الجيش الجزائري يلغّم طريق سعيد بوتفليقة للرئاسة بملفّات الفساد

مراقبون: قياديون في المخابرات العسكرية يخرجون قضايا فساد ظلت حبيسة الأدراج لردع الرجل الغامض عن الاستمرار في تدبير انقلابه الصامت.

الجزائر ـ يصف مطلعون على كواليس الرئاسة الجزائرية سعيد بوتفليقة بأنه الرئيس الفعلي للجزائر في ظل الأوضاع الصحية التي يعاني منها شقيقه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في وقت أصبحت فيه سطوته تثير ضده غضب قادة كبار في المؤسسة العسكرية وتحديدا داخل جهاز المخابرات العسكرية الذي عجز شقيق الرئيس الجزائري عن السيطرة عليه.

ويثير النفوذ القوي لهذا الرجل الغامض سواء في قصر المرادية أو في الجزائر ذاتها، تساؤلات كثيرة بين الجزائريين في وقت تبدو فيه معركة كسر عظم تدور رحاها على مسمع من الجزائريين بين كبار الجنرالات الجزائريين وآل بوتفليقة بلغت ذروتها في معركة تبادل الاتهامات بقضايا الفساد الضخمة التي تضرب الجزائر وخاصة فيما يعرف بقضية “سوناطراك” الوطنية للتنقيب عن النفط.

ويقول مراقبون إن سعيد بوتفليقة ظل يقف منذ سنوات كرجل خفي في حكومة شقيقه ورئيس الدولة الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة.

ويقول محللون إن شقيق الرئيس يعمل بصفة “مستشار” لبوتفليقة وهو يهيمن على دواليـب الحكم في غيابه دون أن “يملك أي منصب رسمي لأنه عيّن بمرسوم لم يصدر في الجريدة الرسمـية”. وهو ما يطرح كثيرا من الإشكالات حول مهام هذا الرجل وحدود نفوذه في الواقع السياسي بالجزائر.

ويشغل سعيد بوتفليقة منصب مستشار في الرئاسة الجزائرية برتبة وزير، وقد عين بمرسوم غير منشور.

ويقول جزائريون إن خير دليل على نفوذ الشقيق الأصغر لبوتفليقة الرئيس ومستشاره الخاص، هو التعتيم الإعلامي الذي فرضه طيلة فترة معالجة عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا في مستشفى فال دوغراس العسكري بفرنسا (من 27 أبريل/نيسان إلى 16 يوليو/تموز) حيث كان سعيد بوتفليق ينتقي المعلومات ويسدي التوصيات والتعليمات للحكومة وللمسؤولين في الرئاسة ولوسائل الإعلام العمومية وحتى الخاصة منها ولجبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم).

ويعلق بعض هؤلاء الجزائريين بتهكم بانه “يمكن القول إن المستشار الذي كان يشتغل أستاذا محاضرا بجامعة هواري بومدين باب الزوار حتى عام 1999 سنة انتخاب عبدالعزيز بوتفليقة للرئاسة، أصبح تقريبا الرئيس ذاته”، حتى أن البعض وصل به الأمر في الجزائر “بلد الألف شائعة وشائعة”، إلى حد القول إنه ينوي تنصيب خليفة لشقيقه أو حتى تنصيب نفسه رئيسا للبلاد.

ووفقا لوثائق سرية سربت في وقت سابق من موقع ويكيليكس، فإن وزارة الخارجية الأميركية نفسها طلبت عامي 2008 و2009 من دبلوماسييها في الجزائر وفرنسا والمغرب وتونس بالتحقيق والنبش وراء هذا الرجل “السري والكتوم”.

ويقول مراقبون إن سعيد بوتفليقة دخل منذ سنة 2010، وبعيدا عن أنظار الإعلان والسياسيين في الجزائر، في سباق مع الزمن طمعا في خلافة شقيقه على الرئاسة والترشح لانتخابات 2014.

ويستدل هؤلاء على طموحات شقيق الرئيس الجزائري الرئاسية، بتصريح مرّ على الهامش ولم يكن له صدى يذكر في الجزائر، أدلى به سياسي شاب يدعى سيد أحمد عياشي وكان رئيسا لحزب “التجمع من أجل الوئام الوطني” وهو حزب صغير كان قيد التشكل، أدلى به لموقع “قناة الجزائر” يوم 21 ديسمبر 2010، وقال فيه إن سعيد بوتفليقة هو مرشح حزبه للرئاسيات في 2014.

ويقول متابعون للشأن الجزائري إن سعيد بوتفليقة قد استفاد من نفوذه في السنوات الأخيرة ليجرف الساحة السياسية الجزائرية لمصلحته، مخترقا جميع الأحزاب وليجعلها “بلا رؤوس”، كما سعى إلى اختراق جميع المؤسسات الأمنية والإدارية والرقابية والقضائية في الدولة وزرع عيونه هنا وهناك، لكنه فشل فشلا ذريعا في اختراق جهاز المخابرات العسكرية الذي بقي عصيا عليه لا وبل تحول إلى جهاز للضغط عليه في محاولة لإقصائه من أي عملية سياسية مستقبلية في جزائر ما بعد عبدالعزيز بوتفليقة خاصة بعدما علم كبار جنرالات الجيش ان سعيد يسعى لتعيين رجل مقرب منه هلى رأس هذا الجهاز القوي الأمر الذي اثار ضده الرجل الثاني في الجهاز.

وتشير بعض التقارير إلى أن سعيد بوتفليقة كان قد شارك في إقالة علي بن فليس في مايو/ايار 2003 عن طريق حملة مدروسة أدت بعد بضعة أشهر إلى إقالته من منصب الأمين العام لجبهة التحرير الوطني “إذا بقي بن فليس في الحكومة فإنه سيلتهمنا كلنا أحياء في يوم واحد” همس المستشار في أذن الرئيس، حسب ما ورد في التقارير.

ويواجه سعيد بوتفليقة هذه الايام قضايا كثيرة بالفساد.

ويتهمه خصومه بانه يعلم جيدا كيف يهدد رجال الأعمال والصناعيين ويدفعهم لتمويل حملة شقيقه الرئيس الجزائري.

كما يقول هؤلاء إن شقيق الرئيس الجزائري يوفر حمايته للعشرات من رجال الأعمال والصناعيين والمقاولين في كل مكان بالجزائر، لدرجة أن هذا المثقف بات يلتقي حتى بتجار السجائر ومهربيها وبعض أثرياء الحرب ويوفر لهم الحماية، الأمر الذي أغضب بعض قوى النفوذ والمصالح داخل الجيش والتي أصبحت تنظر بريبة لنفوذ بوتفليقة الشقيق والذي يتعارض مع مصالحه الشخصية.

ويقول مراقبون إن بعض رجال المخابرات بادروا بإخراج قضايا فساد ظلت حبيسة الأدراج لردع الرجل الحالم بخلافة شقيقه بعد أن شعروا بنيته لسحب البساط من تحت أقدامهم في أخطر مؤسسة عسكرية وامنية في البلاد.

وقال حسين مالطي المسؤول الجزائري السابق في قطاع البترول وأحد مؤسسي شركة المحروقات الحكومية الجزائرية “سوناطراك” إن مسؤولين كبار في الدولة بينهم سعيد بوتفليقة متورطون في قضية الفساد المرتبطة بسوناطراك إلى درجة أن أمن الجزائر أصبح في خطر حقيقي.

ووجه حسين مالطي في تصريحات صحفية تداولتها وسائل إعلام جزائرية وأجنبية، اتهاما مباشرا الى سعيد بوتفليقة بالتورط في قضايا الفساد التي هزت مجموعة النفط العملاقة سوناطراك المملوكة للدولة، من خلال بيع كميات من النفط والغاز الجزائري بطريقة غير قانونية.

ووصف المسؤول الجزائري السابق سعيد بوتفليقة، في رسالة وجهها للنائب العام الجزائري ورئيس جهاز الاستخبارات والرأي العام داخل الجزائر، بأنه “أحد مسؤولي عصابة المافيا الجزائرية”.

وأكد مالطي أن الولايات المتحدة الأميركية تعرف جيدا علاقات الصداقة الممتازة التي تربط وزير النفط الجزائري الاسبق شكيب خليل بالرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وعائلته، قبل أن تمتد لتشمل بعض كبار جنرالات المؤسسة العسكرية الذين استفادوا بقوة من علاقات شكيب خليل مع الأميركيين لتعزيز مواقعهم في الجزائر داخل دائرة الحكم بشكل سمح لهم بالثراء الفاحش.

وقال إن واشنطن لن تسلم خليل المطلوب من العدالة الجزائرية، مضيفا أن الرجل تربطه علاقات على درجة عالية جدا من الأهمية مع لوبي الصناعة العسكرية والنفط بالولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فهي عازمة على الا تفضح شركاتها وكذلك حليفها الرئيس بوتفليقة وعائلته.

ميدل ايست أونلاين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..