إغلاق الصحف … جريمة أخرى ..!!ا

إليكم ….

إغلاق الصحف … جريمة أخرى ..!!

الطاهر ساتي
[email protected]

** قبل العيد بأسبوع ونيف، قصد بعض المواطنين – يتقدمهم محامي – مقر المجلس القومي للصحافة، لتقديم شكوى ضد بعض الصحف الرياضية..هم بعض جماهير الهلال، وحسب تقديرهم أن هناك بعض الأقلام ببعض الصحف تجاوزت سقف النقد الموضوعي إلى حيث إساءة الهلال وأعضاء الإدارة واللاعبين، ولذلك ذهبوا الي مجلس الصحافة بشكواهم، لينتبه المجلس لما يحدث من إساءة وتجريح..سلوك حضاري ويعكس بعض وعي المجتمع، حيث لهم ولغيرهم حق تنبيه وتصويب الصحف التي تخطئ – سياسية كانت أو رياضية أو إجتماعية -عبر مجلس الصحافة والمحاكم، فالصحف ليست مبرأة من الخطأ وليس من العدل أن يتحمل المجتمع خطأ الصحف و(قلة أدبها)، ولذلك من حق أي مواطن تقديم أي شكوى ضد أية صحيفة تنتهك عرضا أو تهدد أمن المجتمع وسلامة قيمه، ولهذا يستحق ذاك النفر – ومحاميهم – الثناء على ذاك السلوك الحضاري..ولكن للأسف لم يلتزموا بتقديم الشكوى فقط، بل تلاسنوا مع رئيس المجلس ملاسنة غير كريمة..لم يجدوا الأمين العام، حيث كان وقتئذ يؤدي وظيفته الثانية بوزارة الخارجية، ولايزال طبعا.. تلاسنوا وقالوا للبروف شمو فيما قالوا : (انت اللى بتحمي الصحف دي، وما قادر تعاقبها وبتخاف منها، وانت شمولي وانت قاعد لى متين في المجلس ده؟ ما كفاية؟، وانت وانت وانت )..المهم، تلاسنهم مع رئيس المجلس خطأ أيضا، وخطأ تلك الأقلام التي هم جاءوا يشتكونها لايبرر لهم خطأ تصرفهم هذا مع رئيس المجلس ..!!
** الشئ الطبيعي هو أن يقاضيهم رئيس المجلس او يصفح عنهم، حسب تقديره الخاص جدا..ولكن تأمل ما يحدث، فالقضية إنحرفت عن مسارها العام إلى مسار الإنتقام الخاص..منذ أسبوع ونيف، أي منذ ذاك الحدث، لم يتوقف مجلس الصحافة عن إصدار تصريحات إرهابية ضد الصحف الرياضية، تارة يهددها بالإغلاق الجماعي ودمجها في الصحف السياسية، بحيث تصدر ك(ملاحق)..وتارة أخرى يهددها بسحب ترخيص بعضها وسحب شهادة سجل بعض أقلامها، هكذايصرحون..إرهاب ما بعده إرهاب، وغير مسنود بأي قانون..وفجأة، يعقد مجلس الصحافة إجتماعا طارئا البارحة، رغم أنف العطلة الرسمية، ليواصل مسلسل ترهيب الصحف الرياضية، ويصدر ترهيبه في بيان كل ما فيه لا يتكئ على (إحم أو دستور)..يقول المجلس في بيانه : سوف نراجع الآداء المهني لكل الصحف، وسوف نراجع الخلل الإداري ببعض الصحف بالإغلاق..هكذا..أخيرا يكتشف المجلس بأن الصحف الرياضية غير مهنية، ثم أخير يكتشف بأن هناك خلل إداري ببعضها، ويصدر امرا بإغلاق ست صحف..شكرا لذاك النفر الذي تلاسن مع رئيس المجلس قبل العيد بأسبوع ونيف، ولولا تلاسنهم ذاك لما إكتشف مجلس الصحافة هذه (الذرة)..وليس في الأمر عجب، إختزال القضايا العامة في الأنانية الذاتية ليس بدعة في هذه الدنيا، والإنتصار لهوى النفس الفانية ولو على حساب قضايا العامة كان – ولايزال – سمة من سمات النهج الأحادي، في أي زمان و أي مكان..وقديما أباد صدام حسين منطقة كاملة – بكل أكرادها – حين تعرض موكبه ذات يوم لرصاص مجهول، ولهذا يجب أن نحتفي بأن ينتهي محض تلاسن مع رئيس المجلس إلى قرار فحواه (إبادة الصحف الرياضية) ..أي متأمل لنهج الإنتقام السائد في آداء مجلس الصحافة عليه أن يتوقع بأن ينتهي التلاسن بإبادة زملائي وقراء صحفهم، وليست الصحف فقط، نعم إنهم يتقنون ( فن الإنتصار لهوى النفس، وليس لله والوطن)، والعياذ بالله ..!!
** على كل حال..الصحف، سياسية كانت أو رياضية، صدرت – ولاتزال – وفق قانونها، ومجلس الصحافة لايملك سلطة تعطيل أو إلغاء أية صحيفة مستوفية لشروط ونصوص ذاك القانون .. وإن أخطأت الصحف الرياضية وغيرها فالقانون يلزم المتضرر باللجوء إلى المحكمة لتحكم على الصحيفة والصحفي بالغرامة أو بالبراءة أو بسحب الترخيص..نعم المحكمة – وليست غضبة سليل الشمولية شمو و مزاج الناطق الرسمي بالخارجية العبيد – هي السلطة الوحيدة التي تملك حق إصدار الأحكام ضد الصحف والصحفيين.. والمحاكم لاتصدر أحكامها بنهج (كل وازرة تزر وزر أخرى)، كما يهوى شمو ويأمل العبيد، بل أحاكم المحاكم – دائما وابدا – تتكئ على نهج (لاتزر وازرة وزر أخرى)..و ليس من العدل – ولا من القانون الحالي – أن يخطئ قلم بصحيفة ما ويعاقبه المجلس بالإلغاء ترخيص الصحيفة، ثم يعمم العقاب على كل الصحف..دي صحف ولا كتائب عكسرية؟، ليعم الشر و يخص الخير؟..ولكن ليس في الأمر مايدهش، نهج شمو والعبيد لايختلف كثيرا عن نهج حضرة صول في جيش نابليون..المهم، بالمحاكم وأحكامها تستقيم مناحى الحياة، وليس بالفوضى والعنتريات وقانون الغابة، ولذلك دعوا أمر إصلاح الصحف و ضبط مهنيتها للمحاكم، للمحاكم فقط، كما ينص دستور البلد..وبالمناسبة، في حال تلقي أصحاب الصحف الرياضية قرار إلغاء تراخيص صحفهم ممهورا بتوقيع العبيد المروح، لهم حق الطعن الدستوري والقانوني في التوقيع ذاته، ناهيك عن القرار..إذ لايسمح دستور البلد ولا قانون الخدمة العامة لأي مواطن بأن يتبوأ منصبين في الدولة، لاتطوعا – كما قال العبيد في تعقيبه على مقال الأسبوع الاخير من رمضان – ولا بالراتب..وبالمناسبة لم ارد على تعقيب العبيد، لأنهما – العبيد وتعقيبه – لايستحقا من الزمن والمساحة ما يجب هدرهما في التهاتر معهما، لقد إعترف بالمنصبين ثم هاتر، والقارئ يهمه ذاك الإعتراف المعيب فقط، اما لغة المهاترة فهي تشبه العبيد وأمثاله الذين يعجزون عن مقارعة المنطق بالمنطق والمعلومة وبالمعلومة، ثم وعي قرائي الافاضل يحيل بيني وبين إستخدام تلك اللغة..على كل حال، بمناسبة إغلاق الصحف الرياضية بحجة الخلل الإداري، نسأل ولاة أمر القانون و الإعلام : هل بالله عليكم، الخلل الإداري بالصحف الرياضية أفدح وأفضح من مخالفة ( إحتكار منصبين )..؟..وهل الخلل الإداري بالصحف الرياضية أفدح وأفضح من تعيين رئيسة لجنة الرصد بالمجلس بنهج( زيتنا في بيتنا) في وظيفة يجب أن يتنافس في شغلها كل أبناء وبنات السودان النجباء والنجيبات، لا لشئ فقط لأن والدها من البدريين ؟..أي الخللين أفدح وأفضح، ويستدعي المعالجة العاجلة بواسطة (إجتماع طارئ) في منتصف نهار (عطلة رسمية ) ؟.. ثم من يتحمل مسؤولية أسر العاملين الذين يشردهم هذا القرار غير المسؤول؟، إذ ليس لهم وظيفتين كما العبيد ولا حوافز اللجان الحكومية وإجتماعتها كما شمو ..وعليه، لن ينصلح حال الصحف والمجتمع ما لم تصلح مؤسسات الدولة – التي من شاكلة مجلس الصحافة، وغيره كثر – حالها المائل والمعوج..وليست من علامات الحكم الراشد أن يرشد الراعي رعيته، بيد أن ذاته بحاجة إلى الرشد ..!!
…………
نقلا عن السوداني

تعليق واحد

  1. الاخ الكريم الطاهر

    لاول مره لا اتفق مع ما تكتبه حاصة فى ما يتعلق بما يسمى بالصحافة الرياضية والتى اصبحت مهنة للفاقد التربوى بالرغم من وجود بعض الاشراقات التى لا تتعدى 2% مثل الاستاذ عبد المجيد و قلة ممن يمكن تسميتهم بالصحفيين
    اما نسبة ال98% فلا ارى فرقا بينهم و المشاطات سوى ان الثانية تؤدى عملا مفيدا نظير اجرها بينما الصحفى يتقاضى اجره مقابل الاسفاف و سب الآحرين والتسبيح بحمد الكفيل

  2. انت مسنود والله شنو ؟؟؟
    اذا كان تم اغلاق 6 صحف من اجل بعض المتنفذين في الكورة بس ؟؟
    فما بالك وانت تتحدث عن متنفذين بدريين كما انت تسميهم ؟؟؟ظ
    فكيف نميز؟؟؟؟؟؟

  3. الاستاذ الطاهر لك التحيه في حقيقه الامر ان البلاد تدار بعقليه المزاج والهوي لولا ذلك لما يبوا العبيد وظيفتين في ان واحد وما اعجبني في كتابتك ان لاتريد ان تضيع ومنك للرد علي انسان تافه مثل المروح ياريت يروح في داهيه ولا عاد هو وامثاله الذين يبيعون زممهم بثمن بخث دراهم لاتتفن معهم

  4. الدنقلاوي سكت لعبيد وبعد فترة كده رجع ليه عفيت منك بس قول لينا يا ود الطاهر عمرك شفت رئيس تحرير جريدة يطالب بوزارة إعلام ؟ الا الزول يكون شمولي زي صحبك الاستاذ /شمو؟؟؟ اها رئيس تحرير جريدتك طالب بل يومين بترفيع وزيرة الدولة بالإعلام إلى منصب الوزير ؟؟؟؟ ولا فرق بين شمولية شمو وضياء الدين والعبيد والوزيرة والفين سلام – بس بيني وبينك الصحف الرياضية تستاهل

  5. والله اشفيت غليلى من هولاء الفاسدين الاسلاميون ……..صح لسانك ………هذا هو الحال فى حقبة الانقاذ والسبب كل الذين يشغلون هذه المناصب هم عبارة عن فاقد تربوى وليس لهم طول نظر ولا يحسبون لنتائج قراراتهم البليدة

  6. باب النجار المخلع….لكن برضو الصحف الرياضية إتعدت الحدود وتعرضت للأعراض والذمم وتجردت من المهنية وجعلت الحقد والكراهية هي السائدة في مجتمع الرياضة الذي هو اخلاق في النهاية…

  7. هل تصدق بأن حوافز اللجان الحكومية وإجتماعتها في حكومة الجبهجية أصبحت ثلاثة أضعاف مرتباتهم!!!!!!!!!!!!!! معقول يا جماعة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  8. البلد بتغرق في شبر ماء ويطحنها الغلاء – والصحف الرياضية مسلطة لالهاء الناس – اعتقد ان المروح خدمنا لتنصرف عقول الشباب لمعرفة الكارثة جاية من وين؟ دعونا نقف على فساد النظام – لانو لا يستقيم الظل والعود اعوج

  9. أنت تفكر .. إذاً فأنت مجنون
    وتفكر على وزن تعكر . وأضافوا إليها تبعشر على أساس أنك من بعشر مشفى مشهور وتفكر وتعكنن وتؤلف وتكتب فكله من صنف واحد ، أما الكاتب فعلى وزن كاعب والكواعب هنَّ الحسناوات اللواتي يمشين ويتمايلن بما حباهن الخالق من قوام فارع فلا يُشتكى قصرٌ منهن أو طول ، وما جمعهما إلا أن الأول يؤلف القصص والروايات ويبتدع خياله الكذب على أنواعه ليخدع به ألباب الناس ، والحسناء تميل وتتمايل عند جموع الشباب المساكين لترتشق بنظرة على ما وزرت به من لدن حكيم بديع من أردافٍ .. فمنهن الكاذبات ، ومنهن الصادقات ، ومنهن ما دون ذلك ، وكلهن في خانةٍ واحدة كاذبات .. خادعاتٌ .. فلرب ردفان جميلان يميلا ميلةَ هادلة ، وهما محشوان بالإسفنج أو المحزق كي يظهران على غير حقيقتيهما .. ولربما كان جسدها الفائر من جراء حقن الهرمون أو حبوب السمنة مدهونا بمعجون يحيل الجلد إلى الأبيض فتراه تارةً شايط أو محروق أو مكرمش ومتفسخ تارةً أخرى . ولقد أحسن الشاعر وهو صادقٌ فيما وصف لأن في زمانه كن الحسناوات حسناوات على حق إذ قال : ( وضامرة بكفي احتويها .. وفارعة لقامتها أشب ) . ولا أريد أن أواصل في هذا الوصف حتى لا يغضبن هؤلاء الحسناوات وهن كثر أكثر من الهم على القلب ، وسر قولي خادعات إذ ينبهر العاذب أي الغير متزوج بهذا الطول ، وبهذا الصوت الرقيق مع الأنوثة المصطنعة وهذا اللون الزائف فيحلم أنه متزوج بها ومستمتع معها فإذا به يجد نفسه تحت أضراس وأنياب وحش كاسر بعد الزواج ، فهو ما بين الحيلة وما بين الكذب أو الرجاء في محاولة شاقة ليرضيها تارةً أو ليجاملها تارة ً يبتغي من وراء ذلك كله الهدوء فلا يحصل عليه .. فالصالحات منهن قليل والصالحين العقلاء من الشباب والرجال أيضاً قليل عشان ما يزعلن برده .
    والكُتّاب في يومنا هذا هم الكاذبون الملفحون ببعض الذكاء ، ونلحق بهم الخطباء وإن خطبائنا لشتى وكذلك منابرنا منابرٌ عدة . أما علمائنا فلا يعملون بما يعلمون إلا فيما يظهر من عرباتهم الفارهة ومساكنهم التي كالقصور أو هي أدنى بقليل ، فعندما نقول مثلاً مالك أو أبو حنيفة أو حتى فلان الشيعي تطرأ على مخيلتك صورةٌ معينة فتقول الشافعي كان خلقه القرءان ولقد شهد له على ذلك ألاف الناس وحتى لا أكون كاذباً فيما أدعى فالنبي عليه سلام الله يقول : ( سيأتي زمان يقل فيه العلماء ويكثر فيه الخطباء ) فما إن يظهر أحد الخطباء فنقول : خلاص ده العالم .. تجده وقد ترك الخطب وترك المسجد واشتغل وزير أو اختفى وظهر بعده خطيب آخر …
    أما موقع الصحافيين في هذه المعمعة كموقع الشعراء حيث وصفهم رب العزة . فهم يصنعون من كل بر وفاجر بطل همام ، ومن الهلال والمريخ الريال و البرشا ، حتى هدية الفنانة فلانة أو الفنانة علانة تصبح حدثا للناس ، وهم لا يتورعون أن يخوضوا في أعراض الناس دونما أدنا تفكير في العواقب في الوقت الذي يطير فيه الصحافيون العرب بسمعة أعلامهم إلى عنان السماء فيطلقون على أم كلثوم اسما يجعل منها أسطورة للغناء ( سيدة الغناء العربي كوكب الشرق ) ولم نقرأ خبرا واحداً عن علاقتها بالشريف أو هديتها من الوضيع حتى أنهم يسلخون بألسنتهم هؤلاء الماجنات عندما يظهرهن على الشاشات شبه عاريات ومع ذلك لا يصلون إلى ما وصل إليه كتابنا الصحافيون الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بيننا حيث تظهر المطربة ? برغم رأى الدين – السودانية المسكينة مرتدية ثوباً محترماً ، ولكن إلى من نشتكي ضعف حيلتنا .. فبدلاً من أن نصلح البقية الباقية من المطربين والمطربات نساعد في إغوائهن ولفت انتباههن لأشياء نحن في غناً عنها ، وأنا أتساءل لماذا لا تتخذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد هؤلاء إلا بعد أن يقتل أحدهم ويفصل رأسه عن الجسد بعد خوضه فى أعراض العباد بل أكثر من ذلك فلربما خاضوا فى عرض من تأذن الله بحرب ضد من ناله أدنا أذى أو سوء أي بعد فوات الأوان فيكتب هؤلاء دون قواعد ودن رقابة ودون حدود فلا يعلمون في من يكتب وفي من لا يكتب فتخطلت عندهم الأمور وأنا أطالب المسئولين بوضع القواعد الأدبية ، والعلمية والقانونية لمثل هؤلاء الريبضاء .. فإن لم يجد ما يكتبه عن الناس يستنبط خياله خبرا مثيرا ككلاب تأكل البشر أو تعضهم أو عصابة تربط في الطرقات ، ونحن لم نرى كلاباً ولم تربط لنا عصابة ، ومنهم صنف يحلم بالليل فيصبح علينا وقد أيقظته مخاوفه يستنتج لنا مصائب وكوارث سوف تقع بعد الانتخابات وأخرى سوف تحدث وراء الاستفتاءات ولا يحدث شيئاً إلا في مخيلته والمصيبة أنه يصبح محللاً سياسياً مخضرماً بمجرد أن يحكى للإعلام عن أضغاث أحلام ..
    حقاً سُفِّهت عقول كبار هذه الأمة وصغارها فتجد الشائب في السوق يتحدث عن الكورة كالذي مسه الجن أو أصابه الخرف بعد أن هلك بصره في صحيفة رياضية مستخدماً ألفاظاً تندي الجبين ينظر إليه الشاب وينظر إليه الصغير ويا حسرةً على القيم ويا حسرةً على الآداب . والصحافي يستطيع أن يقلب لك الدنيا فتراها كما يراها إذا ما غضب من أحد المسؤلين تجده وقد تعاطف مع الفقراء و العوام . فترى رغيف الخبز وكأنه حبة قمح واحدة . التعليم وكأنه لم يكن والصحة وكأن لم ينشأ لها وزارة حتى الأحوال الجوية يقحمها في القضية .. ولإن رضي عن أحد المسؤلين يجعل من الصبر على تردى الحال جُنَّة وأن الجَنَّةَ في انتظارنا وأن قطوعات الكهرباء ترجع للطبيعة الهندسية الجبلية ، ولعوامل التعرية الطبيعية والتي هي صفة من صفات الطبيعة المتغيرة وأن قطوعات الماء سبب طبيعي لنتاج الخطط المصرفية الخماسية أو العشرية ويوصي بشرب ماء الزير حتى أنه يصفه لك وصفا دقيقا بحيث تتمنى أن تخلع ملابسك للسباحة فيه ، ومنهم صنف أي الصحافيين يوصفون بأنهم أرباب القلم وألوية الصحف تجدهم يكتبون مقالهم بالتقسيط كالكلمات المتقاطعة فتجدهم مثلاً عندما يريدون وصف الحكومة بالغفلة يقولون : ( وبينما الخرطوم نائمة . وقفة . تحركت فيالق التشاد . وقفة . والبنت العربية الصغيرة غافلة . وقفة . اللهم نجي الشمال من اليمين واليمين من القسم ) يعني بعد ما تقرأ المقال لا تستطيع أن تعرف هل هو ضد أم هو مع أم هو ساخط أم راض ، وكثير من القراء لا يستبينون مما كتب إلا سجعاً مقفاً بغير زوقٍ أو جمال المهم أنه أخف وطأة من غيره .
    ولقد مضت فترة من الزمان وبالتحديد في أواخر قرننا الماضي تحول الكتاب فيها إلى طبالين . فأكل بعضهم المنَّ والسلوى وشرب آخرون الكوثر وفئة ثالثة قد أضحى اعوجاج الكلمات عندهم والجمل فيما يكتبون عربونا للشهرة . كأن يقول لك الكاتب مثلا إن وجه المسؤول الفلاني قد تحول دون سابق إنذار إلى سراج يهتدى بحضوره من كثرة الصلاة والقيام .. أو عبرت إلى سلم الوزارة فوجدته يطير على أجنحة الملائكة لما سمعت موظفيه يتلون القرءان ، وأن الوزير الفلاني قد ختم الله له بالشهادة فهو سيد الشهداء وكأنه اطلع على الغيب أو كتب الله له كتاباً فيه الشهداء وفيه المجاهدين وفيه المنافقين وفصل الله له فيه أسماء هؤلاء وأسماء أولئك وأن الإسلام هو الحق الذى يصفه لسانه وما دون ذلك محض الجفاء وعين النفاق .. وفي الحقيقة أنه صعد ثم صعد فإذا به يقع على قفاه لأنه لم يجد في سٌلُمّهَا سوى الهواء .. وجاءت فترة أخرى من الزمان وبالتحديد في هذا الزمان يتحول في ظلها الشعراء إلى كتاب .. كأن يرقعك ( المتشاعر ) مثلا بقصيدة لا تعرفها إن كانت مقالة أو مداخلة نفسية .. يرفع فيها المنصوب ويجر المرفوع وينتقي كلمة غير مفهومة تناسب الوزن حتى لا تضيع السكرة الفنية فتجده مثلاً يقول : ( وجدتك أمل سائح على غيم الجبين .. يمطر عطش يروي ملايين السنين ) وكل واحد وفهمه وفي النهاية يغيب الشعراء ولا يظهرون إلا في مسابقة الشعراء الخليجية التى يلقب فيها الشاعر بأمير الشعراء .
    وهذا كله هين فقد ظهر في نهاية القرن المنصرم ما يسمى بالمفكر الإسلامي المخضرم حيث يرى أن الصحابة والفقهاء الأوائل لم يفعلوا شيئاً وأن العالم كله ينتظره هو بجلال قدره ليغير صفحة التاريخ ، ويقيم لنا الدولة الفاضلة ، وينشئ ما لم ينشئه الأنبياء ، بزعم أن قد آتاه الله من ذكاء ودهاء لم يأته لأحد من الخلق لا فى عصره أو حتى فى العصور الماضية ، وينصب من نفسه مشرعاً وحاكماً وأن ما عداه يأكلون ويشربون ولا يفكرون فهم كالأنعام لا مثوى لهم والغريبة أنه يصف من يصفهم من عامة الشعب بالقطيع ويسفه العلماء ويحصرهم في الحيض والنفاس ومع ذلك يصل شأنه مكاناً عالياً رفيعاً ، وبرغم أنه قد أغرق دولةُ بأكملها في ما يسمى بالعقوبات الدولية والقرارات الجنائية تجد من يقف بجانبه ويدافع عنه .
    صديقي من يقرأ هذه الهلوسات .. مع كل ما اكتب فان أجمل الشعر أكذبه ، وإن أروع الروائع ما صدر عن فقراء الكتاب .. وان أجمل الصحافيين هو الذي لا يكذب ولكنه يتأدب …
    وتصبحون على خير….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..