في الأسى..وأشياء أخرى

أفق بعيد

في الأسى..وأشياء أخرى

فيصل محمد صالح
[email protected]

في ذات أزمة عاصفة من أزمات بلادنا الكثيرة والمتعددة، دخل على المكتب الاستاذ السر قدور مكتئبا ومهموما، وكنت أسمع العطبراوي يدندن “في الأسى ضاعت سنيني..فإذا مت أذكريني”..فقال ممازحا “والله الأغنية دي حقوا يعملوها السلام الجمهوري بتاعنا”.
ربما ليس من الجيد أن يغرق الإنسان نفسه في الأسى جراء أوضاع سياسية على الأرض ومن صنع البشر، مهما كانت حدتها وتأثيرها على بلاده وشعبه، ومن الأفضل أن يتجه نحو العمل الإيجابي لتغيير الأوضاع وقيادتها نحو الأحسن. هذا هو الوضع الطبيعي والمثالي، لكننا نعيش في ظل ظروف غير طبيعية، ومن حق الإنسان هنا أن يعيش وفق المشاعر الإنسانية، أن يحس بالحزن ويكابد الأسى، وإلا انفجر كمدا وغيظا.
كيف لا تشعر بالأسى وأنت تشاهد نفس الفيلم “البايخ” يتكرر أمام عيونك كل مرة، وربما بنفس المعدين والممثلين والمخرجين، ولا يتغير إلا الكومبارس الذين يظنون أنفسهم أبطالا. ولو انتهى الفيلم مع انتهاء ساعات العرض لاحتملنا ملله و”بياخته”، لكنه مع الأسف لن ينتهي إلا بتمزيق البلاد من اطرافها، ولن يتبقى منها حتى ولا جمهورية حمدي.
الحرب ليست لعبة، ولا هي مباراة محددة الزمن ومحكومة بقانون ونتائج ولجنة تحكيم، الحرب لعنة تطال الجميع، ولا تفرق بين مشعلها والمستهدف بها، هي لعنة عمياء لا تحدد أهدافها وضحاياها وفق البرنامج السياسي لأي فصيل أو حزب. هذا قول يصلح لتحذير من لم يجرب الحرب من قبل، لكن ماذا عن بلاد وشعب جربها خمسين عاما، أثقلته خلالها بالمآسي والكوارث والموت المجاني، كيف تبيع الماء في حارة السقايين؟
هل نحن شعب ضعيف الذاكرة لهذا الحد؟، أم أننا لسنا نحن الذين عانوا من الحرب طوال السنوات السابقة، وكيف نعود في سنوات قليلة لنرتكب نفس الأخطاء التي ظللنا نرتكبها خمسين عاما ودفعنا جرائها ثمنا غاليا من أرض الوطن وأبنائه وموارده.
نسمع حديثا كثيرا عن تسريح جنود الحركة الشعبية، وعن الدمج وإعادة التاهيل، ونسمع عن مطالبة الحركة بتسجيل نفسها في مسجل الأحزاب، وقد يكون كل ذلك مطلوبا، لكن كل ذلك لا يصدر من جهات الاختصاص، ولا يبرر الحرب، ونسمع إشارات وتفسيرات عن من وكيف بدأ أحد الأطراف الحرب، وإن كانت المؤشرات تقول أن الطرفين كانا جاهزين للحرب ومستعدين لها.
نحن نعيش حالة سياسية سالبة، لن يبقى الجزء الباقي من السودان في ظلها سليما، وقد نمضي في طريق التمزق والتآكل المستمر حتى نصل حالة دولة لكل قبيلة أو لكل مواطن. واجب المرحلة الآن هو نهوض شعبي شامل يتجاوز كل ما هو موجود على الساحة من حكومة وأحزاب معارضة وحركة شعبية وحركات مسلحة، تجاوز حاسم ونهائي لا يعود للوراء، بل ينظر للمستقبل ويحث الخطى نحوه. ومن أهم شروط النهوض الشعبي هو تجاوزه لحالة الاحتراب المسلح في كل بقاع السودان عبر عمل سياسي سلمي ومدني منذ اللحظة الأولى.

تعليق واحد

  1. الاستاذ الأكرم فيصل اتفق مع ما ذهبت اليه ورغم كرهي للحرب اللعينة ولكن ما الحيلة اذا لم يبغي قاتلي لي خيار .. يجب التحرك الشعبي ولكن ان أرادوها ناراً ..فانه يجب علي كل سوداني ان يحمل سلاحه في وجه هذه الحكومة الطاغية الفاسدة .. وكلنا امل في ان ينهض من القوات المسلحة من يخافون الله ويرعون حرمة القسم الذي حلفوه وينحازون الي جانب الشعب كما تفعل الجيوش المحترمة ، اننا نناشد ابناء الوطن الشرفاء في القوات المسلحة والقادرين علي حمل السلاح من الاحزاب الوطنية انه قد ان الأوان للدفاع عن الارض والعرض بحق وليس تجارة انه قد ان الأوان للدفاع عن المظلومين والمغتصبين والمشردين . انه قد ان الأوان لوقف هذا العبث بالوطن من شذاذ الآفاق في المؤتمر الوطني ، والا فإنها ستصبح مثل دولة طالبان يغتال فيها كل معارض وكل فنان وكل لاعب كرة وكل عازف وكل من لا يتماشي مع توجههم الطالباني البغيض .. ان السكوت علي الظلم في دار فور ثم جبال النوبة وفي النيل الأزرق وفي المناصير سوف لن يقف عند هذا الحد .. وان جلد وملاحقة النساء الحرائر سوف لن ينتهي عند هولاء الا عندما تصبح الخرطوم عاصمة من القرون الأوائل يجلد فيها الرجال لحلاقة ذقونهم وتجلد فيها النساء لمجرد كشف الوجه ويتم ذلك بعد تحويل كل دور الرياضة ومسارح والحدائق العامة لاماكن إذلال الشعب ولقد بدا هذا البرنامج بهدم كل دور السينما في بورسودان والقضارف واغلاق العديد منها في كا المدن بما فيها اشهرها في الخرطوم ، انه سقوط متواصل ولن ينتهي الا اذا وقف هذا الشعب .. فان كان لابد من الحرب لكي احيا كريما فمرحباً بالموت ولن نطمع بدماءنا علي وطننا في الوقت الذي ضحي فيه الثوار الشرفاء في تونس ومصر وسوريا واليمن بدماءهم لأقل من هذه الاسباب ، اننا لم نحكم بطاغية فاسد هوواخوانه وزوجته وبطانته فقط وأننا لم نشرد ونعتقل ويموت بعضنا ،غدراً امام اهله او في ماله او بجريرة فعلها القاتل قبل المقتول فقط ، اننا لا نقاتل من سمعتنا كدولة راعية للارهاب . اننا لا نقاتل من السودانيين الذين اصبحوا لاجءين في الاتجاهات المجاورة الأربع فقط ، اننا لا نقاتل من وطننا الذي تمزق فقط ، اننا نتقاتل من اجل شرفنا وكرامتنا والمستقبل الذي ينتظر أبناءنا . فان كانوا يردونها حرباً لا تبغي فمرحباً بالموت ، فانهم علي باطل ونحن علي حق . فأحمل سلاحك من اجل ارواح شهداءنا امتداداً من علي فضل وعبد المنعم والضباط والراسخ والطيب والتايه انتهاءاً بشهداء كجبار ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق .. فهل تبقي بعد ذلك عذر لهم  

  2. كلام صاح جدا لكن لازم نسال نقول كيف . فكيف؟
    هنا على يمينك فى قيادات الهامش
    هنا على شمالك فى قيادات معارضة قالت تريد نهاية الاسى .
    فى صحفيين مثلك
    عليكم انتم – ونحن معكم فى هامش الراكوبة – ان تدفعوا بمعارضة الوسط لتلتحم فى حوار وتفاكر مع قيادات الهامش عاجلا وبكثافة.
    الجهد لرفع الراس من النطع.ومقاومة احتمال التشظي
    الخطر نمرة واحد الذى يهدد وجودنا من اساسه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..