شارع المك نمر وأخواته (1-3) ..اا

شارع المك نمر وأخواته (1-3)

د.عبد القادر الرفاعي

بعد الذي نوهنا به في العنوان أعلاه نبدأ بغول الغلاء، فمما أذكر أنّ الصحفي في مجلة المستقبل أسعد حيدر والتي كانت تصدر من باريس كان قد كتب عن الإرث الثقيل بعد انتصار انتفاضة الشعب في السودان في ابريل 1985، ?إنّ كل الأحزاب والفعاليات السياسية السودانية تركز علي الانصراف نحو حل أزمة الخبز، مشيراً الى ما يؤكد أنّ الوضع الاقتصادي يعاني من تراكمات الأزمة التي خلفتها سياسات النظام البائد وان الحالة اليومية للسودان حالة متعبة وحالة مرهقة وهي إحدى العلامات التي تدلل علي ان الاقتصاد السوداني في حالة تدهور مستمر وهو يتطلب اجراءات عاجلة.

ولعل الوقائع اليومية تغني عن التفاصيل الكثيرة . ثمن رغيف الخبز وقتذاك كان عشرين قرشاً . والعائلة الواحدة المؤلفة من ستة اشخاص ، بحاجة يومياً وفي أقل تعديل إلي 12 رغيفاً. اي ببساطة الي 240 قرشاً وفي الشهر 750 جنيهاً . وفي المقابل الان وبعد مرور ربع قرن من ذلك تحتاج نفس الاسرة الي 12 جنيها خبزاً في اليوم وفي الشهر 360 جنيهاً . واذا قارنا تكلفة الخبزعلي ايام الانتفاضة والان فما هو الحد الادني للاجور في السودان اليوم وماذا يساوي وكيف تقابل الاسرة بقية احتياجاتها الضرورية هل يكفيها ثلاثة ملايين شهريا مثلاً ؟ ان الحديث عن الغلاء يلمس وتراً حساسا بالنسبة لاغلبية الشعب السوداني ، والتلاعب بالاسعار بحيث بات الفارق رهيباً بين الفئات محدودة الدخل وبين المستوي الضروري للمعيشة مما جعل اغلبية الشعب السوداني تعيش تحت المستوي الضروري للحياة ، ولكن منذا الذي سيتخذ اجراءات صارمة لوضع حد للاستغلال الذي يمارسه المتاجرون بقوت الشعب .

الناس في بلادي يتداولون امر الغلاء وحدته مما يستدعي اتخاذ تدابير ، لكن التدابير وحدها رغما عن اهميتها (لو اتخذت) لن تجترح معجزة ، والقوانيين وما يتبعها من اجراءات ? علي اهميتها ? لن تستطيع ان تفعل شيئا اذا لم يسهم الشعب نفسه في مكافحة الغلاء وفي الكشف عن المتلاعبين بالاسعار ولقمة الاطفال والعجزة والكادحين من اجل حياة تليق بهم.

والواقع ان مشكلة الغلاء عندنا قد اتخذت في العشرين سنة الماضية ابعاد خطيرة ، من ابرز مظاهرها ان الاسواق السودانية اصيبت في اعقاب سياسة التحرير ، بالتخمة من البضائع المستوردة من كل صنف ولون ، الي حد توافر اصناف من البضائع لا مثيل له حتي في اسواق مصر وبيروت ، والسبب في ذلك اطلاق حبل الاستيراد علي غاربه وعدم وجود دراسات صحيحة لا لحاجات السوق ولا لحاجات المستهلك . واذا اضفنا الي ذلك ارتفاع اسعار البضائع الضرورية والمنتجة محلياً وكذلك المستوردة بصفة عامة ، وبسبب عدم وجود ضوابط لهوامش الارباح علي تلك السلع، اضف الي ذلك مشاكل الحرب الاهلية والنزوح من الريف الي المدينة وما يترتب علية من مشكلات اصبحت مظهرا من مظاهر الازمة وعنوانا لتدهور أحوال السودانيين .

اننا لا نعالج هنا موضوعا اقتصاديا فقط بقدر ما نتحدث عن حالة سياسية واجتماعية حتى إذا وجدت من يلتقط القفاز ويسعي لمواجهتها . فان بعض خبراء الاقتصاد يرون بأن المواجهة ستكون صعبة وعسيرة .

يتبع????

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..