السوائل والهواء المنعش لتفادي النوبة القلبية

يمكننا توقع ارتفاع درجات الحرارة صيفاً وانخفاضها شتاء. كذلك تُعتبر الأمراض المرتبطة بالحر (أو حتى الموت الناجم عن الحر) متوقعةً أيضاً، لكنها ليست محتمة. على العكس، من الممكن تفادي معظمها، ويشكّل الحفاظ على السوائل في الجسم المفتاح الأساس.
كتب الخبر: باتريك ج. سكيرت

بغض النظر عن الموسم، يعمل الجسم مثل فرن. يحرق الطعام ليولّد الطاقة الكيماوية والحرارة، فيُستخدم جزء من هذه الحرارة لإبقاء حرارة الجسم نحو 37 درجة مئوية، أما الباقي، فعلينا التخلص منه. وللجسم طريقتان أساسيتان للتخلص من الحرارة الزائدة:

1. الإشعاع: عندما يكون الهواء المحيط بك أكثر برودة من حرارة جسمك، تشع، حرارةً، يطلقها الجسم في الهواء. لكن عملية نقل الحرارة هذه تتوقف، عندما تقترب حرارة الهواء من حرارة الجسم.

2. التبخر: يبدد كل جزيء من العرق يتبخر عن الجلد الحرارة. ولكن مع ارتفاع الرطوبة إلى أكثر %75، يكثر بخار الماء في الهواء، ما يصعّب عملية التبخر في الجسم.

يستطيع معظم الناس الأصحاء تحمّل الحرارة من دون التعرّض لأي خطب. لكن هذا الأمر يزداد صعوبة بالنسبة إلى مَن يعانون قلباً متضرراً أو ضعيفاً أو بالنسبة إلى المسنين الذين لم تعد أجسامهم تتفاعل مع الإجهاد كما في السابق. نتيجة لذلك، يحول التلف الحاصل بفعل الإصابة بنوبة قلبية دون ضخ القلب ما يكفي من الدم للتخلص من الحرارة.
علاوة على ذلك، من الممكن لعدد من الأدوية أن يحدّ من قدرة الجسم على التخلص من الحرارة الزائدة. وتشمل هذه حاصرات بيتا التي تبطئ نبض القلب، مدرات البول (حبوب الماء) التي تفاقم الجفاف بزيادة كمية البول، وبعض مضادات الكآبة ومضادات الهستامين التي تعيق عملية التعرّق. كذلك من الممكن للإصابة بسكتة دماغية، داء باركنسون، الداء السكري، وغيرها من الحالات أن تبطئ ردّة فعل الدماغ تجاه الجفاف.
أمراض مرتبطة بالقلب

تُقسَّم الأمراض المرتبطة بالقلب إلى مستويات ثلاثة مختلفة:

1. تشنجات القلب: تنشأ التشنجات العضلية المؤلمة تلك نتيجة الإفراط في التمرن في جو شديد الحر. ويكون النقص في تناول السوائل المذنب الرئيس. أما العلاج، فيشمل التروي، شرب الكثير من الماء، التمطط، تدليك العضلة المتقلصة برفق، والابتعاد عن الحرّ.
2. الإرهاق بسبب الحرّ: عندما تبدأ حرارة الجسم بالارتفاع، تظهر على المريض عوارض جسدية، مثل الضعف، الصداع، الغثيان، تشنج العضلات، التعرّق الكثيف، وبشرة محمرّة دبقة ورطبة. كذلك يؤثر الإرهاق بسبب الحر على صفاء الذهن والقدرة على التفكير بوضوح، ويتجلى من خلال الشعور بالضياع، الحيرة، والتعب. لذلك من الضروري الإكثار من شرب الماء. كذلك من الضروري اعتماد وسائل أخرى لخفض حرارة الجسم، مثل الاستحمام بالماء البارد ووضع أكياس من الثلج على البشرة.

3. ضربة حرّ: ثمة نوعان بارزان من ضربات الحرّ. تؤثّر ضربات الحرّ العادية في أناس لا يستطيعون الهرب من الحرّ أو لا يستطيعون التكيّف معه جسديّاً. أما ضربات الحرّ الناتجة عن الجهد (Exertional heat stroke)، فتصيب مَن يقومون بنشطات جسدية قاسية في طقس حار، مثل لاعبي كرة القدم الشبان في معسكر تدريب صيفي، رجال إطفاء يكافحون الحرائق، جنود البحرية، أو مَن يمضون نهاية أسبوع حافلة بنشاط مضنٍ.
لا شك في أن ضربة الحرّ تشكّل حالة طبية طارئة. تبدأ هذه الحالة كما لو أنها شعور بالإرهاق نتيجة الحر، إلا أن العوارض سرعان ما تشتد وتطوّر. على سبيل المثال، تتحوّل الحيرة، الضياع، والضعف إلى هلوسة، فقدان الحس، غيبوبة، ونوبات. كذلك ترتفع حرارة الجسم لتصل إلى 40 أو 41 درجة مئوية.
من الممكن أن تؤدي ضربة الحرّ إلى الموت لأنها تلحق ضرراً بالقلب، الكبد، الكليتين، الدماغ، ونظام تخثر الدم. وتعتمد النجاة منها على نقل المريض بسرعة إلى المستشفى لنيل علاج مكثّف.

إشارات تحذيرية

قد يكون من الصعب التمييز متى تنتقل الحالة من إرهاق بسبب الحرّ إلى ضربة حرّ. ومن الممكن الخلط بينهما وبين «رشح» الصيف، في البداية على الأقل. إليك بعض الإشارات:

? غثيان وتقيؤ.
? تعب.
? صداع.
? ضياع وعدم تركيز.
? انقباض العضلات.

إذا ظننت أنك تعاني مشاكل ناجمة عن الحرّ، أو إذا لاحظت أن أحد المقربين منك يعانيها، قد يكون الانتقال إلى غرفة مبرّدة وشرب الماء البارد أحد أهم الخطوات التي يجب القيام بها في الحال. وإذا لم تتحسن حال المريض أو استمرت العوارض، فاتصل بالطبيب أو توجه إلى غرفة الطوارئ في أقرب مستشفى.

تغلّب على الحرّ

حتى خلال موجات الحرّ الأشد، لا داعي للإفراط في القلق. فعدد محدود نسبيّاً من الناس يُصابون بضربة حرّ، وقلة منهم تموت بسببها. علاوة على ذلك، تتوافر خيارات بسيطة يمكنها مساعدتك في التغلب على الطقس الحار. ولا شك في أن درهم وقاية خير من قنطار علاج.

1. اشرب السوائل لتحافظ على صحتك: كلما تدنت كمية المواد التي تتناولها لتبرّد جسمك، ازداد احتمال إصابتك بضربة حرّ. ولكن الحفاظ على الرطوبة في الجسم ليس دوماً بالأمر السهل. ومن الممكن لاضطرابات المعدة والأمعاء، الأدوية المدرة للبول، إشارات العطش الخاطئة، وشرب كميات قليلة من السوائل أن تفاقم هذه المشكلة. لذلك حاول في الأيام الحارة والرطبة أن تشرب كوباً من الماء كل ساعة.
لا تكثر من المشروبات الغازية والعصائر المحلاة بالسكّر لأنها تبطئ انتقال الماء من الجهاز الهضمي إلى مجرى الدم. كذلك لا تعتمد على المشروبات التي تحتوي على الكافين للحصول على السوائل الضرورية لأنها تسبب الجفاف وقد تفاقمه أحياناً.

2. عليك التروي: حوّل التأجيل من عيب إلى فضيلة، بتأجيل التمرن والنشاطات الجسدية الأخرى إلى أن ينحسر الحرّ. كذلك تُعتبر فترات الصباح والمساء الفضلى للخروج من المنزل، وإن كنت تمارس الرياضة، فتناول كمية من السوائل تكون أكبر من المعتاد.

3. أهمية مكيّف الهواء: يشكل الهواء البارد طريقة فضلى لمقاومة الحرّ، وتُعتبر المراوح فاعلة إلى أن تصبح حرارة هوائها معادلة لحرارة جسمك، عندئذٍ تبدو أشبه بمن يجلس أمام مجفف الشعر. إن كنت لا تملك مكيّف هواء في المنزل، فلا ضرر من قضاء ساعة أو ساعتين في صالة سينما أو متجر أو عند جار يملك واحداً. كذلك تحظى بفائدة كبيرة من الاستحمام بماء بارد أو وضع قطعة من القماش المبلل البارد أو قطعة ثلج تحت إبطك أو على الأربية (الجانب الخارجي من الفخذ).

4. تناول طعاماً خفيفاً: احرص على تناول وجبات أصغر ولا تثقل معدتك بالطعام. كذلك من الممكن لأنواع الحساء الباردة والسلطات والفواكه أن تسدّ جوعك وتمدّك بالسوائل الضرورية.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..