فوضى التسّوُل في ليبيا بين الحاجة والحرفة

ارتفاع اعداد المتسولات من جنسيات مختلفة تأخذ شكلا منظما للاسترزاق امام غياب مؤسسات تبحث في جذور المشكلة.

ميدل ايست أونلاين

اللعب على العواطف

طرابلس ـ أصبحت ظاهرة التسّول بعد الثورة تعمّ العديد من المدن الرئيسية في ليبيا، وتشكل مصدر إزعاج للمواطنين الذين لم يتعودوا رؤية مثل هذه الحالات في عهد نظام معمر القذافي.

ويلاحظ الجميع ازدياد عدد المتسولين الذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة داخل شوارع المدن الكبرى مثل بنغازي وطرابلس، في الوقت الذي لم تقم الحكومة بأي إجراء واضح لمعالجة الظاهرة والقضاء عليها.

وكان النظام الليبي السابق يواجه بعنف أية محاولة للتسول بدعوى أن الشعب ينعم بثروات بلاده ويعيش حياة الرخاء.

ورغم تناول وسائل الاعلام الليبية لتفشي الظاهرة، لا تزال الجهات التنفيذية عاجزة عن وضع حد لهذه المشكلة.

ولا يكاد يخلو مفترق من الطرقات الرئيسية والشوارع الفرعية إلا وتجد فيه مجموعة من المتسولات، معظمهن فتيات قاصرات تبدوا على ملامحهن انهن غير ليبيات، يرتدين الزي التقليدي المحلي، ويتحدثن بعض الكلمات والعبارات باللهجة الليبية بطلاقة، وفي بعض الأحيان تجد في أيديهن (دفتر العائلة) الخاص بالأسر الليبية لكسب عاطفة الناس والتأثير عليهم.

وأكد مدير مكتب أمن طرابلس العقيد فرج الجابري أن الشرطة بالتعاون مع مكتب البحث الجنائي قامت بالتحقيق في وضع المتسولين، واتضح أن 90 بالمئة منهم من الأجانب (مصريون وفلسطينيون وغجر ومن منطقة الشام).

وأشار مركز الدراسات الاجتماعية إلى أن ظاهرة التسول في ازدياد، ويفوق عدد الإناث المتسولات عدد الذكور، حيث يمثلن 56 بالمئة بينما يمثل الذكور 44 بالمئة.

وتطورت هذه الظاهرة في ليبيا لتأخذ شكلا منظما، فظهر العديد من المواطنين الليبيين الذين يرتزقون من خلال استغلال مجموعة من المتسولات، حيث يقوموا بإيصالهن إلى الأماكن الحيوية ويحميهن بمقابل.

وكشف مدير مكتب أمن طرابلس عن وجود شركات وشبكات منظمة دولية وإقليمية تعمل على تصدير المتسولين إلى ليبيا.

ويتحدث مواطن ليبي يدعى قاسم عن امتهانه التسوّل قائلا “أمام ازدياد متطلبات الحياة وجدت نفسي اتسول، ولكن بطريقة مبتكرة، حيث تعرفت على ثلاث متسولات عن طريق شخص ليبي الجنسية يتعامل مع مجموعة أخرى بنفس الطريقة”.

ويقوم المشرفون على المتسولين بتوصيلهم إلى الأماكن الحيوية في المدن مقابلمبلغ معين،كما يتلقوا اجرا شهريا مقابل حماية الفتيات والدفاع عنهن من التحرش.

وقال مسؤول أمني إن هذه العصابات “تقوم بتسهيل توزيع المتسولات في الأماكن الحيوية بالمدن في ساعات الذروة لاستعطاف الناس عن طريق الأطفال، وبدأت تنتشر بشكل واضح وملفت في هذه الفترة بالذات”.

وتؤكد تقارير إعلامية أن المتسولات من أصل غير ليبي يعشن الثراء مستغلين عطف الليبيين، ويقمن بتحويل الفائض من النقود بالعملة الأجنبية في السوق السوداء إلى بلدانهن”.

في المقابل اجبرت الظروف الاقتصادية بعض الليبيين على احتراف التسول أمام عدم الاستقرار السياسي في البلاد.

وأشار مدير مكتب أمن طرابلس إلى أن الظروف المادية القاسية التي يُعانيها بعض الليبيين في ظل ازدياد عدد أفراد الأسرة، وضعف المرتبات الخاضعة لقانون رقم 15/1981، وغلاء المعيشة أدت بالبعض منهم إلى امتهان التسول لسد الحاجة.

وتفتقر ليبيا إلى مؤسسات رسمية تأخذ على عاتقها البحث في جذور هذه الظاهرة وإبراز الحلول الممكنة التي تحدّ منها، وحصر أعداد المتسولين والجنسيات التي ينتمون إليها، ومن يقف وراءهم في حالة شبكات التسول المنظم.

ولا زال القضاء الليبي عاجزا عن اصدار قوانين تحد من مثل هذه الظاهرة، كما يواجه صعوبة التصدي والسيطرة على المتسولين، رغم الحملات الأمنية المكثفة وترحيل بعض الحالات.

تعليق واحد

  1. دائما يدعي الليبيون ان المتسولين اجانب بينما نجد ان هنالك اعداد مقدره من الليبيين و خاصة كبار السن يمارسون مهنة التسول و الحقيقة التي لا يعرفها من هم خارج ليبيا ان غالبية الليبيين دخولهم ضعيفة جدا و مستوى المرتبات من الضعف بمكان لذا لا استغرب في ظل الحكومة الضعيفة الحالية ان تزداد المعانات و يبرز الكثير من الليبيين المتسولين .

  2. اصلا كانوا موجودين من ايام القذافى واكثرهم ليبيين وبقية الاجناس الاخرى لكن خوفهم من بطش القذافى خلاهم ما يظهروا وغالبية الشعب الليبى فقير …والتسول اصلا موحود وهو ظاهرة اجتماعية حتى فى الدول الغنية مثل دول الخليج .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..