أخبار السودان

لماذا لم تتكاثف غيوم الحراك الجماهيري ليهطل مطر الثورة

اسامة الكاشف

للثورات عموماً شروط موضوعية اجتماعية وسياسية واقتصادية لا بد من تحققها ووصولها إلى مرحلة النضج حتى يكون المجتمع مستعداً لتحقيق وتقبل التغيير وذلك بعد أن تستنفد القوى القديمة كل ما في جعبتها من الحيل (اجراءات استباقية .. اعتقالات.. تضييق على الحريات.. اغتيالات..إلخ) في محاولات يائسة لضمان استمراريتها في السلطة. عندما يصعب على الناس تحمل تبعات التضييق الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ترتفع وتائر التذمر التي تتضخم متى توفرت لها القيادة لتصبح حراكاً ثورياً فانتفاضة جماهيرية فثورة شعبية. متى بدأ الحراك الثوري فإنه يفرز تلقائياً قياداته الميدانية التي تتولى التخطيط والتنسيق لضمان الاستدامة وتصاعد النسق وصولاً إلى لحظة الحسم.

يلاحظ المراقب حالياً عدم تصاعد نسق الحراك الثوري بالسودان على الرغم من استدامته ودخوله الأسبوع الثاني دون تراجع وهنا يمكن أن نستعرض بعض الأسباب التي في تقديري أدت إلى عدم وصول هذا الحراك لنقطة الذروة وجذب القطاعت المترددة إلى دائرة الفعل الإيجابي.

أولاً: تفتت المعارضة السياسية وتباين اطروحاتها ومواقعها من الحركة الشعبية: على سبيل المثال يرى حزب الأمة تغيير النظام في حين ترى قوى الإجماع الوطني إسقاط النظام ولا يزال موقف الإتحادي ضبابياً. لهذا السبب ربما ظلت العديد من المدن المشهود لها عبر التاريخ بمشاركتها الفاعلة في الهم العام خارج سياق الحراك الثوري بما يشمل معظم مدن “بحر أبيض” و”كردفان” وهي مناطق نفوذ تقليدي لحزب الأمة وكسلا ومعظم مدن الشرق والشمال التي هي مناطق نفوذ تقليدي للإتحاديين وذلك على الرغم من أن جماهير هذه المناطق تكتوي بنفس النيران التي اشعلت باقي المدن في حين تتصدر الخرطوم ومدني وبورتسودان المشهد السياسي تحت قيادة مباشرة لطلاب الجامعات والمعاهد والثانويات وقطاع من المثقفين والناشطين إذاً هو حراك شبابي بامتياز يتولى حتى الآن الشباب التنسيق له عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الهاتف النقال.

ثانياً : توارت مهيرة عن المشهد فباستثناء الوقفة الاحتجاجية أمام مباني جهاز الأمن في الثالث من أكتوبر للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين لم نشهد للمرأة ذلك الوجود الذي عهدناه على مدار تاريخ الانتفاضات والثورات السودانية . في حين أن ثورات البلاد المجاورة شهدت

مشاركة واسعة للمرأة فاقت في أحيان مشاركة الرجال وربما هذه الجزئية جديرة بالبحث لمعرفة ما أفرزه ربع القرن الماضي من تغيرات على خارطة القوى الاجتماعية الفاعلة.

ثالثاً: شجعت الانقاذ منذ بواكير أيامها تفريغ الوطن من الناشطين الحزبيين والنقابيين وهم قوى مؤثرة لا تنقصها الخبرة ولا تعوزها الدراية السياسية لكن نلاحظ أن تفاعلها مع هذا الحراك أقل من المأمول ، حيث دخلت إلى حلبة الحراك متأخرة نسبياً ولم يكن حراكها متناسباً مع حجم الحدث وإن رأينا خلال اليومين الماضيين فعاليات نأمل أن يكون لها تأثيرها على مجريات الصراع.

ربما هنالك العديد من الأسباب الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها. نتساءل الآن عن المطلوب لتحقيق النقلة المرجوة وارتفاع نسق الحراك الثوري وهذا يتأتى من وجهة نظري من خلال ما يلي:

1. على تنسيقية الثورة أن تستوعب جميع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الأخرى وفقاً لبرنامج حد أدنى يضمن استكمال المهام .

2. توسيع نطاق الحراك الخارجي خصوصاً في أوروبا وأمريكا وتطوير أدواته من خلال الاعتصامات أمام البرلمانات ومكاتب نواب البرلمان والصحف ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الانسان المؤثرة ومحاولة حشد رأي عام من خلال مخاطبة الجيران وزملاء العمل وغيرهم فنحن نعلم ثقل رأي الفرد في هذه المجتمعات

3. حتى ألان لم يصبح السودان خبراً أولاً لدى الفضائيات أو الصحف لذا يجب أن نركز على هذه الجبهة نحن نعلم مدى سخونة الملف السوري والملف الإيراني لارتباطهما بالأمن الإقليمي الإسرائيلي ونعلم مدى التراجع في الأهمية الإقليمية والعالمية للسودان منذ أن تولت الانقاذ زمام الأمر وبالتالي يجب علينا بذل جهد مضاعف لجعل السودان رقماً ضمن الأجندة السياسية الدولية.

4. يعول الداخل بشكل كبير على دعم الخارج الوطني والأجنبي وهذا أمر هام على مستوى الحفاظ على المعنويات مرتفعة فالداخل يضحي بالنفس والمال والوقت والجهد ويتوقع أن يدعمه الخارج ليطمئن على عدالة قضيته وإطلاع العالم عليها فنحن رأينا عن كثب كيف لعب الخارج دوراً فاعلاً في الثورة المصرية وما أن تنادى الشباب حتى خرج (30) مليون شخص في استجابة لنداء من شباب لا يعرفون أسمائهم فلماذا لم

يخرج حتى الآن (3) مليون سوداني؟ أنا على ثقة متى رأى الداخل دعماً مؤثراً من الخارج الفاعل ذو الثقل العالمي فإن ذلك سيكون الحافز الأكبر للاستدامة وارتفاع النسق.

5. التنسيق الفاعل مع الداخل ساعة بساعة للحصول على المعلومة السليمة والصورة المؤثرة وذلك لكسر حاجز التعتيم الإعلامي الذي تفرضه السلطة على المعلومة..

6. تحرك الاتحادات والنقابات الشرعية لتصبح جزءاً من قوى التنسيقية الفاعلة.

7. تحريك قضية المعتقلين وتعذيبهم وانتهاك آدميتهم إعلامياً وطلب النصرة لها من منظمات حقوق الانسان المعنية.

نعلم الطبيعة المختلفة لهذا النظام عن سابقيه (عبودنميري) فهو تنظيم مكتمل اغتصب السلطة عبر تخطيط ودراسة وأنه سيستميت في الدفاع عن البقاء في سدة الحكم لأن سقوطه يعني إرسال البشير وعبد الرحيم وهارون للجنائية بلاهاي ومحاسبة كل من سفك الدم وسرق المال.

يجب ان تلهمنا تضحية هؤلاء الشباب بأرواحهم لاتخاذ موقف إيجابي ينسجم مع حجم هذه التضحية.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. النجدة يا من تحملون السلاح الشعب اعزل امام بطش حيوانات لاتدرى الفرق بين الوطن و البطون

  2. تحليل منطقي استاذ اسامة الكاشف ، عملية الحشد الجماهيري في السودان او خارجه من العوامل المهمة لانجاح الثورة ، والرجاء من الاخوة في الخارج عموما النزول من ابراجهم والاندماج مع المجوعات المختلفة التي تشكلت ، والابتعاد عن الاراء الشخصية التى ليس لها اي معني في الوقت الحالي ، طالما ان هنالك غاية واحدة وهي التخلص من ذلك النظام ، لا ان نضع نفسنا في خانة المراقبين او المشجعين من بعد ، فكل يسال نفسه ، اين دوري العمليى في انجاح الثورة ، فدم الشهداء امانة على الجميع

  3. أهم شروط نجاح الثورات الشعبية والانتفاضات لم تتطرق إليه ، وهو انحياز الجيش للشعب ونجاح العصيان المدني .
    فجيش السودان الآن عبارة عن مليشيات تابعة للكيزان وتأتمر بأمرهم ، أما العصيان المدني فلن ينجح لأن معظم الموظفين في المرافق الحيوية وخاصةً في العاصمة هم أعضاء في المؤتمر الوطني ومعظمهم غارق في الفساد وسيسعى لحماية نفسه بالدفاع عن النظام القائم .
    السيد الإمام الصادق المهدي يعي هذه الحقيقة ولذلك لم يأمر أتباعه بالنزول إلى الشارع فيموتوا ( سمبلة ) .
    الذين يطالبون بإسقاط النظام من غير أن يسعوا لتوحيد الصف ووضع أجندة واضحة ومتفق عليها وخارطة طريق تؤدي إلى تحديد البديل الناجح والاتفاق عليه ، فإنهم يطالبون بالمزيد من التضحيات من الشباب المتحمس للتغيير .

  4. الشارع السودانى ينقصة من يقودة والدليل ابناء المدارس خرجو دون قيادة طول يوم 23 سبتمبر كنا نحن الكبار نتوقع اليوم التالى ان يخرج القيادة السياسية لادارة الثورة لاكن مع الاسف لاقيادة سياسية ولانحن لم نخرج حينها انتهز النظام الفرصة لقتل ابناء المدارس وهم فى زيهم المدرسى .وبعدين المقارنة بين الشعب المصرى والسودانى معدوم نظرا للتخلف التقنى وغلاءسعر الاتصالات والروح الوطنية .تجد المصرى يعتز بمصريتو اما السودانى قد يعتز ويشعر بالعظم بقبيلتو هناك فرق

  5. فى رايى المتواضع لا يمكن ان ينجح اى حراك شعبى فى ازالة النظام القائم ما لم يتححق الشرط الاساسى وهو فى رايى توحد الشعب السودانى.فالشعب السودانى منقسم بين رؤيتيين فهنالك من يؤمنون بالثورة الشعبية السلمية والتى عندما تبلغ ذروتها ستساندها القوات المسلحة حتما ورؤية اخرى تؤمن بالتغيير المسلح والذى تتوجس منه المجموعة الاولى كثيرا وهى الغالبية فى رايى والفاعلة اكثر بحكم وجودها فى المدن الكبرى ومناطق الحضر.فاما ان يلقى حاملو السلاح سلاحهم وينضموا للغالبية فى ثورة شعبية تقتلع النظام واما ان يحمل الجميع السلاح فيقاتلوا النظام حتى هزيمته المتوقعة سريعا فى هذه الحالة واذا لم يتنازل احد الطرفين عن رؤيته فابشر بطول سلامة يا نظام.

  6. أخي الكاشف تحليل منطقي ويجب كما أسلفت التركيز على القيادات الميدانية التي هي الأكثر تاهيلاً من غيرها في قيادة الثوار ، وأن يكون البديل جاهزاً حتى لا تتوقف الثورة الأمانة التي حملنا لها الثوار

  7. لقد بح صوتنا وقلنا أن سلاح الاعلام هام وهام جدا وضرور تأسيس قناه فضائية يجب على سوداني المساهمة فيها والملاحط الان ليس هنالك قناة غير العربية وأسكاي نيوز العربية تتابع والنظام متغير اخواني منذ ربع قرن وليس هنالك حاجة لتغيره بالنسبة الى الغرب وامريكا ومشروع تفتيت الدول الاسلامية.
    النظام لديه مليشيات وهي لن تتواني في قتل شعبنا والانتصار عليه يتم بتنفيذ الاعتصامات السلمية وهنا كما اسلفنا ان تكون مصورة وتكسر حاجز التعتيم الاعلامي والعصيان المدني تقوم بتنفيذه النقابات والاحزاب المعارضة الكرتونية يجب ان لا نعول عليها كثيرا وهي اصبحت غرق بالية .
    يجب استنهاض منظمات حقوق الانسان ومدها بالمعلومات والوثائق لكشف جرائمهم .
    نحن لدينا التصميم ان لا نتوقف حتي ازالتهم ومحاسبتهم على ما ارتكبوه وشاهدت احد الشباب وقد دهسته سيارة كلاب الامن عمدا وهو يبلغ من العمر حوالي 17 ربيعا وعندما سألته وانا أشاهد رجله متفتتة وقلت له رجلك ضاعت فقال لي المهم الوطن أيه الشعب السوداني المهم الوطن واخيرا المهم الوطن

  8. للأسف الشعب السوداني ليس علي قلب رجل واحد والدليل علي ذلك:-
    1-عندما قام الثوار الجنوبيين بثورتهم منذ الأستعمار في عام 1955 لم يقف معهم الشعب السوداني بل اعتبروه تمرد!!!
    2-وتوالت الثورات من الأخوة الجنوبيين ولم تقف سوي فترات بسيطة بسبب اتفاقيات لم تحقق مطالبهم الحقيقية لذلك جاء الأنفصال محصلة لكل تلك الفترة من الحروب والمأسئ التي راح ضحيتها ما يزيد عن 2 مليون مواطن من أبناء الوطن الحبيب.
    3-كأرثة دارفور والتي راح ضحيتها 10000 مواطن سوداني علي حسب قول البشير والرقم المعروف لجميع شعوب العالم اكثر من 100000 وقف فيها الشعب السوداني متفرجا ولم ينبس بكلمة في وقت كل العالم كان يدين ويستنكر ويشجب.وحتي عندما جاء المرحوم خليل أبراهيم الي قلب العاصمة أعتبره الشعب متمرد وعميل وخأين!!!!.
    4-اهلنا في الشرق العزيز ايضا لم يسكتوا علي الظلم فكانت لهم صولات وجولات ولكن لم يكن لها صدي بسبب التعتيم الاعلامي.فقتل منهم من قتل وعذب منهم من عذب والعدد غير معروف.
    5-اهلنا في الشمال الاقصي كذلك لم يسلموا من الأذي والقتل والتهجير،فالمواطن السوداني في كل انحاء السودان تم قتله وسحله وتعذيبه وإعتقاله ولكن للأسف دائما كانت ردود الفعل من الشعب السوداني تأتي أحادية الجانب يعني من المتضررين.
    6-المرتين الكان فيهما الشعب السوداني علي قلب رجل واحد هما فترتي الإنتفاضتين الشعبيتين أكتوبر1964 وأبريل 1985 فهل نري إنتفأضة ثألثة تجمع الشعب السوداني لتزيل هذا النظام الفاسد الدموي فلسوف نري في مقبل الايام القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..