مولد كلب نباتي

حين أضرب سكان قرية معدوم عن شراء اللحوم من أسواق شبه المدينة التي تبعد عنهم عشرات الأميال وذلك بسبب شبهة بيع بعض الجزارين هناك للحوم الحمير عادوا لقريتهم القاحلة التي كان قد قضى الجفاف فيها على حيواناتها ونهبت مليشيات طفبوعية بقية ماشيتها.. معدوم مطابقة لاسمها واقتصر غذاء الناس فيها على الذرة مع ندرتها واللوبيا والويكة (الضرّابة) فأصبح ذلك طعامهم صباح – مساء. لكن أصبحت معدوم قرية يحلم أطفالها بالحليب والبيض فالقرية عدمت الدجاجة التي تلقط الحب.
وهكذا وجدت الكلاب نفسها في وضع حرج فأصبحوا يرمون لها بالمشك وبقايا الطعام الخالية من العظام. وهكذا قادت هذه التحولات إلى مولد كلب نباتي وهو تحور يجعلنا نفترض أن الأفيال كانت مفترسة وآكلة لحوم فلما قضت على كل الحيوانات في الغابة بمعاونة الحيوانات التي أقل منها ضراوة ووحشية مثل الأسود والنمور والفهود تحولت حذر الانقراض لكائنات نباتية وشيئاً فشيئاً تخلى الفيل الذي كان أقوى وأضخم حيوان عن حالة كونه ملك الغابة لكن تاريخه في الفتك جعله مهاباً وهو نباتي مسالم إذ بوسعه إن غضب أن يقتلع شجرة.
لكن تلك قصة أخرى.
فالكلب النباتي الذي ظهر في عهد الطفابيع بات الآن يأكل من خشاش الأرض وإن عثر يوماً على رفيقة له نباتية فالعالم موعود بتحور كبير في فصيلة الكلاب ربما يضيفها الطفابيع لقائمة إنجازاتهم الخالية من اللحوم والعظام تلك القائمة النباتية المثيرة لشر البلية التي أوشكت أن تصيب السكان بالسَّعر .
بشرى الفاضل رجل مبدع لقد ظللت ابحث عن المزيد لاقراءه بعد ان ادهشتنى ايقونته ( حكاية البنت التى طارت عصافيرها) وانا وقتها كنت برفقة استاذنا احمد الفضل فى المدينة الوادعة .. كان ذلك منذ سنوات طويلة خلت ..
لعلها سخرية الحياة أن يمد الله في آجالنا لنشهد تحولات دراماتيكية يشهدها مجتمعنا السوداني الذي بدأ معاصرا ثم ما لبث أن انكفأ على وجهه في جب مظلم; نصوصك الساخرة تفوق حد الخيال.
تحياتي لصنائعي القصة المحترف.
متعك الله بالصحة والعافية أستاذي الدكتور بشرى. دمت مبدعا.