الأمتين وأوهام الوحدة

منذ ان تفتحت عيوننا على هذه الدنيا ونحن نسمع عن احلام العالم العربي والاسلامي بالوحدة عن طريق  مناهج التعليم التي درسناها او عن طريق الاعلام الذين من خلالها صور لنا ان هذه الوحدة شئ سهل يمكن تحقيقه من خلال ما يجمعنا من دين ولغة او من خلال الافلام والمسلسلات .
ولكن كل يوم يمر يتأكد كل نابه من انه لا الدين يمكنه ان يوحدنا ولا كذلك اللغة لان الحقيقة هي اننا نعيش في دول ذات مكونات عديدة من الاديان و اللغات والثقفات والطوائف وانه لا يمكن فرض دين وثقافة او لغة او الغاء الخصوصية لاي مجتمع او اي كيان اخر دون الاعتراف به او حقه في ان يكون اخر .
 بعد تفتح بعض الوعي والادراك لدينا علمنا ان كل دول العالم تستمد شرعيتها بعد الاعتراف بها من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة وذلك بعد ان تعترف كل دولة وتوافق و تقر  وتوقع على ميثاق الامم المتحدة وميثاق حقوف الانسان الذي هو بمثابة اقرار من كل دولة بان تحمي ولا تزج بالاجيال القادمة في حروب مثل تلك التي  جلبت على الانسانية حربين عالميتين جلبتا للانسانية احزانا يعجز كل انسان عن وصفها ويمضي الاقرار الى تاكيد ان كل دولة يجب ان توفر الحقوق الاساسية للانسان وانها تؤمن بكرامة كل فرد وانها تؤمن بما للرجال والنساء والصغار من حقوق متساوية وانها اي الدوله متعهدة بان ترفع مستوى الحياة باتاحتها لاكبر قدر من الحريات وان تنشر التسامح لكل الطوائف التي  تعيش على ارض اي دولة وتوقع بالاقرار ايضا على نشر المحبة والسلام وان تضمن السلم والامن والاجتماعي .
كل دول العالم ومن ضمنها العالمين العربي والاسلامي موقعة علي صيانة هذه الاشياء الوارده في الميثاق ومعظم الدول التي التزمت بما جاء في هذين الميثاقين حققت قدر من الرفاه لمواطنيها وقدر من التعايش السلمي والتداول السلمي للسلطة وصل مرحلة ازالة الحدود بين دولها حتى وان كانت في قارة اخرى وتجاوز الرفاه الانسان هنا وشمل حتي الحيوانات ففي بعض الدول الدعم الاجتماعي للفئات الضعيفة من المجتمع وصل مرحلة الاخذ في الحسبان ان يعتبر الكلاب والقطط لهم حصة في الدعم الاجتماعي لمن يهتم بها من الشرائح الضعيفة .وصارت مثل هذه البلدان قبلة للهجرات الشرعية وغير الشرعية لمواطني الدول التي لم تلتزم بالعهدين الدوليين اللذين بسبب التوقيع عليهما صارت دولة ونالت عضويتها بين الامم.
فهل بدون الاعتراف بالتعدد الثقافي والاثني واللغوي والديني يمكن لاي تجمع دولي او اقليمي او حتى دولة  ان يحقق وحدة او يدعو لها ? 
اما ما يثار من دغدغة العواطف والحديث المستهلك في الفضائيات بامال الاتحاد بسبب الدين واللغة امر يكذبه الواقع والحروب القائمة الان. 
وامر يكذبه ايضا الواقع في السودان فبعد انفصال دولة جنوب السودان ما فتئ عرابي النظام يصرون على ان السودان صار كله مسلمين ومتحدثين باللغة بالعربية ضاربين بالتعدد الاثني والثقافي والديني عرض الحائط ناسين ما وقع عليه السودان من مواثيق وعهود وجب الايفاء بها وان المواطنة هي اساس الحقوق دون اي اعتبار للغة او دين او عرق وان كل الحقوق من اقتصادية واجتماعية وحقه في العمل واكتساب المعرفة  لا يمكن الحصول عليها بقصير نظر فرض افكار احادية الثقافة في يلد متعدد الثقافات والاعراق ليظل الاعتراف شكليا وللاستهلاك في الخطب والميديا دون ان تسهم في رفاهية الشعب ودون وضع الخطط لتنمية الاقاليم وتمييزها ايجابيا واقامة مشاريع حقيقية وخلق فرص متساوية للتوظيف في كل السودان لا يكون هنالك دخل فيه لاجادة اللغة العربية ونطق الاحرف لغير المتكلمين بها من اقاليم السودان التي لا تعتبر الثقافة العربية من صميم مكوناتهم اعتبار وبالتالي هم يجيدونها كتابة مما يتسبب في حرمانهم في الالتحاق بوظائف كثيرة حققت للمواطنيين اخرين اوضاعا مالية واجتماعية افضل من غيرهم فكلما كان هناك فارقا في الرفاه الاجتماعي والاقتصادي بين الافراد وفارق حضري بين الاقاليم والمركز فاعلم ان هنالك خلل او عدم التزام بالعهدين الدوليين فبدونها لا يوجد تقاسم عادل للثروة وتداول سلمي للسلطة .

تعليق واحد

  1. حيثيات الواقع الماثل، والمنظور، والمشاهد.. وصوره المأساوية.. لهي نتيجة طبيعية لمن لا يعي قوانين التاريخ، وتضاريس الجغرافية.. ويواكب حركة التطور الواقعية ..ليكتسب من تجاربه الحكمة والفصل.. فيظل أثير التفكير (الرغبوي).. وشعبه يمضغ (قرض) العوز والندب اليوماتي، وهو يجتر الكذب المسكون..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..