حين يقاوم جسمك فقدان الوزن

أظهرت الأبحاث أن الجسم يخفّض حاجاته إلى الطاقة خلال مرحلة فقدان الوزن. لكن قد يساهم النشاط الجسدي والحمية الغذائية في كسب هذه المعركة في نهاية المطاف.

إذا جرّبتَ يوماً فقدان الوزن، فأنت تدرك على الأرجح حجم الإزعاج الذي يرافق تخفيض نسبة السعرات الحرارية المستهلكة من دون فقدان الوزن على الميزان. لكن ثمة تفسير علمي جيد لهذه الظاهرة. خلال السعي إلى فقدان الوزن، يبدو أن حجم الطاقة التي يصرفها الجسم في أوقات الراحة (أي حجم السعرات الحرارية التي يحتاج إليها الجسم في وقت الراحة) تنخفض بسبب تراجع كتلة الجسم.
قد تبدو هذه الحيلة قاسية وغير منصفة، لكنّ هذا الرد هو في الحقيقة استراتيجية مبتكرة طوّرها البشر على مر القرون بهدف التصدي لزمن المجاعات وفق كريستوفر غاردنر، أستاذ حائز شهادة دكتوراه في مركز بحوث الوقاية في ستانفورد.
يقول غاردنر الذي أجرى أبحاثاً عن فقدان الوزن: «لا يعني ذلك أن الحاجات الأيضية تتراجع أثناء فقدان الوزن بل إن فاعلية الأيض تزداد. في مطلق الأحوال، يعني ذلك أن فقدان كيلوغرامات إضافية يتزامن مع تراجع الطاقة التي يحرقها الجسم عبر القيام بأمور بسيطة مثل جعل الرئتين تتنفسان والقلب ينبض والكلى تعمل».

أفكار جديدة

تطور مفهوم جديد عن فقدان الوزن بعدما اكتسب العلماء معلومات جديدة عن حاجات الجسم إلى الطاقة خلال فترة فقدان الوزن. تبين أن المقولة القديمة التي تدّعي أن تقليص السعرات الحرارية بمعدل 3500 وحدة يؤدي إلى فقدان نصف كيلوغرام هي غير دقيقة.
وفق مجلس عقدته الجمعية الأميركية للتغذية والمعهد الدولي لعلوم الحياة، تبين أن معادلة «3500 سعرة حرارية تساوي نصف كيلوغرام» خاطئة لأنها تفترض أن تكون تغييرات وزن الجسم موحّدة خلال فترات طويلة من الوقت. لكن أشار المجلس إلى تراجع الطاقة التي يصرفها الجسم في وقت الراحة خلال مرحلة فقدان الوزن بسبب تراجع كتلة الجسم. بالتالي، لن يؤدي تقليص 3500 سعرة حرارية إلى فقدان نصف كيلوغرام.
أنشأت المعاهد الوطنية للصحة مقاربة نموذجية رياضية عن فقدان الوزن خلال فترة معينة وهي تأخذ بالاعتبار طريقة تكيّف الجسم مع صرف الطاقة خلال مرحلة فقدان الوزن، وقد نُشرت تلك المقاربة في مجلة «لانسيت» في عام 2011. ذكر الباحثون في المعاهد الوطنية للصحة أن أصحاب أعلى نسبة من الدهون في الجسم يفقدون كيلوغرامات أكثر من أصحاب أقل نسبة دهون، وأنّ رد وزن الجسم على أي تغيير في استهلاك الطاقة يكون بطيئاً.

عوامل مقاومة

يتعلق جانب آخر من معضلة فقدان الوزن بواقع أن كل فرد لديه حاجاته الخاصة من الطاقة. كلنا نعرف أشخاصاً يأكلون ما يريدونه وفي أي وقت يريدونه من دون أن يكسبوا كيلوغراماً مقابل أشخاص حذرين في ما يأكلونه لكن يجدون صعوبة في الحفاظ على وزن صحي.
يعتبر ديفيد كاتز، مدير مركز بحوث الوقاية في جامعة يال، أن حاجات الطاقة عند الأفراد تكون متبدّلة جداً ولا تتعلق بخيار معين.
يحرق شخصان يقومان بالنشاط الجسدي نفسه نسبة مختلفة من السعرات الحرارية بسبب تداخل معقد بين الجينات وتركيبة الجسم ووظائف الأعضاء. وقد يختبر أي شخصين يتناولان الكميات نفسها من المأكولات عينها آثاراً مختلفة جداً على الوزن بحسب العوامل الجينية، ونسبة صرف الطاقة في وقت الراحة، وتركيبة الجسم، وكتلة الجسم، وعوامل أخرى.
لهذا السبب، أطلق كاتز موقع «التبادل الوطني لمقاومة فقدان الوزن» ([url]www.newlr.com[/url]) بهدف إنشاء منتدى يوفر المعلومات للأشخاص الذين يقاومون فقدان الوزن بشكل غير عادي.

ما الحل؟

قد تبدو هذه المعلومات المرتبطة بفقدان الوزن محبطة بالنسبة إلى آلاف الأشخاص الذين يحاولون فقدان الوزن، لكن ثمة أنباء سارة أيضاً. بحسب غاردنر، إذا فقدت الوزن وحافظت على ثباته لأشهر عدة أو سنوات عبر تناول الكمية نفسها من السعرات الحرارية، قد «يوافق» الجسم في النهاية على الوزن الجديد ويصبح أقل «فاعلية» مجدداً. قد تكون هذه النظرية منطقية، لكن يجب إثباتها، بحسب غاردنر.
هل من حمية غذائية معينة يمكن أن تساهم في مقاومة الرد الأيضي على فقدان الوزن؟ صحيح أن إحدى الدراسات رصدت منافع الحمية التي تنخفض فيها كمية الكربوهيدرات، لكن يشدد الباحثون على عدم وجود أدلة كافية لتأييد حمية معينة دون سواها. يوضح غاردنر: «أشك في أن نُجمع يوماً على حمية تكون مثالية للجميع. وفق حدسي الخاص، تتعدد الحميات المثالية ويكون بعض الأشخاص أكثر ميلاً إلى النجاح في مساعيهم استناداً إلى حمية معينة أكثر من غيرها».

النجاح في فقدان الوزن

نعلم أن آلاف الأشخاص نجحوا في عدم استعادة نسبة مهمة من الكيلوغرامات المفقودة. ثبت ذلك في «السجل الوطني للسيطرة على الوزن»، وهو أكبر تحقيق للحفاظ على الوزن على المدى الطويل في الولايات المتحدة.
بقيادة باحثين من كلية براون الطبية وجامعة كولورادو، يتعقب «السجل الوطني للسيطرة على الوزن» أكثر من 10 آلاف فرد خسروا نسبة مهمة من وزنهم (13 كيلوغراماً على الأقل) ولم يستعيدوا الكيلوغرامات الزائدة طوال سنة على الأقل. تشير النتائج التي توصل إليها «السجل الوطني للسيطرة على الوزن» إلى إمكان فقدان الوزن على المدى الطويل. لكن يتطلب الأمر بعض الوقت والحذر والاجتهاد.
تشير الأبحاث إلى نجاح التجربة عند 20% من أصحاب الوزن الزائد وفق دراسة نُشرت في «المجلة الأميركية للتغذية العيادية» في عام 2005. وفق بحث نُشر في مجلة «البدانة»، كلما نجح الفرد في عدم استعادة الكيلوغرامات المفقودة لفترة أطول، تقلّ استراتيجيات الوقاية التي يحتاج إليها. ما زلنا نحتاج إلى تعلم الكثير عن علم فقدان الوزن المعقد، لكن قد يحمل سجل الوزن الوطني عدداً من الأجوبة والنتائج الواعدة في هذا المجال.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..