شاهد الفيديو نساء من ام الفيض عبدالله يروين مآسيهن‎

عاين

قرية (الفيض أم عبدالله) بجنوب كردفان، قرية آمنة لا يعرف ساكنيها سوى العيش مع بعض وقبول الآخر إلا بعض الخلافات الزارعية التى تحدث فى أي منطقة زراعية في السودان. صباح ١٣ أبريل ٢٠١١ إكتست القرية باللون الأخضر. هذا اللون ليس لون الأشجار و النباتات التى تمتاز بها المنطقة. إنه لون الزي العسكري (الكاكي الأخضر). إنه لون من نوع خاص، لون الموت. لون أخضر تنطلق منه النيران وبعدها ينتهي كل شي ويخلف وراءه اللون الأحمر ورائحة الشوي والسجم والرماد. ويشار إلى المنطقة بأن هنا كانت منطقة.

في رحلة طويلة و شاقة وصل فريق (عاين) إلى قرية (الفيض أم عبدالله) لتوثيق هذا الحدث، بعدها إلتقى مراسل (عاين) عدد من الضحايا في مناطق أخرى نزحوا إليها بعد الحريق. إختار لنا مراسل (عاين) إثنين من الضحايا، هن (عائشة عبد الله محمد) و (مريم إبراهيم حامد). كان الحوار معهن طويلا ً، كما أن بعض اللقطات مؤلمة و قاسية و لا تُحتَمل. لذا إخترنا لكم أجزاء من الحوار المصور و نسرد لكم ما تبقى.

تقول (عائشة عبد الله محمد) عمري ٥٠ سنة أعمل في الزراعة، كنت في تلك الأيام أجهز لعرس إبنتي وكأنما تريد أن تقول “نريد أن نشتل الأفراح لكن جاءت الأقدر مدت إيدا”. عندما سمعنا أول طلقة عرفنا أن هذه نار غير عادية. بعدها رأيت كل شي أخضر (رمزية اللون الأخضر عند الأهالي ترمز للزي العسكري، الكاكي). دخلت المليشيات قرية (الفيض أم عبدالله) وحاصرتها وبدأت في إطلاق النار وحرق المنازل و سرقة المحاصيل الزراعية والمواشي ولم ينجو حتى الدجاج. تقول (عائشة) عندما إنطلق الرصاص، إقترح علي أبنائي أن نذهب لمنزل خالتهم، فذهبوا. قبل اللحاق بهم، قررت أن أطمئن على الجيران. فإقترح الجيران أن نحتمي فى غرفتهم، فدخلنا إلى الغرفة. لكنها لم تحمينا من وابل الرصاص. كان الرصاص يأتينا عبر النوافذ و الأبواب، فبدأ بعض من معي بالخروج من الغرفة، نجا من نجا وقتل من قتل. تقول إستنشقت شيئاً حاراً حارقاً مثل (الشطة) يجعلك تأخذ نفساً طويلا ًعميقاً، هذا هو (الرشاش) الذي ينطلق من تجاه الوادي. (لربما أنها شطة محترقة فى أحد البيوت المحروقة. و لربما روائح البارود الحارقة. لكن هل نتوقع أن هذا الشيء الحار الحارق مثل الشطة هو نوع من السموم أو سلاح غازي!؟ فكثيراً ما يقال أن حكومة الخرطوم تستخدم هذا النوع من السلاح فى حروبها).

تقول (عائشة) عندما إحترقت الراكوبة (المظلة) التى أمام الغرفة التي نحتمي بها وإشتد الحريق. أحسست أن هناك شيئاً يغطي وجهي، خيل لي أنه (الخمار)، وضعت يدي لأزيل الخمار، وجدت أنه ليس الخمار، بل وجهي قد إحترق، وبدأت أجسادنا تشتوي، فقررت أن أخرج من الغرفة. إخترت الموت عن طريق طلقة نارية سريعة أهون من أن أموت حرقاً. تقول (عائشة) عندما خرجت من الغرفة سمعت صوت أحدهم يقول هذه (عائشة). فأطلق علي (الكانجي) أحد أفراد الهجوم النار، لكنه لم يصيبني. هو الذى أطلق النار أول مرة نحو عيني. ثم أتى إلي (حسن) أخ (الكانجي) وضربني بالعكاز ثلاث مرات و بعدها قال إتركوها هذه (عود).

تقول (عائشة) نجوت من الموت، ومن يومها ظللت أرحل من مكان لآخر. و فضلت أن أعيش فى أرض أجدادي (جبال النوبة) برغم أن أفراد أسرتي يعيشون فى الخرطوم و سنار. تقول (عائشة) بإبتسامة تخفي من وراءها شيئاً، لا أعرف هؤلاء المعتدين، و لمن أشتكي؟ و أين أجدهم حتى اشتكيهم؟ أنا لست لدي عداوة مع أحد!! الله هو وحده الذى يعرف!! إلا أنها تأكد معرفتها لـ(الكانجي) و (حسن) أخ (الكانجي) و (ود الرضي) و (السيد) فتقول هؤلاء هم عيال (دار فايض) الفريق الذى يقع بعد حلة (البرقو) بقرية (الفيض أم عبدالله).

(مريم إبراهيم حامد) شابة متزوجة فى عمر الـ١٨ سنة، يبدو فى بريق عينيها الخوف، تردد دائماً فى كلامها كلمة (الحرية)، تظهر علامات الحروق عليها بشكل واضح. تذكرك مقطع “قول للبنية الخايفة من نار الحروب تحرق بويتات الفريق قول ليها ما تتخوفي”. تقول (مريم) عندما هاجمنا (الجنجويد) في الثامنة صباحاً كانوا يسبونا بألفاظ فظيعة وعنصرية كانوا يقولون “نوبه أولاد حرام الليلة ننهيكم كلكم”. دخلنا نحن ٢٧ شخص في غرفة واحدة، والرصاص ينهال علينا من الباب والشبابيك. بعدها صبوا البنزين وأشعلوا النار. وبدأنا نخرج عندما إشتد علينا الحريق. بعضنا إستطاع أن يهرب، وبعضنا مات حرقاً أو بالرصاص، وبعضنا جرح وحرق.

تقول (مريم) عند الساعة ١٢ ظهراً أتى إلينا عساكر الحكومة بعد أن إنتهى كل شيء. نقل الجرحى والمحروقين للمستشفى. كنا مرضى وجرحى ولم نتعافى. أتت الشرطة وأخرجتنا من المستشفى إلى السجن. وبدأ التحقيق معنا وأخذ أقولنا. كانوا يسألونا “هل تعرفون من الذى فعل بكم ذلك؟ ولماذا؟ وماهى هى الأسباب؟” نحن قلنا هؤلاء هم (الجنجويد). ثم أرادوا أن يحبسونا لكنا رفضنا ذلك، والأهالي أيضاً إحتجوا على حبسنا. ثم تم إطلاق سراح النساء. إلا أن أغلب الرجال تم حبسهم ما لايقل عن ٢٠ يوماً. هذا مؤسف نحن المتضررون كيف يتم التحقيق معنا و حبسنا، ألا توجد لدينا حكومة تحمينا!؟ تواصل (مريم) لن أستطيع أن أسامح من فعل بنا هذا، حتى لو كان هذا أخاً لي، لكني سأحترم القانون، وشكوتي ستكون ضد (عمر البشير) و الوالي (أحمد هارون)، ووجود (عمر البشير) فى الحكم لا يجعلنا نشعر بالسلام بقلب واحد، لأن ما نشعر به قاسي و مؤلم، لماذا لا يدعونا نحكم أنفسنا و نعيش أحرار، وكل منا يأخذ حريتة.

بعد الزيارة الميدانية التى قام بها مراسل (عاين) لقرية (الفيض أم عبدالله) بجنوب كردفان و بعد التقصي والتحقيقات التي أجراها مع المواطنين، ثبت أن في يوم الأربعاء الموافق ١٣ من أبريل ٢٠١١ الساعة الثامنة صباحاً هجمت مجموعة من المليشيات على القرية و أسفر الهجوم عن حرق ٢٤٦ منزل و قتل ٢٤ و جرح ٥٠ شخصاً ونزوح ١٠٥١ من السكان.

[SITECODE=”youtube ERbo-lEHEpc”] نساء الفيض عبد الله
[/SITECODE]

تعليق واحد

  1. كل الكلام دا حصل…وكنت شاهد عيان بالمستشفى اللي نقلوا إليه المصابين..والجناة اللي كانوا لابسين كاكي الدفاع الشعبي ديل بقارة دار فايد فرع من الحوازمة…وللعلم…دعوة المظلوم لاترد..وربنا انتقم منهم في ابوكرشولا موت شديد وتهجير قسري…..الله في .

  2. لم يعد فى دواخلنا موطئاً الّا ويدمى من هول معاناة اهلنا فى بقاع السودان.. يا الله يا الله لا احد نلجأ اليه الّا اياك.. رحمتك ولطفك بالسودان وأهله..

  3. كل الأحترام ..
    رئيسة ملاوي (جويس باندا) ..
    آلت لها البلاد وهي في ضائقة أقتصاديه خانقة وملايين الجوعى .. فأتخذت أجراءات تقشفيه منها :
    – بدأت بنفسها حيث خفضت راتبها بنسبة 30%.
    – باعت 35 سيارة مرسيدس يستخدمها أفراد حكومتها.
    – ألغت حوافز ومخصصات كثيرة من الوزراء والمسؤلين الكبار.
    – قلصت عدد الموظفين بالسفارات والقنصليات.

    * ومؤخرا” باعت الطائرة الرئاسية لأطعام مليون جائع.
    سألها مراسل All Africa Malawi : ولماذا الطائرة الرئاسية بالذات ؟؟؟
    قالت :
    (بالبلاد جوعى وصيانة الطائرة والتأمين عليها يكلفنا 300 ألف دولار سنويا” .. المسافرون على الدرجة السياحية والمسافرون على الدرجة الأولى جميعهم يصلون نفس المحطة في نفس التوقيت .. والرفقة في السفر ممتعه)
    ————————————————————————-

    شكرا” جميلا” (جويس باندا) إنابة عن كل جائع ..
    ليت أصحاب (هي لله) بالسودان لهم بضع من أخلاقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..