هل صار العلاج بالهرمونات آمنًا ؟

أصدرت منظمات بارزة توجيهات جديدة بشأن العلاج بالهرمونات، علماً أن هذا العلاج أدى إلى توجيهات محيّرة ومثيرة للجدل خلال القرن الماضي.
منذ عام 1960 تقريبًا وحتى 2002، اعتاد الأطباء وصف العلاج بالهرمونات للحدّ من عوارض سن اليأس وحماية النساء من حالة تقتل عددًا كبيرًا منهن: مرض القلب. ولكن في مطلع عام 2002، أظهرت تقارير صادرة عن دارسة كبيرة متقنة في عنوان «مبادرة صحة المرأة» أن العلاج بالهرمونات يزيد مخاطر النوبة القلبية، السكتة الدماغية، الخرف، سرطان الثدي، والجلطة في الرئتين والساقين. نتيجة لذلك، صار الأطباء يفضلون الابتعاد عن العلاج بالهرمونات.
تذكر الدكتورة مارثا ريتشاردسون، بروفسورة مساعدة متخصصة في طب التوليد والعقم والأمراض النسائية في كلية الطب في جامعة هارفارد: «لم يتوقع أحد نتائج «مبادرة صحة المرأة»، ما دفعنا إلى المبالغة في رد فعلنا».
المعضلة
لا شك في أن العلاج بالهرمونات يساعد المرأة على التكيّف مع عوارض سن اليأس المزعجة. ولكن هل يحميها حقًّا من مرض القلب، كما اعتقد الأطباء قبل عام 2002، أم يزيد خطر الإصابة بهذا المرض، كما أظهرت «مبادرة صحة المرأة»؟
بلغ متوسط عمر النساء اللواتي شاركن في «مبادرة صحة المرأة» نحو 63 سنة. وبالنسبة إلى المرأة في هذه السن، يُعتبر خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية نتيجة العلاج بالهرمونات حقيقيًّا، لكن أظهرت الدراسات الأخيرة أن العلاج بالهرمونات يحمي النساء تحت سن الستين. على سبيل المثال، استخلصت دراسة دنماركية نُشرت في أكتوبر 2012 في مجلة BMJ أن خطر الموت أو الإصابة بقصور في القلب أو نوبة قلبية يتراجع في حالة النساء اللواتي يتناولن العلاج بالهرمونات طوال 10 سنوات بعد سن اليأس، من دون أن يرتفع خطر إصابتهن بالسرطان، الجلطة، أو السكتة الدماغية.
العلاج بالهرمونات:
– يشمل عادة تركيبة من الإستروجين والبروجستيرون (أو نسخة اصطناعية تُدعى بروجستين). وإذا خضعت المرأة لجراحة استئصال الرحم، تحتاج إلى تناول البروجسترون الذي يساهم في الحؤول دون حدوث أي تراكم غير طبيعي في بطانة الرحم، ما يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
– يساهم في الحد من عوارض سن اليأس، خصوصًا الهبات الساخنة، التعرق ليلاً، تهيج المهبل، جفاف البشرة، وأحيانًا تشوش الذهن، تراجع الرغبة الجنسية، وتقلبات المزاج.
– تتوافر على شكل حبوب، لصقات توضع على الجلد، كريمات، {جيل} ، حلقات مهبلية، ولولب.
توصيات الخبراء الجديدة
في يوليو 2012، سعى تكتل من 15 مجموعة طبية، شملت جمعية سن اليأس في أميركا الشمالية، إلى تبديد هذه الحيرة وأصدر بيانًا أعلن فيه أن العلاج بالهرمونات مقبول، شرط أن يُستخدم لفترة محدودة في حالة نساء صحيحات يعانين عوارض واضحة بسبب سن اليأس. كذلك من الضروري ألا يتخطى سنهن التاسعة والخمسين، أو ألا يتجاوز العلاج فترة العشر سنوات بعد انقطاع الدورة الشهرية. فلا يزيد الاستعمال القصير الأمد في مثل هذه السن خطر إصابة المرأة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، فضلاً عن أنه يخفف من عوارض سن اليأس.
توضح الدكتورة ريتشاردسون: «تعاني 10% من النساء عوارض قوية خلال سن اليأس، فيتملكهن الحزن، لكن الهرمونات تحسّن حالتهن».
في أكتوبر 2012، طرح فريق العمل الأميركي للخدمات الوقائية مراجعة تنصح مرة أخرى بتفادي العلاج بالهرمونات للوقاية من حالة طبية مزمنة،لا لمعالجة عوارض سن اليأس. وتوافق الدكتورة ريتشاردسون على هذه التوصيات، وتؤكد أن ثمة وسائل أخرى للوقاية من حالة مزمنة، مثل مرض القلب، ومعالجتها.
ما عليكِ فعله؟
إن كنت تعانين عوارض قوية في سن اليأس، وصحتك جيدة عمومًا ولم تتخطي التاسعة والخمسين من العمر، تقترح الطبيبة ريتشاردسون أن تقصدي عيادة طبيب متخصص، فلا يزيد العلاج بالهرمونات القصير الأمد خطر إصابتك بمرض القلب. أما إن كنت تعانين عوارض محدودة ولا تودين أخذ العلاج بالهرمونات، فثمة خيارات بديلة تشمل تغييرات في نمط الحياة وبعض الأدوية الأخرى.
تذكر الدكتورة ريتشاردسون: «ثمة أدوية تحدّ من الهبّات الساخنة، مثلاً، وتذكّري أن ترتدي ملابس خفيفة، تنامي في غرفة مبرّدة، وتحملي معك مروحة صغيرة».
إجابات د. مارثا ريتشاردسون
– مَن يُعتبرن مرشحات لأخذ العلاج بالهرمونات على الأمد القصير؟
ما من جواب قاطع. أعالج النساء وفق عوارضهن، تاريخهن الصحي، وتفضيلاتهن.
– مَن يجب ألا يأخذن العلاج بالهرمونات؟
أقلق خصوصًا حيال النساء اللواتي يواجهن خطر الإصابة بجلطة ومَن يعانين سرطان الثدي. أما عوامل الخطر الأخرى، فلم يحسم الأطباء والخبراء أمرهم بشأنها بعد.
– كم يدوم العلاج القصير الأمد؟
تُظهر البيانات أن خطر الإصابة بسرطان الثدي يرتفع بعد أربع أو خمس سنوات. لذلك يتفادى معظم الأطباء وصف العلاج بالهرمونات لأكثر من ثلاث إلى خمس سنوات، ولكن على الطبيب دراسة كل حالة على حدة.
– هل تُعتبر الهرمونات المتطابقة بيولوجيًّا أكثر آمانًا؟
كلا، يستند مَن يشيعون هذه الفكرة إلى نظريات ودراسات سخيفة قديمة.
الجريدة