول إنه ذهب لسوبرماركت للتسوق لأول مرة في ذلك المحل. قال إنه تسوق ومن عادته أن يحفظ المبلغ المطلوب منه وكان 400 ألف وعندما وقف للدفع طلب منه الكاشير 320 الف فقط ، قال فقلت له هناك خطأ في الحساب فرد عليه الكاشير ليس هناك خطأ، ولكني أخذت منك رأس المال فقط دون أرباح لأنك ضيف لدينا وتمنى لي العودة لطهران قريباً وبسلام.
هذا مثال لكيفية تعامل الشعوب التي تحس برباط الوطنية يجمع بينها، فأين نحن مما حدث في كل المجالات من أسعار الحافلات للسوق وايجار البيوت (أوضة وراكوبة).
ما حدث ويحدث عندنا ليس حرباً وفق تعريف الحروب، إنه شيء آخر لا نجد له تعريفاً، وقد يجوز أن نسميه (حرابة) الحرابة قامت وأبت تقعد ربنا يقعدا ويوهطا وويسدا الباردة، قادر يا كريم.ما حدث ويحدث عندنا ليس حرباً وفق تعريف الحروب، إنه شيء آخر لا نجد له تعريفاً، وقد يجوز أن نسميه (حرابة) الحرابة قامت .
ماذكر كثىر ومااخفى اعظم كىف تحولت هذه الحرب الي مافوق الحرب معاناه هنالك ماسى لاىمكن ترجمتها بالحروف نسال الله القادر ان ىهون للمقلوبىن على امرهم
استحي يا رجل
أخبار سياسية
نيويورك تايمز: الإمارات تؤوي حميدتي وتسلح ميليشيا الدعم السريع في السودان
jehad أرسل بريدا إلكترونيا 30 يونيو، 2025
حميدتي يهدد بتوسيع رقعة الحرب
أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” أن مسؤولين في الإدارة الأميركية أكدوا أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت ملاذًا آمنًا لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في العاصمة أبوظبي. وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات قامت أيضًا بتزويد قواته بالسلاح من خلال عمليات سرية تمت عبر قاعدة جوية شرق تشاد.
وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادر استخبارية أميركية، أن أبوظبي خصصت لحميدتي إقامة محمية في فيلا خاصة تحت حماية السلطات الإماراتية، كما سمحت له بتسجيل رسائل لأنصاره في السودان. وتفيد التقارير بأن السلطات الأميركية اعترضت اتصالات مباشرة بين حميدتي ونخبة القادة الإماراتيين، بما في ذلك محمد بن زايد ومنصور بن زايد. هذه الاتصالات تناولت تنسيق الدعم العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع.
وحسب التقرير، تتبعت الاستخبارات الأميركية شبكة من الشركات الوهمية التي يديرها مسؤولون إماراتيون، والتي يُعتقد أنها مسؤولة عن تمويل وتسليح ميليشيا الدعم السريع. ويُعتبر هذا الأمر جزءًا مما وصفته الولايات المتحدة بمخطط إماراتي سري لدعم حميدتي.
هذه المعلومات تثير تساؤلات حول الدور المتزايد لدولة الإمارات في النزاع السوداني، وتسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين القوى الإقليمية وأزماتها الداخلية.