جنوب كردفان بين الحرب و التدويل

جنوب كردفان بين الحرب و التدويل

زين العابدين صالح عبد الرحمن
[email protected]

أكدت قيادة الحركة الشعبية في الشمال أنها قد اجتمعت في ولاية جنوب كردفان و شددت علي قضية الديمقراطية و العدالة و تغيير هيكلية المركز و هي قضايا سياسية لا غبار عليها و أكدت أنها سوف ترسل وفدا عالي المستوي إلي الولايات المتحدة و الدول الغربية بهدف إطلاعها علي ما يحدث في جنوب كردفان من تطهير عرقي و قتل للمدنيين و تشريد المواطنين و أضافت أنها تعمل من أجل أقناع العالم لكي يرسل لجنة تحقيق ليتأكد أنما حدث في جنوب كردفان من جرائم ترقي إلي أن تكون جرائم حرب ثم شكرت قيادة الحركة تحركات السودانيين في الخارج التي تؤيد الحركة و تعمل علي كشف ما يقوم به المؤتمر الوطني ضد المواطنين.
في ذات الوقت يتعامل حزب المؤتمر الوطني مع قضية جنوب كردفان بعدم مبالاة شديدة تؤدي إلي الاندهاش بنفس المنهج الذي كان يتعامل به في قضية دارفور حتى تصعدت القضية و أخذت بعدها الدولي و من ثم لم تجد حلا و أصبحت السلطة تتنقل من عاصمة إلي أخري و من مدينة إلي أخري بحثا عن حل و وقعت عشرات الاتفاقيات مع الحركات و ما توقع أحدها و إلا في اليوم التالي تتعرض إلي الانشقاق ثم يرفع الفصيل المنشق ذات المطالب السابقة مع الإضافة و رغم التوقيع علي وثيقة الدوحة مازال المجتمع الدولي يطالب الحكومة بأن تقدم تنازلات أخرها كان الحديث الذي أدلي به إبراهيم غمباري مبعوث الاتحاد الأفريقي و الأمم المتحدة إلي دارفور حيث قال يجب علي الحكومة أن تبدي مرونة في التعامل مع إقليم دارفور إذا تريد الاحتفاظ به وهذا تهديد مبطن باعتبار أن الإقليم يمكن أن يذهب كما ذهب الجنوب و الغريب أن المبعوث قال هذا الحديث بعد توقيع الحكومة علي وثيقة الدوحة مما يؤكد أن توقيع الوثيقة لا يعني حل المشكلة لآن حكومة الإنقاذ لا تسمع سوي صدي صوتها فهي لن تتقدم خطوة إلي الأمام و أنها ستظل تراوح في مكانها ” مكانك سر”.

أن قضية جنوب كردفان الآن هي في طريقها إلي التدويل إذا وافقت الحكومة أو لم توافق باعتبار أن سيادة الدول ليس لها قدسية إذا أثبت للمجتمع الدولي أن الحكومة تمارس جرائم إبادة أو ترتكب جرائم حرب ضد المواطنين و قد أكدنا في كتاباتنا أن قضية كردفان في الخارج تسير بذات الإجراءات التي سارت عليها قضية دارفور و يتعامل المؤتمر الوطني بعدم المبالاة و يرسل رسائل التحدي و رفع قبضات اليد في الهواء و التي لم تحل من قبل و لا من بعد قضية للإنقاذ بل تعقد المشكلة أكثر و القضية ألان يمكن أن تحتوي قبل أن تأخذ بعدها الدولي حيث أن المجتمع السوداني في الخارج أعظم أثرا من الدبلوماسية السودانية ويستطيع أن يفرض حصارا علي الحكومة و أفرادها كما حدث للبعض في قضية دارفور.

لقد نقلت مئات الصور الشنيعة و الفظيعة التي توضح مأساة المواطنين في جنوب كردفان و أن الآلة العسكرية و قذف الطائرات قد راح ضحيتها مئات المواطنين الأبرياء و هذه الصور قد ذهبت إلي العديد من منظمات حقوق الإنسان و المنظمات الخيرية و عرضت في العديد من الصحف في الغرب و الولايات المتحدة و تهز الصور مشاعر أية شخص يلقي عليها نظرة و يتعاطف مع الضحايا و هي التي تكون الرأي العام و من ثم تتحرك الشعوب في تلك الدول حتى و لو كانت مظاهرات ضعيفة و لكن بمرور الأيام سوف يزيد عددها و لم يصبح هناك طريقا للحكومات في تلك الدول سوي الاستجابة لمطالب المتظاهرين و من ثم تجد طريقها إلي الإعلام و بعد ما تدول القضية نجد صيحات الرفض من قبل السلطة الحاكمة التي تتحدث عن مؤامرة تحيكها الصهيونية العالمية و الدول الغربية و هي لم تتعظ إلا ضحي الغد.
أن بيان الحركة الشعبية الأخير مازال يحمل بين طياته أيضا البحث عن حلول سلمية بعيدا عن قرع طبول الحرب و إرسال رسائل التحدي التي تعقد المشكلة أكثر و أن القضية ما تزال في طور الاحتواء و البحث عن حلول وطنية بعيدا عن الأجندة الأجنبية و لكن منهج السلطة و المؤتمر الوطني منهج يؤدي إلي تدويل القضية رغم أن مساحات الحل متوفرة إذا حكمت العقل و المنطق و ابتعدت عن لغة الحرب و بالأمس قالت سوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة يجب علي الحكومة أن توقف الحرب التي تشنها في جنوب كردفان كما أن المجتمع الدولي كان قد أيد أتفاق أديس أبابا الذي وقعه المؤتمر الوطني مع الحركة الشعبية بحضور الرئيس السابق لجنوب أفريقيا و رئيس وزراء إثيوبيا ميلس زناوي ثم تراجع عنه المؤتمر الوطني و هذا لوحده يؤكد للعالم أن المؤتمر الوطني لا يسعي للحل بقدر ما هو يريد حلا عسكريا للمشكلة و هي الأجندة المتداولة الآن في الخارج.

أن قضية وقف إطلاق النار مسألة ضرورية من المفترض أن تكون لها الأولوية عند السلطة و الركون إلي الحل السياسي حيث أن عناصر و عوامل الحل السياسي متوفرة إذا حكمت قيادة المؤتمر الوطني العقل و ابتعدت صيحات الحرب و كنت قد ذكرت في مقال سابق أن الحوار من خلال طرف وطني ثالث محايد سوف تساعد علي الحل و الطرف الثالث يمكن أن تكون شخصيات وطنية مقبولة من الطرفين أو منظمات مجتمع مدني سودانية تملك فيها الحقائق أول بأول إلي الشعب بهدف أن يكون الشعب شاهدا علي نتائج الحوار و هي فرص متوفرة الآن و لكن كما قالت الحركة الشعبية أنها سوف تعطي المؤتمر الوطني فرصة شهر و يعني ذلك أنها لا ترفض الحوار و الآن الكرة في ملعب المؤتمر الوطني و تصعيد القضية في الخارج جاري و لم يوقف و الله الموفق.

تعليق واحد

  1. لعن الله التدويل فهو السبب الأول في تفاقم مشكلة جنوب السودان حيث يعتبر العمل بالتدويل أو القبول به الإبن الشرعي للتخلف حاكماً أو محكوماً !!! و كان الله في عون السودان الوطن الجريح سائلاً الجميع للجنوح نحو صوت العقل و لملمة الشمل و عدم تزويد الصهيونية العالمية بطبق دسم مجاني من قبل بلد مرشح لحل مشكلة الغذاء إقليمياً على الأقل !!! يسقط التخلف الأب الشرعي لتدويل القضايا الداخلية .;( :mad: ;( :lool:

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..