تماهت قبائل شرق السودان مع غربه وجنوبه، فراحت تحضّر للانفصال ..تهديد وحدة السودان أو تهديد الأمن الإقليمي؟

الحديث عن السودان ذو شؤون وشجون . ولا ندري إذا كان أهل السودان، والعرب الآخرون، مدركين لنتائج انفصال الجنوب؟

على الأرجح قد يتجه السودان إلى صراعات قبلية مفتوحة على مصير مضطرب . فالقبيلة هي الوحدة الاجتماعية السياسية الأساس في مجتمع مترامٍ بالمعيار الجغرافي . وطالما أن انفلات الأمن في القرن الإفريقي هو القاعدة السائدة في العقدين الأخيرين، أي منذ انتهاء الحرب الباردة، فإن مصير السودان مهدّد، شأنه في ذلك شأن الصومال المفتّت، والدول الأخرى المتاخمة المهددة في أمنها ووحدتها .

الصوملة هي النموذج الخطر في القرن الإفريقي . ولعلها مطلب ?إسرائيلي? قديم منذ زمن . هذا ليس (كتاباً تآمرياً) بل حقيقة أذاعها كبار قادة ?إسرائيل? منذ ثمانينيات القرن الماضي . وها هي وثائق ?ويكيليكس? تكشف المستور، وتطيح صدقية الدبلوماسية الراهنة .

قادة كبار من الحركة الشعبية لتحرير السودان، أي جبهة الجنوب، صرّحوا علانية بوجود علاقات طبيعية مع ?إسرائيل? . ولماذا لا تكون طبيعية، حسب زعمهم، طالما أن النزاع (مجرد نزاع) هو بين الفلسطينيين و?الإسرائيليين?؟ ورحبوا بإقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة الصهيوينة فور انفصال جنوب السودان إلى دولة مستقلة بعيد استفتاء على حق تقرير المصير، من المزمع إجراؤه في الشهر المقبل

إلى ذلك، تنشط جهات انفصالية أخرى في إقليم دارفور باحثة عن استقلالٍ ذاتي يقود لاحقاً إلى انفصال آخر . وعبثاً تبحث العاصمة القطرية عن وساطة بين الانفصاليين وحكومة الخرطوم حفاظاً على وحدة البلاد، ومنعاً لاستمرار النزاع والتصدّع الداخلي . فما جرى إقراره منذ شهور تحت عنوان (اتفاق الدوحة) لا يزال حبراً على ورق، بعيداً من التنفيذ على أرض الواقع .

تماهت قبائل شرق السودان مع غربه وجنوبه، فراحت تحضّر للانفصال تحت عنوان الحقوق الإقليمية، وحقوق الإنسان، والرغبة في تحقيق تنمية مزعومة . أي أن النتيجة المتوقعة وفق هذا المشهد الانقسامي هي نشوء أربعة كيانات سودانية على الطريقة الصومالية، أي طريقة التنازع القبلي والتخلف الاجتماعي والسياسي . إن الذين يرجعون هذه التداعيات الخطيرة إلى أخطاء متراكمة منذ سنوات عند المؤتمر الوطني الحاكم مصيبون في تحليلهم . ولكنهم يعالجون المشكلة القائمة بمعضلة أخطر وأدهى، إنها معضلة تقسيم السودان . إنهم يتجاهلون صراعات قبلية آتية داخل كل إقليم، ما يفاقم مشكلات النزوح في السودان المجزأ وفي القرن الإفريقي .

نعم، هناك ضغوط وتدخلات خارجية إقليمية ودولية لضرب وحدة السودان . نعم، هناك استهداف لأمن السودان وأمن وادي النيل والقرن الإفريقي . نعم، هناك جموح ?إسرائيلي? للسيطرة على القرن الإفريقي، ومنطقة أعالي النيل بين إثيوبيا والسودان، ومضيق باب المندب الذي أقفلته البحرية المصرية في الحرب العربية ?الإسرائيلية? سنة 1973 .

ماذا فعلت وتفعل الحكومة المصرية لتدارك المخاطر القادمة من السودان؟

لا يجوز لنا الحديث نيابة عن الحكومة المصرية، ولا تأويل مواقفها، ولا اتهامها بالعجز أو التقصير . جل ما في الأمر، أن أمن مصر مرتبط بأعالي النيل، وهو امتداد لأمن السودان . هذه حقيقة جيواستراتيجية منذ أن نشأت مصر، هبة النيل . حسبنا في هذا المجال دراسة أمن وادي النيل منذ حملة نابليون وغزو مصر في مطلع القرن التاسع عشر، مروراً باستراتيجية محمد علي باشا، وصولاً إلى سياسة جمال عبدالناصر .

لن نتحدث عن تهديد الوحدات الوطنية العربية في المشرق وشبه جزيرة العرب ودول المغرب . ما نقوله هو إن أمن العرب، على المستويين القومي والوطني، مهدد وإن حالات جديدة من التراجع آخذة بالظهور من كردستان العراق إلى القرن الإفريقي، ما يستدعي الوعي والحركة .

وعي بالمخاطر الراهنة والآتية . وحركة طال انتظارها للدفاع عن الأوطان والأمة .

عدنان السيد
(الخليج) الإماراتية

تعليق واحد

  1. قبائل الشرق تماهت مع الغرب والجنوب الخ …يااخي فال الله ولا فالك اهلنا في الشرق يعانون من نفس المشكله التي يعاني منها اهلنا في الشماليه والوسط وحتي في الخرطوم وهي الفقر وضعف البنيه التحتيه يعني لا يعانون من مشكله سيكولوجيه وعقد نفسيه بعكس الذين ذكرتهم اذا لا وجه للمقارنه ولاتوجد نهائيا اي علاقه بين طبيعة مشكلة الشرق ومشاكل هؤلاء الذين يقطنون الغرب والجنوب

  2. فليسأل الكاتب نفسه ……لماذا وقفت حكوماتكم في الخليج العربي مع العدو الأمريكي ضد العراق درع الأمة حتى تم تدميره ؟ والآن تتباكون …….لقد قال الشهيد
    صدام حسين رحمه الله : اذا ذهب العراق ذهبت المنطقة ويقصد الوطن العربي وصدق فيما قال ………

  3. ياأخ مواطن زمان عندما كان صدام تقبل الله شهادته يقول العراق البوابه الشرقيه والسودان البوابه الجنوبيه كنت اعتقد ان هذا من باب الخطاب الحماسي لحزب البعث لكن الايام اثبتت صحة كلام الشهيد صدام فقد قام تتار القرن الواحد والعشرون بدك البوابات الاربعه للوطن العربي اولا احتلال العراق وبعدها تفكيك السودان ثم احتواء موريتانيا والضغوطات التي تمارس علي سوريا وفتنة لبنان وتحييد مصر

  4. جزء من نص رسالة الرئيس الراحل صدام حسين لمؤتمر القمة العربي في الخرطوم عام 2006
    رسـالة صـدام حسـين لمؤتمر القمـة العربية في الخرطـوم

    اصحاب الجلالة والفخامة الملوك والرؤساء والامراء العرب
    نود ان نشير في مطلع الرسالة هذه الى اننا قررنا كتابتها لكم ، رغم الخلافات العميقة معكم ،
    وتباين المواقف والاتجاهات ، إلا أن مايجري ويحيط بالامة من (عملية كبرى) بدأت فصولها بالتكشف ،
    عملية كبرى ولن نقول (مؤامرة) فما اكثر ما رددناهذه العبارة محذرين ومنذرين من المؤامرة الكبرى
    التي تصوغ فصولها الامبريالية والصهيونية منذ سنوات طويلة الا انه لاحياة لمن تنادي ،
    تجري امام العالم خصوصاً امام الشعب العربي ،
    وفي الوقت الذي كان الشعب العربي في كل اقطار الامة يتابع بذهول وغضب مقموع خيوط هذه المؤامرة
    التي تنفذ في العراق وفلسطين أمام سمع وبصر العالم والامم المتحدة ، كنتم في خندق اعداء الامة
    البعض منكم شارك في تنفيذ المؤامرة والبعض الآخر حتى وان كان لديه موقف متقاطع الا انه وجد نفسه مقيداً ،
    فيما البعض الاخير لايرى ولايسمع ولايتكلم ?
    وفي حين وقف الشعب العربي بجماهيره الواسعة والكادحة التي تلهث وراء رغيف الخبز وحبة الدواء والكتاب المدرسي
    ?? وقفت هذه الجماهير مشدوهة لإفتقارها الى الوسائل المباشرة
    لايقاف التدمير والتقسيم والتذويب المبرمج للهوية العربية والاسلامية ?
    لذلك اسمحوا لنا ان نستعرض اهم ما يجري فلعل الله يمكن القمة من تبني مواقف ليس لنا فيها طموح اكثر من
    ان تضمن حماية النفس والهوية والوطن من الحريق الذي يتسع يومياً ويلتهم الاخضر واليابس ?
    فالعراق مثلاً ،
    والذي يشكل مشهده الان انموذجاً حقيقياً لما ينتظر كل الاقطار العربية ، وبغض النظر عن طبيعة انظمتها السياسية ،
    يتعرض لعملية تقسيم مخططة ومنظمة ليس منذ غزوه في عام 2003 بل قبل ذلك بزمن طويل ، تجسدها خطوات
    الولايات المتحدة الامريكية المتعاقبة والمتصلة عضوياً ، ببعضها البعض واولها غزوه عسكرياً
    تحت غطاء حجج واهية ثبت فيما بعد انها كاذبة ، وان الادارة الامريكية لفقتها عمداً لتبرير الغزو ،
    حيث كانت هذه الخطوة مدخلاً حتمياً لتقسيم العراق الى ثلاث دويلات ? هذه الحقيقة لم تعد موضع اجتهاد او خلاف ،
    فمنذ اليوم الاول لاحتلال بغداد نفذت الولايات المتحدة خطة تدمير الدولة وحرق ونهب مؤسساتها
    والقضاء على كافة الخدمات العامة وحلت الجيش وقوى الامن الداخلي
    لضمان استشراء عمليات التدمير والنهب والحرق واللصوصية ووصولها الى النهاية المطلوبة :
    تحويل العراق الى غابة يحكمها قانون الغاب وتحت ضغط سيادة منطق العصابات والقتل والموت اليومي ?
    كان الامريكان والبريطانيون والصهاينة يتوقعون تفكك وتفسخ النسيج الاجتماعي
    و الروابط الاجتماعية وانهيار منظومة القيم السائدة ،
    فيضطر كل انسان الى البحث عن خلاصه عبر حماية قوات الاحتلال ?
    وجاء وضع الدستور من قبل قوات الاحتلال ليصبح القابلة الرسمية التي تولد التقسيم ، فلقد اعتمد المحاصصة الطائفية والعرقية
    واختار الفدرالية نظاماً لبلد لم يكن في تاريخه الا محكوماً بنظام مركزي بسيط ، وقدم ملايين الدولارات لانشاء احزاب جديدة
    على اسس طائفية وعرقية ، وأنشأ اجهزة قمع على اسس طائفية وعرقية من اجل البدء بسفك الدماء
    على الهوية الطائفية والعرقية وصولاً لإجبار العراقيين على الدفاع عن النفس ومن ثم الوقوع في فخ التقسيم العرقي – الطائفي ?
    وفي هذا الاطار تعمد الاحتلال ، متعاوناً مع ايران ، طارحاً قضية مفتعلة وغير صحيحة ،
    حول مظلومية فئات عراقية بسبب طائفتها
    او انتمائها الاثني وروج لإذكاء الفتن والنعرات الطائفية والعرقية عُرفت بما يسمى بالمقابر الجماعية ،
    في عملية تحريض صريح على نشوب حرب أهلية ?
    وهكذا وفي اجواء التغييب العمدي والمخطط لقوة الدولة الضابطة لامن الناس
    عاش العراقيون ثلاث سنوات من العذاب والحرب النفسية ،
    وكانت قوات الاحتلال كلما فشلت خطةٌ لاشعال حرب اهلية لجأت الى اخرى أشد قوة ،
    حتى وصل الوضع الى حد تفجير قبة الامام الهادي (رضي الله عنه) في سامراء ،
    وبدء حملة دموية للقتل على الهوية الطائفية والتهجير القسري على الهوية الطائفية ايضاً ?
    كل ذلك لتبدأ صفحة الحرب الاهلية ومن ثم الدخول في تنفيذ مشروع تقسيم العراق الى ثلاث دول
    وفق المخطط الصهيوني الامريكي ?
    وهذه الحقيقة اكدها الموقف الرسمي الامريكي الذي عبر عنه ( دونالد رامسفيلد ) وزير الحرب الامريكي الذي قال صراحة
    بان القوات الامريكية لن تتدخل اذا نشبت حرب اهلية !

    اصحاب الجلالة والفخامة والسمو
    اننا في ضوء ما تقدم نتساءل : ما السر الذي يجعل امريكا ، وهي التي تحتل العراق
    وتتحمل مسؤولية الحفاظ على امنه وثرواته وحياة ابنائه طبقاً للقانون الدولي ،
    ترفض القيام بواجبها الاساس ، من هذا المنظور ، في حماية شعب العراق ومنع الحرب الاهلية ؟
    وما السر في اصرار امريكا على تسليح وتدريب وحماية المرتزقة ، خصوصاً فيلق بدر التابع لايران ،
    وتسليمهم وزارتي الداخلية والدفاع
    واصدار الاوامر اليهم بالاشتراك في تنفيذ العمليات القذرة والاجرامية مثل تدمير مدن كاملة واغتيال عشرات العراقيين يومياً ؟
    وما السر في استمرار التحالف الامريكي — الايراني في العراق وتعاون الطرفين في ارتكاب المجازر وتدمير العراق
    رغم وجود خلافات معلنة بينهما ؟
    وما السر في استبعاد بقية مكونات شعب العراق عن القوات المسلحة وقوى الامن الجديدة ؟
    واخيراً وليس بآخر ما السر الذي يجعل امريكا تشكل جيشاً جديداً وقوى امن جديدة لكنها تسلحها باسلحة خفيفة بالدرجة الاولى
    وتأمرها بالقتل على الهوية الطائفية ؟
    إن هذه التساؤلات وغيرها لايمكن الاجابة عليها الا بالاعتراف بان امريكا قد خططت لتقسيم العراق ،
    وان الخطوات التي اتخذتها من تدمير الدولة وحل الجيش وفرض قانون الغاب ، ومنع تشكيل جيش قوي يستطيع فرض الامن ،
    وبغض النظر عن الجهة التي تأمره ، ما هي الا اعداد متدرج للتقسيم ?
    وتقسيم العراق ليس مجرد استنتاج او حالة نرى مقدماتها عل ارض الواقع العراقي اليوم فقط ،
    بل هي ايضاً خطة معروفة تبنتها الحركة الصهيونية العالمية قبل إنشاء (الكيان الصهيوني ) وبعدها ،
    وابرز الوثائق هي تلك التي كتبها (عوديد ينون ) حينما كان مستشاراً (لمناحيم بيجن) رئيس وزراء ( اسرائيل )
    في مطلع الثمانينيات ، والتي حملت عنوان ( استراتيجية اسرائيل في الثمانينيات ) ، وذكر فيها بان بقاء ( اسرائيل )
    مرتبط بالنجاح في تقسيم الاقطار العربية كلها سواء في المشرق او المغرب العربيين ، وان متطلبات نجاح خطة التقسيم هذه
    تحتم تعاون (اسرائيل) مع دول الجوار غير العربية ، كتركيا وايران في اسيا واثيوبيا واوغندا وغيرهما في افريقيا ،
    اضافة للركن الثاني لنجاح الخطة وهو دعم الاقليات الاثنية او الطائفية او الدينية في الوطن العربي وتشجيعها على الانفصال بكافة الطرق ?
    كما ان هناك جهات امريكية تساهم في تهيئة المناخ لصنع الستراتيجيات والقرارات ، دعت لتقسيم العراق ،
    ولعل اوضحها هي تلك التي اعلنها الباحث الامريكي المؤثر ( ليزلي غيلب ) ،
    والتي دعا فيها امريكا الى تقسيم العراق الى ثلاث دول ،
    في تطابق كامل مع ما ذهب اليه المخطط الصهيوني ?
    اذن يا اصحاب الجلالة والسيادة والسمو ، إن ما يجري في العراق ، ليس اعمالاً عفوية او ناتجة عن اخطاء ترتكبها امريكا ،
    كما قيل عن حل الجيش العراقي ، بل هي خطوات مترابطة ومتعاقبة هدفها النهائي عراقياً ، هو تقسيم العراق الى ثلاث دول :
    دولة كردية في شمال العراق ودولة سنية في الوسط ، ودولة شيعية في الجنوب ?
    وبحكم قانون التعاقب هذا الذي يحكم الخطة الامريكية – الصهيونية ،
    فان الهدف النهائي عربياً ، هو ان تكون شرذمة وتفتيت العراق عامل تعجيل وحسم في شرذمة الاقطار العربية الاخرى ،
    و القضاء على عوامل النهضة وتضميد الجروح ?
    وفي ضوء قانون التعاقب هذا نرى الرابطة الواضحة بين مايجري في العراق ، وما يجري في فلسطين والسودان
    وسوريا ولبنان ، وما يهيء له في مصر والسعودية والخليج العربي ، ودول المغرب العربي ?
    بخطتها الاصلية ، وهي البدء بالعراق ثم الانتقال لغزو الاخرين ، من هنا فان المقاومة العراقية ، ورغم
    ظروفها الصعبة جداً ، تمكنت من إيقاف قانون تعاقب عملية الغزو عراقياً وعربياً ، وعطلت اقامة ديكتاتورية
    عالمية بقيادة امريكا ? لذلك فان الحل التاريخي لانقاذ الامة العربية يتمثل في دعم المقاومة العراقية المسلحة
    وسياسياً واعلامياً ، والتوقف عن التآمر عليها من قبل البعض ، وتهرب البعض الاخر من دعمها لاسباب مختلفة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..