خريف قطر

الأزمة السورية التي تتلاعب قطر بأوراقها بالمال والدبلوماسية والأخوان قد تكون نقطة انقلاب فاصلة في حظوظ العبث القطري في مقدرات الدول تحت مسمى الربيع العربي.
بقلم: عارف عمر
يبدو ان الزيارة الاخيرة لوزير الدفاع العراقي بالوكالة سعدون الدليمي للدوحة قد تكون منعطفا جديدا لإبراز الاتجاه الجديد في أجندة السياسة القطرية. ولعل الرسالة التي نقلها وتحمل تحذيرا لدولة قطر بالابتعاد عن الشأن الداخلي العراقي والكف عن الترويج الإعلامي للإرهاب وإبراز عمليات الاغتيال في الساحة العراقية قد يكون ناتجا عن او دليلا على ان الضغط على قطر في الملف السوري أعطى الضوء الأخضر للحكومة العراقية في التعامل مع ملفها بنفس النبرة. العراقيون كانوا لبقين في تقديم الزيارة من خلال الحديث عن التنسيق في الملف الأمني، ولكن الأمر كان أكثر من واضح: أي دور أمني لقطر في العراق غير الفتنة؟
ولكن ماذا يحدث في سوريا ولماذا هذا التغلل والاستماتة القطرية للتواجد في واجهة الحدث؟
يقول آرون لوند الكاتب في شؤون الشرق الأوسط، “أن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا لطالما كانت الحليف الأقوى للمعارضة منذ اندلاع الانتفاضة السورية ضد بشار الأسد عام 2011″، منوهاً أن القادة فشلوا إلى حد كبير بترسيخ علاقتهم مع متمردي سوريا.
وهنا يبرز تساؤل حول العلاقة المتجددة للطرف واللاعب الرئيسي في هذا الامر في دعم وتسليح المعارضة. ويبرز اسم قطر وتركيا في الواجهة فيما يتحدث البعض عن الدعم السعودي. ولكن ثمة اختلافا في الأمر. فقطر ومن معها يعلمون جيدا ان اللعبة التي بدأت في تونس ثم مصر وليبيا واليمن سيكون لها وضع مغاير في الساحة السورية.
يقول الكاتب: “أن الجماعة (يقصد الأخوان) تمارس نفوذاً قوياً داخل سوريا من خلال شبكة من التحالفات غير الرسمية مع بعض الشخصيات الإسلامية وقادة المعارضة.”
ولاشك ان المتابع يرى لعبة السياسة القطرية في الاتجاهين. فهي تساهم حسب تقارير متعددة وأدلة في تجنيد الشباب من خلال معسكرات متخصصة وإرسالهم الى سوريا. هذا على الأرض. اما في الجانب السياسي فهي ترمي بثقلها نحو بروز الدور الاخواني على الساحة وتهيئة الأجواء لوصولهم الى السلطة. كيف؟
هنا يكون اللعب باحتراف وفي نفس الوقت بسقطات قد تكون خطيرة للمخطط القطري.
فجماعة الإخوان مهددة بسبب صعود الجماعات السلفية المتشددة. ولعل الفوضى الشديدة التي تسببت فيها المعارضة كما يؤكد الكاتب ادت الى محاولة الجماعة لأن تبعد عن العالم فكرة التطرف المرتبطة بها على الرغم من تاريخها السابق في العنف الطائفي حيث أن الجماعة ترفض أن تعترف أن لديها فرعا مسلحا يستخدم العنف الطائفي. وبالتالي سيكون التوجه القادم هو محاولة تشويه ما كانوا يقومون به او بدعمه وهو الجماعات التي تقاتل والتي ستكون هي الرأس التي ستتلقى ضربات التبرير للإرهاب والعنف الذي يحدث. ولعل ما نشر عن تغريدة للشيخة هند بنت حمد حول موضوع التطرف والارهاب ان صدقت او كانت اشاعة فهي تعطي اشار لتوجه اكيد وقادم لما قد يحدث إعلاميا خلال الفترة القادمة… خصوصاً من الجانب القطري!
سيناريو أفغانستان والعراق يتكرر والبداية واحدة. لكن النهاية هذه المرة ستكون مختلفة.
والسؤال الأخير والذي بالتأكيد سيكون هو الأبرز في الوضع السوري القادم: كيف ستتعامل القوى الداعمة مع العدو القديم والحليف المخفي وهو القاعدة؟
اسئلة قد تكون حاضرة في ذهن كل متابع وقد تكون إجابتها واحدة لدى البعض. ان هذا ما يريدونه وهو عدم الاستقرار. وبالتالي الإمعان في إنهاك والهاء عضو آخر من أعضاء دول المواجهة مع اسرائيل بنفسه وبجراحه التي ستستمر طويلاً.
قطر تعبث وترتكب حماقات متتالية لا هم لها فيها سوى المحافظة على نفوذها وأبعاد الخطر عنها بدعم الجماعات الاسلامية المتطرفة وايضا بدعم الجماعة الأقوى لديها وهي الاخوان لكي تكون لها السيطرة باموالها على التكتلات الجديدة التي ستظهر وظهرت في مجموعة دول ما يسمى بالربيع العربي. ولكن المؤشرات تؤكد ان هذا الربيع بدأ في دخول مراحل غامضة وخطيرة. وصيف قطر وجوقة الثورات سوف يكون ساخناً. وسوف يتبعه فصل خريفي ستسقط معه آخر اوراق هذا العبث ان استمر واستمرت معه هشاشة الأجساد التي تحاول تغذيته مادياً متناسية او متجاهلة ان المال وحده لا يكفي لبناء الدول. لعلها الأولى التي تدرك أن مالها لم يشيد دولتها وربما تجد سلواها في فوضى الآخرين.
عارف عمر
كاتب من الإمارات
ميدل ايست أونلاين