دراسة جدوى لاتفاقية الدوحة

أفق بعيد

فيصل محمد صالح
[email protected]

دراسة جدوى لاتفاقية الدوحة

وفود كثيرة حطت رحالها في الدوحة، وبعضها يسابق الزمن ليلحق بها اليوم ليشهد حفل التوقيع على وثيقة الحل النهائي التي ارتضتها الأطراف المشاركة الآن في المفاوضات. وهناك حشد إقليمي ودولي سيشهد الاحتفال، وسيتم التوقيع وتبادل الكلمات والأنخاب، ثم سيعود كل لمكانه، وبعد أن تذهب السكرة ستظهر الفكرة، ويخرج التساؤل الكبير: ثم ماذا بعد؟
هل ستتوقف الحرب والمنازعات وأعمال العنف، وهل سيعود النازحون واللاجئون لبلادهم وقراهم ومزارعهم ومراعيهم، وهل سينعمون بالأمان ويذهب عنهم كل خوف ورعب؟ هذه أسئلة لا يعلم إجابتها أحد ولن يستطيع كائن من كان الإجابة عليها.قد يقول قائل لم إذن كل هذه الضجة و”الهيلمانة” إذا كانت الاتفاقية لن توقف الحرب ولن تعيد السلام والأمن. والإجابة تقول لا نعرف، لكن ما نعرفه أن هناك أطرافا أساسية غائبة عن مفاوضات الدوحة، وهي جهات مهمة ومؤثرة على أكثر من صعيد.
الواضح حتى الآن أن من سيوقع على الاتفاق هو حركة التحرير والعدالة التي يقودها الدكتور التجاني السيسي، والحكومة السودانية، بينما تمتنع حركة العدل والمساواة عن التوقيع لأن لديها ملاحظات على الوثيقة، في حين لم تشارك حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور في المفاوضات ، بجانب حركات أخرى.
تملك حركة العدل والمساواة رصيدا سياسيا وعسكريا كبيرا في دارفور، وهي ذات حضور قوي وفعال في المحيطين الإقليمي والدولي، كما أنها سبق وشاركت في مفاوضات الدوحة، ثم غابت نتيجة ملابسات سياسية معروفة. أما حركة عبد الواحد محمد نور فهي ذات وجود عسكري ضعيف ومحدود، لكنها ذات حضور سياسي فاعل في بعض معسكرات النازحين. وقد شهد عدد من المبعوثين الدوليين وبعض الدبلوماسيين الأجانب الذين زاروا المعسكرات بحجم التأييد لحركة عبد الواحد، لأسباب مختلفة ومتعددة. لكن أيضا، ولأسباب غير مفهومة ولا معلومة، لم يمارس المجتمع الدولي أية ضغوط على عبد الواحد ليشارك في المفاوضات، وتركوه حرا طليقا يتجول في عواصم الدنيا.
ويمكن هنا، من باب إحقاق الحق، القول بأن الحكومة السودانية ظلت حاضرة في ساحة التفاوض على الدوام، وقابلة للتفاوض مع من حضر، العدل والمساواة مرة، والتحرير والعدالة مرة، وحركتي عبد الواحد ومناوي في مرات سابقة.
لكن في نهاية المطاف، وبدراسة جدوى بسيطة لهذه الاتفاقية، ومع كامل الاحترام لشخص الرجل المهذب والخلوق الدكتور التجاني السيسي، وهو عندي رمز وطني محترم، إلا أن عائد هذه الاتفاقية، وبشكلها الراهن، لن يكون أفضل من اتفاقية ابوجا، بل ربما يكون اقل منها.
كما ان الحكومة السودانية لا تملك بدائل للتفاوض مع الحركات الأخرى، فلا الامكانيات والقدرات، ولا الظروف المحلية والاقليمية والدولية ستسمح لها بحسم الأوضاع بطريقة عسكرية وأمنية، كما أن طبيعتها وتركيبتها لن تسمح بنشوء حركة سياسية مدنية معارضة في دارفور؛ بحيث تصبح مركز قوة داخلي يمكن التفاوض معه للوصول لحل سلمي للمشكلة.
لا بد من صنعاء وإن طال السفر، وستعود الحكومة للتفاوض مرة أخرى في مدغشقر أو هندوراس أو بوركينا فاسو، ولا لوم عليها إن فعلت، فلا داعي للحديث عن أن هذه آخر جولة أو أنها نهاية التفاوض.
أما المجتمع الدولي فموقفه غريب وغير مفهوم، وهو شريك مع أطراف أخرى تريد إطالة الأزمة، ولا شك عندي في ذلك.

الاخبار

تعليق واحد

  1. ردة فعل الحركات المسلحة الغير معنية بوثيقة الدوحة , سوف يكون فى الميدان

    وهذه متوقعة لكل من يعرف A B C سياسة ,

    ونقول مبروك لكل من قبض الظرف المدنكل من ال خليفة , وعقبال ظرف ال سعود

  2. تحليل صحيح وواضح لمآلات الأمور في قضية دارفور ومصير إتفاق الدوحة المزمع توقيعها اليوم الخميس . الحكومة كعادتها تريد شيئاً تخرجها من مستنقع الخيبة التي ادخلت نفسها فية بإنفصال الجنوب وكوارث جنوب كردفان ومحاولة إستباق الآتي من الأحداث . ورموز التحرير والعدالة أو قل معظمهم يريدون شيئاً يعيد لهم توازنهم بعد ان لفظتهم تنظيماتهم والحركات المسلحة في دارفور بتهمة التجسس والعمالة لصالح الحكومة . وما يجري اليوم في الدوحة لا يصب في خانة السلام بأي حال من الأحوال بل توسيع للهوة بين الفرقاء وتطويل لأمد المعاناة ، وهذا يمثل إستراتيجية الحكومة والنخبة الحاكمة في الخرطوم حيث لا تستطيع أن تبقى وتستمر في كرسي الحكم إلا في جو المشاكل والكوارث وسوء السمعة والفشل .

  3. موقعو الإتفاقيات من أبناء دارفور لايهمهم إنسان دارفور ( أس المشكلة) بل همهم ينصب على ما تجود لهم به الإنقاذ من مناصب و أتاوات و بدا لنا ذلك واضحا في توقيع مني مناوي و أبو القاسم الحاج لم يضيفوا شيئا ثوريا بل و منسوبو الإنقاذ من كانوا في مكانهم أفضل منهم .
    همهم الأول و الأخير هو نفسهم فقط – نسأل الله أن يبعث لنا من أبناء دارفور من يكون همه سكان المعسكرات.

  4. مشكلة السودان ما يحلها الا اهل السودان و فى داخل السودان عبر مؤتمر قومى جامع و يتفقوا فيه على كيفية حكم البلد لا مجتمع دولى ولا امريكا و لا دول شقيقة ولا صديقة بتنفع الدول دى بتنفع بعد ما يتفق اهل السودان فى تقديم المساعدات الانسانية و التقنية و الاستثمار و خلافه فقط عبر المصالح المشتركة بين الدول يعنى فيدنى و افيدك!!! يا جماعة الكلام ده ما داير ليه درس عصر!! ولا السودان ده ما فيه ناس بيعرفواالف باء السياسة و الوطنية؟؟؟ انتوا عايزين وصاية اجنبية ولا شنوا؟؟؟!!! لعن الله الجهل والانانية و حب النفس و الاجندة الخاصة!!!! وطن لا بواكى له!!!

  5. لاول مرة اري و اسمع التيجاني سيسي – في كلمته بمناسبة التوقيع اظنه رجل ممتاز .
    ربنا يهدي اهل النظام فمن معرفتنا بهم انهم لا عهد لهم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..