أخبار السودان

بين الصحافة والتجارة أو بين بهرام وأحمد البلال.!

أحمد الملك

أواخر العام 1998 كنت أجلس في أحد فرندات السوق الأفرنجي أقرأ في صحيفة. يصحبني الصديق الدائم آنذاك (كيس التسالي) والذي لم أتوقف عن (تعاطيه) رغم أنه جلب لي (الشتيمة) فقد توقف أمامي ذات يوم وأنا أقرأ الصحيفة في نفس مكاني، بائعان جائلان يحملان قطع جلاليب، وحين وجدا أنني كنت عازفا عن الشراء (بسبب ضيق ذات الجيب) حاولا إستفزازي : فقال أحدهما للآخر، سيبك منو، دة الظاهر ما عنده قروش!
وعقّب الآخر مؤمنا على كلام رفيقه: التسالي دة يكون ياهو فطوره!
قبل أن يحملا قطع الجلاليب ويرحلا لشتم أناس آخرين!
رفعت وجهي لأجد من حولي هذه المرة وبدلا من باعة الجلاليب، وفدا على مستوى عال، يصحبهم مصوّر بكاميرا مثبتة بخرق قماش على حامل يشبه يد المكواة. دهشت، فلم يكن لدي لحية تذكر، ولم أكن شخصا مسئولا ممن يدفعون الفساد والإهمال بدعاوي البلاء! وهو لا يعرف أنه هو أصل البلاء! في كل الأحوال أصلحت من وضع ياقة قميصي حين رأيت الكاميرا التي تشبه المكواة، وتذكرت مرشحا سقط في الانتخابات كان لا يني يردد كلما وقع فمه على مايكرفون أثناء حملته الإنتخابية الآية الكريمة:

وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي

لم أكن اتوقع حين إستعددت للتصريح أن ناس الوفد الصحفي لن (يفقهوا قولي) أو سيفقهوه ولكن على طريقتهم، يبدو أن منظر الجريدة التي كنت أقرأها جذب فضول الوفد. كانت تتقدمهم فتاة في مقتبل العمر كما يقولون (رغم أنني لم أكن اعرف آنذاك كم يجب أن يبلغ الانسان من العمر ليكون في مقتبل العمر) المهم شرحت لي الفتاة الصحفية كما أوضحت، إنهم يقومون بعمل إستبيان لمعرفة رأي القارئ حول الشكل الجديد لصحيفة أخبار اليوم! ثم مدّت لي يدها بالصحيفة بشكلها الجديد! إبتسمت مندهشا، وظننت (وبعض الظن إثم) ان الجريدة إنكمشت بسبب الظروف الاقتصادية السيئة! وأن الانكماش الذي طال حياة الناس كلها فتقاصرت الوجبات والمرتديات (ما يرتديه الناس) حتى أن صديقا كان الناس يحسبونه من جماعة أنصار السنة بينما تقاصر جلبابه بسبب عوامل التعرية. حسبت أن الإنكماش طال حتى الصحف فأصبحت بقدرة الله، والمصممين، تابلويد، أي نصف الجريدة التي نعرفها.

ولأنني كنت مفارق في ذلك الوقت وعيني قوية، فقد نظرت بعيني القوية الى جريدتهم ثم أدليت بتصريحي، قلت لهم، إن الشكل غير مهم، المهم هو المضمون، وأن صحيفة الأستاذ محجوب عروة وهو المحسوب على الحركة الاسلامية هي أكثر إستقلالية بل أقرب للمعارضة، من صحيفة أحمد البلال الطيب والتي نفهم من كلمة مستقلة المكتوبة في أعلى صفحتها الأولى، أنها بالضرورة مستقلة، لكن واقع الحال أنها، كما مضيت في تصريحي، نسخة بالكربون من الجرائد الحكومية! حتى إعلانات البسكويت وصفحة الوفيات، (الفقد واحد!).

بدا عليهم إحباط إختيار الشخص الخطأ، و(تكربنت) وجوهم قليلا ربما لذكر الكربون! لكنهم قبل أن يحملوا جريدتهم القصيرة (التي لا يطاع لها أمر) طلبوا مني أن أعطيهم إسمي ومهنتي وأسمح لهم بإالتقاط صورة. لبثت مبتسما بعض الوقت (حتى تعب فمي من عبء إبتسامة إجبارية لشخص جيبه خال مثل قلب المؤمن المطمئن) حتى أصلحوا الكاميرا المكواة و(كشحوني) بفلاش مركز جعل عيني القوية ترتعش!

المهم كنت متلهفا وأنا أشتري جريدتهم القصيرة في اليوم التالي لمعرفة كيف تعاملوا مع تصريحي، عرفت صورتي بسرعة (لم أتغير كثيرا منذ الأمس) لكنني لم أعرف كلامي أبدا، حتى إسمي قاموا بتغييره قليلا، أما المهنة فبدلا من مدرس كما أعلنت كتبوا: صاحب مكتبة! يبدو أنها مهنة مثالية لمن يريد أن يعطي رأيا حول أحوال الصحافة، فمع الظروف الاقتصادية السيئة لم يعد بمقدور أحد سوى صاحب المكتبة، الذي يقوم بتوزيع الجرائد، أن يقرأ الجرائد كلها.

بالنسبة للرأي وجدت أنني أشدت بالشكل الجديد للجريدة! بقية تصريحي الذي قلت أن الجريدة نسخة كربونية من الداخل من صحف الحكومة، وأنه لا يوجد فيها شئ مستقل سوى كلمة مستقلة المكتوبة في الأعلى باللون الأحمر، تم التعامل معه بدبلوماسية تلفيقية فأصبح: ونتمنى ان تحافظ الجريدة على استقلاليتها أو تصبح الجريدة أكثر إستقلالية، شئ من هذا القبيل الذي حوّل تصريحي الكربوني الآنف ذكره الى مجرد تمنيات!

تذكرت ذلك وأنا أقرا ما أثير حول الأستاذ أحمد البلال الطيب في الأيام الماضية إثر حواره التلفزيوني مع إحدى القنوات العربية، الذي عرفنا فيه كيف يجب أن يكون الاعلامي الجيد وكيف يجب أن يبتعد عن النشاط السياسي! أي نترك الساسة يعجنون ويخبزون في السياسة، والإعلاميون يعجنون ويخبزون إعلاما. والشاطر من يسير على العجين ما (يلخبطوش)! أطرف ما قرأت من تعليق لأحد قراء الراكوبة. أن أحمد البلال تتوفر فيه صفات التاجر الجيد، وأنه ضل طريقه الى الإعلام بدلا من طريقه الحقيقي إلى السوق. وأنه يجيد البيع والشراء لكن ذلك، وإن كان جيدا في السوق لكنه ليس محمودا في الصحافة.
لم يعد لمن يمسك العصا من وسطها دور الآن، الآن الكلمة لبهرام ورفاقه من الشرفاء. دماء شهداء الحرية والكرامة وضعت خطا فاصلا بين حياتنا وبين المخذّلين وتجار الكلمة، لا خير في إعلام لا ينحاز للحق ويحارب الباطل، حتى لو أمسك الباطل بالصولجان بيديه ورجليه. فالباطل الى زوال وإن طال أمده.

قبل سنوات وقعت عيني مصادفة على نسخة من أخبار اليوم أحضرها أحد القادمين من الوطن، فوجدت أنها عادت لحجمها الطبيعي، بقي المضمون نفسه. قلت لنفسي: طيب ما دام أصلا حيرجعوا للشكل القديم (تاعبننا ليه!)، بالتصريح إياه، والشكل ما مهم المهم الاخلاق .. الخ الخ.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. احمد البﻻل صحفي اكل عيش يعيش كالبكتريا ويطور نفسه حسب الظروف انه فيروس خطير ﻻ يمكن القضاء عليه

  2. البلال الطيب يمتلك 4 فلل في مجمع النفيدية الفخيم وغير ما هو في شمبات ونفس المجمع فيه فلتين لعصام البشير سوى بإحداها الأرض وعملها مسبح وضيافة اشترى فلة جاره 2مليون دولار .. كما يمتلك المتعافي فيلا على ارضين 1200متر …

  3. الأستاذ/ احمد الملك فعلاً “المهم الأخلاق” بالمعنى الحقيقي للكلمة.. وأتمنى أن أرى الأخلاق تسود طواعية وإلا بدولة الدستور والقانون.. مقالك جميييل لا تستطيع ان تفلت او تزوغ من كل كلمةمنه.. كان لابد من ربع قرن من الزمان حتى يصيروا فعلا وحيد القرن! لن تقوم لهم قائمة، لا بسطاء سوف يغرر بهم بعد اليوم باسم الدين كل الشرفاء واقفون متحلقون حول ساحة القصاص..أنا أشك في القتل الممنهج هذه الكلمة كتيرة عليهم انه قتل همجي فعلاً وضمناً..

  4. دا حالك زمان وجنيهنا عندو قيمة واكثرية الشعب السوداني يأكل وجبتن واكثر وانت تستطيع ان تشتري وتدم اكل التسالي
    تعال الان وبص وشوف!!!!!

  5. التحية لك يا استاذ كلماتك الساخرة اضحكتنى وابكتنى على حال صحافة ( الظروف )كلما تكتب فى الجماعة كتابة حسنة وتدبلج المقالات تكون ( ظروفك ) افضل ..وقد تتحسن ( ظروفك ) شيئا فشيئا حتى تسكن كافورى !! وقد تصبح قريبا من لص كافورى ..مصيبة صحافتنا كبيرة ..فهناك من ادمن الكذب والغش وحتى القراء من طلاب المدارس يضحكون عليه وهو مثل فرعون وقلة عقله يعتقد انه على صواب ..

  6. احمد البلال الطيب ده صحفي حربوية يتلون حسب الظروف وقت الحمار احمر ووقت الصفار اصفر وهكزا يعني شعب كل حكومه اينما مالت مصلحته مال معها الخيبان المايل المتهايل

  7. يا اخوانا دعكم من احمد البلال وخلافه نحن نعيش الأن فى فترة انحطاط شامل بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانى الانحطاط ………السياسى الثقافى الاقتصادى الاخلاقى الدينى وهو و الأف من امثاله مفاصل تعمل من خلال هذه المظومة العملاقة فليس امامنا سوى الأستمرار فى ثورة سبتمبر لأقتلاع هذا النظام ………….

  8. لا تذهبوا أنفسكم حسرات علي هكذا زلمة.

    أحمدالبلال ” فاقد تربوي ” مثله مثل رئيسه ” تيتاوي ” أو ” توتاوي ” الذي صار في عهد ” الأرجاس ” ,,, وبقدرة قادر ” دكتورا ” و ” دكتاتورا ” علي الصحافيين .وكمان بيدرس الطلاب في الجامعات !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

    كانا ,كلا منهما ” مايويا ” حتي الثمالة . لا يجيدون العيش إلا في ظل أنظمة دكتاتورية فاسدة مثلهما مثل ” سبدرات ” … بلا موهبة سوي النفاق والتزلف ومسح الجوخ .

  9. هذا الكديس السمين هو المخدر الاول للشعب السودانى لحساب المفسدين ولازم يحاكم ولايدفن فى ارض السودان لان نجس مثله سيدنس طهارة الارض .

  10. ألم تشاهدوا هذا المنافق كيف هرب من لقاء في احدى القنوات عندما حوصر وانسحب ذليلا وذكر بأنه بصدد تأسيس قناة فضائية واعتقد بأنها سوف يشاهدها هو وكلاب النظام

  11. والله تقرا مقال صديق محيسي عن الارهابي احمد البلال بالامس تتفش شويه وتزول الزغلله من عيونك وتضحك من كل جوفك وتنطط براك زي الجاك خبر كسبت سيارة سجل بياناتك سوداني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..