ما في كل مرة تسلم الجرة المواجهة بين الخرطوم ومجلس الامن ..

ما في كل مرة تسلم الجرة المواجهة بين الخرطوم ومجلس الامن ..
بقلم /نامدو أبكر موسي /امستردام
[email protected]
بات من حكم المؤكد ان مجلس الامن الدولي يعمل الان لاستدراج النظام في الخرطوم الي منعطفات خطيرة مستفيداً من إخطاء وعنتريات النظام وتجاوزاته في حق الشعب السوداني وعدم فهمه وتعاطيه للامور حيال ازمات السودان المختلفة .. ففي الفترة الماضية قبل استقلال دولة السودان الجنوبي كان المجتمع الدولي يتعامل مع النظام برعونة وبل دخل معه في هدنة غير معلنة رغم تصرفات النظام وسياساته حتي لا يخلق توتر يجعل النظام يتراجع عن التزاماته ازاء الاستفتاء والاعتراف بخيار شعب جنوب السودان .. ولكن النظام في الخرطوم اعتقد الامر تراخي وتراجع من المجتمع الدولي عن القيام بواجباته والتزاماته .. وظل النظام يقوم بتصرفات وخروقات عديدة علي مستوي دارفور ودعم المليشيات الجنوبية, فضلاً عن ازمة ابيي , وانهيار المفاوضات انذاك لحسم المسائل الخلافية بين الحركة الشعبية والنظام جراء تعنت الاخير.. وفي النهاية تمكنت الحركة الشعبية من استدراج النظام الي فخ جعلته يتصرف بعنترية وصبيانية بإحتلال منطقة ابيي وحل الادارة التي تقوم بتسيير دولاب العمل فيها .. مما جعلت المنظومة الدولية بقيادة امريكا تجعل من منطقة ابيي منطقة منزوعة السلام , ونشر قوات اثيوبية بتفويض من مجلس الامن الدولي لمراقبة الاوضاع هناك ,وحماية المدنيين, ومراقبة انسحاب قوات الحكومة السودانية من المنطقة .. وادت هذه الخطوة الي الهدوء النسبي ,وتم تمرير عملية استقلال الجنوب بسلاسة واحتفل الجنوب بإستقلالة بحضور دولي واقليمي كبيرين .. وبعد انتهاء الفترة الانتقالية بتنفيذ عملية تحقيق مصير الجنوب تصادف بمسألة انتهاء ولاية بعثة الامم المتحدة لحفظ السلام بشأن جنوب السودان ال(اليونميس) وعندما شرع مجلس الامن علي تجديد ولاية اليونميس, رفض النظام ذلك جملة وتفصيلاً, ووافق دولة السودان الجنوبي.. مما اضطر مجلس الامن علي اخذ موقف حكومة الخرطوم بعين الاعتبار وتراجع عن مبدأ تمديد ولاية بعثة الامم المتحدة في السودان, وشرع بتصفية وجود هذه البعثة في شمال السودان ولكن في ذات الوقت خطط مجلس الامن بمعالجة هذه الازمة عند مناقشة مصير بعثة الاتحاد الافريقي والامم المتحدة الهجين (يوناميد) لا سيما ان النظام ما زال يخرق القوانيين ,وينتهك حقوق الانسان , وتجاوزاته الكبيرة في جنوب كردفان , فضلاً عن ازمة دارفور, والوضع في ابيي , كل هذه الاسباب المنطقية جعلت مجلس الامن الدولي يقبل بموقف النظام ,وفي ذات الوقت عينه علي بدائل اخري تصيب النظام في مقتل .. والنظام اعتبر الامر انتصار له وهلل وكبر, ولا يدري ما تخبأه الايام وليس كل مرة بتسلم الجرة.
وبعد توقيع النظام لوثيقة سلام دارفور تصادف هي الاخري بمناقشة مجلس الامن الدولي لمصير ووضعية البعثة الاممية المشتركة التي من المتفرض تجدد لها كما تم في العام الماضي ..ولكن النظام انتهج ذات الاساليب لعرقلة تجديد ولاية البعثة المشتركة بحجة ان تم توقيع اتفاقية سلام دارفور ولا داعي لتجديد ولايتها .. من دون ان يأخذ النظام بعين الاعتبار الوضع في دارفور كما هو, والنازحين واللاجئين في معسكراتهم , والجنجويد ما زالوا ممسكين بسلاحهم, والطائرات ما زالت تقصف القري الامنة , والوافدين الاجانب ما زالوا ينعمون باراضي غيرهم الذين غادروها بعد عمليات الاراضي المحروقة ضدهم , والحركات المؤثرة عسكرياً خارج ما يسمي بسلام الدوحة , والمجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم لم يتم محاكمتهم وهم طلقاء بل ما زالوا يرتكبوا المزيد من الجرائم , علاوة عن التوصيف بان ما يدور في دارفور يهدد السلم والامن الدوليين ما زالت قائمة ..
في خضم ذلك كان مجلس الامن الدولي يطبخ في نار هادئة مسألة تجديد ولاية البعثة المشتركة , بل اضاف لها تفويض اخر اكثر اهمية وهو معالجة التحديات في كل انحاء السودان , وفقاً للقرار 2003 الصادر من مجلس الامن الدولي ..مما يعني ان هذه البعثة مناط بها معالجة التحديات في كل من جبال النوبة والنيل الازرق .. ولا سيما تدهور الاوضاع والتجاوزات ضد الانسانية هنالك في حق شعب جبال النوبة وربما يقوم مجلس الامن الدولي بخطوات اكثر تشدداً اذا تطورت الامور في جبال النوبة ..والانفجار المتوقع للاوضاع في النيل الازرق.. وتدشين عمليات عسكرية جديدة في دارفور كتداعيات لما يسمي بسلام الدوحة وما تليها من تداعييات امنية وانسانية .. ان مجريات الامور والاستقراءات توضح باننا امام فصل جديد وسياسة جديدة للتعامل مع نظام الخرطوم من مجلس الامن الدولي , خاصة الجدل الكبير الذي اثير حول عرقلة النظام لاجلاء جرحي من القوات الاثيوبية في ابيي واتهام حكومة اثيوبيا للنظام في الخرطوم بالتورط في استهداف قواتها هناك ..نتوقع صدور قرار يحظر الطيران في سماء المناطق المنكوبة في السودان واذا مارس النظام التعنت والعنتريات سيوضع نفسه امام نموذج ليبي جديد في السودان.