على نظام البشير ايقاف هذا الاستفتاء بأي ثمن ويحافظ على وحدة البلاد….حزب البشير لم يفكر في تداعيات قرار الانفصال مع وجود دعوات انفصالية في دارفور وشرق السودان..

هل يصبح السودان ساحة صراع بعد استفتاء الجنوب؟

يتحدث الكثيرون عن السودان كبلد متعدد الأعراق والثقافات، وإذا أرادوا أن يخرجوا من هذا التعريف العشوائي قالوا إن السودان يقع في إطار واقعين، أحدهما في الشمال حيث تسود ثقافة عربية إسلامية وثانيهما في الجنوب حيث تسود ثقافة مسيحية أو وثنية، أما إذا تكلموا عن اللغات التي يتحدثها شعب السودان فقالوا إنها تزيد عن أربعمئة لغة، وإذا نظرنا إلى كل هذه التقسيمات وجدنا أنها تنطلق من دوافع خاصة لا تصب في مجملها في مصلحة السودان، ذلك أن السودان حين نال استقلاله لم يكن عدد سكانه قد تجاوز العشرة ملايين، وبصرف النظر عن كون بعض هؤلاء مسلمين أو غير مسلمين فالحقيقة هي أن معظم سكان البلاد كانوا يخضعون لثقافة متقاربة في تكويناتها تمثل جوهر الواقع الثقافي السوداني دون حاجة لتسميته بالعربي الإسلامي أو الزنجي الوثني، غير أن ذلك لا ينفي وجود نزعات قبلية في البلاد واتجاهات نحو الانتماء لواقع عرقي وعقدي لا يمثل حقيقة الحياة الثقافية في السودان ،وهو واقع غير معترف به أصلا خارج حدود السودان، ولا نشك في أن الكثيرين ممن لا تهمهم مصلحة السودان حاولوا استغلال هذا الواقع من أجل تحقيق أغراض خاصة بهم وهو ما يبدو بشكل واضح في مشكلة جنوب السودان التي هي أكبر تحد أمام سلامة هذا الوطن، وذلك ما يدفعنا لاستجلاء طبيعة هذه المشكلة والأسباب التي تجعلها تتسم بالخطورة.
ونقول في ذلك إن الحركة الوطنية في السودان بدأت في فترة مبكرة خلال القرن العشرين، و بلغت هذه الحركة أوجها خلال الأربعينيات من القرن الماضي، وكانت في مجملها تسير في اتجاهين رئيسيين، الأول، اتحادي ظل يحتمي بمصر التي كانت إحدى دولتي الحكم الثنائي، أما الثاني وهو حزب الأمة فقد كان ينادي بالاستقلال التام رغم احتمائه بالبريطانيين ،وكان ذلك أمرا طبيعيا لأن الإنكليز كانوا هم العنصر الأقوى في حكم السودان بينما كان الوجود المصري شكليا، إلا أنه لم تظهر خلافات كبيرة بين الاتحاديين وحزب الأمة عندما جاء وقت الخيار لمستقبل الحكم، إذ وافق الاتحاديون على استقلال السودان، وبالتالي لم يكن هناك كبير فرق من حيث التوجه بينهم وبين حزب الأمة. و حتى تلك المرحلة كان صوت الجنوبيين مغيبا إذ لم يكن لهم تأثير يذكر في مجريات السياسة السودانية بل لم تكن هناك رؤية واضحة حول الدور الذي يمكن أن يلعبوه مستقبلا. وقد أدى المستقبل الغامض للجنوب بعد الاستقلال إلى قيام أول حركة تمرد في جنوب السودان عام 1955 عندما تمردت حامية ‘توريت’ وكان تمردا دمويا بمعنى الكلمة حيث تعرضت كثير من الأسر الشمالية في الجنوب للقتل، وكان سبب التمرد واضحا، وهو قلق القوى الجنوبية مما سيؤول إليه الحال بعد الاستقلال، ذلك أنه خلال مرحلة الحكم الانكليزي كان الجنوبيون يعيشون في بيئة يطلق عليها المناطق المقفولة التي يمنع فيها الاحتكاك مع الشماليين حماية لهم، وهذا وضع أدرك الجنوبيون أنه لن يكون ممكنا في ظل عهد الاستقلال، وقد استمرت حركة التمرد حتى عام ألف وتسعمئة واثنين وسبعين عندما قامت حركة تحرير السودان بتوقيع اتفاق مع حكومة الرئيس الراحل جعفر نميري، وكان مصيرهذا الاتفاق محتوما لأن الرئيس نميري كان يريد فقط وقف الحرب وليس تأسيس نظام ديمقراطي حديث يستوعب كل العناصر في داخله، وقد زاد الوضع صعوبة عندما تبنى الرئيس نميري مشروع تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد وهو مشروع وإن كان يؤيده الكثيرون في الشمال فإن معظم الجنوبيين لم يكونوا معنيين به، وخلال هذه الفترة بدأت البلاد تمر بأزمات اقتصادية أدت إلى كثير من الإضرابات والمظاهرات الشعبية، وظن الرئيس نميري أن اكتشاف النفط في جنوب السودان سوف يساعد على تحسين الأوضاع السياسية ،لكن اتضح في ما بعد أن النفط لم يكن أكثر من قنبلة موقوتة تحرك المشاعر الجهوية في البلاد، وكان ذلك سببا رئيسيا في تحالف النميري مع الإسلاميين من أجل اكتساب القوة والدعم، وقد أدى هذا التحالف إلى ظهور ما عرف في ذلك الوقت بقوانين سبتمبر التي أعادت الحرب الأهلية إلى جنوب السودان من جديد، غير أن الحرب التي دعمها نظام إثيوبيا المدعوم من الاتحاد السوفييتي اتخذت في هذه المرة منحى دينيا لم يكن معهودا على هذا النحو من قبل، وقد أدى تفاقم الأحوال في جنوب السودان والظروف الاقتصادية إلى ثورة شعبية أطاحت نظام النميري من خلال انقلاب عسكري رتب على عجل في عام ستة وثمانين ليأتي بحكومة تآلف حزبي في نهاية الأمر ولكنه تآلف لم يستمر طويلا إذ انقلب عليه الجيش مرة أخرى وأتى بحكومة الإنقاذ التي مازالت تمارس سلطتها حتى اليوم،وعلى الفور تكونت جبهة الهيئات الوطنية التي شملت أحزاب المعارضة الشمالية وكان من بينها الجيش الشعبي لتحرير السودان، الذي ظل يواصل اتصالاته بالحكومة من أجل بحث مسألة تقرير المصير ودور الدين في سياسة الدولة. ولكن مواقف الجنوبيين لم تكن كلها تسير في خط واحد إذ نشأت كثير من النزاعات التي أدت إلى قتال بين الفصائل الجنوبية، وظلت الحكومة في الشمال دائما تعتقد أن مثل هذه النزاعات هي الضمان لاستمرار تيار الوحدة مع الشمال في جنوب السودان، ولكن هذه رؤية ضيقة لأنها أهملت المصالح الخارجية في استمرار النزاعات السودانية.
ولا نريد أن نحصر المصالح الأجنبية في النواحي الاقتصادية وحدها خاصة بعد اكتشاف النفط في جنوب السودان، إذ أصبح مؤكدا للولايات المتحدة أن السودان الذي زاد عمر استقلاله عن خمسين عاما لن يكون بحال من الأحوال صديقا لها بكونه فشل خلال سنوات الاستقلال في تحقيق هذه الصداقة بسبب التوجهات الثقافية التي سيطرت على نظم الحكم في هذا البلد، وبالتالي فقد بدا واضحا أن الانحياز لإقليم جنوب السودان قد يحقق مصالح للولايات المتحدة أكبر من تلك التي تتحقق بالانحياز لشمال السودان، وقد وجدت إسرائيل في هذه السياسة خدمة لمصالحها خاصة أن تفكيك دولة السودان سوف يضعف مصر مستقبلا وسيجعلها دولة لا تشكل خطرا على وجود إسرائيل في المستقبل، وبالتالي شجعت كل من إسرائيل والولايات المتحدة فكرة أن يكون هناك استفتاء في جنوب السودان، وهو استفتاء غير ضروري إذ لا يوجد بلد في العالم يتجه نحو استفتاء يعرف سلفا أنه سيؤدي إلى تمزيقه، غير أن حكومة شمال السودان لم تفكر بإمعان في هذا الاستفتاء وتعتقد أنه إجراء طبيعي ،وحتى لو جاءت نتيجته لصالح دعاة الانفصال فإن ذلك سوف يزيح عنها عبئا، وهو تفكير خطأ لأن حكومة السودان لم تفكر في تداعيات قرار الانفصال خاصة مع وجود دعوات انفصالية أخرى في دارفور وبعض مناطق شرق السودان، وهو ما ينذر بأن السودان قد يصبح ساحة قتال بعد الاستفتاء المقبل، ومع ذلك فإن جامعة الدول العربية الميتة أصلا لم تحرك ساكنا ولم تتخذ أي خطوات من أجل إخراج السودان من محنته، أما الولايات المتحدة فهي مستمرة في تقديم الإغراءات للحكومة السودانية بأن تترك الأمور تسير على هواها مع وعود برفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب وتقديم المساعدات له، وكل تلك وعود زائفة لأن هدف الولايات المتحدة هو تدمير السودان وليس مساعدته، وفي رأيي فإنه من الضرورة عند هذه المرحلة أن توقف حكومة السودان هذا الاستفتاء بأي ثمن وتحافظ على وحدة البلاد، ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال ظلم أهل الجنوب بل لا بد من النظر في إعطائهم كامل الحقوق السياسية والاقتصادية التي يستحقونها حتى لا تجد في ذلك العناصر المعادية للسودان ذريعة في تفكيك هذا البلد الذي يصعب أن يستمر آمنا دون أن يكون موحدا. وإذا لم تتخذ إجراءات سريعة لتدارك الموقف في جنوب السودان فالأغلب أن تتحول البلاد إلى ساحة صراع لن يكون بالإمكان السيطرة عليها.

د. يوسف نور عوض /’ كاتب من السودان
القدس العربي

تعليق واحد

  1. يا شيخ عوض شن بتقول انت كيف يوقف الاستفتاء انت لمن وقعوا الاتفاقية كنت وين نايم كلامك دة كان تقول من بدرى من 2005م لمن وقعوا الاتفاقية مش بعد ست سنوات جاى تقول وقفوا الاستفتاء وبعدين اصلا اغلبية الشماليين عايزين الجنوب تنفصل دة غير 99 فى المية من الجنوبيين عايزين الانفصال وبعدين الجنوب اصلا منفصل من 2005 تانى باقى شنو الاستفتاء دة اجراءات شكلية ساى والجنوب انفصل وانتهى زمان وصراحة احسن ليهم واحسن لينا نحن الشماليين ومفروض كان تنفصل ذى ما انت قلت من 1955م يعنى نحن قاعدين نحارب اكثر من 55 سنة فى الفاضى ليه ما كان من زمان يفصلوا وكان ريحوا الناس دى كلها ومن قتل وتشريد ملايين الشعب السودانى وكان السودان اليوم كان حيكون افصل من هسى بكتير وانت يا شيخ يوسف جاى بعد الحرب دة كل تقول وقف الاستفتاء مستحيل وحتى لو الجنوبيين قالوا دايرين وحدة نحنا الشماليين ما دايرين وكفاية الحصلت فى يوم الاثنين الاسود للشماليين جون قرنق مات فى الجنوب وقاموا الجنوبيين فى اغلب المدن الشمالية من قتل وحرق ونهب وسرقة كل شى واظهرت مدى حقد وكره الجنوبيين للشماليين زول مات فى الجنوب شن دخل المواطنيين الشمالين فيها

  2. ندوري الما داري

    من انت ايها العنصري البغيض للتتحدث باسم الشمال و تتقي كذبا بان الشمالين

    يريدون الانفصال !! ..انت لا تتحدث بعقلك وانما تردد كلام الذين يبحثون عن

    مهرب (مخارجات) من الورطة التي اوقعوا فيها البلاد ورطة تفتيت البلاد

    وتقسيمها …البلاد التي سطو عليها وسرقوها بليل ..

    الجنوبيون عندما ثاروا في ذلك اليوم الاسود ثاروا وفاء وغضبا لزعيمهم الذي اغتيل

    بغدر من جهات معلومة للجميع ..

    زكيفة كانت نتيجة هذه الثورة وهذه الغضبة !!

    الم تكن مجزرة شنيعة بحقهم بحماية ورعاية الاجهزة الامنية للعصابة فكانت دعوة

    قوية للانفصال وزيادة الكراهية …!!

    فالنقل كلمة الحق حتى وان كانت ضدنا وتديننا ..

    فالجنوبيون قد نفدوا بجلدهم من قبضة عصابة اللصوص الدنيئة ….

    والعقبال لنا باذن الله

    ولا نامت اعين الجبناء والعنصرين …

    فحقا انك لا تدري يا ندوري..

    اخخخخخخخخخخخخخخخخخخ

  3. عفوا يامنقو ها قد عاش من يفصلنا

    ولكننا يجب علينا ان لا نبكي علي اللبن المسكوب

    وداعا يا حلويين وان شاالله جايين

  4. طالما السودان فيهو عينتك دى يا نادر وجوده عمره ما حتقوم ليهو قايمه….فى ظاهره الايام دى الاسماء الخرطوميه ابتدت تنتشر وسط اولاد الاقاليم عشان يلحقو بركب اهل الاتيكيت والاناقه

    ال السودان حيكون افضل من هسه ال
    تعال انت وبشيرك قابلونى وما تنسى تجيب معاك
    التلوقه بتاع الدفاع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..