انتشار الجيش المصري لتأمين البلاد قبل مظاهرات لمؤيدي الرئيس ومعارضيه

بدأ الجيش المصري عملية انتشار واسعة في عموم البلاد، أمس، وذلك قبل أيام من مظاهرات حاشدة يمكن أن تسفر عن صدامات خطيرة بين القوى الإسلامية المتشددة والداعمة لرئيس البلاد، والتيارات المدنية. وأعرب دبلوماسيون غربيون عن مخاوف من الوضع في البلد الذي يمر فيه المجرى الملاحي لناقلات السفن والنفط، ويجاور كلا من إسرائيل وقطاع غزة الذي يهيمن على الحكم فيه إسلاميون متشددون أيضا. وأعربت الولايات المتحدة عن أن الجميع يشعر بالقلق مما يمكن أن يجري في مصر.

وقال شهود عيان إن آليات عسكرية شوهدت تتحرك في مدن قناة السويس وفي سيناء وعلى مداخل القاهرة وبعض مدن الدلتا (شمالا) والصعيد (جنوبا)، لتأمين المظاهرات التي يعتزم المعارضون المدنيون الذين يطالبون بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، القيام بها يوم 30 يونيو (حزيران) الحالي، ويستبقها الإسلاميون المؤيدون للرئيس محمد مرسي بمظاهرات يوم غد (الجمعة) في القاهرة وعدة محافظات تحت عنوان «الشرعية خط أحمر».

وهددت قيادات إسلامية موالية للرئيس بالدفاع عن وجوده في الحكم، بكل السبل بما فيها اللجوء إلى القتال. وقال قيادي من الجماعة الإسلامية التي مارست العنف ضد الدولة لسنوات في تسعينات القرن الماضي، في مؤتمر أمام حشد من أنصاره في الصعيد، إنه على استعداد لشحن 100 ألف للقاهرة للقتال دفاعا عن «شرعية الرئيس المنتخب».

ويزعم معارضو الرئيس أنهم تمكنوا طيلة نحو شهرين من جمع أكثر من 15 مليون توقيع من مواطنين لمطالبة رئيس الدولة الذي جرى انتخابه في مثل هذه الأيام من العام الماضي، بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لأنه «لم ينفذ ما وعد به في برنامجه الانتخابي، وأن الأمور في البلاد تزاد سوءا».

ويقول محمود بدر مؤسس حملة «تمرد» التي أشرفت على جمع ملايين التوقيعات الرافضة لاستمرار الرئيس، إن مظاهرات المعارضين سلمية. ويضيف محمد حسين، أحد المشاركين في تنظيم مظاهرات 30 يونيو الحالي أنهم سيدافعون عن أنفسهم ضد أي هجوم على مظاهراتهم من جانب الإسلاميين.

ويتكون معارضو الرئيس من خليط من تيارات شبابية ثورية لهم رؤى سياسية غير واضحة المعالم بشأن المستقبل، ويدعمهم في مطالبهم زعماء أحزاب؛ أبرزها جبهة الإنقاذ التي يقودها الدكتور محمد البرادعي. لكن جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها من الأحزاب الإسلامية يتهمون رجال الرئيس السابق حسني مبارك، بتغذية القلاقل ضد الرئيس مرسي.

ووقعت اشتباكات في أماكن متفرقة من البلاد بين الفريقين خلال الأيام الماضية، أصيب فيها العشرات، واستخدمت فيها الأسلحة النارية، وهو أمر ينذر بمزيد من العنف مع اقتراب موعد خروج الحشود الجماهيرية من الجانبين. وتحدثت مصادر أمنية أمس عن سقوط قتيل وإصابة نحو 50 آخرين في اشتباكات بين إسلاميين وآخرين معارضين للرئيس في مدينة المنصورة شمال البلاد.

وأعرب اثنان من الدبلوماسيين الغربيين في مصر، ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» أمس عن القلق من التداعيات التي يمكن أن تشهدها البلاد خلال الأسبوع المقبل. وقال أحد هذين الدبلوماسيين في تصريح، خارج التسجيل، إن كلا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية حاولا خلال الأشهر الثلاثة الماضية التوفيق بين المعارضين للرئيس ومؤيديه، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل حتى الآن. وأعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أن الكل يشعر بالقلق إزاء مصر، ويأمل أن لا يشوب المظاهرات المقبلة عنف، وفقا لما نقلته عنه وكالة «رويترز» أمس.

ويحظى انتشار الجيش بأهمية لدى العديد من المراقبين لأنه جاء في أعقاب قول وزير الدفاع المصري، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، إن الجيش لن يسمح بانزلاق الدولة إلى عمليات اقتتال في الشوارع، وهو ما اعتبره البعض إنذارا بالتدخل حال خروج الأمور عن مسارها في المظاهرات التي تسعى إلى إسقاط مرسي. وقوبلت قوات الجيش أمس بحفاوة من جانب المواطنين من التيارات المعارضة والمؤيدة للرئيس. ويزعم كل طرف أن الجيش يقف إلى جانبه.

وقامت قوات من الجيش أمس باتخاذ إجراءات للتمركز حول مدينة الإنتاج الإعلامي التي تعد بمثابة مقار للقنوات الفضائية الخاصة، وهي المدينة التي تعرضت عدة مرات لحصار حشود من الإسلاميين المؤيدين لحكم الرئيس مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وقالت مصادر في الرئاسة إن تحركات الجيش تجري بتوجيهات من الرئيس محمد مرسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتأمين البلاد من أي مخاطر أثناء المظاهرات المرتقبة «التي ندعو لأن تكون سلمية».

ووفقا للمصادر العسكرية، تشارك في تأمين البلاد قوات المنطقة المركزية والمنطقة الغربية وغيرها من أفرع الجيش، بغرض حماية المنشآت المهمة والمباني الحكومية ومحيط البنك المركزي. وكتبت بعض قوات الجيش على آلياتها «حماية الشعب». كما ظهرت قوات الجيش أيضا حول المباني والمرافق الحيوية في المدن الكبرى الأخرى وعلى رأسها مدينة الإسكندرية التي تعد بمثابة العاصمة الثانية للبلاد.

وقال شهود عيان من شبه جزيرة سيناء إن طلائع من قوات الجيش وقوات الشرطة تمركزت في عدة نقاط في شمال سيناء وغربها، لتأمين الحدود المصرية وقناة السويس، مشيرة إلى أن هناك قوات بدأت تكثف من وجودها على طول منطقة الأنفاق التي تصل بين مصر وغزة، وفي المنطقة المجاورة لإسرائيل، وكذلك عند منطقة مبنى الإرشاد الخاص بهيئة قناة السويس، وكوبري السلام ونفق الشهيد أحمد حمدي، في نطاق مجرى القناة، بعد مخاوف من مغبة قيام بعض المتشددين بعمليات انتقامية، في حال التضييق من جانب المتظاهرين المدنيين (أو من قد يؤيدهم من أجهزة الدولة) على الرئيس مرسي.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..