دنقلا… للأزمة وجوه أخري !!

حسن بركية

أقبلَ العيدُ ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّة
لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ مُكْفَهِرَّهْ
وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ جمرَهْ
ليسَ للقومِ حديثٌ غير شكوى مستمرَّة – ايليا ابو ماضي.

وفي دنقلا كان عيد هذا العام ( عيد المعاناة) وكانت الأحزان مثل نباتات صحراوية تنبت بلا سقيا ولا مطر، وظلت الكثير من الوعود الرسمية معلقة في الهواء ومشاكل القطاع الزراعي متواصلة ومتفاقمة والوضع الصحي لايسر صديق ولاعدو .. الخ .. وهناك من يقول أن الأوضاع علي مايرام وأن الحكومة (جابت النور وشارع الظلط) والوجه الآخر للحقيقة أن الأوضاع لم تتحسن بعد سد مروي وبعد دخول التيار الكهربائي وتقول الأرقام أن عدد سكان الولاية تناقص بعد سد مروي و أن الهجرة متواصلة.. بعيداً عن الوعود (الرسمية) والأرقام شبه الرسمية ووجهات النظر المختلفة حول مشاكل الولاية بصورة عامة والأوضاع في محلية دنقلا بصورة خاصة .. الواقع يقول المشاكل والعقبات التي تواجه المزارع وتقف حجر عثرة أمام تطوير القطاع الزراعي هي ذات المشاكل القديمة ومع إرتفاع جنوني في أسعار المدخلات الزراعية حتي أصبحت فوق طاقة السواد الأعظم من المزراعين وتمضي الأمور نحو الأسوأ وفي القريب العاجل سيجد المزارع الفقير ( البسيط) نفسه أجيراً في الإقطاعيات الزراعية.

ولاتزال وضعية المشاريع الزراعية الكبيرة في دنقلا مثل مشروع كوربا وغيره تثير الكثير من الأسئلة حول ملكيتها وطريقة إدارة مثل هذه المشاريع التي قامت علي حساب المشاريع والجمعيات التعاونية الأهلية وبعد أن قررت الحكومة الولائية بيع أراضي المشاريع والجمعيات التعاونيات لصالح إقامة المشاريع الكبري (تجميع الحيازات) ولاتزال كلمات القيادي الراحل فتحي ابراهيم شيلا ترن في الأذان عندما قال عقب عودته من القاهرة في العام 2001 بعد سنوات طويلة من الغياب ( المشاريع دي ماعندها هوية وزي جني الحرام …). وتعاني الزراعة من عدة مصاعب فوق طاقة المزارع ، هناك الأفات الزراعية وصعوبة المكافحة في غياب العون الفني والمادي من الجهات ذات الصلة وتعاني أشجار النخيل من الأمراض والأفات وعادت ( الحشرة القشرية) مرة أخري بصورة تهدد أشجار النخيل في أكثر من منطقة في دنقلا… والحديث عن توصيل الكهرباء للمشاريع الزراعية تعكس معاناة المزراع هناك وبعد أن قالت الحكومة الولائية علي لسان أكثر من وال وقيادي أن الحكومة سوف تتقاسم الكلفة مع المزراع وجد المزراع نفسه في وضع لايحسد عليه ، توصيل الكهرباء للمشروع الواحد يكلف المزارع أكثر من 20 مليون جنيه بالقديم ومن أين لمزراع أثقلت الأزمات كاهله بهذا المبلغ؟ – وهناك مشاكل أخري كثيرة منها غياب التخطيط السليم في المشاريع التي تسمي (كبري) وعلي سبيل المثال مشروع كوربا الزراعي في وحدة الحفير الإدارية في كل عام مستثمر جديد وطريقة جديدة ومحاصيل جديدة.

وعادت إلي واجهة الأحداث في الشمالية موضوع المبيدات الزراعية بعد الإستخدام المكثف لها في الأونة الأخيرة من قبل بعض الشركات والأفراد في الكثير من المشاريع الزراعية و .وتعتبر المبيدات الزراعية من أهم وأخطر ملوثات البيئة و التي هي عبارة عن مواد كيميائية سامة تستخدم لمكافحة الآفات و تؤثر على العمليات الحيوية للعديد من الكائنات الحية ,وهي أيضاً سامة للإنسان و الحيوان.. وتري كثير من الجهات والمنظمات بأن السرطان فى منطقة مشروع القامبيا(الشمالية) من أعلى المعدلات فى العالم. وأن أصابع الإتهام تشير إلى الإستخدام المكثف وبالطرق غير العلمية للمبيدات الكيميائية فى هذه المنطقة ولفترة تمتد إلى أكثر من نصف قرن ، وكان الدكتور شوقي محمد الحسن قد أشار في مقال منشور لمخاطر الإستخدام المكثف للمبيدات في الشمالية و أطلق جملة من الأسئلة حول مشروع القامبيا في الشمالية ظلت معلقة بلا إجابات وقال شوقي: (ماالغموض الذى يكتنف هذا المشروع فى هذه المنطقة . إذا كان الغرض تقديم العون العلمى والمادى للسودان كما قد يفسره البعض، فإن الولاية الشمالية ليست أكثر مناطق السودان كثافة بالبعوضة ووباء بالملاريا وكان الأجدى أن يوجه هذا العون إلى مناطق فى السودان أكثر تضررا بالملاريا والبعوضة وهى مناطق معروفة لعلماء علم الحشرات بل لعامة الناس. وما السبب وراء المكافحة بهذه الكثافة المفرطة للمبيدات الكيميائية بالرغم من علمهم بأن مجرد إستخدامها محظور فى معظم دول العالم وحتى الدول التى تسمح بها فهى تستخدمها بطريقة علمية وبإشراف إخصائيين ومدربين فى مجال المبيدات ).

ومن الزراعة ومكافحة الأفات والمبيدات الزراعية تبدأ الحكاوي ولاتنتهي وتظل فصول الأزمة متواصلة و في التعليم هناك قصص ومشاكل وأزمات لاحصر لها والأكثر وضوحاً وتأثيراً الأن في محلية دنقلا وفي وحدة الحفير الإدارية بصورة أكثر خصوصية هو التدخلات (الخارجية) في العملية التعليمية والتربوية … تنقلات للمعلمين دون أسس أو معايير وخرق واضح للوائح الخدمة وضوابط العمل ، تصعيد دون الوقوف عند سنوات الخبرة ومعايير مختلة .. مديرفني في مكتب التعليم بالوحدة الإدارية ولأسباب غير موضوعية (يعاقب) وينقل إلي مدير مرحلة ماقبل الأساس ( رياض الأطفال) وخانات مشغولة عبر (تعيينات سياسية) لأشخاص لايعملون في حقل التعليم ولهم أعمال أخري ويتقاضون رواتب دون وجه حق وبالمقابل كانوا سبباً في حرمان أخرين من العمل.. ومعلم في الدرجة العاشرة أو الثامنة يصبح مديراً لمدرسة وفي وجود زملاء له أكثر خبرة وفي درجات متقدمة جداً كل هذا وغيره يحدث والادهي والأمر أن ينظر إلي كل هذه التجاوزات وكأنها (أمور عادية) وتمضي مسيرة الأحزان في قطاع التعليم.

وفي القطاع الصحي المشاكل أكبر من أن تحصر… مستشفيات ريفية تعاني في كل شيئ وعربات إسعاف بعدد أصابع اليد في طول الولاية وعرضها ومع صباح كل يوم تري معاناة الأسر في نقل المريض في (الحالات الحرجة) إلي الخرطوم ولك أن تتخيل يمكن لمواطن في أقصي شمال محلية دنقلا أن يستأجر إسعاف من مستشفي رومي البكري في أقصي جنوب المحلية (أكثر من 150 كلم) وفي بعض الحالات ينقل المريص بسيارات خاصة لاتتوفر فيها أي نوع من أنواع العناية بالمريض… وتتواصل فصول مسلسل الاحزان في أكبر مستشفيات الولاية ( مستشفي دنقلا التخصص) رائحة نتنة جداً تزكم الانوف حتي قبل أن تخطو أولي خطواتك إلي داخل مباني المستشفي ومن الداخل حدث ولاحرج المباني الجديدة التي لم تكمل ال 6 سنوات تبدو وكأنها من العصور الوسطي نسبة كبيرة من الحمامات خارج الخدمةومجاري طافحة و الأبواب والشبابيك والأرضيات في حالة أكبر من محاولة الوصف بمجرد كلمات وجهاز الأشعة المقطعية متعطل قبل أن يدخل في الخدمة بمعني أن الجهاز ظل قابعاً في المخازن وهكذا تبدو الأوضاع الصحية في عاصمة الولاية وفي أكبر مستشفيات الولاية وعلي ذلك قس.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. فليعلم كل انسان حقيقى يخاف الله ان المعاناة فى الشمال هى معاناة الاهمال وعدم الاكتراث لاننا نحن الشماليون لا نطالب بحقوقنا بل نتكاتف وندفع وننشئ المستشفيات والمدارس وهكذا تضيع الطاسة وتفرغ الولاية من انسانها الحقوا انفسكم ايها الشماليون لقد نكبتم من كل حكومة وانتم ذلك الانسان الطيب الوديع المسالم .

  2. الشمالية ….. ( إهمال + تهميش + سوء صحة + عدم إهتمام بإنسان الشمالية ) = سرطانات + فشل كلوي والكل ينظر من الذين هم في الحكومة لا يهمهم شيء …. يا أخي يا ود بركية … كان الله في عون أهالينا في الشمالية …. أنا لله وإنا إليه راجعون … من الكذب والنفاق ….

  3. وبرضو الرعاع يجيهم بكرة الخنزير الخائب الرقاص الخائن العميل التافه المنحط عاق الوالدين يطلعوا يرقصوا معاه ويهتفوا سير سير

  4. الولاية الشمالية كانت منطقة مقفولة
    وحصريآ على الجبهة (الاسلامية) فى انتخابات
    التى جأت بها ثورة ابريل !
    والنوبيون (خاصة) يدفعون الان الثمن باهظآ
    اهمال وتهميش واقصاء ومحاربة واضحة وتمييز
    عنصرى فى التعامل معهم من قبل الحكومة.
    هل فهمتم هل عرفتم من هم اعداء البلد والدين ؟
    هل استوعبتم الدرس ؟

  5. قادة العمل السياسى من الدناقلة فى المنطقةالغالبية منهم
    اشخاص يسعون لمصالحهم الشخصية ومنفعتهم الخاصة
    يلهثون خلف المال ويسعون للثراء والكسب على حساب
    المنطقة ومعانأة اهلهم الدناقلة البسطاء الصادقين
    ولأنهم يملكون السلطة والمال واللسان الكذوب والضمير الميت
    يفلحون دايمآ فى شراء الناس والزمم وحشد وتجييش العامة
    بالترغيب والترهيب والوعود الكاذبة مستغلين حاجة المواطن
    البسيط ومعانأته فى ظل الضايقة الأقتصادية القاسية والمريرة
    التى صنعوها هم بعد ان قدموا انفسهم رخيصة لأعداء المنطقة
    من دعاة القبلية والتمييز العنصرى.
    التحية لانسان النوبة الاصيل الصادق والشامخ دومآ رغم محاولات
    الأزلال والتركيع الجارية الأن والتى حتمآ مصيرها الفشل والأنكسار
    بصمود وعزم وارأدة اهل النوبة وبتاريخنا وإرثنا وحضارتنا
    الأنسانية العظيمة الضاربة فى عمق التاريخ
    والتحية للشرفاء فى كل مكان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..