الساقية مدورة..اا

حروف ونقاط

الساقية مدورة!!

النور أحمد النور

ظلت النخبة السودانية منذ استقلال البلاد تردد أن السودان يمر بمنعطف خطير،ومرحلة دقيقة وغير ذلك من العبارات التي تشيىء بأننا امة في فترة انتقالية ،رغم تعاقب أنظمة الحكم والوجوه السياسية في الحكومات العسكرية والمدنية ،وحتى بعد انفصال الجنوب لا يزال إحساس الانتقال واللاستقرار هو المسيطر، ولعل ابرز مظاهر حال السيولة التي نعيشها أن دساتيرنا انتقالية ولم نتواثق على دستور دائم.
لم نستطع أن نحقق تراضيا وطنيا وقواسم مشتركة تكون سقفا في التعامل مع القضايا الوطنية، يمثل تجاوزها خطا أحمر،لذا ظل النزاع السياسي والصراع العسكري ولغة الرصاص لا الحوار هي المعتمدة لدى نخبنا في معالجة أمورنا السياسية،فظلت جبهتنا الداخلية مفككة وعرضة للاختراق، وبلادنا مفتوحة أمام القوى الأجنبية لتحقيق أجندتها الخبيثة بأيديها تارة وبأيدي بعض بني جلدتنا تارة أخرى.
والمتفائلون كانوا يعتقدون أن مساومة نيفاشا رغم ما بها من ثقوب ستكون محطة تاريخية فاصلة نحو مربع جديد من السلام والاستقرار وتجاوز لغة الرصاص،ولكن للأسف فقدنا جزءا عزيزا من الوطن بسكانه وموارده،ولم تسكت البندقية ولم يتحقق السلام، وظلت الدماء تسيل والدموع تنهمر والنزف مستمر.
ويبدو أن احدث الحلقات التي ستزيد من حالة الاستقطاب السياسي والتوتر الأمني والعسكري هو توقيع « الحركة الشعبية – قطاع الشمال» اتفاق تحالف مع فصيلي عبد الواحد محمد نور ومني اركو مناوي في منطقة كاودا بولاية جنوب كردفان،وبالطبع هو تحالف للتصعيد العسكري بين فصائل عسكرية وليس تعزيزا السلام وجلب الرفاهية.
الإعلان السياسي لـ»تحالف الجبهة الثورية السودانية» شمل قضايا أبرزها تأسيس دولة تُحترم فيها حقوق الإنسان كما حددتها المواثيق الدولية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية بفترة انتقالية مدتها ستة أعوام تطلع بمهام وضع دستور انتقالي للدولة وفق مبادىء حل قضايا السودان وتأمين خصوصيات جميع المناطق التي تضررت بالحروب والنزاعات المسلحة والعمل على حلها ، وإتاحة الحريات العامة وحقوق الإنسان والديمقراطية وحكم القانون والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة، واستقلال القضاء والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وإقرار الوحدة الطوعية لجميع أقاليم السودان، واعتماد مبدأ الشفافية والمحاسبة وكفالة الحريات العامة بما في ذلك حرية التعبير والتنظيم والتجمع والاعتقاد والفكر،وإقرار مبدأ تقاسم السلطة والثروة على أساس نسبة سكان الأقاليم مع تطبيق مبدأ التمييز الإيجابي للأقاليم والمناطق المتضررة بالحرب.
هذه قضايا لا خلاف عليها وهي برنامج سياسي يصلح لحزب أو قوى سياسية متحالفة، ولكن التحالف الجديد اختار الطريق الخطأ وهو العمل العسكري مما يعني أن الإيمان بالعمل السياسي الدؤوب والتواضع على الاحتكام إلى الشعب ليس خيار من يستعجلون الوصول إلى السلطة عبر فوهات البنادق.
لقد رزئت البلاد بنخبها وتكالبهم على السلطة وتقديم مصالحهم الضيقة على المصلحة الوطنية، ولا يهمهم أن احترقت دولتهم أو عاش شعبها تحت ظلال السيوف، يدفع ثمن صراعاتهم السياسية فقرا وجوعا وعنتا ،ألم يحن الوقت لتحقيق جبهة وطنية عريضة عبر حوار وطني بلا رقيب أو وسيط لإنهاء حالة النزاع المستمرة على «كيكة السلطة،» بتوزيع السلطات ولا مركزية الحكم،وإقرار عقد اجتماعي يعالج الاختلالات الموروثة ويستوعب التنوع وتسوية صراع الهامش والمركز واقتسام موارد البلاد بعدالة؟،وفي حال لم يتحقق ذلك فلا ننتظر إلا مزيدا من الحرائق.

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..