(عريشة) النشادر ..المدخل الى (حناء آمنة)

تحقيق: ماجدة حسن :

بعد ان تزايدت شهرتها وسط النساء ، دفعني الفضول الى زيارة تلك المرأة التي تشكر فيها كل من جلست في (عريشتها) ، بعد الاستعانة بصديق لتحديد موقعها ونسبة للعربات الكثيرة المتراصة امام بابها يظن المرء انها عيادة دكتور .. شكل المنزل من الخارج يبدو قديما له باب صغير (ضلفة) واحدة تليه فسحة صغيرة جدا ثم مدخل العريشة التي ترى فيها على مد البصر اسرة متراصة تجلس عليها العديد من النساء الطالبات لـ(الجيهة).

من بينهن بحثت عن عائشة حامد المعروفة بـ(عشة نشادر)، وجدتها بصعوبة امرأة بشوشة مرحة وقبل ان اصلها مدحتها كل من سألتها عنها ، قبل ان اتحدث اليها اعدت النظر في هذا المكان المكتظ ، على حائطه لافتة مكتوب عليها (محلات غفران) واسعار الحناء ، وآية قرآنية تتوسطها لافتة اخرى (هذا من فضل ربي) ، واخرى تشير الى اسعار الآبري والرقاق لصاحبته(نونة) ، وعلى الحائط اليمين ثمة تجارة ومعروضات نسائية قمصان ، ثياب ، طرح وبخور وروائح نسائية سودانية ..هذا الى جانب الاكسسوارات و الآيسكريم والمعجنات.

لكل امرأة في عريشة عشة نشادر قصة ، احيانا تحكيها الملامح قبل الحروف ، مجموعة صبايا ونساء كادحات من اجل لقمة العيش الحلال خصوصا وان بعضهن بخلت عليهن الشهادات الجامعية بفرصة توظيف .، قالت عائشة انها تحب الحنة من الاصل وكانت تقوم بها لنفسها ولجاراتها واذا وجدت (واحدة حنتها ماياها بصلحا ليها) ، عائشة التي لا يبدو عليها انها قطعت شوطا في التعليم قالت في حديثها للرأي العام وبكل ثقة (بي ناسي الكتار ديل لسه ما وصلت لما اريده هذه بداية ولا اعتبرها احترافية).

بدأت قصتها مع الحنة كما روتها في نطاق ضيق بدأ يتسع رويدا رويدا ، حيث اقتطعت جزءا من منزلها لهذا العمل وبدأ يتسع حتى انها ازالت حديقة وكل الحواجز الى ان اصبح على ماهو عليه .اشارت الى ان ظروفها كانت سببا رئيسيا في ان تكون على ما هي عليه حيث كانت هي (الحنانة) الرئيسية هذا الى جانب اخريات . لها ابن وحيد وقفت على تربيته الى ان اصبح اختصاصي اشعة وتزوج واتاها بـ(غفران) التي كانت سببا في ان تنزل اللافتة القديمة للمحل وتصبح له عنوانا .

محل عشة هو قبلة المستنيرات اللائي يعرفن مخاطر الصبغة ويلجأن للزينة الآمنة والطبيعية ، لها زبونات من الفنانات والمشهورات وزوجات وزراء ، تصف عائشة نفسها بانها ارخص حنانة في السودان لااسعارها العادية اولا ولتقديرها لظروف الاخرين ثانيا (العندو والماعندو مافي زول بطلع ساكت) ، وتضيف اهم شئ اننا بدأنا محاربة الصبغة لما لها من اضرار واضحة واصبحت حنة النشادر مقنعة وجاذبة لكثير من السيدات من ناحية صحية وطبية .

ما زالت عائشة مواصلة في مشوار الحنة بيدها على الرغم من انها مخدمة لعدد من الحنانات ، وتضع في اعتبارها وجود حنانات (سيوبر) ، بل وتخلق فرص تدريب للجدد عبر ترديد الحنة ، فالمتدربة لاتضع الحنه الاولى الا بعد مرور عام او يزيد: (أي حنانة جاتنا مارجعناها) ، ووصفتهن في مجملهن (ساترات حالن وشايلات اسر)، سألتها عن مكتسباتها ، ضحكت وقالت : لاعندي عربية ولا دهب فانا لازلت انفق على اهلي !.

نونة بائعة الآبري ، امرأة نحيلة تبدو عليها المعاناة ، هي من اوائل من التحقن بمحل عائشة ، طردها زوجها من المنزل هي وابناءها وكفاها هذا الرزق القليل قالت ان زوجها تركها بعد ان تزوج اخرى وكان عليها ان تتحمل مسئولية ابنائها لذلك كان لابد لها ان تعمل ، ورغم اصابتها بالسكري فقد بدأت بالحنة السادة ثم الترديد وتقشيرها ، اضافة الى ان لها خمس عشرة سنة في (عواسة ) الابري بدأته في منزلها واصبح لها زبائنها الامر الذي اسهم في تعليم ابنائها بصورة كبيرة فمنهم من يحمل ماجستير في الاقتصاد والعلوم السياسية ، بيطرة ، ادارة اعمال وغيرها واشارت الى انها لم تتلق مساعدة من احد ولم تمد يدها الى احد فهذا القليل باركه الله لها.

ملكة بائعة الاكسسوارات يبدأ مشوارها يوميا من ام درمان الى اركويت وهي تحمل صندوقا صغيرا يضم الاكسسوارات و(الدهب الصيني) ، قالت ان صندوقها الصغير هذا هو المورد الرئيسي للمنزل ، فعدا الايجار هو يقوم بكل شئ ، قالت انها رغم تعبها الا انهم لا يجدون مساعدة من الدولة فابناؤهم يتخرجون من الجامعات ولايجدون عملا ، واشارت بيدها نحو صبية قالت انها ابنتها تخرجت من هندسة كيميائية ولم تجد عملا لذلك جاءت بها الى عريشة عشة وتعلمت ترديد الحناء .

الاستاذة فتحية تركت التدريس واستقر بها المقام وطاب في عريشة الحنة قالت لي: انا مبسوطة وسعيدة مرتبي (بطلعو) في اسبوع من هنا واشارت الى كيس الحناء بيدها . واضافت : وجدت ان صنعتي في يدي ، والحكومة لا تساعدنا بالرواتب المحفزة ، عندما جئت الى هنا كان شكلي لا يختلف عن شكل الاولاد الذين ادرسهم الان الوضع اختلف حتى صحتي اصبحت احسن من الاول !.، واضافت اخرى انها خريجة علم نفس رياض اطفال وكانت تعمل في روضة لكنها وجدت ان العمل هنا افضل من الوظيفة هذا الى الجانب الاجتماعي فالمحل بمثابة (صالون) يضم مختلف الثقافات .، (وعد) ابنة ملكة قالت انها حفيت من التردد على لجنة الاختيار وفي الاخر قنعت بنصيبها واشارت الى انها تريد مواصلة الدراسة فقد عزمت دراسة القانون الذي تمنته موضحة ان ضيق ذات اليد قد حرمها العام الماضي لكنها وفرت رسومها لهذا العام.

عريشة الحناء فتحت باب الرزق للكثير من النساء او كما قالت احداهن (لو ما الحنة ما كنت لقيت وظيفة)، محل عائشة بدأ بخدمات مجانية للزبونات من شاي وقهوة وحتى وجبة انحسرت بتزايد الاعداد بل واصبحت ضمن البائعات من تبيع الشاي والقهوة .

ضمن من ضمتهن العريشة دكتورة وباحثة نفسية بجامعة الاحفاد فضلت عدم ذكر اسمها قالت انها معجبة بتجربة عائشة ودعت كثيرا من الباحثات من طالباتها للوقوف عليها . فهي ترى انها ساهمت في رفع الدخل الاسري فهي فتحت محلها لحرف صغيرة او مشاريع الدخل الصغيرة اضافة الى اسهامها كحنانة في تقليل الآثار السالبة للحنة بالاتجاه الصحي للحنة الطبيعية ، هذا الى جانب اسهامها بصورة غير مباشرة في التدريب من خلال الحنانات الجدد . واضاف الدكتورة ان عائشة ادارية ناجحة قابضة وفارضة لاحترامها هذا الى جانب ان محلها به جانب اجتماعي للونسة والترويح فهو مكان (تنفيس) للكثيرات من النساء حيث يجدن فيه وقتهن الخاص .

الراي العام

تعليق واحد

  1. وهولاء فى ذمتك ياالبشير والى يوم الدين والى ان تلقى الله ورسوله !!! وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته !!! ولا انت رعيتك ناس الحوش ؟؟…. اقصد ودبانقا؛ ورعيتك الخاصه الحرم المصون وداد وام الفقراء الست فاطمه زولة الله ساكت ماعندها شدائد باينه للناس !!!!والمهم المحل دا وين ؟؟؟؟؟ ليش كاتبة المقال ترسب فى المقال ؟؟؟؟ موضوع الانشاء اهم حاجه ال LETTER HEAD !!! وبرضوا نمشى نشترى ومساعده …….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..