الشهد والدموع مسلسل “سائحون ومصلحون”!

تيسير حسن إدريس
(1)
ليس من حقِّ قوةٍ من القوى السياسية السودانية الحجر أو إقصاء أحد من المشاركة في الحراك الثوري -الذي يجتاح البلاد بهدف إسقاط نظام الإنقاذ الفاسد الذي يحكم منذ ربع قرن- مهما كانت مواقف هذا “الواحد” السياسية، ما لم تكن يده ملوثة بدماء الشهداء أو الاعتداء على المال العام، فأولئك الذين ظلوا يصطفُّون على الرصيف، ويمارسون نوعًا من الحياد السلبي، أو حتى الذين ساندوا هذا النظام في فترة من فترات حكمه، وساروا في ركابه خوفا أو طمعًا دون أن يرتكبوا جرمًا مباشرًا، يمكنهم اليوم إذا ما تحرَّروا من مواقفهم السابقة، وصدقوا النية أن يشاركوا في الثورة، من أجل خلق حاضرٍ أكثر إنسانية ،ومستقبل أفضل لهذا الشعب، ولو من باب تكفير ذنوبهم الماضية.
(3)
أما طائفة الذين خطَّطوا لقيام هذا النظام الظالم، وظلوا جنده وسدنته في جميع مراحل عدائه السافر للشعب، وشاركوا مباشرة في تنفيذ مشاريعه المدمرة، ويريدون اليوم والسفينة الإنقاذية على مشارف الغرق القفز منها، وإقناعنا بأنهم قد تبيَّنوا فجأةً الرشدَ من الغي، وتابوا وأنابوا دون الإيفاء حتى بمتطلبات التوبة الشرعية في حدها الأدنى، المتمثل في: الاعتراف بالذنب أولاً، وطلب الغفران ثانيا، والعمل بعد ذلك على إزالة آثار الذنب والجرم، إبداء لحسن النية وصدق المشيئة، فلن تقبل منهم توبة، ولن تشفع لهم أعذار، مهما دبَّجوا المقالات، وساقوا المبررات، وأجادوا صياغة المبادرات، فالذي يبنى على باطل فهو باطل، لذا فلا مكان لهم بين قوى التغيير الثورية، ولا مجال لمشاركتهم، فجدار الشك يعلو بينهم وبقية الشعب، ويحجب أفق الشفاعة والغفران.
(4)
وفي هذا المقام يستوي “السائحون” و “المصلحون” ، فلا فرق بين “ود إبراهيم” و”غازي صلاح الدين” جميعهم مطالبون بالاعتراف بخطأ الانقلاب على السلطة الشرعية الديمقراطية في يونيو 1989م، والجرائم كافة التي ارتكبت في حق الوطن والشعب، في ظل سلطة الانقلاب طوال ربع قرن، ومن ثم الاعتذار علنًا للشعب قبل أن يرهقوا أسماعنا بتصريحات خجولة، ومبادرات دسمة لغويا وفقيرة المصداقية، خاصة وشعب السودان قد عايش من قبل فصول هذه المسرحية إبان حكم الدكتاتورية المايوية، والتي كانت خاتمة فصولها المأسوية عودة سدنة النظام المايوي من تيارات الإسلام السياسي من الشباك، بعد أن تم طردها من الباب، في انتفاضة إبريل 1985م المجيدة.
(5)
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وشعبنا المؤمن لدغ من جحر تيار الإسلام السياسي مرة، ولا تثريب عليه إن تحلى من بعده بالحيطة والحذر في تعامله مع أفراد ومجاميع هذه التيارات، التي تدعي أنها اكتشفت بعد ربع قرن من الحكم المطلق فساد وخطل نهجها وعطب مشروعها، دون أن يكون لها الشجاعة لنقد مجمل التجربة، وتقديم مراجعات واضحة تؤسس لنهج جديد يتقاطع مع القديم، ومشروع فكري يناقض ما تعارف عليه باسم “المشروع الحضاري” الذي سقط وقاد الجميع للسقوط في وحل الفشل.
(6)
إن منطقَ القفزِ من السفينة الغارقة منطقٌ انتهازيٌّ، أدمنته تيارات الإسلام السياسي، ولم يعد ينطلي على أحد، فالكلُّ بات يعلم أن هذا هو السيناريو المفضل لتلك التيارات للخروج من أزمات تجاربها الفاشلة، والمحافظة على الكيان من الاضمحلال والفناء، فمسرحية خروج البعض على الجماعة وإعلانهم الانشقاق وتبنيهم لمشروع إصلاحي يَتَمَاهَا مظهريا وروح العصر في ظاهرة شبيهة بتأقلم الحرباء مع الوسط الذي تعيش فيه حماية لنفسها من الانقراض قد أصبح سمةً من سمات تلك التيارات الموصوفة بالإسلامية.
(7)
وهذا المنطق قد يكون مقنعًا للجماهير في دورة من دورات وعيها الباكر بيد أن التجربة وتراكم الخبرة كفيل بهزيمة وفضح هذا النهج الانتهازي، ولا أظن أن مذكرات النفاق التي ترفع من قبل السائحين والمصلحين مستنكرة قتل المتظاهرين السلميين، اليوم ستجد آذان صاغية لدى الشعب الذي يعلم علم اليقين أنهم قد شاركوا النظام من قبل في ارتكاب جرائم أبشع من التي يستنكرونها في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وسيعتبر المواطن هذا الاستنكار وتلك المذكرات في أحسن الأحوال بضاعة كاسدة مردودة على أصحابها لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، الغرض منها إعادة إنتاج الذات المهزومة من جديد، دون مراعاة لوعي اللحظة التاريخية الذي اختلف منذ آخر مرة سطت فيه هذه الجماعات على المكاسب الثورية للجماهير في انتفاضة إبريل 1985م.
(8)
إن مهر تأسيس دولة المواطنة المدنية الديمقراطية، والخروج من نفق الدولة الثيواقرطية غالٍ وباهظُ التكلفة، ويستوجب تقديم كثيرٍ من التضحيات والعمل الجاد على معالجة أخطاء الماضي كافة، وكشف جميع الأساليب السياسية الملتوية وغير الشريفة، التي أوصلتنا لهذا النفق المعتم، والذي كانت نتيجة دخولنا فيه انهيار الدولة وانشطارها في ظل نظام الشيوخ الذي حكم طوال ربع قرن ولا يزال دون أن يجد من القوى السياسية من يتصد له، و يقف ضد مخططاته ومشاريعه المدمرة التي تحاول جماعات “سائحون ومصلحون” اليوم أن تبث فيها الروح وتعيد تدويرها من جديد بحجة أن المنهج صحيح والعلة كانت في التطبيق.
(9)
اجتهادات جماعات “السائحون والمصلحون” الجارية لنفض اليد من جرائم نظام الإنقاذ وتحسين صورتها، لا تعدو أن تكون محاولة بائسة لإيجاد موطئ قدم، بعد أن تأكد لها أن النظام الذي دعمته وظلت تدافع عنه قد فقد مشروعية استمراره وبقائه، ولا محال هالك، وبما أن هذه الجماعات لا تزال ترى وتؤمن بأن الدولة الثيوقراطية العروبية الشمولية هي الأصلح لحكم السودان، فكان لابد لها من أن تجتهد وتعمل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أنقاض نظام الإنقاذ، على أمل إعادة ترميمه والعودة به من جديد للساحة بمسمى ومظهر عصري يتماها مع بعض متطلبات المرحلة، مع إخفاء للثوابت إلى حين التمكين وقوة الشوكة، وعندها يكون لكل حادثة حديث.
(10)
الجماعات التي تعمل وفق فكر ونهج “السائحون” مغتربة عن الواقع، وتداعب خيالاتها أحلام مستحيلة بإمكانية إيقاف عقارب الساعة عن الدوران والعودة بها إلى الوراء، متناسين حقيقة أن ربع قرن من الحكم “الثيواقراطي” قد كان كفيلاً بفضح المخفي من برامج الخِداع التي تخفي حقيقة أمرها وراء مظاهر الورع والتقوى الكاذبة، وأن هذه السنوات الطوال -رغم آلمها وما جرته على الوطن والشعب من بلوى وأذى- إلا أنها أيضا زودت الجميع بوعي نوعي، ذلكم هو وعي الشباب الثائر اليوم في ساحات الوطن، رافضًا حكم الشيوخ الأنجاس، ومطالبا بنظام ديمقراطي مدني، أكثر عدالة وطهرًا، فلا مجال بعد اليوم لنظام دكتاتوري وعنصري بلبوس ديني، فوعي المرحلة التاريخية قد تجاوز هذا النوع من نظم الاستبداد الفاسدة .
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 05/10/2013م
[email][email protected][/email]
حقيقة كنت ابحث عن اقناع وفذلك لمعنى اصﻻحيون وسائحون لكن تيسير يسر الله لك كل شئ اجبت على كل تساؤﻻتى واشفيت عليلى لك التحية
تأسيس دولة المواطنة المدنية الديمقراطية
الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
سائحون او مصلحون هي عملية تجميلية وترقيع للنظام الحالي وهم قالوه عندم شعروا بدنو ساعة التغيير قال احدهم افضل نستولي على السلطة ولا يسقط في يد غيرنا ونحن نقولها وبكل وضوح لا مجال لاي واحد شارك في تدمير السودان ان يكون له موطء قدم في المشهد السياسي القادم لانه ما اغترفته هذه الطغمة لم تفعله اي جهة حكمت السودان وثار عليها الشعب هؤلاء يجب ان يخرجوا من المشهد السياسي تماما وافساح المجال لقوى وطنية جديدة تضع مصالح السودان فوق الجميع وليس الحزب او التنظيم
حتما ستنتصر ارادة الشعب .وسوف ياتي يوم النصر قريب وحينها لا مكان للمتفرجين من احزاب الانكسار والخنوع التي باعت الشعب بثمن بخس مما سرقه عتاولة النظام الحاكم من اموال الشعب .يومها لا مكان لحزب امة او اتحادي هنيا لهم الوقوف على ابواب الانقاذ يقتاتون من فتات موائدهم .الشعب لا يريد سيدا لانه سيد نفسهسوف يشرق فجر جديد لا مكان للمصلحيين فيه.
احذروا الامام والترابى والميرغنى والاصلاحيون وسائحون ..كلهم يسعون الى ان لا يسقط النظام ويحاولون ترقيعه بتشكيل ما يسمى بحكومة قومية على جماجم وجثامين الشهداء وعلى الفساد والجرائم التى ارتكبها النظام ..نريد حكومة قومية كل هؤلاء ليسوا طرفا فيها تعمل على محاسبة النظام على الفساد وسفك الدماء فى كل مكان والجرائم التى ارتكبوها …حكومة مستقلة ليس فيها اى حزب تعمل بعد المحاسبة على عمل دستور دائم والاعداد للانتخابات واجراء اصلاحات اقتصادية ..
( الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون )
نتمنى ذلك و لكن لن تأتي بالكلام و الكتابة فقط
“”تحاول جماعات “سائحون ومصلحون” اليوم أن تبث فيها الروح وتعيد تدويرها من جديد بحجة أن المنهج صحيح والعلة كانت في التطبيق…”””
لا لن يأخذوا أي فرصة ولن يصدقهم أحد..اللعبة مكشوفة…
سلم يراعك يا صديقي…
شكرا لك يا اخ تيسير مقال ممتاز يدفع في زيادة الوعي الجمعي لشعبنا حتى لا يقع فريسة لتضليل جماعات الهوس الديني التي تلتحف قداسة الاسلام و تستخدمها للوصول لأغراض سياسية نفعية لا علاقة لها بالدين، و قد ظل الشهيد الاستاذ محمود محمد طه يحذر الشعب السوداني من هذه الجماعة الملعونة حتى وقع الفأس في الراس، و للان لم يفت الاوان ارجو ان ينتبه الشعب لكل اطياف هذه الفكر المتخلف من سلفية و سائحون و شعبي حتى لا نقع في الفخ مرة اخرى. الحذر الحذر
من قال انهم قد تابوا ورجعوا الى جادة الصواب ؟ وبلامكان مسامحتهم على ما اغترفوا من جرائم.
هم حتى هذه اللحظة يا عزيزي يقدمون النصح لنظامهم في خجل وحياء ويعتقدون ان هذا النظام بالامكان اصلاحه والعوده به الى خط البداية الاول اذا ما إتبع طرق بيوت الاشباح وغيرها والا فبماذا يمكنا تفسير تمسكهم به حتى هذه اللحظة والاستمرار كراع بره وكراع جوه هذا النظام ومن لف لفه ومن يحاول القفذ من عربته لا مجال له في خطوط الثورة فهم من صنع الدمار وجلب الخراب في االبلاد . وما نراه منهم لا يتعدى التكتيك المرحلي لهذه الجماعة التي تسمي نفسها بالحركة الاسلامية .. إذا ارادوا التوبه فعلا عليهم الاعتكاف في دورهم حتى سقوط هذا النظام في الهاوية ولتركوا تقديم النصح له والبكاء على اللبن المسكوب ..
دكتور الترابي هو المسئول عن الانقاذ و دكتور غازي ايضا من اركان الانقاذ؟؟؟؟؟؟
أعتقد أن مثل هذا النوع من الحديث هو الذي يرسل رسائل سالبة ويعرقل نضوج الثورة. أخشى إذا سقطت الحكومة غداً – وهي ساقطة لا محالة – أن ننشغل بتصفية الحسابات ونحاكم الناس على ضمائرهم وانتماءاتهم عن الهدف الأساسي وهو إقامة نظام حكم رشيد يضمن النهضة الحقيقية المنشودة لأجيالنا القادمة. إن أسوأ مرحلة هي مرحلة ما بعد سقوط النظام القائم. لابد من إرسال رسائل طمأنة لمن لم يتورط في القتل أو نهب أموال الشعب أنه لن ينالهم شيء وأنهم جزء لا يتجزأ من الشعب. على الرغم من أن النظام أصبح متهالكاً وأن أغلب القواعد التي كانت تدعمه انفضت عنه أو كادت إلا أن هذا لا يعني أنه يفتقر إلى أنصار . هؤلاء الأنصار إذا خوطبوا بطريقة جيدة يمكن تحييدهم بل وضمهم في المشروع الثوري.
غنوا وقولوا معايا ياثوار مهما تثوروا غير الانقاذ مابتنولوا ياثوار ثوروا ثوروا غير الموت مابتنولوا يا ثوار هبوا هبوا غير الموت مابتحبوا يا ثوار قولوا قولوا انا الاديب الادباتى اكل وبرم شنباتى يخرب بيتك ياحماتى علمتنى حب الكيزان
that all right only new sudan .we can say yes
كل من ينادي بالإصلاح صاحب مصلحة حقيقية يهاب زوالها او الكشف عنها اذ هي كلمة حق اريد بها باطل
الاصلاح يتم حال كون المراد اصلاحه قابل للإصلاح ولكن النظام ولغ في الكبائر ابتداء من قتل النفس وانتهاء باكل أموال الناس بالباطل وقذف المحصنات والتشريد والاعتقال وتدمير الاسرة السودانية المعروفة بترابطها النظام جثة متعفنة تحللت فهل يمكن تدخل الطبيب لاصلاح علتها وقد تحللت مالكم كيف تحكمون
thanks;
ﻣَﺎ ﺯَﺍﻟﺖ ﺍﻟﺤَﻴﺎﺓّ ﻣُﺴﺘَﻤِﺮﺓ ، ﻭَ ﻗِﻄﺎﺭَﺍﺕّ ﺍﻟﺤَﻴﺎﺓّ ﻵ ﺗَﺘﻮﻗَﻒ ، ﺍﻟﻌَﺎﺑﺮُﻭﻥْ ﻵ ﻳَﺘﻜﺮَﺭُﻭﻥْ ، ﺍﻟﺮَﺍﺣِﻠُﻮﻥ ﻵ ﻳَﻌُﻮﺩُﻭﻥْ ؛ ﻭَ ﺍﻟﻘَﺎﺩﻡ ﺃﺟﻤَﻞ !
خائبون وليس سائحون
حملة مقاطعة صلاة العيد خلف السيدين الصادق والميرغني احتجاجا على مواقفهم الضبابية والجبانة من ثورة 23 سبتمبر
عذرا (أخى) تيسير فلقد تشابهت علىّ الأسماء فى تعليقى السابق.
شكرا جزيلا أختى تيسير على هذا المقال التوضيحى الرائع و هو ما نرجوه من كل المثقفين و كتاب الرأى بأن يزيلوا الغشاوة من أمام المواطن السودانى الذى تحركه العاطفة فى غالب سلوكه و هى نقطة الضعف التى إستغلها جماعة الهوس الدينى أو بحسب التعبير الراقى (جماعة الإسلام السياسى).
لقد إستنفذت تلك الجماعة كل فرص البقاء فى قلب الحياة السياسية السودانية بل و حتى كجزء من الحياة الإجتماعية، فدرجة الغبن الذى تولد تجاههم طوال ال 24 سنة المظلمة من حكمهم نتيجة لسياستهم التمكينية الإستعلائية جعلت الناس تفكر حاليا فى الإنتقام منهم و معاقبتهم على ذنوبهم و موبقاتهم تجاه الشعب و الدولة السودانية التى جعلوا منها نسيا منسيا.
فلول الإنقاذ لن يجدوا لهم مكانا بين الشعب لأنهم سيتم لفظهم كالطعام الفاسد (المخمر) و ذلك يشملهم جميعا مؤتمر وطنى – مؤتمر شعبى – إصلاحيون – أخوان مسلمون – أنصار سنة – سلفيون – أنصار – ختمية – طرق صوفية و كل من كان يرفع الهوس الدينى شعارا. لن يخدعنا بعد اليوم تاجر دين و ليس هناك مكانا إلا للوسطية.