تحيا مصر وشعب مصر العظيم!.. علامات استفهام تحيط بالموقف الأمريكي

يوسف حسين

لعله من الطبيعي أن يكثر التساؤل عن السر الدفين وراء التعاون الامريكي الذي كان قائماً مع نظام المعزول د. مرسي. وعن السر في دموع التماسح التي ذرفتها الإدارة الامريكية حزناً وكمداً على زوال ذلك النظام بعد أن أطاحت به ثورة شعب مصر.

ويصب في ذات السياق غض نظر أمريكا والغرب عموماً، على غير المألوف في مثل هذه الأحوال، عن ما أشعله الأخوان من نذر فتنة دينية طائفية بين المسلمين والأقباط. وهناك الكيل بمكيالين مختلفين في إدانة امريكا القتل للمدنيين وحدهم دون قتلى العسكريين. ثم لماذا السكات المريب عن الإرهاب المسلح الذي شرعت في ممارسته جماعة الاخوان في أنحاء شتى من جمهورية مصر؟ ولماذا التلويح بإيقاف الدعم عن الجيش المصري وإلغاء المناورات المشتركة معه؟ ولماذا المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين من قيادات الأخوان بمن في ذلك د. مرسي رغم أن هناك اتهامات قضائية خطيرة محددة ضدهم تجري التحقيقات القانونية معهم فيها؟ ولماذا عموماً التدخل في الشأن المصري على هذا النحو المحموم؟

ولما كان الشئ بالشئ يذكر نتساءل ايضا عن لماذا كان سكات امريكا وصمتها التام عن كل الكبائر والخطايا التي مارسها نظام الاخوان وعلى رأسها قتل المتظاهرين في المقطم وأمام قصر الاتحادية. وتصريح الاخوان الذي يدمغهم بالضلوع في الارهاب حول أن الحملة في سيناء ضد الجيش المصري لن تتوقف مالم تعاد الشرعية لدكتور مرسي!

ومعلوم أن الإدارة الامريكية لم تنبث ببنت شفة على أي من سياسات نظام مرسي الذي كان يسير حثيثاً نحو الدكتاتورية المدنية تحت ستار الشرعية. ونخص هنا بالذكر سئ السمعة والصيت الإعلان الدستوري الذي ضرب في الصميم مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات، وعزل النائب العام، ودعوة البرلمان للانعقاد رغم قرار القضاء ببطلان انتخاباته ومخالفتها للقانون.

ولماذا الصمت المريب وعدم التعليق على رفض الاخوان القاطع لكل الوساطات التي هدفت للتسوية السياسية على كثرتها وتنوعها عالمياً واقليميا ومحلياً؟

ثورة 30 يونيو

ان الخطايا التي ارتكبها نظام الاخوان على مدى عام كامل هي التي قادت لمراكمة وتصعيد مقاومة الشعب المصري ضده. فكانت الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة التي قادتها جبهة الانقاذ وحركة تمرد وغيرهما من أدوات شعب مصر النضالية. وهذا على وجه الدقة والتحديد هو الذي قاد لاشتعال ثورة 30 يونيو 2013. وقد شارك في فعاليات تلك الثورة أكثر من 20 مليون بتوقيعاتهم على استمارات المطالب الشعبية و30 مليون بالتظاهر حيث ملأوا ميادين مصر عن بكرة أبيها. ومعلوم أن تدخل قيادة الجيش المصري، الحريصة على أنقفذ الإرادة الشعبية، قد جاء تلبية لكل هذا فقدمت خارطة الطريق التي تضمنت المطالب الشعبية.

لقد كانت تلك الثورة مبررة تماماً وتستند إلى حيثيات سياسية واجتماعية كافية ضد سياسات التمكين وإقامة دولة الحزب الواحد بديلاً للدولة المدنية الديمقراطية. وكان طبيعياً أن يهب شعب مصر بكل طوائفه وفئاته وقواه السياسية لقطع الطريق في وجه الخطر الداهم على مبادئ ثورة 25 يناير 2011 وأهدافها. كما كان طبيعيا تماماً كما حدث في ثورة 25 يناير أن تنحاز القوات المسلحة للإرادة الشعبية. وبهذا كانت ثورة 30 يونيو تأكيداً وزخماً جديداً لثورة 25 يناير وتصحيحاً لمسارها.

ما هو السر وراء الموقف الأمريكي؟

انه سر لو تعلمون عظيم، ولكنه قطعاً لا يحتاج إلى ويكيليكس لفض طلاسمه وفك شفرته. وللإحاطة بأبعاد هذا السر لابد من الوقوف أولاً على أهداف الامبريالية بزعامة امريكا في المنطقة العربية. أنها تهدف في الأساس للتمكين للكيان الصهيوني الاسرائيلي في الأرض العربية ولصرف أنظار الشعوب العربية عن قضاياها الأساسية والمحورية في التحرر وبناء اقتصادياتها المستقلة. بعيداً عن الهيمنة الإمبريالية بما يفضي للاستقلال الحقيقي والتقدم والرفاه الاجتماعي. ولذلك يستهدف المخطط الأمريكي صرف هذه الشعوب عن أهدافها وتشتيت جهوها في صراعات عقيمة تكرس تبعيتها للإمبريالية وتعجزها وتشل قدراتها في التصدي لمؤامراتها ومخططاتها. وذلك على شاكلة الصراعات الطائفية والدينية بين الاقباط والمسلمين وبين السنة والشيعة ودين العرب والكرد وبين المسلمين واليهود؟ وتصب هذه المخططات مباشرة في مصلحة اسرائل كما أنها تبرر لقيام دولة يهودية في أسرائيل على نحو ما أعلنه قادتها مراراً وتكراراً. وقد ظل هذا المخطط ثابتاً رغم تغير أشكال اخراجه للالتفاف حول الثورة في البلدان العربية وخنقها وهزيمتها. وفي هذا السياق كان هناك حلف بغداد أو الحلف الإسلامي في خمسينات القرن الماضي، وكان فراغ أيزنهاور بعد دحر العدوان الثلاثي على مصر، وكان كامب ديفيد ثم السوق الشرق أوسطية لتعزيز مواقع أسرايل في المنطقة وتطبيع العلاقات معها في كل المنطقة.

وعلى أيامنا هذه لبس هذا المخطط رداء الوسطية الإسلامية على النمط التركي وهو الرداء الأكثر خبثاً ودهاءاً الذي يلتحفه الإسلام السياسي. وترفع لواء هذا الرداء في المنطقة القوى الطبقية المتمكنة اقتصادياً ذات الارتباط الوثيق مصلحياً مع قوى الرأسمالية الليبرالية الجديدة الغربية والنظام العالمي الجديد.

انها قوى تتاجر بالإسلام الحنيف وقداسته لخداع الجماهير وانفاذ الإرادة الأميريكية والسير في ركاب المخطط الإمبريالي.

وكما يقول المثل العربي فقد صادف شن طبقة. إذ وجد المخطط الأمريكي الجديد ضالته في قيادة الاخوان في مصر التي تمثل اجتماعياً وطبقياً في المدينة والريف المصري فئة الرأسمالية وكبار الملاك. فعمدت بالتنسيق مع المركز العالمي للاخوان إلى تدجين وقولبة هذه القيادة على النمط التركي لقطع الطريق امام تطور ثورة يناير في مصر حفاظا على مصالح الامبريالية واسرائيل في المنطقة، وإبعاد مصر بلداً وشعباً عن مسرح الأحداث الثورية والديمقراطية والتحررية في المنطقة.

المخطط الجديد على أرض الواقع

أن وقوع نظام د. مرسي في فخ التدجين والقولبة الامريكي، يفسر لنا الحملة الشرسة والضارية لدى اركان النظام الرأسمالي العالمي بما في ذلك ركنه التركي، ضد نظام ثورة 30 يونيو في مصر. وهذا يعيد للأذهان صورة العدوان الثلاثي على مصر من قبل انجلترا وفرنسا واسرائيل بعد أن أقدم نظام عبد الناصر على تأميم قناة السويس منتصف خمسينات القرن الماضي. كما يفسر لنا من الجانب الآخر انفلات العنف والارهاب الدموي واسع النطاق الذي تقوم بتصعيده قيادة الأخوان في مصر. وذلك من منطلق (عليً وعلى أعدائي يا رب). أما عودة د. مرسي والسير قدماً على طريق المخطط الامريكي الجديد أو حرق مصر وأهل مصر واشعال نيران الفتنة الطائفية والدينية.

إن تعنت الأخوان ولجوءهم للعنف والارهاب يقود مباشرة الى تكريس عزلتهم يوماً بعد يوم، كما يتضح من تقلص عدد المشاركين في مظاهراتهم، وعن لجوء جماهير الشعب المصري لتكوين اللجان الشعبية للدفاع عن الأنفس والممتلكات في وجه الارهاب الدموي.

خاتمة

حقا لقد اجترح الشعب المصري وقواه السياسية، الثورية والديمقراطية، مأثرة ثورية عظيمة. وتجلت تك المأثرة في قطع الطريق أمام المخطط الذي كان يهدف لاخراس صوت شعب مصر عن قضايا مصر الداخلية وقضايا دورها الطليعي في العالم العربي. لقد تم توجيه ضربة موجعة للمخطط من قبل شعب مصر المعلم ولكنها قطعاً ليست قاتلة. بل تحتاج للجهود من كل الشعوب العربية للسير بها خطوات للامام والايجابي على هذا الطريق أن عدداً متزايداً من البلدان العربية، بما في ذلك السعودية، قد أعلن دعمه للسلطة الجديدة في مصر سياسياً واقتصاديا.

ومع كل ذلك لا يستقيم الزعم بأن الإسلام السياسي ومخطط التدجين والقولبة قد انتهى. ولا يستقيم الزعم كذلك بنهاية الإسلام السياسي. فالاخوان دون شك لهم رصيد جماهيري واسع. وبمدى قبولهم للتسوية السياسية ولترجيح الحل السياسي على حلول العنف والارهاب والمواجهات الدامية مع شعب مصر وسلطته الجديدة، بامكانهم استعادة وضعهم السابق في مجريات السياسة والعملية السايسية في مصر.

وختاما نردد مع شاعر الشعب المصري أحمد فؤاد نجم:

احفظوا لمصر المكان

مصر على العهد اللي كان

وانت عارفين شعب مصر

الميدان

تعليق واحد

  1. لكن المفروض
    الـفراعنة الجدُد.. لا يتعلمون شيئاً.. ولا ينسون شيئاً!!
    المقولة أعلاه التى هى عنوان هذا المقال قيلت عن ملوك البوربون لكن واقع الحال في مصر يقودنا إلى إِسقاطها على السيسى ورهطه!! في إِنقلابهم الوالغ في دماء المصريين.. وإِعلامهم الخائض في أعراض الأخوان.. كما إنه بالمقابل يمكن إِسقاطه على “إخوان مصر” وفي طرائقهم في الحكم والمعارضة.. فحكام مصر ومعارضيهم وإعلامهم .. “لا يتعلمون شيئاً ولا ينسون شيئاً تماماً كما “البوربون” وسيخُرج المصريون “كافة” لسانهم لكل ماهو سودانى ومن سودانى.. ويقولون “هى حَصَّلِتْ.. السودانيين البرابرة البوابين أولاد الأيه.. يتكلموا عن أسيادهم المصريين!!” كما نُشر في الأسافير من قبل.. وكما أخرج صاحب قناة الفراعين لسانه على الهواء مباشرة وأدار قبضة يده اليمنى على راحة يده اليسرى “كما تفعل الغوازى والقِحاب” على الهواء مباشرة وهو يعبَّر عن فرحته بعزل مرسى!!.
    في خطاب جماهيرى مصوّر.. يقول جمال عبدالناصر :- “في سنة 53 كنا نريد فعلاً مخلصين أنْ نتعاون مع الأخوان المسلمين.. على أنْ يسيروا في الطريق الصحيح الطريق السليم.. وقابلت المرشد العام للأخوان المسلمين وقعد وطلب مطالب .. طلب إيه؟؟ أول حاجة قال لى يجب أنْ تُقيم الحجاب في مصر.. يجب أنْ تقيم الحجاب في مصر.. وتخلَّى كل واحدة تمشى في الشارع تلبس طرحة!! وانفجرت الجماهير بالضحك وصاح أحدهم ..خليهو يلبسها هُوَّ.. وإزدادت الجماهير ضحكاً.. وتبسَّم عبدالناصر وواصل ” وأنا قلت له يعنى لو أى واحد قال هذا الكلام حنقول لو يعنى هترجعنا لأيام الحاكم بأمر الله اللى كان ما بيخليش الناس يمشو بالنهار لكن يُمشو بالليل!! وطلب حاجات بعد كده وقال بتقفل السينما ونقفل المسارح .. يعنى نخليها ضَلْمهَ خالص يعنى!! انتهى كلام جمال عبدالناصر ولم تنته المشكلة فلا حكَّام مصر ولا إخوان مصر تعلموا شيئاً أو نسوا شيئاً!!.
    ومن “لطائف” المفسرين أنَّ المولى عزَّ وجلَّ يرسل المرسلين إلى أقوام وأمم .. إلاَّ إلى مصر فأنه أرسل رسولين لشخص واحد “إذهبا إلى فرعون .. لأن أهل مصر تبعاً لحكامهم .. أليس لى حكم مصر هذه الأنهار تجرى من تحتى .. لا أرى لكم إلها غيرى.. لا أريكم إلاَّ ما أرى.. ءآمنتم له قبل أن آذن لكم.. والعديد العديد من الآيات التى تؤكد طغيان الفرعون على قومه المصريين .. ألم تر كيف أمر السيسى شعبه أن يخرج… فخرج!!.. أليس غريباً أن تطلب حركة “تمرد” حظر حركة “الأخوان”؟؟ أنظر إلى طغيان “التمرد” على “الدين”!!.. أليس عجيباً أن يتزامن تصفية المجندين في سيناء مع تصفية المعتقلين في “أبوزعبل”؟ أليس مريباً أن تعلو نبرة الحديث عن تبرئة مبارك مع اعتقال قيادات حزب الحرية والعدالة وأولهم مرسى.. وقيادة جماعة الأخوان وأولهم محمدَّ بديع؟؟.. أليس مضحكاً أن تطلب إسرائيل من أمريكا دعم الجيش المصرى؟؟ العدو الفعلى والمفترض.. أليس محيَّراً أن يُتهم البرادعى بالخيانة العظمى لمجرد إنه تقدم بإِستقالته من حكومة الإِنقلاب؟؟ أليست الصوره مقلوبة إذ يُعيَّن وزيرُ الدفاع رئيسَ الجمهورية؟؟ ثمَّ يؤدى القسم أمامه وزيراً؟؟.. ورئيس الجمهورية المؤقت لم يكن يحمل صفة رئيس المحكمة الدستورية إذ إنه لم يؤد القسم أمام الرئيس الذى اختاره.. فأدى القسم أمام المحكمه الدستورية.. والتى جرَّدها السيسى من صفة الدستوريه عندما أعلن في “بيانه” إلغاء أو تعليق العمل بالدستور!! فلم يعد هناك دستور لتكون هناك محكمة دستورية تعمل بموجبه..ثمَّ إن وزير الدفاع المعيَّن الذى عزل رئيس الجمهورية المنتخب .. لايريد أن يُوصف بأنه قائد الأنقلاب.. ثمَّ ينسى ويقسم بالله أكثر من عشرين مره في خطاب واحد وهو يرفع أصبعه الخنصر والبنصر مع إنْ الأصل أن يُشير بأصبعه السبابة.. أو أنَّ يرفع كفة يده كما فعل الغربيون ويقول أن اليد العليا في مصر للجيش والشرطة.. والشعب.. إستمع إلى “زلة لسان” السيسى وهو يقول “اللى مايرضيش ربنا إحنا معاهو”!! أنطقه الله بالحق الذى في ضميره إنهم آل فرعون لاينسون شيئاً ولايتعلمون شيئاً!!.
    سيبقى مرسى وإخوانه في السجن بضع سنين كما بقى يوسف الذى كان في سجنه من المحسنين “إِنا نراك من المحسنين” وخرج ليصبح عزيز مصر.. ويرفع أبويه على العرش.. ولن يحتمل الشعب المصرى “حكم الأخوان” فقد إعتادوا على الظلم والطغيان .. كما إن إخوان مصر لايعرفون التدرج ويتعجلون التمكين!! وحتى لاتكون حجتهم يوم القيامه “كنَّا مستضعفين في الأرض” فيقول لهم الله ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها.. إذن فعليهم الصبر أو الهجرة .. وليلتفتوا لأمر الدعوة وهو الأصل في عملهم .. لا الحكم.. فقد شاهدت في النت إستطلاعاً من الريف المصرى يظهر جهلاً فاضحاً بأبسط أمور الدين إذ أن كل المستطلعين من الجنسين لايحفظون سورة الفاتحة ولا يعرفون اسم نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.. والوثيقة عندى..
    إنهم لايتعلمون شيئاً ولاينسون شيئاً.
    ( تعليق: 0)

    هذا ما ما كتبه،،،أستاذنا الفاضل محجوب فضل بدري رأينا ان نعي نشره في كل صحف العالم حتي تعم الفائدة ،،،،،منصور محمد صالح العباسي.

  2. شى موسف للغاية ان الكتاب والسياسيين امثال يوسف حسين يقفون موقف مويد عملية ذبج الديمقراطية فى مصر بغض النظر من المتضرر المباشر ان كان مرسى او غير مرسى انهم يقفون موقف مخجل فقط لانهم يختلفون فكريا مع اخوان وللكن لا يعيرون اى اهتمام على تبعات الانقلاب العسكرى وهيمنة العسكر على مفاصل الدولة دعنا من ذكر الاوراح التى ازهقت فلن نقل انها لم تزهق بالله عليكم هل ما حدث فى مصر يصب فى صالح الديمقراطية
    طبعا الاجابة اذا كان ما حدث فى سودان 1969 فى صالح ديمقراطية وهللو كبرو لما حدث فاكنو اول من سيقو الى مقاصل واقصد الشيوعيون ولم تقوم لهم قائمة الى يومنا هذا
    مت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..