أخبار السودان

المتظاهرون ما بين الإحباط ومواصلة «الثأر»

جعفر السر

الخرطوم

على الرغم من أن هبّة الشعب السوداني الأخيرة لم تحقق مطالب المحتجين بإزالة النظام القائم الآن، خلقت حركة الاحتجاجات الأخيرة وما تبعها من إزهاق لأرواح الأبرياء من المواطنين رأياً عاماً محلياً، العامل المشترك والرئيس فيه هو كراهية حكومة الرئيس عمر حسن البشير، والمطالبة بإسقاطها.

فلدى سؤال المواطن عبدالله أحمد (سائق في الخرطوم) عن الاوضاع أجاب في نبرة تحدّ «لن يستطيع هؤلاء الحكام التباهي بأنهم يتحركون وسط المواطنين بطمأنينة بعد الآن، فكل مواطن لديه ثأر شخصي معهم سيسعى للأخذ به عاجلاً أو آجلاً». إلا أن عدداً من المواطنين عبّروا عن إحباطهم من عدم استمرار التظاهرات بصورة متواصلة وصولاً الى عصيان مدني يشل حركة الدولة، بينما يرى آخرون في «الهَبّة» التي قام بها الشعب في وجه النظام فعلاً يستحق التقدير وله تأثيره الكبير، وأنه عبّأ الشارع وجعله مهيّأً للخروج والثورة على النظام في أي وقت، لا سيما مع استمرار وجود مسبّبات الاحتجاجات بعد إصرار الحكومة على المضي في سياسة تحرير أسعار الوقود وزيادة تعرفة الدولار الجمركي. وبدا فيصل أ. أكثر تفاؤلاً حيث رأى أن ما قام به الشعب خلال الأسبوع الأخير من شهر أيلول المنصرم ينبغي ألا يُستهان به، فالشعب في رأيه «خرج أعزل في مواجهة رصاص السلطات، مُسطّراً أبهى صور البسالة والجسارة»، مشيراً إلى أن الشعب الذي «قدّم أبناءه الشباب فداءً للثورة والتغيير لا يمكن أن يعود أدراجه من دون أن يحقق شيئاً». فيصل، المتقاعد في منتصف عقده السادس، يرفض تحميل الأحزاب المعارضة مسؤولية فشل الثورة، ويقول إن «قادة الأحزاب لا يمكنهم أن يقودوا شعبهم ويرموا به في أتون نيران النظام ورصاصه»، واصفاً قمع النظام للمتظاهرين بالرصاص الحي بأنه حدث غير مسبوق.

وقال إنه عاصر ثورتي أكتوبر 64 وأبريل 85 ولم ير مثل هذا القمع والعنف، حيث لم يكن سقف التعامل مع المتظاهرين حينها يتجاوز استخدام الغاز المسيل للدموع. أما خالد عثمان، فلا يخفي إحباطه من توقف حدة التظاهرات وتلاشي أي أمل لتغيير النظام، مستبعداً أي وجه شبه بين ثورتهم وثورات الربيع العربي. يقول: «نحن سبقنا كل هؤلاء في القيام بثورات ناجحة». ويضيف أن الاعلام العربي (خاصة الفضائيات) أدى دوراً كبيراً في عكس تلك الثورات والتوثيق لها، عكس اهتمامه بالثورة في السودان، لذلك أصبحت عبارة «الربيع العربي» هي المثال لكل ثورة. ويرى الصحافي الشاب (ك. م.) أن للثورة السودانية خصوصيتها التي لا تشبه غيرها، والتي تستند فيها إلى تجارب سابقة في عامي 64 و85، وليس إلى ثورات الربيع العربي التي شهدتها بعض دول الجوار، ويضيف أنه للمفارقة فإن النظام الحاكم في السودان هو الذي تأثر واستلهم أساليب القمع والقهر والتعذيب من تلك الأنظمة التي أُطيحت في ثورات «الربيع العربي». في رأي الصحافي السوداني (هـ. ع.) أن انخفاض حدة التظاهرات كان نتيجة مقابلة الحكومة لموجة الاحتجاجات باستخدام القوة المفرطة عبر الأعيرة النارية وإطلاقها في الهواء لتفريق المتظاهرين وتخويفهم. ولا يستبعد الصحافي الذي فضّل مثل غيره عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، أن ترتفع وتيرة الاحتجاجات مرة أخرى بحسب وتيرة الوضع الاقتصادي المتأزم.

وفي السياق، وصف رئيس حزب البعث السوداني المعارض، محمد علي جادين، التظاهرات الأخيرة بـ«القوية جداً»، وقال إنها «فاقت في قوتها وحجمها آخر تظاهرات قبل عام، وأيضاً تظاهرات عام 96 الشهيرة. كانت أكثر اتساعاً من غيرها لأنها شملت عدة مدن سودانية ولم تقتصر على العاصمة، كما شاركت فيها كل القوى المعارضة بلا استثناء». ويشير جادين الى أن التظاهرات هزّت النظام هزة كبيرة جداً، وأدت الى حدوث مسألتين في غاية الأهمية: الأولى أنها جعلت صوت الحزب الاتحادي الديموقراطي المشارك في الحكومة يرتفع عالياً برفض السياسات الاقتصادية الأخيرة، بل ويهدد بفضّ شراكته مع الحزب الحاكم وانسحابه من الحكومة. والثانية هي حدوث انفصام واضح داخل الحزب الحاكم، وبروز تيار بارز داخل الحزب بقيادة غازي صلاح الدين، رافض للسياسات الاقتصادية، ومحتج على العنف الذي قابلت به السلطات المحتجين. بل إنهم ذهبوا أكثر من ذلك بالدعوة الى مراجعة الإطار السياسي داخل الحزب، ودعوا الى إصلاح سياسي شامل. يضيف جادين عاملاً آخر مهماً أفرزته التظاهرات الأخيرة، وهو استمرارها لأكثر من عشرة أيام متواصلة، حيث يرى أن هذا يُعدّ مؤشراً مهماً لحجمها وتأثيرها. ويشير جادين في حديثه مع «الأخبار» إلى أن الأسباب التي دعت المتظاهرين إلى الخروج لا تزال قائمة، وستظل قائمة، لأن الحكومة ليس لديها بديل، والبديل الممكن والمطروح هو التراجع عن تلك القرارات وانتهاج سياسات بديلة، وهذا سيؤدي إلى تفكيك النظام القائم وتحالفاته السياسية والقبلية والجهوية. لذلك يرى جادين أن التظاهرات ستستمر، وحتى إن هدأت قليلاً لكنها لن تتوقف وستستمر بأشكال جديدة ومختلفة.

جريدة الاخبار

تعليق واحد

  1. اولا الرحمه والغفران للشهداءمن قدموا ارواحهم قربانا لغزه هذا الشعب الأبي وعاجل الشفاء لجراحنا والحريه للمعتقلين في السجون.
    ينبقي ان لا يستهان على هذه الثوره لأسباب عده.
    اولا هز اركان النظام واثبتت ان الشعب اقوى رغم العنف والرصاص واستطاع الشعب ان يكسر حاجز الخوف. كذاك طفح على السطح خلافات الحزب الحاكم داخل مؤسساته الحزبيه بعد ان كان في الغرف المغلقه.رغم تعتيم الاعلام ظهر حقيقه النظام للمجتمع الدولي.كل منظمات المجتمع الحقوقي.وواهم من ان يقول قد انتهت المظاهرات ما يهز الشعب تلك الدماء الذكيه هي اقوى دافع لهب شعبيه جديده
    وفي اي لحظه . وقد فقد النظم كل مقومات البقاء.لا خير في حكومه تقتل شعبها .والشرعيه هي للشعب ليس للحكومه فطالما قتل شعبه فقد النظام شرعيته المزيفه وشكرا

  2. مناشدة مخلصة وصادقة
    على الجميع حاكمين ومحكومين التزام الهدؤ وعدم الميول للثار والانتقام
    على الشعب ان يتحمل الهزيمة بروح رياضية
    وعلى احزاب الامة والاتحادي والشعبي والشيوعي البقاء حيث هم لان الزمن تجاوزهم ولم يعد الشعب ولا النظام الحاكم يقيم لهم وزن ولا قيمة
    على جميع الطلبة الانصراف للتحصيل العلمي والعمال الى تجويد اعمالهم
    وعلى النظام الحاكم عدم احتقار الشعب بعد الهزيمة النكراء التى وقعت عليه ولا تنسوا بانهم اخوتكم في الوطن لدلك دعوا لهم قدرا بسيطا من حق العيش وجزء من الكرامة ولكم ان تفعلوا ما تفعلوا كمنتصر في هده المعركة ولكن نرجوكم التسامح والعفو عند المقدرة وقد اصبحت لقمة وعلاج الشعب في يدكم لا يقوى احد ان يتطاول عليكم وقد تمكنتم من دلك تماما
    موضوع السودان اصبح موضوع الهي سيتصرف به رب العزة والجلال

  3. ليس صحيحا بان العنف الذى واجهت به الانقاذ المتظاهرين لم يسبق ان استخدم فى الثورات السابقة اكتوبر وابريل, وإلا فكيف نفسر استشهاد القرشى وعبدالحفيظ واصابات اخرين برصاص جندرمة عبود امثال عز نصار ومحاسن عبدالعال؟ علما باننى لم اشهد اكتوبر ولكن تاريخها سجل استشهاد واصابة من ذكرتهم اعلاه على سبيل المثال لا الحصر…اما شهداء ابريل فلم يسجل لهم تاريخ تلك الانتفاضة اسما, لا لشئ سوى اننا شعب يجهل اهمية التوثيق, ولمن لم يشهد ابريل اقول بان نظام النميرى هواول من استخدم البمبان المستورد من اسرائيل,وهوبمبان يسبب نزيف الانف وهو اول من استخدم الكاويات الكهربائية فى مواجهة المتظاهرين, واطلق الرصاص نحو صدورهم وسقط من سقط من الشهداء,ومن المؤسف حقا ان يغفل التاريخ عن هذه الحقائق وان نتأقلم مع عنف الانظمة وكأنه شئ اقل من عادى, فعندما استشهد القرشى صدم السودان بأثرة وخرج يهتف بسقوط النظام حاملا جثمان القرشى, اما شهداء ابريل ومن قبلهم شهداء يناير ذيادة اسعار السكر طواهم النسيان لعدم التوثيق ولذلك فإننا شعب سريع النسيان, ومن لا يوثق ينسى ومن ينسى لايتعلم..
    وفى هذا الصدد يبدو ان ذاكرة العسكر اقوى من ذاكرة الشعب, لأن نظام النميرى تعلم من قمع نظام عبود وذاد وطور فنون قمعه, وهذا النظام تعلم من نظام النميرى وذاد واضاف حتى بتنا نصرح بانه اشد قسوة فى القمع من سابقيه, وهذا يؤشر الى لو اننا فرطنا مرة اخرى فى مصيرنا وجاء العسكر مرة رابعة الى السلطة فان قمهعم سيكون اسوأ من هذا النظام, وهذا هو المنطق…
    دعوا المبررات غير المجدية والاعذار الواهية وواصلوا المظاهرات الى ان يعود العسكر الى الثكنات حتى لاتروح دماء الشهداء سدى ويصبحوا فطائس بسبب الجن والتخاذل بدلا من ان يكونوا شهداء للوطن..فقد استشهدوا يحملون مشاعل الثورة فالاحرى بنا مواصلة المسيرة لنشعل نار الحرية فى القصر…

  4. المفروض يكون التحرك للحرية نحو مربط الفرس ..وهو ما يسمى بجهاز الأمن !!!
    هذا الجهاز هو من ساعد الحكومة على البقاء 25 عاماً !
    هو من خان الأمانةو الوطن وباع ضميره وأصبح يتحرك كآلة الكترونية تنفذ التعليمات فقط.
    هو من خان الأمانة و الوطن وترك مهمته الأساسية وهي حماية المواطن والوطن وممتكاته من الحرامين والمجرمين وأصبح يدعمهم ويحميهم مقابل بعض القريشات.
    هو من ترك مهمته الأساسيةفي القبض على الحرامية والمجرمين واتجه نحو المساكين والصالحين.
    هو من ساعد الحكومة على أن تكون طاااااااغية جبارة !
    هو من ساعد الحكومة على المضي قدماً نحو الفساد !
    هو من ساعد الحكومة على على الظلم والقهر والاستبداد !
    هو من ساعد الحكومة ظلم المواطنين وأكل حقوقهم !
    هو من تسبب في غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار !
    هو من تسبب في اسكات صوت الحق !
    هو من تسبب في قتل الحقيقية والعلم والعلماء !
    هو من قتل الشعب السوداني ودمره
    هو من نشر الفساد في السودان
    هو من اغثصب الحره الشريفة ودمر كرامتها وشرفها
    ما فعلته الحكومة وما فيها ليس منها وإنما هو من الأجهزة الأمنية التي تحميها وتثبتها.
    المفروض أن يكون التحرك نحو مقرات أجهزة الأمن وحرقها حرق كاملاً بكل ما فيها من بشر .. لأنه لم يعد صالحاً لم يعد البشر صالحون لحماية الوطن .
    المفروض بدلاً من أن يعتقل الأمن الشعب السوداني المفروض العكس .. يتجه السودانيون نحو هذه الأجهزة في مقراتها ومداهمتها وحرقها وتشتيدها والقبض على كل من يعمل فيها وتقطيعه إرباً إرباً وجعلها عبرة لك من خان الأمانة والوطن.
    بعد تفكيك هذا الجهاز الأمني .. لن يصمد البشير وجماعته ساعة واحدة.
    لا مظاهرات ولا جمعات ولا غير .
    سقط جهاز الأمن .. سقطت الحكومة بكاملها.

  5. للاسف كحال كل ما هو سوداني كانت مظاهراتنا تخلو من الترتيب والتنظيم والتنسيق..مظاهرات متفرقة في احياء متفرقة ضرب وقتل وكان الله يحب المحسنيين..تنظيم بسيط كان ممكن يرفع درجة اهمية مظاهراتنا ويلفت ليها الاعلام الخارجي .لماذا لم نتفق علي مكان حيوي واستراتيجي لنجتمع فيه بكل اطيافنا السياسية واللمعارضة والشارع مثلما فعل المصريين وجعلوا من ميدان التحرير رمز..اين ميادينا ولماذا لم نزحف عليها وندعو الاعلام الاجنبي بكاميراته ومراسليه لحضور الحدث وعندها لن يتجرأ كلاب الامن علي قتل الابرياء ..ولكن هكذا نحن ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. البشير وفرقته غضب الهى على شعب اباح كل شئ حرام واكل المال الحرام والرشاوى والاختلاس ومال الغناء والفجور .شعب ضاعت هيبنه وساد فيه الجهلاء ووصل به الحال بلجأ ابناءه الى اسرائيل دون شعوب العالم شعب انصرفت معارضته للاعتصام والمظاهرات فى العواصم الغربية وتركت له الحلبه ليفعل ما يريد معارضة خائنة للوطن تنطلق للكيد من الوطن وليس النظام معارضة سيئة السمعة يستغلها النظام الفاشل فى تخويف الشعب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..