هاشم يا مناي، وفاروق يا حداي، ود النور حبابك يا سمح السجايا

هاشم يا مناي، وفاروق يا حداي، ود النور حبابك يا سمح السجايا
د.عبد القادر الرفاعي
كان وجه السيدة الخنساء عمر وقبلها ابنتها كمالا اخر من رأيت في العام الماضي من أسرة الشهيد بابكر النور. كانتا تحملان من الفواجع وعيناهما تجولان تعبيراً عن طابع الحزن الصامت النبيل دون ما فقدان للامل ان ياتي اليوم الذي يقتص فيه الشعب الليبي من السفاح معمر القذافي الذي سلمهما للسفاح النميري ليقودهما الي الموت بعد قرصنة جوية وضعت حداً لحياتهما. كانت معركة في الجو لم تكن موازينها متكافئة رغم صفتهما الدستورية علي رأس حكم جديد. لقد انطوت أسر هذين الشهيدين علي جراح لما تزل مفتوحة ودامية. غير اننا جميعاً كنا معهما وما نزال نعرف بشكل اكثر دقة كيف سيكون مصير القذافي وان طال السفر. وكان ما كان حين هب الشعب الليبي يطارد جلاده، وجلاد افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية، قرصان طائرتي يوتا وبان اميركان. القذافي صنيعت فكرة الحزب الواحد الذي يمتلك الحقيقة كلها التي ظل يحكم وينطق بها في الشأن الليبي وفي شئون سواه، والذي يرسي دعائمه علي قاعدة من الجيش والشرطة والامن والمرتزقة، ومهدت لمجيئه الي الحكم بتدخل فظ من قوي استخبارات اجنبية. واذا كانت الفترة التاريخية من 1920 ? 1950 هي فترة الكفاح ضد الاستعمار وانجاز الاستقلال، فان الفترة التاريخية من 1950 ? 1970 هي فترة مجئ العسكر الي حكم والتي بدات بانقلاب حسني الزعيم واديب الشيشكلي في سوريا والتي بدات بتالق الناصرية حول القيادة الكارزمية للرئيس الراحل عبدالناصر، والتي رفعت علي صعيد الناصرية / الظاهرة شعارات فجرت طاقات هائلة وامالاً عراض علي صعيد الناصرية / الممارسة، فقادت في النهاية الي الاحتكار لمصادر القوة والسلطة من قبل الفئة الحاكمة وتاسيس دولة العنف والارهاب، والي الغاء المكاسب التي حققتها الشعوب بالعرق والدماء، واصبحت فيما بعد نموذجاً يحتذي في الكثير من الدول العربية والافريقية ولكن خارج نطاق ارادة الشعوب التي تعرف وتعلم بان الانقلابات نتاجها الشرعي بعد ان يتفتق ذهن قادتها عن اختراع الحزب الواحد. وهو الشكل الحديث للبرجوازية التي لا تنفع ولا تتزين ولا يزعها وازع ولا يروعها حياء، الحزب الواحد تنحصر مهمته في امرين: اولهما الحيلولة دون الشعب والقيادة وثانيهما: ان ينقل الاوامر والتعليمات من القيادة الي الشعب وليس العكس. ثم تكر الايام فيتحول الانقلاب الي هيكل عظمي، ثم يجئ وقت القصاص ذلك الذي انتظرناه طويلا مع الخنساء وهدي وكمالا وهند وخالد بابكر النور.
الميدان