السياسة في عهد البشير ..معاداة المواطن ومصادقة العدو

السياسة في عهد البشير ..معاداة المواطن ومصادقة العدو

عمر موسي عمر
[email protected]

ماذا تبقي من عيوب ومنقصة لم توصم بها الإنقاذ هذا الوطن ؟؟ وماهي السياسة الرشيدة التي إتخذها رموز هذا النظام للمضي بهذا الوطن ولو خطوة صغيرة في سبيل التقدم والنماء ورفاهية شعبها ؟؟ واقع الحال يؤكد أن النتاج الطبيعي للسياسة الخارجية والداخلية لهذا النظام رشحها وبجدارة لتتبوأ مكانها في مقاعد الفاشلين في ترتيب الدول الأكثر فشلاً في العالم وفقاً لمعايير مهمة لتقييم الأداء الحكومي وأنظمة إدارة الدول .
لا يجدي في هذا المقام الحديث عن الفساد المالي وفساد الدولة أو إستباحة المال والحرمات وإنتهاك الحقوق الأساسية للمواطنة والحق في العيش الكريم فكلها أمور يعلمها القاريء الكريم ويدرك فصولها وما فعلته بهذا الوطن بعد إثنين وعشرين عاماً من التخبط الساسي والإداري وقيادة الوطن بجدارة إلي التمزق وتفرقه أيدي سبأ والإنهيار الكامل في إقتصاد الدولة وتفكك منظومته المالية …ورغم وضوح هذا الفشل فلم يجهد رموز هذا النظام أنفسهم لوقفة مع النفس أو مراجعة للأداء وكل هذا معلوم مستصحبين قناعة تامة في عزوف هذا النظام عن معالجة أخطائه ورغبته في التمادي في الخطأ ولو كان هذا العزوف يصب في خانة التنازل عن كرامة الوطن ورهن إرادته الوطنية .
خبران إستوقفاني والوطن الجريح يستقبل بشائر العيد بدموع اليتامي وحزن الأطفال وأنظارهم ترنو في حسرة لآباءهم الذين عجزوا عن مناطحة السوق وإنفلاته والتضخم الذي تجاوز حاجز (200%) وأقعد بهم عن رسم بسمة العيد في وجوه أطفالهم .
الخبر الأول خطاب رئيس الجمهورية للشعب بمناسبة عيد الفطر الذي تعهد فيه بالمحافظة علي أمن المواطن وهو بهذا التعهد يكرر نفس الوعد الذي قطعه علي مواطنيه في بيان الثورة الأول عندما كانت صفات المواطنين الشرف والحرية عندما وصفهم العميد أركان حرب عمر حسن أحمد البشير في أمسية الجمعة (30/6/1989م) بالمواطنين الشرفاء الأحرار .. فهل حقق رئيس الجمهورية عهده الأول قبل إثنين وعشرين عاماً ليجدد ذات العهد لمواطنيه ..حقيقة الأمر أن حصيلة الوفاء بذلك العهد أن حكومة الإنقاذ كانت أكثر الأنظمة الإفريقية والإسلامية إنتهاكاً لحقوق الإنسان وإمتهاناً لكرامته وقد خاض هذا النظام أكثر من خمسة حروب كانت بكل أسف جميعها ضد مواطنيه وكانت محصلتها في بدايتها الأرواح والدماء والضحايا وفي نهايتها تقسيم البلاد وإنهيار نظام الدولة … فليت شعري إلي ماذا كان يرمي رئيس الجمهورية بذلك التعهد ومن يخدع والبلاد تملئها جيوش الأمم المتحدة تحرس الحدود والتي وصلت أعدادها إلي (14.200) جندي بالتمام والكمال ؟؟ وكيف يرغب رئيس الجمهورية في الوفاء بعهده علي المحافظة علي أمن المواطن وطائراته تقصف المواطنين بجنوب كردفان وتعهد رموز نظامه بإستمرار الحرب إلي مائة عام كاملة ونقض مساعده غزل إتفاقيته الإطارية مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بإيحاء منه وقد أمر ديننا بالوفاء بالعقود ؟؟ وكيف يأمل الأخ رئيس الجمهورية بإلتزام عهده ودول الجوار تقضم البلاد وتنقصها من أطرافها والكيان الصهيوني تسافر طائراته آلاف الأميال لتعتدي علي حرمة الوطن وترابه وتستبيح حماه في ثلاثة مناسبات ؟؟ ودولته مازالت تحتفظ بالحق في الرد المناسب ؟؟.
الخبر الثاني يقول نقلاً عن وسائل الإعلام والقنوات الفضائية أن حكومة الخرطوم تقدمت بتاريخ 29/8/2011م بشكوي رسمية لمجلس الأمن ضد حكومة جنوب السودان .. الشكوي كما تقول فقرات الخبر تقوم علي أساس قيام حكومة جنوب السودان بدعم الحركات المتمردة في دارفور وجنوب كردفان بهدف زعزعة الأمن والإستقرار بدولة الشمال ولتحليل هذا الخبر بعين التعقل والمنطق السليم وجب إستصحاب حقائق في تقديرنا أنها لازمة لتحليل أبعاد هذه الشكوي ومدي نجاحها وغاياتها التي ترمي إليها حكومة الخرطوم .
أول هذه الحقائق أن حكومة جنوب السودان وقبل إعلان إستقلالها رسمياً كان قد سبق لها وأن تقدمت بشكوي ضد حكومة المؤتمر الوطني تتهم فيه النظام القائم في الخرطوم قيامه بدعم حركات التمرد ضد الحكومة المركزية في جوبا والذي يقوده بعض جنرالات الحركة الشعبية ضد النظام القائم ودعمت تلك الشكوي بمستندات عسكرية وخطابات رسمية تم نشرها جميعاً بموقع “سودانيز أون لاين ” قبل أكثر من شهرين . وقد عقدت جلسة كما يعلم الجميع لنظر الشكوي وتغيب عنها مندوب السودان لدي المنظمة الدولية وذلك كان كافياً لممارسة ضغوط علي حكومة الخرطوم لتنفيذ إتفاقية ” نيفاشا” كاملة غير منقوصة ومآلات التردد عن إستكمال ذلك .
والحقيقة الثانية تؤكد أنه ومنذ إعلان إستقلال حكومة جنوب السودان عن الكيان الأم لم تترك حكومة الإنقاذ ثقباً إلا ونفذت منه في محاولات يائسة لخلق مناطق للتوتر وإفتعال الخلاف مع دولة جنوب السودان فبدأت بإحتلال مدينة ” أبيي” حتي أرغمت علي الخروج منها وإستقدام قوة من الحبش لحراسة المدينة من تنمر النظام في الخرطوم رغم أن وزير الدفاع قد أقسم بالمجلس الوطني علي بقاء القوات المسلحة بالمدينة وفي نهاية الأمر إنسحبت القوات المسلحة .. وقد تلي ذلك شكوي حكومة جنوب السودان المشار إليها ثم قرار حكومة الخرطوم بوقف تصدير السلع الضرورية لحكومة الجنوب وأزمة إستبدال العملة وتبع ذلك إشعال الحرب في جنوب كردفان وعقد الإتفاقية الإطارية ثم التنصل منها وآخيراً تقديم شكوي لمجلس الأمن .
حقيقة ثالثة أن الناطق الرسمي بإسم حكومة جنوب السودان صرح لقناة العربية بتاريخ (30/8/2011م) أن الشكوي التي تقدمت بها حكومة الشمال ضد حكومته لا تعني شيئاً وذهب أبعد من ذلك بأن تحدي النظام في الخرطوم إثبات جدية الشكوي وصحتها متهماً في ذات الوقت النظام في الخرطوم بأنه يعاني من التخبط وعدم الإتزان علي حد تعبيره .
واقع الأمر أن هذه الحقائق تطرح عدة تساؤلات أجدها غير منطقية و لا تقود إلي أي مبرر يستسيغه العقل أو يقبله المنطق السليم .. لماذا يقود النظام في الخرطوم ومنذ أن وقع علي إتفاقيته الكارثية في نيفاشا سلسلة من الأعمال العدائية ضد حكومة جنوب السودان ويعلم النظام أن الإستقرار التام في الشمال وإسترداد الإقتصاد المتهالك لعافيته لن يعود إلا من بوابة التصالح مع حكومة جنوب السودان وتكريس العلاقات الإقتصادية بين الدولتين وسياسة حسن الجوار ؟؟ ولماذا يصر نظام الخرطوم دائماً علي سياسة إدارة أزماته عن طريق الأزمات في محاولات يائسة لإلهاء الشعب السوداني عن الواقع المرير الذي تعيشه الدولة ؟؟ وفي عبارة أخري لماذا تتعمد حكومة الخرطوم دفن رأسها في الرمال وأنها تعيش في حالة من الإنكار عن عجزها عن إيجاد الحلول الوقتيه للأزمات التي تعصف بكيانها وتهدد إستقرار دولتها ؟؟
سؤال أخر يقودنا إليه عنوان هذا المقال لماذا تصر حكومة البشير ومنذ أكثر من عقدين من الزمان علي الحرص علي خوض غمار حروبها ضد مواطنيها ؟؟ وتحاربهم بالسلاح الذي تشتريه من أموال الضرائب التي يدفعها ذلك المواطن ؟؟ وتأبي في تكبر لا يليق أن تجلس مع ذلك المواطن لتفهم الأسباب التي دفعته لحمل السلاح أو مطالبه التي يسعي إليها أو في أضعف الإيمان البحث عن أسباب كره ذلك المواطن لنظامهم للدرجة التي تقوده مكرهاً لحمل السلاح ؟؟ وفي جانب أخر لماذا تسكت الدولة علي تعدي دول الجوار علي أراضيها دون أن تحرك ساكناً بل تمضي في تلك السياسة لعقد إتفاقيات مع نفس الدول المعتدية ولا تستنكف أن تهاديها ؟؟ أو توافق علي وجود جنودها فوق أراضيها ؟؟ بماذا يمكن وصف هذه السياسة التي تقودها حكومة البشير غير أنها سياسة تقوم علي معاداة المواطنين بلا سبب وتسعي بكل ما أوتيت من القوي إلي مصادقة الدول المعتدية ؟؟ وما الفرق بين الشكوي التي تتقدم بها الدولة لمجلس الأمن ضد حكومة جنوب السودان أو الحكومة المصرية في شأن مثلث حلايب أو ضد الحكومة الأثيوبية في أراضي الفشقة ؟؟ مع الوضع في الإعتبار أن حكومة الجنوب كانت جزءاً لا يتجزأ من الوطن والحكومة المصرية دولة مسلمة كفرت بكل القيم الإسلامية التي تحرم الإعتداء علي دولة مسلمة أو إستباحة أرضه وأرواح مواطنيه .
وواقع الحال ينبيء أن هذه السياسة إمتدت حتي في سياستها الخارجية التي تصب في خانة معاداة مواطنيها عندما لا يستحي وزير خارجية النظام من إتهام الحركات الدارفورية بالإرتزاق في مساندة نظام العقيد الغذافي البائد وكأن ثوار ليبيا سيفرقون بين منسوبي الحركات المتمردة في دارفور والسوداني البريء الذي هجر وطناً عجز عن إيوائه في عهد هذا النظام ليلاحقه نفس ذلك النظام خارج حدود الوطن ويملك المتربصين به ذريعة لإستباحة دمائه وأعراضه حتي أبيدت أسر بأكملها ولا عزاء لهم وأزهقت أرواح لا ذنب لها سوي أنها تحمل جواز يشير إلي إنتمائه للسودان … ومن سلم من الذبح وعاد للوطن عليه أن يدفع ضريبة بقائه علي قيد الحياة ولست أدري متي تقبل الحكومة الليبية تجديد الثقة في المواطن السوداني مرة أخري وهو بإعتراف دولته كان مسانداً للنظام البائد وساهمت سواعده في إبادة أكثر من عشرين ألف ليبي قدموا أرواحهم رخيصة من أجل إزاحة أكثر الأنظمة الشمولية دموية في العالم الإسلامي ؟؟
متي يفهم هذا النظام أن المواطن الذي يحمل السلاح يرزح كاهله تحت ظلم الدولة وحيفها ويرغب في إسترداد كرامته التي سلبت منه طوال عقدين من الزمان ؟؟ وأن الدول المعتدية بإختلاف عقيدتها أو إتفاقها معنا هي دول تنتهك الأعراف والمواثيق الدولية وأن مطالبها لا تتعدي إنتهاك حرمة الوطن وإستباحة أراضيه ؟؟ وأن مد الدولة ليدها بالصداقة لتلك الدول المعتدية ستقابلها يد ممدودة بالخيانة والإستصغار وإستباحة الحمي ؟؟ وفي تقديري وعلي ضوء مقتضيات الواقع لن يفهم النظام ذلك حتي تطلع الشمس من مغربها .

عمر موسي عمر – المحامي

تعليق واحد

  1. هذه الحروب التى خاضوها ليست الا من اجل الشعار الكبير التمكين والتسمين
    الجنوب كانت له حقوق اكثر من شرعية والان لم نجد الشريعة ولم ينقص ايماننا وضاع وطن
    الغرب الحبيب يا ولض امى ماذا يضير لو نالوا حقوقهم حتى على المستوى الفردى
    كردفان ايضا مشكلتها ليست كأدآ
    لله هؤلاء القوم حطموا السودان ليس من اجل اقامة العدل ولا مصلحة المواطن ولا من اجل الله و الاعمى يرى ذلك — كفانا خداع كن سزج فها الله ايضا سازج لماذا نخافهم — اضربوا مصالحهم احرموهم من المال احرام اوقفوا كل شى عصيان على كل جباية اجعلوا الجباة يفتعلون المشاكل لا تخافوا الشرطة و هددوهم حتى بمنعهم من الخروج للشارع– الواحد فيهم الكلمة و الثانية اقول ليك والله دا القانون روح اشتكى ونعمل شنوا وهم اول المستفيدين لانهم بياخذوا نصف الستة كلهم قروبيرات — مسؤل كبير فى حزبهم كان يذهب لابوه اللقروبير فى احد المقاهى لياخذ مصروف البيت اعرفوه مين دا هو

  2. البشير درس فن الحروب ومن البديهي ان يمارس مايعرفه والمال الذي بدده ومازال يبدده في الحرب ليس من جيبه فماله الخاص؟؟؟ شيد به القصور له واسرته ومسجد فاخر لتخليد ذكري والده وماتبقي اودع في بنوك بالخارج لوقت الشدة ؟ علماً بأنه رئيس مجلس ادارة بنك امدرمان ؟ والذين ماتوا فطيس ويموتون الآن في الحروب من الجانبين مش اولاد ناس ؟؟ من البديهي ان لا يعادي جيرانه لأنهم يوفرون الحماية لنظامه الفاسد والذي لا يستند الي اي شرعية ولا تأييد شعبي الا من قلة من المنتفعين او المضللين بالدين ؟ وبقاء نظامه يعتمد علي البطش والأرهاب بواسطة اجهزة قمعية تتكون من الأمن والجيش والبوليس والدفاع الشعبي وغيره ؟ أجهزة يصرف عليها أكثرمن 75% من ميزانية الدولة ؟؟؟ تمارس ابشع انواع البطش والتعذيب تفوق ما فعله هتلر وتصل الي حد القتل والأقتصاب للرجال والنساء ؟؟؟ كما انه يستفيد من ضعف المعارضة المدجنة والتي تتمثل في البيتين لآل الميرغني وآل المهدي الذين عرفوا بتقديم مصالح اسرهم قبل مصالح السودان ولا يتورعون من استلام مايتكرم به البشير من جيبه ؟ ومناصب لهم وأولادهم ؟ ان جيرانه يستفيدون من تدميره للسودان صناعياً وزراعياً وطبياً الخ !!! ليوفر لهم الملايين من العملات الصعبة حيث يستورد السودان الشعيرية والبصل وماجي ؟ وكل ما لايستطيعون تسويقة يوجه الي السودان الحديقة الخلفية لمصر ؟ حديقة غناء وحارسها بربري طيب ؟ ومن فوق ذلك يتكرم عليهم البشير بما يسرقه من افواه الأطفال الذين يتَمهُم بقتل آبائهم في الحروب ويهيمون الآن في الشوارع في ابشع صورة مأساوية لاتمت الي ديننا الأسلامي الحنيف بصلة دين الرحمة ؟ وكذلك من افواه الرُضع بالمايقوما الذين يشتمون الحليب مرة في الأسبوع ويموتون بأعداد كبيرة كل يوم ؟؟؟ تكرم ببيع اللحوم لمصر بأسعار مدعومة من خزينة الدولة وعدد50000 رأس ابقار وسيارات جديدة ومبلغ محترم من الدولارات لكل لاعب من الفريق القومي المصري ؟ ولأول مرة يتكرم الفقير علي الغني ؟؟ وتكرم لهم بالتنازل عن حلايب ؟؟؟ وبتدميره العناية الطبية بالسودان أفاد مصر والأردن حيث يسافر آلاف المرضي لهم للعلاج ودفع عملات صعبة تقدر بأكثر من مليار ونصف سنوياً للدولتين ؟ وهو في طريقه لتوطينهم وتمليكهم اراضي زراعية وتضييق الخناق علي المزارع ابن البلد بتدمير مشاريعه التي كانت مضرب للأمثال مثل مشروع الجزيرة وغيره ؟؟ كل ذلك في سبيل ضمان حماية كرسيه وممتلكاته وألا لماذا ؟ يقولون ان الجاهل عدو نفسه ؟ فعندما تحامق ومنع التجارة مع الجنوب استفادت الدول الأفريقية المجاورة فائدة عظيمة فتجارة يوغندا مع الحنوب تفوف ال7 مليار دولار؟ وكذلك كينيا واثيوبيا التي فتحت خط طيران دولي قبل استقلال الجنوب ويا حليل سودان اير ؟ واذا تحامق أكثر ولم يتفاوض في استقلال خط انابيب البترول لتصدير بترول الجنوب وفق سعر معقول وفقاً لما معمول به دولياً فسوف يلجأ الجنوب لحلول اخري ؟ وكما يعبر رئيسنا المقوار ( بلوه وأشربوا مويته)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..