بين إتفاقية أبوجا والدوحة … أين المقارنة؟

بين إتفاقية أبوجا والدوحة … أين المقارنة؟

بشارة مناقو جدو المحامي
[email protected]

كثيرون من المحللين والكتاب يقارنون من خلال كتاباتهم وتحليلاتهم بين إتفاقية ابوجا للسلام التى تم توقيعها بين حركة جيش تحرير السودان بقيادة القائد مني اركو مناوي وحكومة المؤتمر الوطنى , و إتفاقية الدوحة الاخيرة .
ربما توجد مقارنة بين الإتفاقيتن من حيث الشكل ويمكن وصفهما بالاحادية, ولكن فى تقديري الشخصي وربما يوافقني الكثيرون لاتوجد المقارنة من حيث الموضوع والتوقيت ومن حيث والظروف السياسية والعسكرية الذي صاحبت الإتفاقيتن , حيث تم التوقيع على إتفاقية ابوجا للسلام فى نيجيريا 6/5/2006 أي بعد عام و نيف من التوقيع على إتفاقية نيفاشا للسلام التى وصفت بالشامل بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الوطني الحاكم ,وهي الإتفاقية التى أوقفت معاناة شعبنا في جنوب السودان, وبالرغم من مشاكسات ومراوغات المؤتمر الوطني التي تتسم بسؤء النية تجاه الاتفاقية إلا إن سفينة نيفاشا مضت في طريقها الشاق من دون توقف الى محطتها الاخيرة وحاملاً معها الحرية والسلام والإستقلال لشعب جنوب السودان .
حيث اصبح حزب المؤتمر وفقاً لبنود الإتفاقية بالشريك الاكبر للحركة الشعبية فى الحكومة الانتقالية و اصبح هنالك دستوراً إنتقالياً جديداً للدولة السودانية و إكتسب بموجبه المؤتمر الوطني على شرعية جديدة, و كان المفاوض الحكومي فى نيفاشا يتعامل تكتيكيا ويريد ان ينهي الصراع فى جنوب السودان مهما كلف الثمن بعد ما اصبحت هنالك جبهة جديدة فى دارفور,وهم يعلمون جيدا ليس باستطاعتهم مواجهة الجبهتين فى اَن واحد, و فرضت إتفاقية نيفاشا بشمولها واقعا جديداً على الصراع فى دارفور واصبح تركيز الجميع وخاصةً المجتمع الدولى على كيفية تنفيذ نيفاشا وفى ظل هذه الاجواء السياسية الجديدة بدأت مفاوضات أبوجا والغرض الاساسي من تلك المفاوضات ليس بالضرورة حل قضية دارفور حلاً شاملاَ بعد ثلاثة سنوات من إندلاعها, ولا توجد ثورة مسلحة فى التاريخ قديماً وحديثاً حققت جل أهدافها فى خلال ثلاثة سنوات….!
وفى ظل هذه الظروف البالغة التعقيد كان لابد من إتفاق سلام فى دارفور وذلك للاهداف الاتية:_
1_ أثبتت المفاوضات فى أبوجا بأن سقف مطالب أهل دارفور تصطدم بحيطة نيفاشا الخرصانية الضخمة المحصنة بالضمانات الدولية القوية, وأدلل على ما اقول بوقوف الحركة الشعبية والمجتمع الدولى فى صف المؤتمر الوطني برفض منصب نائب الرئيس الجمهورية لدارفور وذلك حتى لا يتم فتح النفافذة فى حيطة نيفاشا لكي لايخرج ويدخل من خلالها شيطان المؤتمر الوطني الخبيث.
2_ وقف إطلاق الناروذلك لتسهيل وصول المساعدات إلانسانية للنازحين واللاجئين وتخفيف معاناتهم.
3_إدخال قوات حفظ السلام دولية بغرض مراقبة إنتهاكات حكومة المؤتمر الوطني ومليشياتها ضد المدنيين العزل.
4_ ضمان أستقرار الاوضاع السياسية فى دارفور ولو نسبياً حتى تتم تنفيذ إتفاقية السلام الشامل كما خطط لها.
وإضافة الي ذلك حيث أثبتت الوقائع والحقائق السياسية والعسكرية بأن الكفاح المسلح فى دارفور لايجدي فى ظل إتفاقية السلام الشامل وهذا ما برهنتها الايام حيث واصل الرفاق الذين رفضوا التوقيع على وثيقة ابوجا فى نضالهم المسلح وبالرغم من الانتصارت هنا وهناك إلا إنهم لم يصلوا الى ذلك الهدف المنشود وهو تغيير نظام الابادة فى الخرطوم, الايد واحد ما تصفق والجبهة الواحدة ايضاً لاتصفق.
أما من حيث الاوضاع العسكرية و الميدانية عندما تم التوقيع على إتفاقية أبوجا كانت حركة جيش تحرير السودان تمتلك قوة عسكرية ضخمة ومنتشرة من أقصى جنوب دارفور الى شمال دافور ولديها أراضى محررة قبل السلام وبعدها ووقع مفاوضوها على الإتفاقية من مصدر القوة لا من باب ضعف مراعيين الظروف الموضوعية التى تقدمنا به فى سياق هذا المقال ,وحوٌلت الحركة النضال من الاحراش الى القصر الجمهوري وثبتت قيادتها مواقف وطنية شريفة بوقوفه الدائم الي جانب القوى الديمقراطية المعارضة فى القضايا المصيرية للبلاد وكان واعياً كل الوعي لمؤامرات المؤتمر الوطني وأفشل كثيراً منها, والحقيقة التى لم يعرفها الكثيرون وهي أن حركة جيش تحرير السودان على حرب دائم مع عصابة المؤتمر الوطنى طيلة فترة الاتفاقية وكبدهم خسائر كبيرة ,وفقدت عدد كبير من الشهداء ربما يحازي تلك التى قدمتها ما قبل التوقيع على اتفاقية ابوجا ,ورفضت دمج جيشها فى الجيش الحكومي لكي لا يتم إستخدامهم فى إبادة شعبهم وهذه هي القشة التى قسمت ظهر بعير إبوجا, وكشفت الإتفاقية النوايا الحقيقة للمؤتمرالوطني تجاه شعب دارفور حيث رفضت تنفيذ بنود الاتفاقية عمداً وقصداً بعد ما فشل فى إخضاع الحركة وجعلها عضواٌ مطيعاٌ فى أحزاب التوالى السياسي .
أما إتفاقية الدوحة للسلام جاءت فى ظروف سياسية بالغة الخطورة والدولة السودانية تمر بمنعطف خطير و مصيري حيث إنتهت إتفاقية نيفاشا للسلام بإستقلال جنوب السودان وتغيرت تركيبة الدولة السودانية جغرافياً وسياسياً و ديمغرافياً هذه من زاوية ,من زاوية اخرى جاءت هذه الاتفاقية فى توقيت التى شرعت فيها كل القوى السياسية السودانية الديمقراطية و قوى الهامش الثورية المسلحة العمل المشترك من أجل إسقاط حكومة الخرطوم وإعادة صياغة الدولة الشمالية المختطفة من المؤتمر الوطنى على اساس جديد تتفق حولها كل السودانين, وتغيير عقلية الإستعلا الديني والعرقي والثقافي التى لا تعترف بالأخر, وفى ظل هذه الظروف تأتي إتفاقية الدوحة من أجل ضخ دم جديد فى شرايين المؤتمر الوطني البالية والمهترئة بسبب الفساد والعنصرية والمحسوبية , والا ان الايام القليلة القادمة سوف تبرهن بإن دم الذي تبرع به الدكتور سيسي وجماعته للمؤتمر الوطني ستصبح دماً فاسداً ربما يؤدي الي قتل حزب المؤتمر الوطني ورميه الي مزبلة التاريخ من دون رجعة .
لكل ما تقدم ذكره فإن لإتفاقية أبوجا أهدافها الذي ذكرناه ومثلها لإتفاقية الدوحة, إلا ان إتفاقية الدوحة لازالت وثيقتها سرية وغامضة فى بنودها و تفاصيلها ولا يوجد من يدافع عنها سياسياً وإعلامياٌ الا أبواق المؤتمر الوطني وهنا تكمن الخطورة وسوء النية من الأطراف الموقعة إما من المؤتمر الوطني أو من جماعة تجاني سيسي أو من كلاهما وهذا هو الارجح وفقاً لمعطيات الواقع الماثل أمامنا ,لذا المقارنة بين الاتفاقيتين كلمقارنة بين الحقيقة والباطل.

تعليق واحد

  1. ناس سيسي ديل لغاية هسي ماقدرو يجوا الخرطوم ….الله يستر الجماعة ديل بكون اتورطو :mad: دقسة معلم جريمة هههههههههههههه كده تعالو اشرحو لينا اتفاقيتكم دا بعد داك نشوف ,النازحيين واللاجئيين فى انتظاركم (؟)

  2. الله يرحمك يا دارفور من مؤامرات المؤتمر الوطني يا سيسي نحن فى انتظارك بفارق الصبر سوف تجدنا صفاً واحداً ضد اتفاقيتك والحشاش يملى شبكتو:mad:

  3. ضرورة توحيد المهمشين والتحرك نحو الخرطوم كما قال الكمرت عبدالعزيز وحينها سوف يندم المجرمون………….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..